مراتب الحکم

من ویکي‌وحدت

مراتب الحكم: والمراد من الحکم هو خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية، أو هو جعل الشارع التکليف المتعلّق بأفعال العباد کـ الوجوب و الحرمة و الاستحباب. وله مراتب نذکرها في هذا المقال.

مراتب الحكم

فرض الاُصوليون مراتب للحكم الشرعي، قياسا له على الحكم الذي يصدر من المولى البشري أو المقنِّن الوضعي. وهي عبارة عن المراحل التي يمرّ بها الحكم، واختلفوا في هذا المجال.
استظهر شرّاح (كفاية الاُصول) المراحل التالي ذكرها من كلمات المحقّق الخراساني [١]. وحدّدوها بما يلي:
1 ـ مرحلة الاقتضاء أو الشأنية: وفي هذه المرحلة يكون هناك مقتضي أو مقتضيات، كالمصلحة أو المفسدة، لإصدار المولى حكما محدّدا.
2 ـ مرحلة الإنشاء: وهي مرحلة إيجاد المعنى باللفظ إيجادا لفظيا وصياغة المعنى المراد باللفظ. وقد يعبَّر عنها بمرحلة جعل القانون، ويصبح للحكم في هذه المرحلة وجود.
3 ـ مرحلة الفعلية: في هذه المرحلة يبلغ الحكم درجة كونه حكما حقيقيا وحاملاً بعثا أو زجرا جدّيا بالحمل الشائع الصناعي، بحيث يكون له أفراد ومصاديق. وفرق الحكم هنا عن مرحلة الإنشاء كونه هناك يتمُّ بالحمل الأوّلي.
4 ـ مرحلة التنجُّز: وهي مرحلة استحقاق العبد العقاب عند المخالفة واستحقاق الثواب عند الامتثال، وتحصل بعلم المكلَّف بالحكم، فالعلم يجعل العقل يحكم باستحقاق العقاب عند المخالفة [٢].
وأشكل على هذه المراحل بأنَّ الاقتضاء لايمكن اعتباره من مراتب الحكم؛ لأنَّ الحكم في هذه المرحلة غير متحقّق، وهي مرحلة قوّة واستعداد فقط. ومرحلة الإنشاء كذلك، فهي من قبيل كتابة القاضي الحكم في الدفاتر والسجلاّت، فلا يطلق على الحكم هنا حكم. ومرحلة الفعلية لاتطلق على الحكم، وإذا أطلقت لاتكون من مراتبه. أمَّا التنجُّز فهو وصف عقلي اعتباري للحكم الفعلي؛ لأجل تعلّق علم المكلّف به أو قيام الحجّة عليه، والحكم الفعلي لايكون ناقصا قبل العلم، ولا يصير بعد العلم تامّا أو مؤكَّدا [٣]. كما أشكل الإمام الخميني على هذه المراحل بأنَّ الاقتضاء من مقدّمات الحكم، والتنجُّز من لوازمه، وعليه فلا يكونان من مراتب الحكم. واختار مرتبتين للحكم دارجتين في سنِّ القوانين في السياسات المدنية، هما مرتبة الإنشاء، ومرتبة الفعلية [٤]. وهكذا فعل غيره كذلك [٥].
ويذهب بعض آخر إلى أنَّ للحكم مرتبة واحدة، وهي مرتبة الجعل والاعتبار؛ لأنَّ المجعول به عين الجعل، ولا يمكن التفكيك بينهما، ولا فرق بينهما إلاَّ بالاعتبار،ووجود الحكم لايتصوّر إلاَّ بوجود الجعل والاعتبار، ولا وجود آخر له، بينما يذهب المحقّق النائيني إلى وجود مرتبتين للحكم، هما الجعل والمجعول، وأنّهما يختلفان وليسا متّحدين [٦]. أمَّا الشهيد الصدر الذي استخدم اصطلاح مبادئ الحكم للإشارة إلى المراحل المزبورة فيرى وجود مرحلتين للحكم، هما: مرحلة الثبوت، ومرحلة الإثبات، كما يرى لمرحلة الإثبات خطوات ثلاث يتخطّاها كلّ مشرّع غالبا، وهي:
1 ـ الملاك: وهو عبارة عن وجود مقتضٍ، من مصلحة أو مفسدة، تستدعي حكم المشرِّع.
2 ـ الإرادة: وهي عبارة عن الحالة النفسية التي تحصل للمشرِّع قبل التشريع.
3 ـ الاعتبار: وهو عبارة عن افتراض أو صياغة افتراضية للحكم قبل إصداره.
وبعد اكتمال هذه الخطوات يأتي دور مرحلة الإثبات وإبراز هذا الحكم إلى عالم الوجود من خلال إصداره وتبيينه بالكلام مثلاً [٧].

المصادر

  1. . كفاية الاُصول: 258.
  2. . نهاية الدراية 3: 24 ـ 28، بداية الوصول في شرح كفاية الاُصول 5 : 20 ـ 22، عناية الاُصول 2: 53 ـ 55 .
  3. . لمحات الاُصول: 411 ـ 413، منتقى الاُصول 4: 93 ـ 96، نهاية الدراية 1: 270.
  4. . أنوار الهداية 1: 38 ـ 39، مناهج الوصول 2: 24 ـ 25، تسديد الاُصول 1: 335.
  5. . نهاية الاُصول: 395.
  6. . نهاية الأفكار العراقي ج4 ق1: 32، منتقى الاُصول 2: 117، نهاية الدراية 2: 646، المباحث الاُصول‏ية 4: 46 و 128 و 134، دروس في علم الاُصول 1: 286 ـ 287.
  7. . دروس في علم الاُصول 1: 176 ـ 177.