أقسام الخبر

أقسام الخبر: تكفَّل علم الحديث ببيان تقسيمات الخبر التي اختلفت على طول تاريخ هذا العلم وفقا لاختلاف وجهات نظر علمائه، كما أنَّ التقسيمات انصبّت على اعتبارات مختلفة، من قبيل: الراوي والمروي عنه وصحّة السند وضعفه، وما شابه ذلك، لكنّ الذي وقع موضع دراسة وبحث الأصوليين هو خبر الواحد، وكذلك المتواتر، فتدارسوا الأوّل من حيث كونه حجّة أم لا، وتدارسوا الثاني من حيث كيفية حصول التواتر وعدد الرواة الذين يحصل بهم التواتر، وناقشوا قليلاً في الخبر المستفيض أيضا.

الخبر المتواتر

الخبر المتواتر: هو الخبر الذي ينقله جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب .
قال الاُصوليون بحجّية الخبر المتواتر برغم نقاشهم مسائل ذات صلة بموضوع التواتر من قبيل: العدد الذي يحصل به التواتر، وكيفية حصول العلم بالتواتر، وشروط التواتر،وكونه موجبا للعلم بحدّ ذاته ـ كما هو رأي الأكثر ـ أو بقرينة، كما هو رأي القليل، ومسائل من هذا القبيل. ولا يبدو وجود خلاف في حجّية هذا الصنف من الخبر؛ لكونه مفيدا للعلم واليقين، بل كفّر البعض جاحد حجّية الخبر المتواتر .

خبر الواحد

لخبر الواحد عدّة تسميات منها: خبر الآحاد، وهو استعمال رائج، وخبر الخاصّة ، وهو استعمال قليل. وقد عرِّف خبر الواحد بعدّة تعريفات:
منها: ما كان من الأخبار غير منتهٍ إلى حدّ التواتر .
ومنها: ما لا يقطع بصدقه ولا كذبه .
ومنها: خبر لا يفيد العلم بنفسه، سواء أفاده بالقرائن أم لم يفده أصلاً . وممّا اختلف فيه الأصوليون هو ما يؤدّي إليه خبر الواحد، حيث ذهب بعض مثل ابن حزم الأندلسي إلى أنّه يفيد العلم، ونسبه كذلك إلى أحمد بن إسحاق المعروف بابن خويذمنداد، عن مالك بن أنس .
لكنّ الأكثر من العلماء والمتكلّمين والفقهاء قالوا: بعدم إفادته العلم إلاّ أن تكون هناك قرائن تثبت العلم.
ونسب الجويني إلى الحشوية من الحنابلة كونهم يقولون: بأنّ خبر الواحد العدل يوجب العلم، واعتبره خزيا .
وتعدُّ مسألة عدم إفادته العلم مسألة وجدانية واضحة برغم ما ورد عن البعض من نقاشات واستدلالات وردود في هذا المجال .

الخبر المستفيض

وهو من أقسام خبر الواحد الذي لم يبلغ حدّ التواتر.
وذكرت التعاريف التالية للخبر المستفيض:
ما كان من الأخبار الآحاد في الأصل، ثُمّ انتشر بعد الصحابة ونقل بنحو متواتر .
ما تلقته العلماء بالقبول .
رتبة متوسّطة بين المتواتر والآحاد .
ما نقله جماعة تزيد على الثلاثة والأربعة .
كما اختلفوا في كون الخبر المستفيض يفيد العلم أم الظنّ؟ فنسب إلى بعض، مثل أبي إسحاق الإسفراييني، وأبي منصور التميمي، وابن فورك إفادته العلم ، لكنّ الأكثر قالوا بإفادته الظنّ، فالأمر يدور مدار إفادته ما إذا كانت هي العلم أو الظنّ.
ويسمّى الخبر المستفيض مشهورا كذلك ، لكن فرّق البعض بينه وبين المشهور، وذلك باعتبار المشهور أعمّ من المستفيض ، إلاّ أنَّ الكثير صنّفوه ضمن أقسام خبر الواحد المفيد للظنّ .
وناقشوا كذلك فيما إذا كان مفيدا للعلم واليقين أو الطمأنينة، فإذا أفاد علما كان حجّة وإلاّ احتاج ما يؤيّد حجّيته من جعل شرعي.
وعلى غرار النقاش في الخبر المتواتر ناقش البعض ما إذا عُدَّ جاحده كافرا أم لا؟
وتعدُّ الشهرة في الخبر من أسباب الترجيح بين الأخبار المتعارضة، وفقا للمسلك المشهور، ومن هذه الجهة يكون الخبر حجّة ، إلاّ أنَّ البعض مثل السيّد الخوئي خالف ذلك واعتبرها غير مرجّحة .