الظهار: وهو فِعال من الظَهر، والمراد به هنا تشبيه المكلف من يملك نكاحها بظهر محرمة عليه أبداً بنسب، أو رضاع. کقول الرجل لزوجته: «أنتِ عليّ کظهر امّي أو أختي، أو بنتي أو غيرهن من المحرمات» وعمل الظهار حرام لقوله تعالى: «وإنهم ليقولون منكرا من القول وزوراً»[١]، ولهذا الفعل شروط وأحکام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الحنفية و الشافعية.

شروط الظهار الشرعي

يفتقر صحة الظهار الشرعي إلى شروط:
منها: أن يكون المظاهر بالغاً كاملَ العقل، فلا يصح من صبي، ولا مجنون، ولا سكران.
ومنها: أن يكون مؤثراً له، فلا يصح من مكره، ولا غضبان لا يملك مع غضبه الاختيار. [٢] وظهار السكران غير واقع، وروي ذلك عن عثمان، وابن عباس، وبه قال داود والمزني. وقال كافة الفقهاء: إنه يصح، ورووا ذلك عن علي وعمر. [٣]
ومنها: أن يكون قاصدا به التحريم، فلا يقع بيمين، ولا مع سهو، ولا لغو.
ومنها: أن يكون متلفظا بقوله: أنتِ عليّ كظهر أمي، أو إحدى المحرمات عليه، فلو علق ذلك بغير الظهر، من رأس أو يد، أو غيرهما، لم يصح. [٤] إذا قال: أنت علي كيد أمي أو رجلها، وقصد به الظهار قال الشيخ في الخلاف: يكون مظاهرا. وهو أحد قولي الشافعي، والآخر لا يكون مظاهرا، وبه قال أبو حنيفة، قال: إذا علق بالرأس والفرج، وجزء من الأجزاء المشاعة، يكون مظاهرا، وإذا علق باليد والرجل لم يكن مظاهرا. [٥] إذا قال: أنت علي كظهر بنتي أو أختي أو عمتي أو خالتي فالأظهر الأشهر في أخبار أصحابنا أنه يكون مظاهرا، وبه قال الشافعي في الجديد. ويدل عليه قوله تعالى: { وأنهم ليقولون منكرا من القول وزورا }[٦] وذلك موجود في غير الأمهات. والرواية الأخرى أنه لا يكون مظاهرا إلا إذا شبهها بأمه، وهو أحد قولي الشافعي في القديم. ويدل عليه قوله تعالى: { ما هنّ أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم }[٧] فأنكر عليهم تشبيه المرأة بالأم فوجب تعليق الحكم بذلك دون غيره. [٨]
ومنها: أن يكون مطلقا من الاشتراط، فلو قال: أنت علي كظهر أمي إن كان كذا، لم يصح، وإن حصل الشرط. [٩] قال الشيخ في الخلاف: الظهار على ضربين، مطلق ومشروط. والمطلق يجب به الكفارة إذا أراد الوطئ، والمشروط لا يجب به الكفارة إلا بعد حصول الشرط. ومن أصحابنا من قال: إنه إذا كان بشرط لا يقع، مثل الطلاق. [١٠]
ومنها: أن يكون موجها ذلك إلى معقود عليها، سواء كانت حرة أو أمة، دائما نكاحها أو مؤجلا، فإذا قال: إذا تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، لم يقع بها ظهار وإن تزوجها [١١] وفاقا للشافعي، وخلافا لمالك وأبي حنيفة فإنهما قالا: يقع. [١٢] وأما المملوكة والمدبرة وأم الولد فمثل الزوجة. وبه قال علي ( عليه السلام )، والثوري، ومالك. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقع الظهار، إلا بالزوجات. [١٣]
ومنها: أن يكون معينا لها، فلو قال - وله عدة أزواج - زوجتي أو إحدى زوجاتي علي كظهر أمي، من غير تمييز لها بنية أو إشارة أو تسمية، لم يصح.
ومنها: أن تكون طاهرا من الحيض أو النفاس، طهرا لم يقربها فيه بجماع، إلا أن تكون حاملا، أو ليست ممن تحيض، ولا في سنها من تحيض، أو غير مدخول بها، أو مدخولا بها وهي غائبة عن زوجها، فإنه لا اعتبار بهذا الشرط فيها [١٤]، خلافا لجميع الفقهاء فإنهم قالوا بوقوع الظهار في حال الحيض. [١٥]
ومنها: أن يكون الظهار بمحضر من شاهدي عدل [١٦]، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك. [١٧]
لنا على ما ذكرناه من الشروط ما قدمناه في اعتبار شروط الإيلاء من إجماع الإمامية ونفي الدليل الشرعي على وقوعه مع اختلال بعضها، ولا يقدح فيما اعتمدناه من إجماع الإمامية خلاف من قال من أصحابنا بوقوع الظهار مع الشرط وبحصول التحريم، وثبوت حكم الظهار مع تعليق اللفظ بغير الظهر، وبنفي الحكم بغير المدخول بها، لتميزه من جملة المجتمعين باسمه ونسبه، على أن قوله تعالى: { والذين يظاهرون من نسائهم }[١٨] ينافي تعليقه بغير الظهر، وغير المدخول بها، توصف بأنها من نساء الزوج.

أحکام الظهار وکفارته

وإذا تكاملت شروط الظهار، حرمت الزوجة عليه، فإن عاد لما قال، بأن يؤثر استباحة الوطئ، لزمه أن يكفر قبله بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. [١٩]
اختلف الناس في السبب الذي يجب به كفارة الظهار على ثلاثة مذاهب: فذهب مجاهد والثوري إلى أنها تجب بنفس التلفظ بالظهار، ولا يعتبر فيها أمر أخر. وذهب طائفة إلى أنها تثبت بظهار وعود. ثم اختلفوا في العود ما هو على أربعة مذاهب: فذهب الشافعي إلى أن العود أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع قدرته على الطلاق، فإذا وجد ذلك صار عائدا عليه، ولزمته الكفارة، وذهب مالك وأحمد إلى أن العود هو العزم على الوطئ، وذهب الزهري والحسن وطاووس إلى أن العود هو الوطئ، وذهب داود وأهل الظاهر إلى أن العود هو تكرار الظهار وإعادته.

قول أبي حنيفة حول الكفارة في الظهار

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الكفارة في الظهار لا تستقر في الذمة بحال، وإنما يراد لاستباحة الوطء فيقال للمظاهر عند إرادة الوطء ء: إن أردت أن يحل لك الوطء ء فكفّر، وإن لم ترد استباحة الوطء ء فلا تكفّر، كما يقال لمن أراد أن يصلي صلاة تطوع: إن أردت أن تستبيح الصلاة تطهر، وإن لم ترد استباحتها لم يلزمك الطهارة. فإن وطئ قبل التكفير، فقد وطئ وطئا محرما، ولا يلزمه عنده التكفير، بل يقال له عند إرادة الوطء الثاني والثالث: إن أردت أن يحل لك الوطء ء فكفر، وعلى هذا أبدا. [٢٠]
لنا أن العود شرط في وجوب الكفارة ظاهر القرآن، ولأنه لا خلاف أن المظاهر لو طلق قبل الوطء لم يلزمه الكفارة، وهذا يدل على أن الكفارة لا تجب بنفس الظهار، فيدل على أن العود ما ذكرناه، أن الظهار إذا اقتضى التحريم، وأراد المظاهر الاستباحة، وآثر رفعه، كان عائدا لما قال، ومعنى قوله: { ثم يعودون لما قالوا }[٢١] أي المقول فيه، كقوله سبحانه: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }[٢٢] أي الموقن به، وكقوله ( عليه السلام ) الراجع في هبته ( رحمه الله ) أي الموهوب، وكما يقال اللهم أنت رجاؤنا أي مرجونا.
ولا يجوز أن يكون المراد بالعود الوطء على ما ذهب إليه قوم، لأن قوله تعالى: { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } أوجب الكفارة بعد العود وقبل الوطء ء، فدل أنه غيره.
ولا يجوز أن يكون العود إمساكها بعد الظهار زوجة، مع القدرة على الطلاق، على ما قاله الشافعي، لأن العود يجب أن يكون رجوعا إلى ما يخالف مقتضى الظهار، وإذا لم يقتض فسخ النكاح لم يكن العود الإمساك عليه، ولأنه تعالى قال: { ثم يعودون لما قالوا } وذلك يقتضي التراخي، والقول بأن العود هو البقاء على النكاح قول بحصول العود عقيب الظهار من غير فصل، وهو خلاف الظاهر.
وإذا جامع المظاهر قبل التكفير فعليه كفارتان إحداهما كفارة العود والأخرى عقوبة الوطء قبل التكفير، دليله إجماع الإمامية واليقين لبراءة الذمة[٢٣]، وقال الشافعي: إذا وطئ قبل الكفارة لا يلزمه بهذا الوطء كفارة، وعليه كفارة الظهار التي كانت عليه [٢٤]
وإن استمر المظاهر على التحريم فزوجة الدوام - وإن كانت أمة - بالخيار بين الصبر على ذلك وبين المرافعة إلى الحاكم، وعلى الحاكم أن يخيره بين التكفير واستباحة الجماع، وبين الطلاق، فإن لم يجب إلى شئ من ذلك، أنظره ثلاثة أشهر فإن فاء إلى أمر الله في ذلك، وإلا فضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفئ، ولا يلزمه الطلاق إلا إذا كان قادرا على الكفارة وأقام على التحريم مضارة. [٢٥]
وقال مالك: يصير موليا بعد أربعة أشهر. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يلزمه شئ من ذلك، ولا يصير موليا، وبه قال الثوري. [٢٦]
وإذا طلق قبل التكفير سقطت عنه الكفارة، فإن راجع في العدة لم يجز له الوطء ء حتى يكفر، [٢٧] وللشافعي قولان: إذا قال: الرجعة عود فإذا راجعها ثم طلق لزمته الكفارة، وإذا قال: لا يكون عودا فإذا طلقها عقيب الرجعة لم تلزمه كفارة حتى يمضي بعد الرجعة زمان يمكنه فيه الطلاق. [٢٨]
وإن خرجت من العدة، واستأنف العقد عليها، جاز له الوطء من غير تكفير، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز له الوطء ء حتى يكفر على كل حال، وظاهر القرآن معه، لأنه يوجب الكفارة بالعودة من غير فصل.
وإذا ظاهر من زوجتين له فصاعدا، لزمه مع العود لكل واحدة منهن كفارة، سواء ظاهر من كل واحدة على الانفراد، أو جمع بينهن في ذلك بكلمة واحدة [٢٩] بأن يقول: أنتن عليّ كظهر أمي لزمه عن كل واحدة كفارة، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في أصح قوليه، وقال في القديم: يجب عليه كفارة واحدة. [٣٠]
وإذا كرر كلمة الظهار، لزمه بكل دفعة كفارة، فإن وطئ التي كرر القول عليها قبل أن يكفر لزمه كفارة واحدة وكفارة التكرار[٣١]، وفاقا للشافعي إذا لم يرد بالتكرار التأكيد في قوله الجديد. وقال في القديم: عليه كفارة واحدة. [٣٢]

وفرض العبد في الكفارة

وفرض العبد في الكفارة الصوم، وفرضه فيه كفرض الحر، لـ ظاهر القرآن، ومن أصحابنا من قال: الذي يلزمه شهر واحد، ومن أصحابنا من قال: لا يصح الظهار من المنكوحة بملك اليمين، ومنهم من قال: يصح. [٣٣]
إذا قال: أنت علي حرام كظهر أمي لم يكن ظهارا ولا طلاقا، نوى ذلك أو لم ينو، لأنه لا دليل عليه و الأصل براءة الذمة. قال الشافعي: إذا طلق كان ظهارا، وإن نوى غير الظهار قبل منه، نوى الظهار أو غيره. وعلى قول بعض أصحابه يلزم الظهار ولا تقبل نيته في طلاق ولا غيره. [٣٤]
إذا كانت له زوجتان فقال لإحداهما: أنت علي كظهر أمي ثم قال للأخرى: أشركتك معها فإنه لا يقع بالثانية حكم، نوى الظهار أو لم ينو، لأنه لا دليل عليه. وقال الشافعي: إن ذلك كناية، فإن نوى الظهار كان ظهارا، وإن لم ينو لم يكن شيئا. [٣٥]
إذا ظاهر من زوجته مدة مثل أن يقول: أنت علي كظهر أمي يوما أو شهرا أو سنة لم يكن ذلك ظهارا إذ لا دليل عليه. وللشافعي فيه قولان: أحدهما: يكون مظاهرا، وهو قول أبو حنيفة واختيار المزني. والثاني لا يكون مظاهرا وهو قول مالك. [٣٦]
الاعتبار في وجوب الكفارات المرتبة حال الأداء دون حال الوجوب، فمن قدر حال الأداء على الإعتاق لم يجزه الصوم، وإن كان غير واجد لها حين الوجوب. وللشافعي فيه ثلاثة أقوال: أحدها ما قلناه. والثاني: أن الاعتبار بحال الوجوب دون حال الأداء. وبه قال أبو حنيفة. والثالث أن الاعتبار بأغلظ الحالين من حين الوجوب إلى حين الأداء.
لنا قوله تعالى: { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين }[٣٧] وهذا واجد الرقبة عند الشروع في الصوم فيجب عليه الإعتاق. [٣٨]
إذا ظاهر فأعتق قبل العود لم يجز. وقال الشافعي: يجوز. [٣٩] لنا ظاهر قوله تعالى: { ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة }[٤٠] يدل على أن الإعتاق عقيب العود لأن الفاء في { تحرير رقبة } يدل على التعقيب.
إذا وجبت الكفارة بعتق رقبة يجزي في جميع الكفارات أن لا تكون مؤمنة، إلا في القتل خاصة، وفاقا لأبي حنيفة وأصحابه، إلا أنهم أجازوا أن تكون كافرة. وعندنا أن ذلك مكروه وإن أجزأ، خلافا للشافعي فإنه قال لا يجوز في جميع ذلك إلا المؤمنة، وبه قال مالك وأحمد.
لنا أن الله تعالى أطلق الرقبة في جميع الكفارات وإنما قيدها بالإيمان في القتل خاصة، ولو كان الإيمان شرطا لما أطلق بل قيد. [٤١]
كل موضع يعتبر الإيمان في الرقبة فإنه يجزي إذا كان محكوما بإيمانه، وإن كان صغيرا، لأنه يطلق عليه اسم الرقبة، وبه قال أبو حنيفة والشافعي فإنه قال: وإن كان ابن يومه أجزأ. وفي الناس من قال: لا يجزي الصغير. [٤٢]
عتق أم الولد جائز في الكفارات، خلافا لجميع الفقهاء. لنا أنها مملوكة بلا خلاف فجاز عتقها. [٤٣] إذا اشترى بنية الإعتاق عن الكفارة من يعتق عليه من الآباء والأمهات لم يقع عنها، وينعتقون بحكم القرابة، وفاقا لمذهب الشافعي، وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: يقع عتقهم عن الكفارة.
لنا أن العتق لا يصح قبل الملك، ولا تؤثر النية إلا في الملك وهذا لا يصح هاهنا لأنهم لم يدخلوا في ملكه. [٤٤]
نية الإعتاق: يجب أن تقارن حال الإعتاق، ولا يجوز تقدمها. وللشافعي فيه طريقان: أحدهما ما قلناه كالصلاة. والثاني أنه يجوز تقدمها. لنا طريقة الاحتياط و اليقين ببراءة الذمة. [٤٥]
الأعمى لا يجزي بلا خلاف بين الفقهاء، والأعور يجزي بلا خلاف، والمقطوع اليدين أو الرجلين، أو يد واحدة ورجل واحدة عن خلاف فعند الشافعي لا يجزي. وعند أبي حنيفة يجزي، وبه نقول، لقوله تعالى: { فتحرير رقبة } [٤٦] ولم يفصل. [٤٧]
إذا وجد رقبة وهو محتاج إليها لخدمته، أو وجد ثمنها وهو محتاج إليه لنفقته وكسوته وسكناه لا يلزمه الرقبة، ويجوز له الصوم، وبه قال الشافعي. وقال مالك: يلزمه العتق. وقال أبو حنيفة: إذ كان واجدا للرقبة وهو محتاج إليها لزمه إعتاقها، وإذا وجد الثمن وهو محتاج إليه لا يلزمه الإعتاق ويجوز له الصوم. [٤٨]
وإذا انتقل إلى الصوم عند العجز فآلوا جب أن يصوم شهرين متتابعين فإن أفطر في الشهر الأول لغير عذر أو قبل أن يصوم من الثاني شيئا، وجب استئنافه بلا خلاف، وإن كان بعد أن صام من الثاني ولو يوما جاز له البناء، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: يجب عليه الاستئناف. [٤٩]
لا يلزمه أن ينوي التتابع في الصوم، بل تكفيه نية الصوم فحسب، لأنه لا دلالة على ذلك. وللشافعي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ما قلناه. والثاني: يحتاج أن ينوي كل ليلة. والثالث: يحتاج أن ينوي ذلك أول ليلة. [٥٠]
وإذا أطعم يجب أن يدفع إلى ستين مسكينا، ولا يجوز أن يدفع حق مسكينين إلى مسكين، لا في يوم واحد ولا في يومين، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: إن أعطى مسكينا واحدا كل يوم حق مسكين في ستين يوما حق ستين مسكينا أجزأه، وإن أعطى في يوم واحد حق مسكينين لم يجزه، وعندنا يجوز هذا مع عدم المسكين.
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: { فإطعام ستين مسكينا }[٥١] وقوله وفي كفارة اليمين { فإطعام عشرة مساكين }[٥٢] فاعتبر العدد فلا يجوز الإخلال به كما لا يجوز الإخلال بالإطعام، وأيضا فطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأن ما اعتبرناه مجمع على جوازه. [٥٣]
يجب أن يدفع إلى كل مسكين مدان، والمد رطلان وربع بالعراقي، في سائر الكفارات. وقال الشافعي: مد في جميع ذلك، وهو رطل وثلث، إلا فدية الأذى خاصة فإنه مدان. وقال أبو حنيفة: إن أخرج تمرأ وشعيرا فإنه يدفع إلى كل مسكين صاعا – أربعة أمداد - والمد: رطلان وإن أخرج طعاما فنصف صاع، وفي الزبيب روايتان. [٥٤]
كل ما يسمى طعاما يجوز إخراجه في الكفارة. وروى أصحابنا أن أفضله الخبز واللحم، وأوسطه الخبز والزيت، وأدونه الخبز والملح. وقال الشافعي: لا يجوز إلا الحب، فأما الدقيق والسويق والخبز فإنه لا يجزي. وقال الأنماطي من أصحابه: يجزيه الدقيق. وكذا الخلاف في الفطرة، قالوا: لأن النبي ( عليه السلام ) أوجب صاعا من تمر أو شعير أو طعام، ولم يذكر الدقيق ولا الخبر. [٥٥] ويجب أن يطعم ما يغلب على قوته وقوت أهله. وقال الشافعي: يجب أن يطعم من غالب قوت البلد. لنا قوله تعالى: { من أوسط ما تطعمون أهليكم }. [٥٦] ، [٥٧]
إذا أحضر ستين مسكينا فأعطاهم ما يجب لهم من الطعام أو أطعمهم إياه، سواء قال: ملكتكم أو أعطيتكم فإنه يكون جائزا على كل حال إذا كانوا بالغين. وبه قال أهل العراق. وقال الشافعي: إن أطعمهم لا يجزيه، لأنه لا يملكهم، لأن أكلهم يزيد وينقص، وإن قال: أعطيتكم، أو خذوه، لا يجزي، لأنه ما ملكهم، وإن قال: ملكتكم بالسوية ففيه وجهان. [٥٨]

المصادر

  1. المجادلة/2.
  2. الغنية 366.
  3. الخلاف: 4 / 528 مسألة 6.
  4. الغنية 366.
  5. الخلاف: 4 / 53 مسألة 9.
  6. المجادلة: 2.
  7. المجادلة: 2.
  8. الخلاف: 4 / 530 مسألة 10.
  9. الغنية 366.
  10. الخلاف: 4 / 535 مسألة 2.
  11. الغنية 366.
  12. الخلاف: 4 / 532 مسألة 12.
  13. الخلاف: 4 / 529 مسألة 8.
  14. الغنية: 366.
  15. الخلاف: 4 / 533 مسألة 15.
  16. الغنية: 376.
  17. الخلاف: 4 / 533 مسألة 15.
  18. المجادلة: 3.
  19. الغنية 367.
  20. الخلاف: 4 / 535 مسألة 20.
  21. المجادلة: 3.
  22. الحجر: 99.
  23. الغنية 367 - 368.
  24. الخلاف: 4 / 539 مسألة 23.
  25. الغنية 368 - 369.
  26. الخلاف: 4 / 528 مسألة 7.
  27. الغنية 369.
  28. الخلاف: 4 / 526 مسألة 4.
  29. الغنية 369.
  30. الخلاف: 4 / 534 مسألة 18.
  31. الغنية 369.
  32. الخلاف: 4 / 535 مسألة 19.
  33. الغنية 369.
  34. الخلاف: 4 / 533 مسألة 16.
  35. الخلاف: 4 / 534 مسألة 17.
  36. الخلاف: 4 / 542 مسألة 26.
  37. النساء: 92.
  38. الخلاف: 4 / 557 مسألة 56.
  39. الخلاف: 4 / 559 مسألة 58.
  40. المجادلة: 3.
  41. الخلاف: 4 / 542 مسألة 27.
  42. الخلاف: 4 / 542 مسألة 28.
  43. الخلاف: 4 / 544 مسألة 30.
  44. الخلاف: 4 / 547 مسألة 35.
  45. الخلاف: 4 / 550 مسألة 41.
  46. النساء: 92.
  47. الخلاف: 4 / 551 مسألة 44.
  48. الخلاف: 4 / 552 مسألة 46.
  49. الخلاف: 4 / 552 مسألة 47.
  50. الخلاف: 4 / 556 مسألة 54.
  51. المجادلة: 4.
  52. المائدة: 89.
  53. الخلاف: 4 / 559 مسألة 59.
  54. الخلاف: 4 / 560 مسألة 62.
  55. الخلاف: 4 / 563 مسألة 66.
  56. المائدة: 89.
  57. الخلاف: 4 / 561 مسألة 63.
  58. الخلاف: 4 / 562 مسألة 65.