الفرق بين المراجعتين لصفحة: «خديجة بنت خويلد»
(أنشأ الصفحة ب''''خديجة بنت خويلد''' هي زوجة النبي الكريم رسول الإسلام ووالدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). لقد لعبت هذه السيدة الرفيعة مقامًا دورًا لا يُضاهى في تاريخ الإسلام في نشر مبدأ التوحيد ودعم محمد بن عب...') |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''خديجة بنت خويلد''' هي زوجة | '''خديجة بنت خويلد''' هي زوجة محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء) ووالدة [[فاطمة بنت محمد (زهرا)|فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)]]. لقد لعبت هذه السيدة الرفيعة مقامًا دورًا لا يُضاهى في تاريخ [[الإسلام]] في نشر مبدأ [[التوحيد]] ودعم [[محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)|الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)]]. ومن أحضان هذه السيدة العظيمة وُلدت ابنة ثمينة تدعى [[فاطمة بنت محمد (زهرا)|فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)]], التي انحدر منها نسل خاتم الأنبياء، ويمكن اعتبار هذه السيدة العظيمة أم [[أهل البيت|أهل البيت]] الطاهرين؛ الذين أطلق عليهم النبي الكريم الإسلام بغض ونفورهم [[نفاق]]، وقد قال: "كل من يكره أهل بيتي فهو [[منافق]]"<ref>فضل آل البيت (عليهم السلام)؛ ص 52.</ref>. كما قال: "إني تارك فيكم ثقلين: كتاب الله وعترتي (أهل بيتي). هذان لن يفترقا حتى يردا علي الحوض"<ref>''إحياء الميت بفضائل أهل البيت (عليهم السلام)'', ص 16.</ref>. وقد رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي"<ref>نفسه، ص 23.</ref>. | ||
== الميلاد ومكان الولادة == | == الميلاد ومكان الولادة == |
مراجعة ٠٢:٤٢، ١٢ مارس ٢٠٢٥
خديجة بنت خويلد هي زوجة محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء) ووالدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). لقد لعبت هذه السيدة الرفيعة مقامًا دورًا لا يُضاهى في تاريخ الإسلام في نشر مبدأ التوحيد ودعم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله). ومن أحضان هذه السيدة العظيمة وُلدت ابنة ثمينة تدعى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها), التي انحدر منها نسل خاتم الأنبياء، ويمكن اعتبار هذه السيدة العظيمة أم أهل البيت الطاهرين؛ الذين أطلق عليهم النبي الكريم الإسلام بغض ونفورهم نفاق، وقد قال: "كل من يكره أهل بيتي فهو منافق"[١]. كما قال: "إني تارك فيكم ثقلين: كتاب الله وعترتي (أهل بيتي). هذان لن يفترقا حتى يردا علي الحوض"[٢]. وقد رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي"[٣].
الميلاد ومكان الولادة
خديجة هي ابنة ```خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي```, وُلدت في مكة قبل خمسة عشر عامًا من عام الفيل. كان والدها خويلد بن أسد من أشراف قريش ومن كبار بني أسد بن عبد العزى، وأمها فاطمة بنت زائدة بن أصم[٤]. وكان ابن عمها ```ورقة بن نوفل بن أسد``` رجلًا حكيمًا ومتعلمًا في الجاهلية، وكان من الرجال الصالحين في عصره[٥].
الزواج من رسول الرحمة
عندما بلغ النبي الكريم سن 25 عامًا، تزوج خديجة؛ كانت خديجة (سلام الله عليها) في ذلك الوقت سيدة أعمال تتمتع بالشرف والثروة. وقد وصلت فضائل النبي الأخلاقية، مثل الصدق والأمانة وحسن الخلق، إلى خديجة (سلام الله عليها)، ولذلك اقترحت عليه أن يسافر مع قافلتها التجارية إلى الشام. وافق رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذا الاقتراح، وأرسلت خديجة (سلام الله عليها) خادمها ميسرة معه، وعند عودته إلى مكة، وصف ميسرة بعض مكارم أخلاق النبي وسلوكه الرفيع. بعد هذه الحادثة، وقد كانت خديجة آنذاك عزباء[٦]، وقد أعجبت بسلوك محمد الأمين (صلى الله عليه وآله)، أرسلت إليه رسالة تقول: "يا ابن عمي، لقد أحببتك، بسبب قربك وقرابتك، وشرفك ومكانتك بين قوم قريش، وأمانتك وحسن خلقك". ثم تم طرح اقتراح الزواج من قبل السيدة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقد ناقش النبي هذا الأمر مع عمه، وخاصة عمه الرفيع أبو طالب، وتمت هذه الزيجة المباركة، وحققت خديجة السيدة العظيمة في التاريخ شرف الزوجية من النبي الإسلام، وكان النبي يحبها ويحترمها دائمًا، ولم يتزوج أخرى طوال حياتها. جميع أبناء النبي الإسلام، باستثناء إبراهيم، وُلِدوا من خديجة (سلام الله عليها)[٧].
أول امرأة مسلمة
بعد أن نال النبي الإسلام مقام النبوة في العام الأربعين من عام الفيل، ونزل عليه ملك الوحي، وأضاء العالم بنور نبوة خاتم الأنبياء، كانت زوجته خديجة (سلام الله عليها) أول امرأة تؤمن برسالة محمد الأمين (صلى الله عليه وآله)، ووفقًا لإجماع المؤرخين، هي أول امرأة اعتنقت الإسلام. في هذا السياق، روى النسائي من كبار أهل السنة عن رجل يُدعى عفيف أنه قال: "في بداية البعثة، جئت إلى مكة للتجارة وشراء الملابس والعطور لعائلتي. وعندما جلست بجانب ```عباس بن عبد المطلب```، عم النبي الذي كان من كبار تجار مكة، رأيت شابًا ينظر إلى السماء ويقف أمام الكعبة، وبعد قليل، رأيت مراهقًا يقف إلى يمين ذلك الشاب، ثم رأيت امرأة تقف خلفهما. عندما ركع ذلك الشاب، قام المراهق والمرأة بفعل الشيء نفسه. قلت: يا عباس، إن هذا مشهد عجيب! فقال: نعم، هل تعرف من هو ذلك الرجل؟ فأجبت: لا. فقال: إنه محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله). هل تعرف من هو ذلك المراهق؟ إنه علي ابن عمي... هل تعرف من هي تلك المرأة؟ إنها خديجة بنت خويلد، زوجته (النبي). لقد أخبرني ابن أخي أن ربه هو إله السماء والأرض... والله، لا أعرف أحدًا غير هؤلاء الثلاثة على وجه الأرض ملتزمًا بهذا الدين"[٨]. نعم، خديجة زوجة النبي هي أول امرأة مسلمة، وكانت لها مكانة عالية عند الله وعند النبي الإسلام، وكان النبي يحبها كثيرًا، وحتى بعد وفاتها، كان يذكرها كثيرًا ويثني عليها[٩].
مدح النبي للمرأة
رُوي عن النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "خير نساء العالمين مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد"[١٠]؛ "أفضل نساء العالم، مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد".
كما رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تكريم مقام زوجته الوفية خديجة الكبرى أنه قال: "آمنت بي عندما كذبتني الناس، وأنفقت ثروتها في سبيل الله ونشر الإسلام ودعم المظلومين والفقراء من بين المسلمين الجدد، خاصة في زمن وجود بني هاشم في شعب أبي طالب، بينما كان الناس يمتنعون عني"[١١].
"عبد الله بن عباس" الذي يعد من أبرز تلاميذ مدرسة الوحي، قال في هذا الصدد: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم"[١٢]؛ "أفضل وأعلى نساء أهل الجنة هم: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم".
آيات في شأن خديجة
تعتبر خديجة أقدم امرأة مسلمة، ومن بين زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، الأكثر فضيلة، لذا يمكن تطبيق جميع الآيات التي تتحدث عن المؤمنين ومكانتهم عند الله وعاقبتهم الحسنة عليها، ويمكن اعتبارها مصداقًا لذلك؛ كما أن ```"المقربون"``` في تفسير الآيات: قالب:نص القرآن، اعتبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) خديجة وعلي بن أبي طالب وذريتهم الذين يلتحقون بهم.
كما في تفسير الآية المكية: ```قالب:نص القرآن```؛ الأحياء والأموات ليسوا سواء. وقد اعتبرت خديجة من مصاديق "الأحياء".
سأل أبان بن تغلب الإمام الصادق (عليه السلام) عن سبب نزول الآية: ```قالب:نص القرآن```، فأجاب: "نحن أهل البيت (عليهم السلام)". وقد رُوي عن آخرين أن ```"أزواجنا"``` تعني السيدة خديجة و```"ذرياتنا"``` تعني السيدة فاطمة (سلام الله عليها) و```"قرة أعين"``` تعني الإمام حسن (عليه السلام) والإمام حسين (عليه السلام). ومراد ```"واجعلنا للمتقين إمامًا"``` هو علي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد روى أبو سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سأل جبرائيل عن مصداق ```"أزواجنا"```، فأجاب جبرائيل باسم خديجة (عليها السلام).
يشير الله إلى غنى النبي (صلى الله عليه وآله) بعد فقره بقوله: ```قالب:نص القرآن```، وقد كتب العديد من المفسرين في تفسير ```"فأغنى"``` أن ثروة خديجة قد أنقذت النبي من الفقر.
بعد أن تم كشف سر النبي من بعض زوجاته وتسبب ذلك في إزعاجه (حفصة وعائشة), نزلت آيات من سورة التحريم: ```قالب:نص القرآن```، بمعنى أنه قد يكون مع طلاقكن، يعطي الله للنبي (صلى الله عليه وآله) نساءً أفضل منكن، سواء كن ثيبات أو أبكار. وقد طبق بعض المفسرين هذا على خديجة، رغم أنها توفيت في الفترة المكية، بينما هذه الآية وشأن نزولها تتعلق بالفترة المدنية، إلا إذا كان المقصود أن الله سيعطي النبي في الجنة من يشبه خديجة.
في شأن الآية المدنية: ```قالب:نص القرآن```، قيل إن ```"السابقون الأولون"``` تعني السيدة خديجة (عليها السلام) التي كانت أول امرأة تؤمن برسول الله، بينما الآية المذكورة تتعلق بأول المهاجرين والأنصار وأتباعهم، وليس بأول المؤمنين؛ وعلاوة على ذلك، توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة إلى المدينة، لذا يجب أن تُعتبر أقوال المفسرين من نوع تطبيق الآية على خديجة.
الوفاة
في النهاية، توفيت هذه السيدة العظيمة والرفيعة المقام، التي قضت حياتها في خدمة أحب خلق الله وأشرف الأنبياء، ودفاعًا عن حقانية الإسلام ونشر الدين الإلهي ونفي الشرك وعبادة الأوثان، عن عمر يناهز 64 عامًا، في مكة[١٣].
عام الحزن
توفي أبو طالب عم النبي الكريم وخديجة (سلام الله عليها) بنت خويلد بفارق زمني قصير، ثلاث سنوات قبل الهجرة إلى يثرب (مدينة الرسول) وحوالي ثمانية أشهر بعد الخروج من شعب أبي طالب. وقد أطلق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على هذا العام، الذي فقد فيه اثنين من أقرب وأعز أفراد عائلته، اسم عام الحزن (عام الحزن)[١٤].
خاتمة الكلام
تعتبر خديجة من بين أفضل وأشهر النساء في العالم الإسلامي، وقد أظهرت الكثير من التضحية في سبيل نشر مبدأ التوحيد، وهي أول امرأة اعتنقت الإسلام. نسل النبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) أيضًا جرى من خلال هذه السيدة الرفيعة المقام، وهي أم أبناء النبي الإسلام. فضائل هذه السيدة العظيمة والنقية تتجاوز أن تُعبر عنها الكلمات. إنها نموذج رائع لجميع النساء في جميع أنحاء العالم.
الهوامش
- ↑ فضل آل البيت (عليهم السلام)؛ ص 52.
- ↑ إحياء الميت بفضائل أهل البيت (عليهم السلام), ص 16.
- ↑ نفسه، ص 23.
- ↑ في فضائل أمهات المؤمنين, ص 22.
- ↑ خديجة أم المؤمنين, ص 33.
- ↑ حسب التاريخ، تزوجت خديجة بنت خويلد قبل زواجها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرتين. أولاً تزوجت من أبي هالة بن زرارة، وأنجبت منه ولديها هالة وهند. لم يدم هذا الزواج طويلاً وتوفي أبو هالة. ثم تزوجت خديجة بنت خويلد من رجل يُدعى عتيق بن عائذ المخزومي وأنجبت منه ابنة تُدعى هند. (ر. ك: خديجة أم المؤمنين «س»، ص 35 - 33).
- ↑ حياة أم المؤمنين خديجة، ص 51 - 50؛ اسم والدة إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو مارية القبطية.
- ↑ خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام)، ص 27.
- ↑ في فضائل أمهات المؤمنين، ص 24.
- ↑ أعلام الوري لأعلام الهدى, ج 1 ص 156؛ في رواية مشابهة أخرى، نقل أنس بن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "من بين نساء العالمين، يكفيك أربع: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية زوج فرعون. [ر. ك: الثغور الباسمة في فضائل السيدة فاطمة، ص 70].
- ↑ أخبار الدول وآثار الأول، ج 1، ص 264 (في فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها).
- ↑ أربعون حديثًا في فضائل السيدة الزهراء (سلام الله عليها)، ص 12.
- ↑ نفسه.
- ↑ ```خديجة أم الكوثر```، ص 130؛ توفي أبو طالب بن عبد المطلب عم النبي الإسلام الذي كان يُعرف بسيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة، في نفس العام الذي توفيت فيه خديجة عن عمر يتجاوز 80 عامًا، تاركًا النبي بمواجهة العديد من المشاكل. ثم هيأ الله سبحانه وتعالى الظروف لهجرة النبي والمسلمين إلى المدينة، ومع هذه الهجرة المباركة، بدأ فصل جديد في تاريخ الإسلام. (ر. ك: ديوان أبي طالب عم النبي، ص 9).