الفرق بين المراجعتين لصفحة: «لبنان»
لا ملخص تعديل |
|||
(٤ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) | |||
سطر ١٠٦: | سطر ١٠٦: | ||
لكن دائمًا ما يُطرح السؤال: كيف أنه منذ إحصاء عام 1932، الذي حصل فيه الموارنة على الأغلبية، لم تُجرَ أي إحصائيات رسمية أخرى؟ في حين أن المسؤولين اللبنانيين يمكنهم الوصول إلى إحصاءات سجلات الهوية أو الإحصاءات الانتخابية والمستندات، يبقى هذا الشك قائمًا في أن هذا الصمت في تحديد وإعلان التغييرات في التركيبة السكانية للطوائف المختلفة لا يخدم إلا المسيحيين على حساب المسلمين. في الوقت الحالي، وبالنظر إلى الإحصاءات غير الرسمية والمستندات المتاحة، يُطرح ادعاء بأن الشيعة يشكلون الأغلبية. | لكن دائمًا ما يُطرح السؤال: كيف أنه منذ إحصاء عام 1932، الذي حصل فيه الموارنة على الأغلبية، لم تُجرَ أي إحصائيات رسمية أخرى؟ في حين أن المسؤولين اللبنانيين يمكنهم الوصول إلى إحصاءات سجلات الهوية أو الإحصاءات الانتخابية والمستندات، يبقى هذا الشك قائمًا في أن هذا الصمت في تحديد وإعلان التغييرات في التركيبة السكانية للطوائف المختلفة لا يخدم إلا المسيحيين على حساب المسلمين. في الوقت الحالي، وبالنظر إلى الإحصاءات غير الرسمية والمستندات المتاحة، يُطرح ادعاء بأن الشيعة يشكلون الأغلبية. | ||
== | ==الأديان والمذاهب== | ||
المذهب في لبنان ليس مجرد اعتقاد شخصي مع طقوس وعبادات خاصة، بل هو عنصر يحدد الخصائص السياسية والاجتماعية في لبنان. بناءً على ذلك، أصبح المذهب عبر النظام الطائفي في لبنان جزءًا من تقسيم السلطة والمنافع والمناصب التنفيذية، مما جعله أساسًا للسياسة في هذا البلد. العدد الدقيق لاتباع المذاهب المختلفة في لبنان كان دائمًا موضع جدل، ومنذ عام 1932 وحتى اليوم، لم يتم إجراء إحصاء دقيق في هذا المجال، حيث اكتفت الحكومة اللبنانية بنشر إجمالي عدد سكان البلاد دون ذكر أعداد أتباع كل مذهب. | |||
تُظهر الطائفية هيكل المجتمع اللبناني. يتمتع لبنان بتعدد المذاهب ويعترف بسبعة عشر طائفة دينية: إحدى عشرة طائفة مسيحية (مارونية، أرثوذكسية، كاثوليكية، أرمنية أرثوذكسية، أرمنية كاثوليكية، بروتستانت، سريانية أرثوذكسية، سريانية كاثوليكية، لاتينية، كلدانية، ونستورية)، وخمس طوائف إسلامية (شيعة، سنة، دروز، علويون، وإسماعيليون) وطائفة يهودية تُعتبر من أقل الطوائف أهمية<ref>أسد اللهي، مسعود، من المقاومة إلى النصر، طهران، مؤسسة دراسات وأبحاث أفكار نور، 2000، ص 193-192</ref>. | |||
يشكل المسلمون والمسيحيون أكبر مجموعتين دينيتين في لبنان، حيث يمثل المسلمون حوالي 60% والمسيحيون 40% من سكان البلاد؛ ومع ذلك، فإن هذه النسب متغيرة، وقد يُذكر أن نسبة المسلمين تصل إلى 63%. الأمر المؤكد هو أن عدد المسلمين قد ازداد منذ استقلال لبنان وحتى اليوم، بينما انخفض عدد المسيحيين لأسباب متعددة، منها الهجرة. يتكون المسلمون في لبنان من الشيعة (الإثنا عشرية)، والسنة، والدروز، والعلويين، والإسماعيليين، بينما يتكون المجتمع المسيحي من الكاثوليك المارونيين، والأرثوذكس اليونانيين، والكاثوليك اليونانيين، والأرمن الأرثوذكس، والأرمن الكاثوليك، والكاثوليك الروم، والآشوريين، والبروتستانت، والأقباط. يُعتبر اليهود أقلية صغيرة جدًا تعيش غالبًا في بيروت. في لبنان، توجد أربع قوميات رئيسية تُعتبر حصتها في المجتمع الوطني، وهي القوميات المسيحية المارونية، والدروز، والسنة، والشيعة. حصص القوميات في لبنان هي: ماروني 18%، سني 24%، شيعي 27%، ودروز 6%<ref>طاهري، انعكاس الثورة الإسلامية على الشيعة في لبنان، 2009، ص 118</ref>. | |||
أكبر | |||
بين المسلمين، يُعتبر الشيعة أكبر مجموعة دينية إسلامية في لبنان، حيث يمتلكون 35% من السكان (تقدير عام 1990) وقد تصل هذه النسبة إلى 41%، مما يجعلهم يشكلون أغلبية مطلقة في النظام الديني في البلاد. تُعتبر مدينة صور في محافظة الجنوب وبعلبك في محافظة البقاع من أهم المدن الشيعية. طرابلس تتمتع بأغلبية سنية وأقلية مسيحية، وصيدا تتمتع بأغلبية سنية ضعيفة مع أقلية مسيحية، بينما بيروت بها أغلبية مارونية وسنية. ومع ذلك، منذ عام 1982، ومع هجرة الشيعة إلى بيروت واستقرارهم في جنوب المدينة، تشكلت هناك كثافة سكانية شيعية كبيرة.<ref>[https://hawzah.net/fa/Magazine/View/3814/4846/40272/%D8%B4%DB%8C%D8%B9%DB%8C%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86 للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة موقع حوزة]</ref> | |||
== | ==الاقتصاد== | ||
عملة لبنان هي الليرة. قبل الحرب العالمية الأولى، كان يتم استخدام العملة العثمانية المعروفة باسم الليرة العثمانية في لبنان. بعد سقوط السلطنة العثمانية، تم استخدام العملة المصرية لفترة، ولهذا السبب يُطلق على النقود في اللهجة المحلية اللبنانية اسم "مصاري". خلال الاستعمار الفرنسي للمنطقة، تم إنشاء وحدة نقدية موحدة تُعرف باسم الليرة السورية، وكانت مرتبطة بالفرنك الفرنسي، حيث كانت كل ليرة تعادل 20 فرنكًا فرنسيًا، وكانت تُصك بواسطة بنك لبنان وسوريا. | |||
في عام 1924م، بدأت لبنان بإصدار عملتها الخاصة، وفي عام 1926م وُجدت النقود الورقية اللبنانية. في عام 1939م، انفصلت عملة لبنان تمامًا عن سوريا ولكنها ظلت مرتبطة بالفرنك الفرنسي. بعد هزيمة فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية، تحولت الليرة إلى الشلن البريطاني، حيث كانت كل شلن تعادل 8.8 ليرة. بعد الحرب العالمية، ارتبطت الليرة مرة أخرى بالفرنك الفرنسي، وأخيرًا في عام 1949م، حققت استقلالها المالي. | |||
كانت العملات القديمة اللبنانية تتضمن وحدات نقدية رسمية من القروش والفرنك (المعادل لـ 5 قروش) والليرة (المساوية لـ 100 قرش أو 20 فرنك). كانت العملات المعدنية في ذلك الوقت تتضمن 1 قرش، وفرنك (5 قروش)، و10 قروش، و25 قرشًا (المعروفة بالربع) و50 قرشًا (المعروفة بالنص). تم سك الليرة المعدنية في السبعينيات من القرن العشرين. كانت الأوراق النقدية تشمل الليرة، و5 ليرات (المعروفة بـ 5 ورقات)، و10، و25، و50، و100 ليرة. | |||
تشمل | |||
منذ عام 1983، بسبب الحروب الأهلية، انخفضت قيمة الليرة اللبنانية بشكل كبير، حيث ارتفع سعر الدولار من 3.3 ليرات إلى أكثر من 3000 ليرة (حوالي 900 ضعف). بعد اتفاق الطائف، توقف انهيار الليرة واستقر عند سعر 1500 ليرة مقابل 1 دولار. منذ ذلك الحين، لا يزال هذا السعر هو المعتمد في الاقتصاد اللبناني، مع تغير طفيف في الأرقام الفردية والعشرية، حيث يتراوح بين 1500 و1515. | |||
ومع ذلك، في معظم المتاجر الكبيرة والصغيرة ومحطات الوقود، يتم قبول الدولار بسعر ثابت يبلغ 1500 ليرة. الدولار الأمريكي يعادل 1500 ليرة. | |||
اقتصاد لبنان خاص تمامًا ومبني على نظام رأسمالي واقتصاد حر. يشغل قطاع الخدمات والمصارف أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد. | |||
=== | ===السياحة=== | ||
استقبل لبنان في عام 2010 أكثر من 2 مليون سائح أجنبي، وحقق حوالي 7 مليارات دولار من هذه العائدات؛ لكن هذه الأرقام انخفضت في السنوات التالية بسبب الظروف الإقليمية. | |||
=== | ===الزراعة=== | ||
يعمل أكبر قسم من قوة العمل في لبنان في قطاع الزراعة. يتمتع جنوب لبنان ومنطقة وادي البقاع في شرق لبنان بأكثر الأراضي خصوبة. وتُعتبر الحمضيات، والزيتون، والعنب، والتفاح، والموز، والتبغ من أهم المنتجات الزراعية المصدرة في لبنان. | |||
== | ==الثقافة والتعليم== | ||
تحاول معظم الدول العربية دعم وتعزيز التعليم العالي الجامعي. ولهذا السبب، شهدت هذه الدول زيادة في عدد الطلاب من 90,000 طالب في عام 1975 إلى 2.5 مليون طالب في عام 1991. في هذا السياق، ارتفعت نسبة الفتيات والنساء اللواتي يواصلن التعليم العالي من 28% في عام 1975 إلى 37% في عام 1991. على الرغم من زيادة عدد الطلاب الذين يدرسون في فروع العلوم الأساسية والهندسة والطب، إلا أن عدد الطلاب الذين يدرسون في مجالات العلوم الإنسانية لا يزال أكبر. | |||
ومن جهة أخرى، تظهر الإحصاءات أن نسبة الطلاب العرب الذين يكملون تعليمهم الجامعي في الدول الغربية في تزايد؛ على سبيل المثال، أكثر من 60% من الطلاب الجزائريين والمغاربة والتونسيين يدرسون في الخارج، وغالبًا في أوروبا وخاصة في فرنسا، و50% من طلاب الدول مثل السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة الذين يدرسون في الخارج هم في الولايات المتحدة الأمريكية. | |||
== | ومع ذلك، فإن النقطة التي تستحق الانتباه في جميع مراحل التعليم، من الابتدائي إلى الجامعي، هي أن مشاركة النساء والفتيات في الدول العربية لا تزال ضئيلة، والفجوة بين الرجال والنساء كبيرة جدًا. | ||
==الهوامش== | |||
{{الهوامش}} | |||
[[تصنيف:الدول]] | |||
[[تصنيف:الدول الإسلامية]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٥:١١، ١٧ فبراير ٢٠٢٥
لبنان هو بلد في الشرق الأوسط، ويعتبر واحداً من الدول المهمة في العالم الإسلامي بسبب موقعه الخاص في جبهة المقاومة ضد العدو الصهيوني وتنوعه الديني والمذهبي العالي.
تاريخ لبنان
مع بداية انتشار الإسلام، لبنان تم احتلاله من قبل الخلافة الإسلامية؛ حتى أواخر القرن الحادي عشر عندما أصبح جزءًا من أراضي المسيحيين الصليبيين، ثم بعد انقراض الدولة الصليبية، وقع تحت سيطرة مصر. في أوائل القرن السادس عشر، تم احتلال لبنان من قبل العثمانيين[١].
في منتصف القرن التاسع عشر، اندلعت حرب أهلية بين الأقلية المسيحية المارونية والأقلية الدرزية في لبنان، حيث كانت الأولى مدعومة من فرانسه والثانية مدعومة من إنگلستان.
في عام 1861، فرضت فرنسا وبريطانيا لوائح على لبنان بموجبها حصل لبنان على الحكم الذاتي تحت حاكم مسيحي يتم تعيينه من قبل السلطان العثماني. بعد هزيمة وتفكك الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، تم إنشاء لبنان الكبير (المكون من لبنان الذاتي الحكم السابق بالإضافة إلى مناطق بيروت، البقاع، طرابلس والجنوب) تحت السيطرة الفرنسية وفقًا لاتفاقية سايكس-بيكو (1916) وقرارات مؤتمر سان ريمو (1920). في عام 1923، وضعت عصبة الأمم هذه المنطقة رسميًا تحت وصاية فرنسا. في عام 1926، وبعد صياغة الدستور اللبناني بمساعدة المجلس النيابي، تم تحويل لبنان الكبير إلى جمهورية لبنان، حيث كانت الحكومة تحت إدارة حاكم فرنسي أعلى. في عام 1943، تم إجراء أول انتخابات رئاسية في لبنان بموافقة فرنسا، وفي 22 نوفمبر 1943، أعلن الجنرال ديغول استقلال لبنان رسميًا، وفي عام 1946، قامت فرنسا وبريطانيا بإخلاء لبنان باتفاق بينهما.
منذ أوائل الستينيات، بدأت الهجمات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وفي عام 1968، تم استهداف مطار بيروت أيضًا بقصفهم. في هذه الأثناء، احتل الجيش الإسرائيلي خلال حرب الأيام الستة مع أربع دول عربية في عام 1967، صحراء سيناء، الضفة الغربية لنهر الأردن، قطاع غزة، وهضبة الجولان، ومدينة القنيطرة؛ ومع ذلك، تم استعادة القنيطرة وبعض أجزاء سيناء والجولان في حرب عام 1973.
بدأت الهجمات الفالانجيين على سيارة تحمل فلسطينيين في منطقة عين الرمانة في عام 1975، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عامًا حتى أوائل عام 1990. في الحروب الأهلية اللبنانية، كان هناك تحالف بين المسيحيين اليمينيين المتطرفين من جهة، وتحالف المسلمين، واليساريين، والقوميين من جهة أخرى. وقد أسفرت هذه الحرب عن خسائر فادحة، حيث قُتل وجرح خلالها عشرات الآلاف.
في عام 1978، بدأت القوات الإسرائيلية معركة شرسة ضد لبنان، واحتلت أجزاء من جنوب لبنان. وأصدرت الأمم المتحدة القرار 425 الذي يطالب بالانسحاب غير المشروط للقوات الإسرائيلية من المناطق المحتلة، وأرسلت بعد ذلك أربعة آلاف من قوات حفظ السلام إلى لبنان. سلم الإسرائيليون المناطق المحتلة إلى ضابط مسيحي مرتزق يُدعى سعد حداد وقواته تحت مسمى “جيش لبنان الجنوبي”. هذا الضابط المتمرد من جيش لبنان وضع 700 ميل مربع من المناطق المحتلة في الجنوب تحت سيطرة النظام الإسرائيلي تحت عنوان “لبنان الحر”. في عام 1980، قام المسلحون المسيحيون الفالانجيون بتثبيت سلطتهم على منطقة شرق بيروت.
في عام 1982، شنت إسرائيل هجومًا واسع النطاق على لبنان بهدف تدمير أو طرد الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وأيضًا لتقليل الوجود السوري في لبنان، وتقدمت حتى بيروت. في نفس العام، حدث أعظم جريمة ارتكبها الصهاينة، وهي المجزرة الجماعية للفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا في بيروت بالتعاون مع الفالانجيين.
في أكتوبر 1989، وبموجب اتفاق القوى الكبرى وبوساطة من السعودية، اجتمع ممثلو البرلمان اللبناني في مدينة الطائف السعودية ووقعوا اتفاقًا أنهى النزاع والحروب الأهلية الدموية. في هذا الاتفاق، تم إجراء إصلاحات لتعديل النظام السياسي السابق في لبنان، وتم إقامة توازن مستدام بين المسيحيين والمسلمين. منذ ذلك الحين، تم السعي لتأسيس الحكومة والنظام السياسي اللبناني على أساس اتفاق الطائف. بعد توقيع اتفاق الطائف ومع الأخذ في الاعتبار الهدوء النسبي الذي تحقق في البلاد ونزع سلاح الميليشيات وتعزيز الحكومة المركزية، تم إجراء انتخابات جديدة للمجلس في عام 1992 (بعد 20 عامًا).
النظام الصهيوني في عام 2000، عقب 18 عامًا من المقاومة الشجاعة لمقاتلي المقاومة اللبنانية، وعلى رأسهم حزب الله، انسحبت إسرائيل من معظم المناطق المحتلة في جنوب لبنان، وهو ما يُعتبر نجاحًا غير مسبوق في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية. كما يُعتبر انتصار المقاومة الإسلامية في حرب الـ 33 يومًا عام 2006 ضد العدوان الشامل للنظام الصهيوني من المحطات الفارقة في التاريخ المعاصر للبنان. بموجب القرار رقم 1701 لمجلس الأمن، الذي أنهى حرب الـ 33 يومًا، تم نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) في المسافة بين جنوب نهر الليطاني وخطوط الحدود مع الأراضي المحتلة[٢].
الحرب الأهلية
الحرب الأهلية في لبنان لها مراحل، وكل مرحلة تتميز بخصائصها الخاصة التي تعود بشكل أكبر إلى التحولات الإقليمية. يُطلق على سنوات 1975 و1976 ميلادي الحرب الأهلية اللبنانية اصطلاحًا الحرب ذات السنتين. تم نشر العديد من الكتب حول الحرب ذات السنتين، وتحولت مقالات صحف السفیر والنهار في هذين العامين إلى كتب. تُعتبر هاتان السنتان نواة الحرب الأهلية اللبنانية.
في صيف 1976 ميلادي، تدخل الجيش السوري لأول مرة مباشرة في شؤون لبنان. بجهود الإمام موسى الصدر ومفاوضاته مع الجامعة العربية ومصر والسعودية وسوريا، تقرر نشر قوات ردع عربية لإنهاء الحرب الأهلية في لبنان. في أواخر عام 1976 ميلادي، بعد نشر قوات ردع عربية في لبنان، والتي كانت معظمها وحدات من الجيش السوري، توقفت الحرب فعليًا. اعتقد الجميع أن الحرب قد انتهت، لكن هذا الهدوء لم يدم طويلاً، وظلت أسباب الحرب قائمة. في عام 1977 ميلادي، كانت الأوضاع هادئة، ولكن في مارس 1978 ميلادي، هاجمت إسرائيل لبنان في عملية الليطاني الأولى، واحتلت جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، باستثناء مدينة صور.
بعد حرب أكتوبر 1973 ميلادي، تهيأت الأجواء للسلام بين مصر وإسرائيل، وتم إخراج مصر من ساحة الصراع مع إسرائيل. في ذلك الوقت، أقام هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، وقف إطلاق النار بين الجيش المصري وإسرائيل، وتم نشر قوات متعددة الجنسيات بين الجيشين. للمرة الأولى، بدأت المفاوضات في الكيلومتر 101 بسويس، بين الجيش المصري وإسرائيل. في عام 1978 ميلادي، زار أنور السادات القدس المحتلة وألقى خطابًا في الكنيست الإسرائيلي، وفي النهاية تم توقيع اتفاق سلام كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
بشكل عام، كانت إسرائيل تواجه جبهتين: الجبهة الغربية التي تشمل مصر والدول الداعمة لها مثل السودان وليبيا ودول شمال إفريقيا، والجبهة الشرقية التي تشمل سوريا ولبنان والعراق. بعد توقيع وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل، خرجت مصر، التي كانت أكبر دولة عربية، عمليًا من ساحة الصراع، وركزت إسرائيل كل جهدها على الجبهة الشرقية. كان حافظ الأسد يدرك هذا الوضع الخطير، ورغم كل جهوده، لم يستطع إقناع أنور السادات بالتراجع عن السلام. كان من المتوقع أنه بعد سلام كامب ديفيد وزيارة أنور السادات إلى القدس المحتلة ستحدث حرب. وقد توقع السادات أيضًا أنه في المستقبل القريب سيسيل الدم في لبنان، وقد تحقق ذلك.
في 31 أغسطس 1978 ميلادي، تم اختطاف الإمام موسى الصدر في ليبيا، وخرج من الساحة السياسية في الشرق الأوسط. في عام 1979 ميلادي، حدث الثورة الإسلامية الإيرانية، وتغير ميزان القوى في المنطقة. في عام 1980 ميلادي، بدأت الحرب بين العراق وإيران. في عام 1982 ميلادي، هاجمت إسرائيل لبنان في الحرب الثانية على الليطاني، واحتلت بيروت، وفعليًا، كل لبنان. منذ ذلك العام، دخلت الحرب اللبنانية الإسرائيلية مرحلة جديدة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تقاتل مباشرة في لبنان. شكلت مقاومة الإمام موسى الصدر والدكتور چمران، وانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، وتأسيس حزب الله، ودعم حرس الثورة الإسلامية للمقاومة شكلًا جديدًا. هذه الأحداث أدت إلى بداية جديدة للمقاومة في عام 1982 ميلادي. انتصرت هذه المقاومة بعد 18 عامًا، مع تقديم ألفي شهيد في عام 2000 ميلادي، وطردت الجيش الإسرائيلي من لبنان. مع هذا التقديم القصير، سنتناول أسباب الحرب والمجموعات المشاركة فيها.
آداب و رسوم الناس في لبنان
عند لقاء لبناني والتحية، يجب ألا تتصرف بعجلة.
يختلف لبنان عن جميع الدول ولا يمكن مقارنته بأي دولة أخرى. على الرغم من مساحته الصغيرة ووجود أربعة ملايين نسمة (متوسط عمر سكان لبنان 24.6 سنة)، إلا أنه يتمتع بتنوع ديني ومذهبي وعرقي وأحزاب ومجموعات ووسائل إعلام لا يمكن رؤيتها في أي مكان آخر في العالم.
يشير اللبنانيون إلى نظام بلدهم بـ "النظام الطائفي"؛ وهذا الطائف يعني دينيًا ومذهبيًا وليس عرقيًا.
يُعتبر لبنان من أجمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، حيث يقع بين سوريا وإسرائيل وعاصمته بيروت. يحده 79 كيلومترًا من إسرائيل و375 كيلومترًا من سوريا. يُعتبر لبنان واحدًا من الدول التي تشترك في الثقافة والعادات مع إيران.
آداب الترحيب وكيفية تعامل الناس في لبنان
تتكون طريقة الترحيب لدى اللبنانيين من مزيج مثير للاهتمام من آداب المعاشرة الفرنسية وثقافة المسلمين. الترحيب بالغرباء يتضمن ابتسامة دافئة وصادقة مع مصافحة اليد أثناء قول كلمة "مرحبا" (سلام) وهو أمر محبب. الأصدقاء المقربون عند اللقاء يقبلون بعضهم البعض ثلاث مرات على الخد، وهذا يشبه كثيرًا العادات الفرنسية.
عند لقاء لبناني، يجب ألا تتصرف بعجلة، ومن الضروري الاستفسار عن أحوال العائلة وصحتهم. عند التعامل مع امرأة مسلمة لبنانية، فإن المصافحة غير مستحبة إلا إذا مدت يدها أولاً.
آداب تقديم الهدايا في لبنان
تقديم الهدايا جزء من ثقافة لبنان ولا يقتصر فقط على المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد. قد يقدم اللبنانيون الهدايا كتعويض عن لطف الآخرين، عند العودة من السفر، أو بدافع شخصي. القيمة المالية للهدايا ليست مهمة، بل الأهم هو الشعور بالصداقة الذي تخلقه. إذا تمت دعوتك إلى منزل لبناني، يُفضل إحضار باقة من الزهور، وعند دعوة لتناول الطعام، من المعتاد إحضار الحلويات أيضًا.
إذا كنت تزور عائلة مسلمة، احضر الهدايا فقط للرجال في العائلة. كما أن إعطاء هدايا صغيرة مثل الشوكولاتة للأطفال فكرة جيدة. عند تقديم الهدايا، استخدم اليد اليمنى أو كلا اليدين.
عادات العزاء لدى اللبنانيين
تتميز مجالس العزاء في لبنان بطابعها الخاص. إذا كانت في المسجد، يجلس الناس على الأرض، وإلا في الحسينية أو المنازل، يجب أن تكون هناك كراسي ويجلس الناس عليها. عمومًا، يكون القسم الرجالي والنسائي منفصلين. على سبيل المثال، في القرية، يذهب الرجال إلى مسجد القرية والنساء إلى حسينية القرية أو العكس. في القاعات التي لا يمكن فيها الفصل، يجلس الرجال في المقاعد الأمامية وتجلس النساء خلفهم. عادة ما يتحدث رجل دين، وفي النهاية يقوم بقراءة الروضة. ثم يقوم المداح بقراءة الروضة واللطم. يرتدي معظم الناس الملابس السوداء ويلفّون الشفّية حول رقابهم. الفتيات والنساء غير المحجبات يضعن حجابًا أسود أو شفّية على رؤوسهن ويرتدين ملابس سوداء.
من عادات أيام محرم، إعداد الحليم، وتحريكه بقصد البركة وتلبية الحاجات، وهو اعتقاد لدى الشيعة. الحليم اللبناني عادةً ما يكون بدون سكر وحبوب القمح فيه كبيرة وغير مهروسة. إذا كانت الروضة فقيرة، تُقدم المياه المعدنية، وعصائر الفواكه، وكعك العباس (نوع من الحلويات المحلية الخاصة بمحرم) للمعزين. إذا كانت حالة صاحب المجلس المالية جيدة، فإنه يقدم الطعام أيضًا. عادةً ما تُوزع الكبسة (نوع من الأطعمة اللبنانية المصنوعة من الأرز واللحم) بين المعزين. في كثير من الأحيان، يُقدم الحليم أيضًا. من ناحية أخرى، يتم إعداد نوع من البسكويت الدائري البسيط يُسمى "راحة الحلقوم" ويُقدم للمعزين. بعض المجالس تكون أنيقة جدًا ومخصصة للسياسيين الذين علقوا بين الشيعة والعلمانية. وبعض المجالس الأخرى تكون مكتظة جدًا مع جو من الحماس والبكاء، ويتم اللطم بشكل منتظم وثقيل.
عادات الناس في لبنان خلال شهر رمضان
في شهر رمضان، لدى الناس في لبنان مراسم قرآنية خاصة. في هذه الليالي، يذهب الأفراد إلى الحسينية والمساجد للمشاركة في الليالي القرآنية وحفظ وتجويد القرآن وتلاوته. من العادات الأخرى للناس في لبنان خلال شهر رمضان، تجمع العائلات وتبادل المواضيع الاجتماعية والسياسية والدينية.
الإفطار الخاص بالناس في لبنان
تُعتبر الأطعمة اللبنانية من أفضل الأطعمة في العالم. التبولة والفتوش هما سلطتان لذيذتان جدًا تُقدمان على موائد الإفطار. المقبلات الخاصة في شهر رمضان هي الحمص والمتبل. من الأطعمة الخاصة واللذيذة للبنانيين في الإفطار الكبة والفطائر.
يحتفل الناس في لبنان كل عام بعيد الفطر السعيد وفقًا لعادات قديمة، حيث يتم الاحتفال بالألعاب المختلفة مثل الألعاب النارية، توزيع العيديات على الأطفال، حضور المجالس العائلية والمحلية لتعزيز الألفة وتقديم الأطعمة المحلية.
تُعتبر الألعاب النارية من أهم الألعاب والظواهر في عيد الفطر السعيد في لبنان، حيث يولي الناس أهمية خاصة لإشعال النار، سواء لمشاهدتها أو القفز فوقها أو الدوران حولها.
الذهاب إلى الحدائق والمنتزهات والمناطق الجميلة يجلب لهم السعادة والفرح، خاصةً عندما يرتدون ملابس جديدة وجميلة. مشاهدة الأفلام السينمائية والعروض الكوميدية في هذا اليوم لها مكانة خاصة. كما يخرج بعض الآباء مع أطفالهم بعد أن يرتدوا أفضل ملابسهم للتنزه والمشي.
الأطفال في هذا اليوم يكونون سعداء جدًا، حيث يرتبط هذا اليوم بارتداء الملابس الجديدة. يشتري الآباء أو الأقارب لهم ملابس ويضعونها بجانب سريرهم، وعندما يستيقظون من النوم، يرون ملابسهم، مما يجلب لهم السعادة.
ليلة العيد، بالإضافة إلى كونها مملوءة بالتبريكات والتهاني، تُخصص بعض الدقائق للاستماع إلى الكلمات الدينية، ويُضحكون الأطفال من خلال سرد النكات.
يوم العيد هو يوم تناول الكعك والحلويات التي تُعدّ بالجوز أو الفستق أو التمر بواسطة ربات البيوت. تقوم ربات البيوت بشراء جميع المستلزمات قبل فترة طويلة، وفي يوم العيد يخبزن الكعك والحلويات. لكن بعض النساء العاملات، اللواتي لا يملكن الوقت الكافي لإعداد هذه الحلويات، يشترينها جاهزة.
عادات الناس في لبنان خلال عيد الميلاد
عيد الميلاد هو عطلة رسمية لجميع الناس. لكن العطلة تكون فقط في يوم 25 ديسمبر، أي يوم عيد الميلاد نفسه. كما أن يوم رأس السنة الجديدة هو أيضًا عطلة رسمية. لكن عمليًا، يحصل الطلاب على حوالي عشرة أيام من العطلة بدءًا من عيد الميلاد وحتى بعد رأس السنة.
تحضير الشجرة وتزيينها لعيد الميلاد يُعتبر من الواجبات! حتى أن بعض المسلمين يقومون بذلك في منازلهم أو متاجرهم أو أماكن عملهم. بالطبع، يعتبر جزء صغير من المسلمين ذلك من شعائر المسيحية ويعتبرون مثل هذه الاحتفالات غير شرعية. في ليلة عيد الميلاد، يجتمع الناس عند كبار العائلة ويتناولون العشاء والحلويات. بعض المسيحيين، مثل المسيحيين الغربيين، يعتبرون الديك الرومي المحشي والمشوي من التقاليد. لكن بقية الناس يقضون الليل مع مجموعة متنوعة من الأطعمة والحلويات.
الهيكل السياسي
الحكومة في لبنان هي جمهورية (من نوع ديمقراطية برلمانية) ويؤكد الدستور في هذا البلد على مبدأ فصل السلطات. لقد أدى تنوع المذاهب والطوائف في لبنان على مر التاريخ إلى نشوب حروب وصراعات متعددة، حيث تُعتبر الحروب الأهلية من 1975 إلى 1990 أهم وأطول حرب أهلية في هذا البلد. وقد أدت هذه الطائفية والاضطرابات الناجمة عنها إلى تشكيل نظام سياسي فريد في هذا البلد في إطار الديمقراطية التوافقية.
بعد حوالي 15 عامًا من الحروب الأهلية في لبنان، اجتمعت الأحزاب السياسية اللبنانية بدعوة من السعودية في الطائف، ووقعت اتفاقية الطائف في 30 سبتمبر 1989. بناءً على هذه الاتفاقية، تم تشكيل نظام سياسي جديد، وتم السعي لتوفير مكان لكل الطوائف اللبنانية في الهيكل السياسي للبلاد. تم تقسيم السلطات الثلاث في البلاد بين ثلاث طوائف رئيسية (المسيحيون الموارنة - السنة - الشيعة)، حيث كان منصب رئاسة الجمهورية من نصيب الموارنة، ورئاسة الوزراء من نصيب السنة، ورئاسة البرلمان من نصيب الشيعة. نظرًا لأن المسيحيين الأرثوذكس يشكلون العدد الثاني داخل الطائفة المسيحية في لبنان، فإن نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس البرلمان يُنتخبون من هذه الطائفة.
تم النظر في هذا التقسيم أو بالأحرى التوزيع الطائفي بشكل أكثر تفصيلاً في البرلمان اللبناني، حيث تم أخذ حصة الطوائف الأخرى في لبنان، وخاصة الأقليات، بعين الاعتبار. يتكون البرلمان اللبناني من 128 عضوًا، يتم تقسيمهم بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين وفق نظام "المناصفة". وقد تم تنفيذ هذا التقسيم النسبي داخل كل من الطائفتين المسيحية والمسلمة، وتم تخصيص حصة لكل من 18 طائفة لبنانية وفقًا لعدد سكانها. وفقًا للدستور، يتم انتخاب النواب عن طريق الاقتراع المباشر من قبل الشعب لمدة أربع سنوات.
يتم انتخاب رئيس الجمهورية، الذي يُعتبر رئيس الدولة، من قبل النواب بأغلبية ثلثي الأصوات لمدة ست سنوات. بعد التشاور مع النواب، يُعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء بناءً على اقتراح أغلبية نصف زائد واحد من النواب، ويتعين عليه تشكيل الحكومة.
في عام 2008، وفي إطار اتفاق الدوحة، تمكنت المعارضة أو الأقلية السياسية آنذاك من الحصول على 11 مقعدًا من أصل 30 وزارة كـ "ثلث ضامن" في الحكومة، مما أتاح لها إسقاط الحكومة في أي وقت تريده. تم استخدام هذا الحق عمليًا في عام 2010، مما أدى إلى سقوط حكومة سعد الحريري.
الهيكل العام للحكومة اللبنانية
- يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيًا مارونيًا. - يجب أن يكون رئيس الوزراء مسلمًا سنيًا. - يجب أن يكون رئيس البرلمان مسلمًا شيعيًا.
هذا الترتيب جزء من الميثاق الوطني، الذي هو اتفاق غير مكتوب تم التوصل إليه في عام 1943 خلال اجتماع بين أول رئيس للجمهورية اللبنانية (ماروني) وأول رئيس وزراء للبنان (سني). على الرغم من أن هذا الاتفاق لم يتم تضمينه في الدستور اللبناني حتى عام 1990 بعد الاتفاق الطائفي. يتضمن هذا الميثاق تعهد المسيحيين بعدم السعي للحصول على دعم فرنسا والاعتراف بالوجه العربي للبنان، كما تعهد المسلمون بالاعتراف بشرعية استقلال الدولة اللبنانية وحدودها التي تم تحديدها في عام 1920، وعدم السعي للاتحاد مع سوريا.
ظل هذا الميثاق ساريًا كحل مؤقت حتى تشكيل الهوية الوطنية اللبنانية. بسبب شعور المسلمين بالحاجة إلى الاتحاد مع الدول العربية، كان هذا الميثاق يبدو حلاً مؤقتًا. من جهة أخرى، رفض المسيحيون هذا الميثاق واقترحوا لاحقًا النظام الفيدرالي وتعاونوا مع إسرائيل. استمر لبنان في وجوده، ولا تزال آثار الحروب الأهلية تلقي بظلالها على السياسة اللبنانية.
كما ينص هذا الميثاق على أن مقاعد البرلمان تُخصص لجميع المذاهب، أي بنسبة 6 مسيحيين إلى 5 مسلمين، بناءً على إحصاء عام 1932 الذي كان فيه عدد المسيحيين أكبر قليلاً. وقد ساوى اتفاق الطائف هذه النسبة بحيث يكون لكل من المجموعتين الدينية حق متساوٍ. الآن، زاد عدد المسلمين، خاصة مع وجود الفلسطينيين، لكن معظم الجماعات في لبنان راضية عن هذا الحق في المساواة.
يمنح الدستور اللبناني الشعب حق تغيير حكومته. ومع ذلك، من منتصف السبعينيات حتى الانتخابات البرلمانية عام 1992، منعت الحرب الأهلية اللبنانية تنفيذ الحقوق السياسية. وفقًا للدستور، يجب إجراء الانتخابات المباشرة كل أربع سنوات. تم إجراء آخر انتخابات برلمانية بعد اغتيال رئيس الوزراء الحريري، وشهدت معادلة القوة تغييرات كبيرة بفوز المعارضين لوجود سوريا في لبنان واستحواذهم على معظم مقاعد البرلمان. تم تغيير تركيبات البرلمان بواسطة هؤلاء. تم تشكيل تركيبة البرلمان بناءً على الهوية الدينية والعرقية، على عكس القضايا الإيديولوجية. غيّر اتفاق الطائف تقسيم مقاعد البرلمان بعد إنهاء الحرب الأهلية. تعكس الطائفية الهيكل الاجتماعي في لبنان. يعتمد الهيكل التقليدي للسلطة السياسية في لبنان على التوازن الطائفي، حيث تشكل مجموعة متنوعة من الطوائف الهيكل السياسي للبنان. يتمتع لبنان بتعدد المذاهب، ويعترف بـ 17 فرقة دينية: 11 فرقة مسيحية (موارنة، أرثوذكس، كاثوليك، أرمن أرثوذكس، أرمن كاثوليك، بروتستانت، سريان أرثوذكس، سريان كاثوليك، لاتينيون، كلدانيون، ونسطوريون)، 5 فرق إسلامية (شيعة، سنة، دروز، علويون، وإسماعيليون) وفرقة يهودية واحدة، والتي تُعتبر من الأقل أهمية. إن جوهر عدم الاستقرار في لبنان هو الطائفية التي تسود هذا البلد.
في هذا النظام، تُقسم المناصب الحكومية، والخدمات العامة، والجيش، والسلطة القضائية بناءً على الانتماءات الطائفية والدينية، وليس بناءً على المزايا والكفاءات. وبالتالي، فإن الولاءات الطائفية تتفوق على الولاءات الوطنية. وفقًا لأحدث الإحصاءات الرسمية، شكل المسيحيون 51% من إجمالي سكان البلاد في عام 1932، وهو الوقت الذي كانت فيه فرنسا تحكم هذا البلد. وفقًا لهذه الإحصاءات، كان الموارنة أكبر طائفة فردية بنسبة 29%، يليهم السنة بنسبة 22%، والشيعة بحوالي 20%. وفقًا للدستور اللبناني، يجب أن يُنتخب رئيس الجمهورية من بين الموارنة، ورئيس الوزراء من بين السنة، ورئيس البرلمان من بين الشيعة، ويجب أن يُختار عدد من وزراء الحكومة من بين الطوائف المهمة الأخرى مثل الأرثوذكس والكاثوليك اليونانيين والدروز.
لكن دائمًا ما يُطرح السؤال: كيف أنه منذ إحصاء عام 1932، الذي حصل فيه الموارنة على الأغلبية، لم تُجرَ أي إحصائيات رسمية أخرى؟ في حين أن المسؤولين اللبنانيين يمكنهم الوصول إلى إحصاءات سجلات الهوية أو الإحصاءات الانتخابية والمستندات، يبقى هذا الشك قائمًا في أن هذا الصمت في تحديد وإعلان التغييرات في التركيبة السكانية للطوائف المختلفة لا يخدم إلا المسيحيين على حساب المسلمين. في الوقت الحالي، وبالنظر إلى الإحصاءات غير الرسمية والمستندات المتاحة، يُطرح ادعاء بأن الشيعة يشكلون الأغلبية.
الأديان والمذاهب
المذهب في لبنان ليس مجرد اعتقاد شخصي مع طقوس وعبادات خاصة، بل هو عنصر يحدد الخصائص السياسية والاجتماعية في لبنان. بناءً على ذلك، أصبح المذهب عبر النظام الطائفي في لبنان جزءًا من تقسيم السلطة والمنافع والمناصب التنفيذية، مما جعله أساسًا للسياسة في هذا البلد. العدد الدقيق لاتباع المذاهب المختلفة في لبنان كان دائمًا موضع جدل، ومنذ عام 1932 وحتى اليوم، لم يتم إجراء إحصاء دقيق في هذا المجال، حيث اكتفت الحكومة اللبنانية بنشر إجمالي عدد سكان البلاد دون ذكر أعداد أتباع كل مذهب.
تُظهر الطائفية هيكل المجتمع اللبناني. يتمتع لبنان بتعدد المذاهب ويعترف بسبعة عشر طائفة دينية: إحدى عشرة طائفة مسيحية (مارونية، أرثوذكسية، كاثوليكية، أرمنية أرثوذكسية، أرمنية كاثوليكية، بروتستانت، سريانية أرثوذكسية، سريانية كاثوليكية، لاتينية، كلدانية، ونستورية)، وخمس طوائف إسلامية (شيعة، سنة، دروز، علويون، وإسماعيليون) وطائفة يهودية تُعتبر من أقل الطوائف أهمية[٣].
يشكل المسلمون والمسيحيون أكبر مجموعتين دينيتين في لبنان، حيث يمثل المسلمون حوالي 60% والمسيحيون 40% من سكان البلاد؛ ومع ذلك، فإن هذه النسب متغيرة، وقد يُذكر أن نسبة المسلمين تصل إلى 63%. الأمر المؤكد هو أن عدد المسلمين قد ازداد منذ استقلال لبنان وحتى اليوم، بينما انخفض عدد المسيحيين لأسباب متعددة، منها الهجرة. يتكون المسلمون في لبنان من الشيعة (الإثنا عشرية)، والسنة، والدروز، والعلويين، والإسماعيليين، بينما يتكون المجتمع المسيحي من الكاثوليك المارونيين، والأرثوذكس اليونانيين، والكاثوليك اليونانيين، والأرمن الأرثوذكس، والأرمن الكاثوليك، والكاثوليك الروم، والآشوريين، والبروتستانت، والأقباط. يُعتبر اليهود أقلية صغيرة جدًا تعيش غالبًا في بيروت. في لبنان، توجد أربع قوميات رئيسية تُعتبر حصتها في المجتمع الوطني، وهي القوميات المسيحية المارونية، والدروز، والسنة، والشيعة. حصص القوميات في لبنان هي: ماروني 18%، سني 24%، شيعي 27%، ودروز 6%[٤].
بين المسلمين، يُعتبر الشيعة أكبر مجموعة دينية إسلامية في لبنان، حيث يمتلكون 35% من السكان (تقدير عام 1990) وقد تصل هذه النسبة إلى 41%، مما يجعلهم يشكلون أغلبية مطلقة في النظام الديني في البلاد. تُعتبر مدينة صور في محافظة الجنوب وبعلبك في محافظة البقاع من أهم المدن الشيعية. طرابلس تتمتع بأغلبية سنية وأقلية مسيحية، وصيدا تتمتع بأغلبية سنية ضعيفة مع أقلية مسيحية، بينما بيروت بها أغلبية مارونية وسنية. ومع ذلك، منذ عام 1982، ومع هجرة الشيعة إلى بيروت واستقرارهم في جنوب المدينة، تشكلت هناك كثافة سكانية شيعية كبيرة.[٥]
الاقتصاد
عملة لبنان هي الليرة. قبل الحرب العالمية الأولى، كان يتم استخدام العملة العثمانية المعروفة باسم الليرة العثمانية في لبنان. بعد سقوط السلطنة العثمانية، تم استخدام العملة المصرية لفترة، ولهذا السبب يُطلق على النقود في اللهجة المحلية اللبنانية اسم "مصاري". خلال الاستعمار الفرنسي للمنطقة، تم إنشاء وحدة نقدية موحدة تُعرف باسم الليرة السورية، وكانت مرتبطة بالفرنك الفرنسي، حيث كانت كل ليرة تعادل 20 فرنكًا فرنسيًا، وكانت تُصك بواسطة بنك لبنان وسوريا.
في عام 1924م، بدأت لبنان بإصدار عملتها الخاصة، وفي عام 1926م وُجدت النقود الورقية اللبنانية. في عام 1939م، انفصلت عملة لبنان تمامًا عن سوريا ولكنها ظلت مرتبطة بالفرنك الفرنسي. بعد هزيمة فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية، تحولت الليرة إلى الشلن البريطاني، حيث كانت كل شلن تعادل 8.8 ليرة. بعد الحرب العالمية، ارتبطت الليرة مرة أخرى بالفرنك الفرنسي، وأخيرًا في عام 1949م، حققت استقلالها المالي.
كانت العملات القديمة اللبنانية تتضمن وحدات نقدية رسمية من القروش والفرنك (المعادل لـ 5 قروش) والليرة (المساوية لـ 100 قرش أو 20 فرنك). كانت العملات المعدنية في ذلك الوقت تتضمن 1 قرش، وفرنك (5 قروش)، و10 قروش، و25 قرشًا (المعروفة بالربع) و50 قرشًا (المعروفة بالنص). تم سك الليرة المعدنية في السبعينيات من القرن العشرين. كانت الأوراق النقدية تشمل الليرة، و5 ليرات (المعروفة بـ 5 ورقات)، و10، و25، و50، و100 ليرة.
منذ عام 1983، بسبب الحروب الأهلية، انخفضت قيمة الليرة اللبنانية بشكل كبير، حيث ارتفع سعر الدولار من 3.3 ليرات إلى أكثر من 3000 ليرة (حوالي 900 ضعف). بعد اتفاق الطائف، توقف انهيار الليرة واستقر عند سعر 1500 ليرة مقابل 1 دولار. منذ ذلك الحين، لا يزال هذا السعر هو المعتمد في الاقتصاد اللبناني، مع تغير طفيف في الأرقام الفردية والعشرية، حيث يتراوح بين 1500 و1515.
ومع ذلك، في معظم المتاجر الكبيرة والصغيرة ومحطات الوقود، يتم قبول الدولار بسعر ثابت يبلغ 1500 ليرة. الدولار الأمريكي يعادل 1500 ليرة.
اقتصاد لبنان خاص تمامًا ومبني على نظام رأسمالي واقتصاد حر. يشغل قطاع الخدمات والمصارف أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد.
السياحة
استقبل لبنان في عام 2010 أكثر من 2 مليون سائح أجنبي، وحقق حوالي 7 مليارات دولار من هذه العائدات؛ لكن هذه الأرقام انخفضت في السنوات التالية بسبب الظروف الإقليمية.
الزراعة
يعمل أكبر قسم من قوة العمل في لبنان في قطاع الزراعة. يتمتع جنوب لبنان ومنطقة وادي البقاع في شرق لبنان بأكثر الأراضي خصوبة. وتُعتبر الحمضيات، والزيتون، والعنب، والتفاح، والموز، والتبغ من أهم المنتجات الزراعية المصدرة في لبنان.
الثقافة والتعليم
تحاول معظم الدول العربية دعم وتعزيز التعليم العالي الجامعي. ولهذا السبب، شهدت هذه الدول زيادة في عدد الطلاب من 90,000 طالب في عام 1975 إلى 2.5 مليون طالب في عام 1991. في هذا السياق، ارتفعت نسبة الفتيات والنساء اللواتي يواصلن التعليم العالي من 28% في عام 1975 إلى 37% في عام 1991. على الرغم من زيادة عدد الطلاب الذين يدرسون في فروع العلوم الأساسية والهندسة والطب، إلا أن عدد الطلاب الذين يدرسون في مجالات العلوم الإنسانية لا يزال أكبر.
ومن جهة أخرى، تظهر الإحصاءات أن نسبة الطلاب العرب الذين يكملون تعليمهم الجامعي في الدول الغربية في تزايد؛ على سبيل المثال، أكثر من 60% من الطلاب الجزائريين والمغاربة والتونسيين يدرسون في الخارج، وغالبًا في أوروبا وخاصة في فرنسا، و50% من طلاب الدول مثل السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة الذين يدرسون في الخارج هم في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك، فإن النقطة التي تستحق الانتباه في جميع مراحل التعليم، من الابتدائي إلى الجامعي، هي أن مشاركة النساء والفتيات في الدول العربية لا تزال ضئيلة، والفجوة بين الرجال والنساء كبيرة جدًا.
الهوامش
- ↑ آشنایی با لبنان :: اوضاع جغرافیایی، فرهنگی و اجتماعی :: لبنان در یک نگاه به نقل از ویکی شیعه
- ↑ برای اطلاع بیشتر به سایت الکوثر مراجعه نمایید
- ↑ أسد اللهي، مسعود، من المقاومة إلى النصر، طهران، مؤسسة دراسات وأبحاث أفكار نور، 2000، ص 193-192
- ↑ طاهري، انعكاس الثورة الإسلامية على الشيعة في لبنان، 2009، ص 118
- ↑ للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة موقع حوزة