صعصعة بن صوحان

صعصعة بن صوحان: كان من المخضرمين الذي أدرك عهد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ولم يره، وهو عظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق ما فتق، ويفتق ما رتق، قليل النظير، سيّداً من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحاً خطيباً عاقلاً، لسناً ديّناً، فاضلاً بليغاً. كان هو وأخواه: زيد بن صوحان و سيحان بن صوحان من خطباء العرب المشهورين، وكان من شيعة علي عليه السلام. وكان عصر خلافة عمر هو بداية ظهور شخصيته الاجتماعية والعلمية، ومع أنّنا لا نعرف الكثير عن تاريخ حياته في عهد عثمان، إلّا أنّه يبدو أنّ عثمانَ لم يكن راضياً عنه، فقام آخر الأمر بإبعاده إلى الشام. واشترك صعصعة في حرب الجمل، وكان معه أخواه: زيد وسيحان، وبعد استشهادهما حمل لواء قبيلته بيده. واشترك أيضاً وقعة صفين. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وذكره ابن عبد البر وغيره ضمن كتبهم المعدّة لذكر الأصحاب، وعبّروا عنه بأنّه كان مسلماً على‏ عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ولكنّه لم يلقه ولم يره، ولذلك عدّه ابن حجر وغيره من المخضرمين و التابعين. ووثقه جميع الرجاليين من الشيعة وأهل السنة إلا الجوزجاني الذي كان من الخوارج.

صَعْصَعَة بن صُوحان بن حُجر (... ــ بعد 40ق)

من الرواة المشتركين.
كنيته: أبو طَلْحة، أبو عمرو، أبو عِكْرمة.
نسبه: العبدي.
لقبه: الكوفي.
طبقته: الثانية (مخضرم).
كان هو وأخواه: زيد وسيحان من خطباء العرب المشهورين، ومن قبيلة عبد القيس، وكان من شيعة علي عليه السلام. وقد عُرف أبناء عبد القيس أو قبيلة العبدي بأ نّهم أُسرة شيعية.
وكان صعصعة سيّداً من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحاً خطيباً عاقلاً، لسناً ديّناً، فاضلاً بليغاً، يُعدّ في أصحاب علي‏عليه السلام.
وكان عصر خلافة عمر هو بداية ظهور شخصيته الاجتماعية والعلمية، يقول ابن عبد البرّ: «وصعصعة بن صوحان هذا هو القائل لـ عمر بن الخطاب حين قسم المال الذي بعث به إليه أبو موسى‏ - وكان ألف ألف درهم - وفضلت منه فضلة، فاختلفوا عليه حيث يضعها، فقام خطيباً فحمد اللَّه وأثنى‏ عليه، وقال: أيّها الناس، قد بقيت لكم فضلة بعد حقوق الناس، فما تقولون فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان - وهو غلام شاب - فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ ما تشاور الناس فيها لم ينزل اللَّه فيه قرآناً، أمّا ما أنزل اللَّه به من القرآن ووضعه مواضعه، فضعه في مواضعه التي وضع اللَّه تعالى‏ فيها، فقال: صدقت».
ومع أنّنا لا نعرف الكثير عن تاريخ حياته في عهد عثمان، إلّا أنّه يبدو أنّ عثمانَ لم يكن راضياً عنه، فقام آخر الأمر بإبعاده إلى الشام يقول ابن عساكر: «قام صعصعة إلى‏ عثمان بن عفان وهو على المنبر، فقال: يا أمير المؤمنين، ملتَ فمالت أُمَّتُك، اعتدل يا أمير المؤمنين تعتدل أُمّتك».
وأوضح ما وصلَنا من تاريخ حياته السياسية والاجتماعية هو ما يتعلّق بعهد حكم الإمام علي عليه السلام. ولقد وصلت معرفته وحبّه لأمير المؤمنين عليه السلام حدّاً حتّى‏ قال الإمام الصادق عليه السلام: «ما كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من يعرف حقّه إلّا صعصعة وأصحابه». وقال له علي عليه السلام عندما عاده يوماً: «كنت ما علمتك لخفيف المؤونة، حسن المعونة»
وعندما بويع الإمام علي عليه السلام قام فقال: «واللَّه يا أمير المؤمنين، لقد زيّنتَ الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، ولهي إليك أحوج منك إليها».
واشترك صعصعة في حرب الجمل، وكان معه أخواه: زيد وسيحان، وبعد استشهادهما حمل لواء قبيلته بيده. وفي وقعة صفّين لمّا منع جيشُ الشام أهلَ العراق الماء، قال أمير المؤمنين‏عليه السلام لصعصعة بن صوحان: «إئت معاوية فقل له: إنّا سرنا إليكم لنعذر قبل القتال، فإن قبلتم كانت العافية أحبّ إلينا، وأراك قد حلتَ بيننا وبين الماء، فإن كان أعجب إليك أن ندع ما جئنا له، ونذر الناس يقتتلون على الماء حتّى‏ يكون الغالب هو الشارب فعلنا».
وذكر العلائي في أخبار زياد: أنّ المغيرة نفى‏ صعصعة بأمر معاوية من الكوفة إلى‏ جزيرة أوالي البحرين، وقيل: إلى‏ جزيرة ابن كافان، فمات بها، وأنشد له المرزباني:
هلا سألت بني الجارود أيّ فتىً‏
عند الشفاعة والبان ابن صوحانا
كنّا وكانوا كأُمٍّ أرضعت ولداً
عقّ ولم تجز بالإحسان إحسانا.
وقال له معاوية بعد كلام طويل تعرّض بالحسن بن علي: ولقد هممت أن أبعث إليه... فقال له صعصعة: إي واللَّه، وجدتهم أكرمكم جدوداً، وأحياكم حدوداً، وأوفاكم عهوداً، ولو بعثت إليه لوجدته في الرأي أريباً، وفي الأمر صليباً، وفي الكرام نجيباً، يلذعك بحرارة لسانه، ويقرعك بما لاتستطيع إنكاره. فقال له معاوية: واللَّه لأجفيك عن الوساد، ولأُشرّدنّ بك في البلاد، فقال له صعصعة: واللَّه إنّ في الأرض لسعة، وإنّ في فرقك لدعة.
وطلب معاوية يوماً من عقيل بن أبي طالب أن يصف له أصحاب علي عليه السلام، وأن يبدأ بآل صوحان، فقال: «أمّا صعصعة فعظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق ما فتق، ويفتق ما رتق، قليل النظير...».
وروى‏ المسعودي عن ابن عباس، قال: «أنت يا بن صوحان، باقر علم العرب».

موقف الرجاليّين منه

ذكره ابن عبد البر وغيره ضمن كتبهم المعدّة لذكر الأصحاب، وعبّروا عنه بأنّه كان مسلماً على‏ عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ولكنّه لم يلقه ولم يره، ولذلك عدّه ابن حجر وغيره من المخضرمين و التابعين.
ومن بين علماء أهل السنة انفرد الجوزجاني فضعّفه، إلّا أنّ الذهبي - بعد أن أشار إلى‏ تضعيف الجوزجاني له وعدّه من الخوارج - خطّأه، معتبراً صعصعة ثقةً معروفاً. كما ووثّقه ابن حجر، ونقل توثيق ابن سعد، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وعدّه الشيخ الطوسي و النجاشي والبرقي من أصحاب علي عليه السلام ورواته. واعتبره العلامة الحلي عظيم القدر، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. وعدّه الأردبيلي عظيم القدر؛ استناداً إلى‏ ثناء الإمام الصادق عليه السلام عليه. وقال المامقاني: «لا شبهة في كونه من أجلّاء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وثقاتهم وعظمائهم».

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام علي عليه السلام. وروى‏ أيضاً عن ابن عباس وعثمان.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: أبو إسحاق السُبَيعي، الشعبي، عبداللَّه بن بُرَيدة، مالك ابن عمير. ووردت رواياته في بعض الجوامع الروائية لأهل السنّة؛ كسنن النسائي وأبي داود.

من رواياته

من أشهر رواياته في المصادر الشيعية هي رواية عهد الإمام علي عليه السلام إلى‏ مالك الأشتر. وممّا ورد في هذا العهد: «من عبداللَّه أمير المؤمنين إلى‏ نفر من المسلمين. سلام عليكم، فإنّي أحمد إليكم اللَّه الذي لا إله إلّا هو. أمّا بعد: فإنّي قد بعثت إليكم عبداً من عباد اللَّه، لاينام أيّام الخوف، ولاينكل عن الأعداء حذارَ الدوائر، لا ناكلٌ من قدَم، ولا واهٍ في عزم...».
وعنه، قال: قلت لعلي: أنهنا عمّا نهاك عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، قال: «نهاني عن الدباء، والحنتم، وحلقة الذهب، ولبس الحرير، والقسي، والميثرة الحمراء».

وفاته

توفّي صعصعة في عهد معاوية، بعدما نفاه المغيرة بن شعبة إلى‏ الشام، إلّا أنّ البخاري قال: أدرك خلافة يزيد.