الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المنجزية والمعذرية»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) |
(لا فرق)
|
مراجعة ١٥:٠٩، ١٢ سبتمبر ٢٠٢١
المنجزية والمعذرية: المنجزية هو حكم العقل بلزوم امتثال ما قامت عليه الحجة من تكليف، واستحقاق العقوبة على المخالفة فيما لو تخلف المكلّف عن العمل على وفقها؛ والمعذرية هو حکم العقل بعدم العقاب حين انکشاف الخلاف کما إذا شرب المايع الفلاني باعتقاد أنه ماء فانکشف أنها خمر.
تعريف المنجزية والمعذرية لغةً
1 ـ المنجزية: المنجِز (بالكسر) في اللغة: هو انقضاء الشيء وإتمامه.
يقول في الصحاح: نَجِزَ الشيءُ بالكسر يَنْجَزُ نَجَزا، أي: انقضى وفَني[١]. وفي لسان العرب: نَجِزَ ونَجَزَ الكلامُ: انقطع ونَجَزَ الوعْدُ يَنْجُزُ نجْزا حَضَر، وقد يقال: نَجِزَ، قال ابن السكيت: كأَنَّ نَجِزَ فَنِيَ وانقضى وكأَنَّ نَجَزَ قَضَى حاجَتَه[٢].
2 ـ المعذرية: المُعَذّر في اللغة: الذي يعتذر من تقصير بغير عذر. وفي الصحاح: «المُعَذّر (بالتشديد) هو المظهر للعذر اعتلالاً من غير حقيقة له في العذر»[٣]. وفى تاج العروس: «هو الَّذِي لا عُذْرَ لهُ، ولكن يَتَكَلَّفُ عُذْرا»[٤].
تعريف المنجزية والمعذرية اصطلاحاً
1 ـ المنجزية
ومعنى المنجزيّة في اصطلاح الاُصوليين هو: حكم العقل بلزوم امتثال ما قامت عليه الحجة من تكليف، واستحقاق العقوبة على المخالفة فيما لو تخلف المكلّف عن العمل على وفقها [٥].
ومثاله: إذا قطع المكلّف بوجوب شيء، فإنّ التكليف يتنجّز عليه فيجب عليه الإتيان بهذا الواجب، وإذا لم يأت به فإنّه يستحقّ العقاب، مثلاً إذا قطع بأنّ صلاة الآيات واجبة ولم يأت بها فإنّه يستحقّ العقاب[٦].
2 ـ المعذرية
إمّا أنّها تعني عدم ثبوت حق الطاعة للمولى على العبد عقلاً، ففي هذه الحالة يخرج عن نطاق حكم العقل بوجوب الامتثال، إذ لا حقّ طاعةٍ للمولى في حالة عدم انكشاف التكليف ولو انكشافا احتماليا [٧].
أو تعني قبح عقاب المولى ومؤاخذته للعبد عند مخالفته له في التكاليف غير المقطوعة خاصّة[٨].
ومثال ذلك: لو كان المكلّف قاطعا بأنّ السائل الذي أمامه ماء وشرب منه وتبين بعد ذلك أنّه خمر، فإنّه لا يكون مستحقّا للعقاب ولا تصحّ عقلاً معاقبته فيما لو كان مخالفا للحكم الواقعي؛ لأنّه كان قاطعا بأنّ هذا ماء وبطبيعة الحال عدم حرمة شرب الماء؛ لأنّه مباح[٩].
أقسام المنجزية والمعذرية
تنقسم كلّ من المنجزية والمعذرية إلى قسمين:
الأوّل: المعذرية والمنجزية التخييريتان
المراد من المنجزية والمعذرية التخييريتين أنّ كلّ واحدة من الأمارتين منجزة للواقع على تقدير الإصابة، وأنّ كلّ واحدة منهما معذرة على تقدير الخطأ. فإنّ مقتضى الأخبار العلاجية حجّيّة الراجح تعيينا، وحجّيّة المتعادلين تخييرا. وبناء عليه، فلا بدّ من تصوّر التخيير على الطريقية، حتّى يحكم بالتخيير في صورة التعادل. ومثاله: ورود أمارتين متعارضين إحداهما تقول: بوجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة والاُخرى تقول: بوجوب صلاة الجمعة، فالمكلّف حينئذٍ مخير بامتثال أيّهما شاء، فتكون منجزة عند الإصابة ومعذرة عند الخطأ.
الثاني: المعذرية والمنجزية التعينيتان
المراد منهما أنّ الامارة الواحدة، تكون منجزة للواقع عند الإصابة، ومعذرة عن الخطأ في إصابة الواقع ومثاله: إذا قامت أمارة على وجوب صلاة ما، فإنّها تكون منجزة عند الإصابة ومعذرة عن الخطأ، بناء على أنّ الأمارة طريق إلى الواقع[١٠].
حكم المنجزية والمعذرية
1 ـ منجزية ومعذرية القطع والاحتمال والظنّ
أ ـ منجزية القطع والظنّ والاحتمال
بناءً على مسلك حق الطاعة الذي يذهب إليه الشهيد الصدر قدسسره فالمنجزية ثابتة للقطع بتكليف المولى ولازم له لا تنفك عنه، ولكنّها غير لازمة للظنّ والاحتمال وتنفك عنهما، ويمكن أن يرد ترخيص من الشارع فيهما، فيمكن للمولى أن يتدخل بحكم ظاهري ويجرّد الظن والاحتمال عن المنجزية[١١].
وأمّا بناءً على مسلك المشهور القائل: بـ قبح العقاب بلا بيان، بمعنى: اختصاص حق الطاعة بالتكاليف المقطوعة، فإنّ موضوع المنجزية هو انكشاف التكليف بـ القطع خاصّة دون غيره من درجات الانكشاف الاُخرى[١٢].
ب ـ معذرية القطع والظنّ والاحتمال
أمّا بالنسبة لمعذرية القطع يوجد اتّفاق في كلا المسلكين على أنّ القطع بعدم التكليف يكون معذرا للمكلّف[١٣]، ويأتي الاختلاف في الظنّ بالتكليف واحتماله، فبناء على مسلك حقّ الطاعة يكونان منجزين للتكليف[١٤]، وبناءً على مسلك قبح العقاب بلا بيان لا يكونان منجزين للتكليف، بل يكونان معذرين[١٥].
2 ـ منجزية العلم الإجمالي
المراد من العلم الإجمالي: هو العلم بالجامع مع الشكّ في انطباق الجامع على أحد أطرافه. كما لو علمنا بوجوب صلاة ما في ظهر يوم الجمعة، وترددت هذه الصلاة بين كونها صلاة الظهر أو صلاة الجمعة[١٦]. بعد ما اتّضح لنا معنى العلم الإجمالي يمكننا القول: بأنّ تفصيل الكلام فيه يتطلّب منّا بيان أمرين:
الأوّل: منجزية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية
لا خلاف يُعتد به بين الاُصوليين ـ سواء على مسلك حقّ الطاعة أم على مسلك قبح العقاب بلا بيان ـ في حرمة المخالفة القطعية للعلم الإجمالي، فالمكلّف ملزم بجميع الأطراف، حيث تحرم عليه المخالفة القطعية، فلا بدّ أن يلتزم بمقدار ما يتنجز به الجامع. ومثاله: العلم بوجوب صلاة ما في ظهر الجمعة وهي: أمّا الظهر أو الجمعة دون أن تقدر على تعيين الوجوب في إحداهما بالتحديد[١٧]، ولكن هناك فرق في منشأ الحرمة بين المسلكين:
فبناءً على مسلك حقّ الطاعة الذي يذهب إليه السيّد الصدر قدسسره: فالجامع منجز بالعلم، وكلّ من الخصوصيتين للطرفين منجزة بالاحتمال، وبذلك تحرم المخالفة القطعية، وتجب الموافقة القطعيّة عقلاً [١٨].
وأمّا بناءً على قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي يذهب إليها المشهور: فاللازم رفع اليد عن هذه القاعدة بقدر ما تنجز بالعلم، وهو الجامع، فكلّ من الطرفين لا يكون منجزا بخصوصيته بل بجامعه، وينتج حينئذٍ أنّ العلم الإجمالي يستتبع عقلاً حرمة المخالفة القطعية[١٩].
وعلى هذا فالمسلكان مشتركان في التسليم بتنجز الجامع بالعلم التفصيلي به، ويمتاز مسلك حقّ الطاعة بتنجز الطرفين بالاحتمال.
الثاني: منجزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية
لم يقع الإشكال من أحد من المحقّقين في أنّ العلم الإجمالي منجزٌ لحرمة المخالفة القطعية التي تحصل بترك كلتا الصلاتين معا في المثال المتقدّم، واستحقاق المكلّف للعقاب؛ لأنّ العلم الإجمالي ـ مهما تصوّرناه ـ فهو مشتمل حتما على علم تفصيلي بالجامع بين تكليفين. وإنّما وقع الخلاف على وجوب الموافقة القطعية على قولين:
الأوّل: عدم وجوب الموافقة القطعية وهو المشهور بين الاُصوليين[٢٠]، وهذا ما ذهب إليه كلّ من المحقّق النائيني[٢١]، و السيّد الخوئي[٢٢].
الثاني: القول بأنّه يقتضي بنفسه وبذاته وجوب الموافقة القطعية كاقتضائه لحرمة المخالفة القطعية، وهو ما ذهب إليه المحقّق العراقي[٢٣] والسيّد البروجردي[٢٤] وغيره[٢٥].
3 ـ آثار ولوازم الحجّيّة
ذُكر أنّ لـ الحجية، سواء كانت ذاتية كما هو الحال في العلم، أو مجعولة كما هو الحال في الأمارات أثران، هما:
أ ـ المنجزية بمعنى تنجيز مؤدّى الحجة عند تطابقه مع الواقع.
ب ـ المعذرية بمعنى تعذير المكلّف عند مخالفة مؤدّى الحجة مع الواقع المطلوب من الشارع[٢٦].
المصادر
- ↑ . الصحاح 3: 897، مادّة: «نجز».
- ↑ . لسان العرب 4: 3850، مادّة: «نجز».
- ↑ . الصحاح 2: 741، مادّة: «عذر».
- ↑ . تاج العروس 7: 197، مادّة: «عذر».
- ↑ . الاُصول العامّة في الفقه المقارن: 22، الفوائد الحائرية البهبهاني: 80، دروس في علم الاُصول 1: 187.
- ↑ . دروس في اُصول الفقه الاشكناني 1: 274.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 1: 190.
- ↑ . المحكم في اُصول الفقه 3: 17، الأصول العامّة في الفقه المقارن: 22، الفوائد الحائرية البهبهاني: 80.
- ↑ . دروس في اُصول الفقه الاشكناني 1: 332، شرح الحلقة الاُولى (الحيدري): 108.
- ↑ . نهاية الدراية في شرح الكفاية 5 ـ 6: 304، واُنظر: مسائل من الاجتهاد والتقليد ومناصب الفقيه الهمداني: 98.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 1: 187.
- ↑ . كفاية الاُصول: 258، فرائد الاُصول 1: 29، دراسات في علم الاُصول 3: 15، واُنظر: دروس في علم الاُصول 2: 45.
- ↑ . دروس في اُصول الفقه الأشكناني 1: 275 و338، البيان المفيد (المنصوري) 1: 223.
- ↑ . دروس في علم الأصول 1: 189 ـ 190.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول الشاهرودي 4: 30، درر الفوائد (الحائري): 327 ـ 328.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 1: 147.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 1: 391، فوائد الاُصول 4: 36، درر الفوائد في الحاشية على الفرائد 1: 47، نهاية الأفكار 3: 305 ـ 306، منتقى الاُصول الروحاني 5: 70، القطع (الحيدري): 451.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 1: 391.
- ↑ . فوائد الاُصول 4: 36، درر الفوائد في الحاشية على الفرائد 1: 47، نهاية الأفكار البروجردي 3: 305 ـ 306، منتقى الاُصول (الروحاني) 5: 70، القطع (الحيدري): 451.
- ↑ . حكاه المحقّق العراقي عن المشهور في نهاية الأفكار 3: 331.
- ↑ . فوائد الاُصول 4: 36.
- ↑ . أجود التقريرات 3: 412 و419.
- ↑ . مقالات الاُصول 2: 29 ـ 30.
- ↑ . نهاية الأفكار البروجردي 3: 307 ـ 308.
- ↑ . أنوار الهداية 1: 160.
- ↑ . تحريرات في الاُصول 6: 267، فوائد الاُصول 3: 285، هداية العقول في شرح كفاية الاُصول 4: 123.