مسودة:البعثة النبوية
البعثة النبوية الشريفة مصطلح يطلق على اليوم الذي تم تنصيب فيه النبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم لمقام النبوة والرسالة وتبليغ الإسلام لهداية الناس، في 27 رجب سنة 40 من سنة عام الفيل؛ طبقاً لما هو مشهور عند الإمامية، وكان حينها الرسول صلی الله عليه وآله وسلم في الأربعين من عمره، وكانت شبه الجزيرة العربية في فترة البعثة تشهد اضطرابات أخلاقية واجتماعية وعقدية، وقد عُرف هذا العصر في المصادر الإسلامية بعصر الجاهلية، ومن هنا، بُعِث الرسول من قِبَل الله تعالى لهداية البشر وإنقاذهم من الجهل والضلال، ودعا الرسول الناس سرًا إلى الإسلام في البداية، ولكن مع نزول أولى آيات الوحي، بدأ الرسول دعوته بشكل علني، بناءً على ذلك، دعا أولًا زعماء وقادة قريش إلى الإسلام، وكان الإمام علي (عليه السلام) أول رجل يستجيب لدعوته، والذين عاصروا الرسول الكريم قبل بعثته وحتى وفاته لم يقدّموا لنا تصويراً صحيحاً وواضحاً عن الرسول قبل بعثته بل وحين البعثة، ولعلّ أقدم النصوص وأتقنها هو ما جاء عن ربيب الرسول وابن عمه ووصيّه الذي لم يفارقه قبل بعثته وعاشره طيلة حياته، إلى جانب أمانته في النقل ودقته في تصوير هذه الشخصية الفذة، فقد قال عن الفترة التي سبقت البعثة النبوية وهو يتحدّث عن الرسول (صلَّى الله عليه وآله):(ولقد قرن الله به (صلَّى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثَر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، وقد كان يجاور كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري)[١].
وضع الجزيرة العربية عشية البعثة
شهد العالم في فترة البعثة انهيار إمبراطوريات مثل الساسانيين والروم الشرقية، وكذلك اختلاط ديانات كبرى مثل المسيحية والزرادشتية بالخرافات، كان الناس يعانون من الجهل والظلم، والفوضى والفتن، والمكر والخداع، ووجود قوانين ظالمة، واختلافات طبقية عميقة، وحروب قبلية [٢].وتعصبات باطلة، وعادات وتقاليد خاطئة، ومعاملة سيئة للنساء [٣]. كل هذه كانت من مظاهر تلك الفترة المظلمة. لذلك، وصف القرآن الكريم حالة ذلك الزمان بتعبير "الضلال المبين"[٤]. ويُطلق على هذه الفترة في المصادر الإسلامية "عصر الجاهلية".
الابتداع في الدين
كان الناس من الناحية الدينية مشتتين ومتفرقين، فبعضهم شبه الله بالظواهر الطبيعية، وآخرون نسبوا أسماء وقيمًا حميدة إلى الأصنام[٥]. وقد ابتدع العرب وقريش، كمسؤولين عن الكعبة، بعض الطقوس الدينية؛ مثل ترك الوقوف بعرفة، وإجبار الناس من المناطق الأخرى على شراء واستخدام طعام وملابس خاصة بقريش عند دخول مكة، وتغيير أوقات الأشهر الحرم ومواسم الحج [٦].
عبادة الأصنام
بعد صعود السيد المسيح إلى السماء، لم يبعث أي نبي لهداية البشر لمدة حوالي ٦٠٠ عام[٧].ففي جزيرة العرب، كان الناس يعانون من التشتت في الأمور الدينية والميول الاعتقادية المختلفة، وكانت عبادة الأصنام هي الديانة الأكثر انتشارًا بين العرب، ولقيت قبولًا واسعًا حتى زاد عدد الأصنام بشكل كبير، حيث وُضعت ٣٦٠ صنمًا داخل الكعبة. وكانت أصنام مثل مناة [٨].واللات، والعزى، وهبل[٩].تحظى بمكانة خاصة لدى المشركين.
اليهودية
بالإضافة إلى عبادة الأصنام، كانت اليهودية والمسيحية والثنوية من بين الديانات المنتشرة بين العرب في عصر البعثة، من حيث عدد الأتباع، كانت اليهودية الديانة الثانية في جزيرة العرب، معظم اليهود الذين هاجروا إلى منطقة الحجاز بعد تدمير أورشليم استقروا في مناطق مثل اليمن وأجزاء من الحيرة وغسان، وأثروا على سكان تلك المناطق لاعتناق دينهم. في يثرب، كان وجود يهود بني النضير وبني قريظة وخيبر حول المدينة عاملًا في انتشار دينهم بين قبيلتي الأوس والخزرج، وأصبحت يثرب والمناطق الشمالية مثل خيبر وفدك وتيماء مراكز رئيسية لتجمع اليهود، الذين كانوا من الآراميين والعرب المتحولين إلى اليهودية [١٠]. وقد أدى عناد اليهود إلى مواجهتهم الواضحة أو الخفية لرسول الله والدين الإسلامي الناشئ في مواقف مختلفة، على الرغم من علمهم الكامل ببعثته.
المسيحية
بعد اليهودية، كانت المسيحية الديانة الثالثة الأكثر انتشارًا في جزيرة العرب، وخاصة في منطقة نجران. تذكر بعض الروايات أن شخصيات مهمة من قريش مثل عثمان بن الحويرث، وأسد بن عبد العزى، وورقة بن نوفل[١١].قد اعتنقوا المسيحية. وكان المسيحيون أكثر ليونة في تعاملهم مع دعوة رسول الله مقارنة باليهود، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة المائدة ومدحهم عليه [١٢].
الفكر الصابئي
انتشر الفكر الصابئي كدين في مدينة حران. وكان للصابئة معتقدات متنوعة، مثل الإيمان المفرط بعلم الفلك وارتباط حركات النجوم بمصائر البشر، وكذلك الاعتقاد بأن الملائكة بنات الله« وعبادة الجن[١٣]. أو أحد الأجرام السماوية[١٤].وهذه كانت هذه من معتقدات هذا الدين.
طمانينة النبي ص عند البعثة
فعن الإمام علي بن محمد الهادي (عليهما السلام): أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لمّا ترك التجارة إلى الشام وتصدّق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات كان يغدو كل يوم إلى حراء يصعده وينظر من قلله إلى آثار رحمة الله، وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته وينظر إلى أكناف السماء وأقطار الأرض والبحار والمفاوز والفيافي، فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكّر بتلك الآيات، ويعبد الله حقّ عبادته.
فلمّا استكمل أربعين سنة ونظر الله عزّ وجلّ إلى قلبه فوجده أفضل القلوب وأجلّها وأطوعها وأخشعها وأخضعها أذن لأبواب السماء ففتحت ومحمّد ينظر إليها، وأذن للملائكة فنزلوا ومحمّد ينظر إليهم، وأمر بالرحمة فأنزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغرّته، ونظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوّق بالنور طاووس الملائكة هبط إليه وأخذ بضبعه، وهزّه وقال:يا محمد اقرأ، قال: وما اقرأ ؟ قال يا محمّد (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، .ثمّ أوحى إليه ما أوحى إليه ربّه عزّ وجلّ ثمّ صعد إلى العلو.
ونزل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) من الجبل وقد غشيه من تعظيم جلال الله وورد عليه من كبير شأنه ما ركبه الحمّى والنافض ... وقد اشتدّ عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره ونسبتهم إيّاه إلى الجنون، وإنّه يعتريه شياطين، وكان من أوّل أمره أعقل خلق الله، وأكرم براياه، وأبغض الأشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم، فأراد الله عزّ وجلّ أن يشرح صدره; ويشجّع قلبه، فأنطق الله الجبال والصخور والمدر، وكلّما وصل إلى شيء منها ناداه: السلام عليك يا محمّد، السلام عليك يا وليّ الله، السلام عليك يا رسول الله أبشر، فإنّ الله عزّ وجلّ قد فضّلك وجمّلك وزيّنك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأوّلين والآخرين، لا يحزنك أن تقول قريش إنّك مجنون، وعن الدين مفتون، فإنّ الفاضل من فضّله ربّ العالمين، والكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين، فلا يضيقنّ صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك، فسوف يبلغك ربّك أقصى منتهى الكرامات، ويرفعك إلى أرفع الدرجات، وسوف ينعّم ويفرّح أولياءك بوصيّك عليّ بن أبي طالب، وسوف يبث علومك في العباد والبلاد بمفتاحك وباب مدينة حكمتك: علي بن أبي طالب، وسوف يقر عينك ببنتك فاطمة، وسوف يخرج منها ومن عليّ : الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة، وسوف ينشر في البلاد دينك وسوف يعظّم اُجور المحبّين لك ولأخيك، وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ، فيكون تحته كلّ نبيّ وصدّيق وشهيد، يكون قائدهم أجمعين إلى جنّات النعيم، وهذا بخلاف ما نقله مورخوا أهل السنة من كونه شاكّاً ومضطرباً ـ اضطراباً ناشئاً عن الجهل بحقيقة ما يجري له! وهذه الرواية تصور لنا بأنه كان عالماً مطمئناً متفائلاً بمستقبل رسالته منذ بداية الطريق، وهذه الصورة هي التي تنسجم مع محكمات الكتاب والسنّة والتاريخ [١٥].
الدعوة السريَّة
أقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بمكة ثلاث سنين يَكتُم أمره [١٦]. وهو يدعو إلى توحيد الله عزَّ وجلَّ، وذلك لأن أجواء مكة لم تكن في تلك الظروف المناسبة للمجاهرة بالدعوة علناً، فكان في هذه السنوات يدعو سراً كل من يرى فيه استعداداً لقبول دعوته، ويدعوهم إلى توحيد الله والإقرار بنبوته. وفي هذه المدة تناهى خبره إلى أسماع قريش، فكان إذا مر بملأ من قريش قالوا: إن فتى ابن عبد المطلب ليُكلَّم من السماء. ولكن بما أنه لم يكن يُجاهِر بدعوته في الوسط العام، لذلك لم يكونوا على علمٍ بفحوى دعوته، وبالنتيجة لم يصدر أي رد فعل تجاهه. وفي هذه المدة آمن بدعوته عدد من الأشخاص، ثم إن أحد هؤلاء المسلمين الأوائل وهو الأرقم وضع داره التي كانت تقع عند قاعدة جبل الصفار تحت تَصرُّف الرسول صلى الله عليه واله وسلم، فجعل منها صلى الله عليه واله وسلم بمثابة مقر لهم كانوا يجتمعون فيها أثناء مدة الإستخفاء، إلى أن جاء أمر الله بأن يَصْدَع بالدعوة[١٧]. وكانت أمام الرسول صلى الله عليه واله وسلم نقطتان هامتان في هذه المرحلة وهما:
- بناء النواة الجهادية الأولى للدعوة.
- حماية هذه النواة والمحافظة عليها.
الهدف من بعثة النبي الأكرم ص
قال امير المؤمنين علي عليه السلام في بيان اهذاف بعثته الشريفة: بَعث اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) لِإِنْجَازِ عِدَتِهِ ، وَ إِتْمَامِ نُبُوَّتِهِ ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ ، كَرِيماً مِيلَادُهُ ، وَ أَهْلُ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ ، وَ أَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ ، وَ طَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ ، بَيْنَ مُشَبِّهٍ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ ، أَوْ مُلْحِدٍ فِي اسْمِهِ ، أَوْ مُشِيرٍ إِلَى غَيْرِهِ ، فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ ، وَ أَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ ، ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) لِقَاءَهُ ، وَ رَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ ، وَ أَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا ، وَ رَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى ، فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً ( صلى الله عليه وآله ) ، وَ خَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الْأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا ، إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ ، وَ لَا عَلَمٍ قَائِمٍ [١٨].
أول من أسلم من النساء والرجال
يتفق المؤرخون على أن خديجة عليها السلام أول امرأة آمنت برسالة النبيّ صلى الله عليه واله وسلم، لأنها كانت أول من يطلع على الأمر بعد عودة النبيّ صلى الله عليه واله وسلم من غار حراء. وكذلك الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان عمره آنذاك عشر سنوات، أو اثنتي عشرة سنة. وكون الإمام علي عليه السلام أول الناس إسلاماً يُؤيده الكثير من الأدلة ومنها:
تصريح النبيّ صلى الله عليه واله وسلم بذلك
قال النبي صلى الله عليه واله وسلم في محضر جماعة من المسلمين: "أولكم وروداً عليَّ الحوض، أولكم إسلاماً، علي بن أبي طالب" [١٩]. ونقل كبار العلماء والمحدثين ما يلي: "استنبىء النبي يوم الإثنين وصلى علي يوم الثلاثاء"[٢٠].
تصريح الإمام علي عليه السلام
قال الإمام علي عليه السلام: "لم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة"[٢١]. وتحدث عليه السلام في موضعٍ آخر عن سبقه إلى الإسلام، قائلاً: "اللهم إني أول من أناب، وسمع وأجاب، لم يسبقني إلا رسول الله بالصلاة"[٢٢]. وقد قال هذا الكلام في معرض احتجاجه على خصومه في مناسبات متعددة من دون أن يعترض أحد على ذلك، أو يجرؤ على الإنكار.
تصريح عشرات الصحابة بذلك
أورد العلامة الأميني في كتابه الغدير أقوالاً عن العشرات من كبار الصحابة والتابعين وغيرهم، وعن العشرات من مصادر الفريقين، تؤكد أن أمير المؤمنين عليه السلام هو أول الأمة قاطبةً إسلاماً وإيماناً، ومنها ما رواه عن أحمد بن حنبل أن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم قال: "علي بن أبي طالب أول أصحابي إسلاماً" موسوعة الغدير للعلامة الأميني الجزء الثالث والعاشر. والذي يبدو من النصوص أن علياً عليه السلام سبق خديجة إلى الإسلام لكونه ملازماً للنبيّ صلى الله عليه واله وسلم لا يُفارقه حتى وهو في غار حراء. والسبق إلى الإسلام أفضلية أكد عليها القرآن الكريم مُعلِناً ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾[٢٣].
بعض خصائص النبي ص الشامخة
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) في خطبة له يتحدث فيها عن الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) حيث يقول:..ابْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِيءِ ، وَ الْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ ، وَ الْمِنْهَاجِ الْبَادِي ، وَ الْكِتَابِ الْهَادِي . أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ ، وَ شَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ ، أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ ، وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ .مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ ، وَ هِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ ، عَلَا بِهَا ذِكْرُهُ ، وَ امْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ .أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ، وَ مَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ، وَ دَعْوَةٍ مُتَلَافِيَةٍ ، أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ ، وَ قَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ ، وَ بَيَّنَ بِهِ الْأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ .فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دَيْناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ ، وَ تَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ ، وَ تَعْظُمْ كَبْوَتُهُ ، وَ يَكُنْ مَآبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ ، وَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ ، وَ أَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ ، وَ أَسْتَرْشِدُهُ السَّبِيلَ الْمُ?َدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِهِ الْقَاصِدَةَ إِلَى مَحَلِّ رَغْبَتِهِ [٢٤].
رأفة الرسول (ص)بغير المسلمين
يتجلى مدى الرحمة الإلهية والمحبة لجميع المخلوقات في قوله تعالى: «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»[٢٥]. في هذه الآية الكريمة، تشمل رحمة الله بشكل مطلق أولئك الذين يتمتعون بثلاث صفات: التقوى، إيتاء الزكاة، والإيمان بالله، وليس فقط أمة النبي الخاتم (ص)[٢٦]. من هذه الآية يمكن أن نفهم جيداً أن المؤمنين بالديانات السماوية الأخرى يتمتعون أيضاً برحمة الله، وهذه حُجّة على ضرورة العلاقة البنّاءة معهم من قبل الرسول الأكرم (ص) والمجتمع الإسلامي، خلال حرب تبوك وفتح الشام. وبحسب قوله، بعد وصول الرسول (ص) إلى الشام، لم يكن هناك معارضة له. يعود نجاح محمد (ص) في هذه المرحلة بالدرجة الأولى إلى الرحمة والمروءة التي أظهرهما للمسيحيين وسُحروا بهما إلى الأبد [٢٧].
يتحدث جون ديفنبورت في كتابه «دفاع واعتذار لمحمد والقرآن» عن علاقة النبي (ص) مع غير المسلمين، كتب "جون ب. ناس" أيضاً في كتاب "Man's Religions" عن معاملة الفاتحين المسلمين مع أهالي سوريا: «لم يكن أي من أهل الشام، من اليهود والمسيحيين، مستائين من أي من هذه الأحداث (فتح الشام على يد جيوش الإسلام)، لأنهم سئموا من اضطهاد الرومان وكانوا يائسين من استمرار الحروب الدامية بين روما وبلاد فارس، وقد عاملهم العرب المسلمون بالعدل والإحسان واتبعوا أوامر القرآن الكريم فيهم، فكانوا يعتبرون إذا توقف أهل الشام عن المقاومة فلن يقاتلوهم ولن يسفكوا الدماء، وبهذه السياسة، استسلمت مدينة دمشق عاصمة الشام»Man's Religions, John B. Noss [٢٨][٢٩].
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ السيد رضي، نهج البلاغة ، الخطبة القاصعة: 292
- ↑ عبده، محمد، نهج البلاغه، ج۱، ص۱۶۱، خطبه۸۹،
- ↑ دورانت، ویل، تاریخ تمدن، ج۴، ص۲۰۲-۲۰۴.
- ↑ جمعه/سوره۶۲، آیه۲.
- ↑ عبده، محمد، نهج البلاغه، ج۱، ص۱۹، خطبه۱
- ↑ ابن هشام، محمد بن عبد الملک، السیرة النبویه، ج۱، ص۱۲۹-۱۳۱،
- ↑ طبری، محمد بن جریر، تاریخ طبری، ج۱، ص۶۳۳.
- ↑ ابن کلبی، هشام بن محمد، الاصنام، ص۱۳
- ↑ ابن کلبی، هشام بن محمد، الاصنام، ص۲۷
- ↑ یعقوبی، احمد بن اسحاق، تاریخ یعقوبی، ج۱، ص۲۵۷، دار صار
- ↑ طباطبایی، محمدحسین، المیزان، ج۲۰، ص۳۲۸
- ↑ ابن هشام، محمد بن عبدالملک، السیرة النبویه، ابن هشام، ج۱، ص۲۶۳-۲۶۴
- ↑ شهرستانی، محمد بن عبدالکریم، الملل و النحل، ج۲، ص۳۱۷
- ↑ الشاربی، سید قطب، خصائص التصور الاسلامی، ص۳۸
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار،ج18، ص 207 ،ح 208
- ↑ الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص344.
- ↑ الحلبي، علي بن برهان الدين، السيرة الحلبية، ج1، ص456 457
- ↑ السيد رضي، نهج البلاغة : 44 ، طبعة صبحي الصالح
- ↑ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: بيروت، دار الكتاب العربي، ج2، ص81
- ↑ ابن الأثير، الكامل في التاريخ: دار صادر، بيروت، 1399هـ، ج2، ص57
- ↑ السيد الرضي، نهج البلاغة، الخطبة 192
- ↑ السيد رضي، نهج البلاغة، الخطبة 131
- ↑ الواقعة: 10 11.
- ↑ السيد رضي، نهج البلاغة : 229 ، طبعة صبحي الصالح .
- ↑ الأعراف 156
- ↑ الطباطبائي، محمد حسين، لميزان في تفسير القرآن، ج 8، ص 275
- ↑ دفاع واعتذار لمحمد والقرآن، جون ديفنبورت، صفحة 61 و62
- ↑ النسخة المترجمة إلى اللغة الفارسية: تاریخ جامع ادیان، ص 741
- ↑ المبعث النبوي نقطة عطف، مقتبس من موقع الخامنئي