عبدالله بن عمرو بن العاص

من ویکي‌وحدت

عبدالله بن عمرو بن العاص: كان من الصحابة وأسلم قبل أبيه، وهاجر إلى المدينة بعد سنة سبع، ويقال: كان اسمه العاص فسمّاه رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عبد اللَّه. وقد شهد عبد اللَّه مع أبيه فتح الشام، وشهد معه وقعة صفين، فكان على ميمنة جيش معاوية. وكان بعد ذلك قد ندم ندامة شديدة على قتاله مع معاوية وأنّه كان يقول: ما لي ولصفين؟ ما لي ولقتال المسلمين؟ واللَّه لوددتُ أنّي متُّ قبل هذا بعشر سنين.

عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ( ... ــ 65ق)

وهو ابن وائل السهميّ القرشي، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن. أسلم قبل أبيه فيما ذُكر، وهاجر إلى المدينة بعد سنة سبع، ويقال: كان اسمه العاص فسمّاه رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عبد اللَّه. [١]

من روی عنهم ومن رووا عنه

روى عن النبي، وعن: معاذ بن جبل، و عمر بن الخطاب، و عبد الرحمن بن عوف، وآخرين. وروى عن أهل الكتاب، وأدمن النظر في كتبهم، واعتنى بذلك.
قال ابن حجر: إنّ عبد اللَّه بن عمرو كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب، فكان ينظر فيها ويحدّث منها فتجنّب الاخذ عنه لذلك كثير من أئمّة التابعين [٢] وكان يكتب عن رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أقواله فنهته قريش عن ذلك.

أحاديثه

روى أحمد بن حنبل عنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أُريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنّك تكتب كلّ شيء تسمعه من رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) ورسول الله (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بشر يتكلَّم في الغضب والرضا، فأمسكتُ عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) فقال: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منّي إلَّا حقّ».[٣] وقد شهد عبد اللَّه مع أبيه فتح الشام، وشهد معه وقعة صفين، فكان على ميمنة جيش معاوية.
عن حنظلة بن خويلد العنزي، قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي اللَّه عنه، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد اللَّه ابن عمرو: ليطب به أحدُكما نفساً لصاحبه، فانّي سمعت رسول اللّه يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية: يا عمرو ألا تغني عنّا مجنونك، فما بالك معنا؟ قال: إنّ أبي شكاني إلى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) فقال: «أطع أباك ما دام حياً» فأنا معكم ولست أُقاتل.

ندامته علی قتال المسلمين مع معاوية في صفين

وقد ذُكر أنّه ندم ندامة شديدة على قتاله مع معاوية وأنّه كان يقول: ما لي ولصفين؟ ما لي ولقتال المسلمين؟ واللَّه لوددتُ أنّي متُّ قبل هذا بعشر سنين.
وجاء في: «أُسد الغابة» عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه أنّه كان في مسجد رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) في حلقة فيها أبو سعيد الخدري وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص فمرّ الحسين بن عليّ فسلَّم، فردّ القوم السلام، فسكت عبد اللَّه حتى فرغوا فرفع صوته، وقال: عليكم السلام ورحمة اللَّه وبركاته ثمّ أقبل على القوم فقال: ألا أُخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء، قالوا: بلى، قال: هو هذا الماشي، ما كلَّمني منذ ليالي صفين ولَان يرضى عنّي أحب إليّ من أن يكون لي حمر النعم..، ثمّ قال: إنّ عبد اللَّه دخل على الحسين ليعتذر إليه فقال الحسين: أعلمت يا عبد اللَّه أنّي أحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قال: أي وربّ الكعبة، قال: فما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين فو اللَّه لَابي كان خيراً منّي، قال: أجل، ثمّ ذكر بأنّه اعتذر بأنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قال له: أطع عمرواً.
أقول: ليت ابن عمرو التزم بكلمته هو، وأخذ بما ينصح به الآخرين، ذلك أنّ رجلاً سأله عن تكليفه تجاه معاوية وهو يخالف أحكام الكتاب، فقال: أطعه في طاعة اللَّه واعصه في معصية اللَّه[٤] وإذا كان يطيع رسول اللّه في قوله: «أطع أباك» فلم لا يطيعه في قوله (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

فتاواه وفقاهته

عُدّ من فقهاء الصحابة. وقيل: كان يفتي في الصحابة.
نقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب «الخلاف» ثلاث عشرة فتوى، منها: يجب الغسل على من غسّل ميتاً، وبه قال الشافعي في البويطي، وهو قول علي - عليه السّلام وأبي هريرة، وذهب ابن عمرو وابن عباس و.. إلى أنّ ذلك مستحبّ.

وفاته

توفّي عبد اللَّه في سنة خمس وستين، وقيل: ثلاث وستين، وقيل غير ذلك.

الهوامش

  1. الطبقات لابن سعد 2- 373، تاريخ خليفة 115، الطبقات لخليفة 6 برقم 149، المحبر 293، التأريخ الكبير 5- 5، المعارف 163، المعرفة و التاريخ 1- 251، الجرح و التعديل 5- 116، رجال الكشي 35 برقم 71، الثقات لابن حبّان 3- 210، المستدرك للحاكم 3- 526، حلية الاولياء 1- 283، جمهرة أنساب العرب 163، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 52 برقم 22، رجال الطوسي 23، الخلاف للطوسي 3- 701- 345 2- 88) طبع جماعة المدرسين)، الإستيعاب بذيل الاصابة 2- 338، طبقات الفقهاء للشيرازي 50، أُسد الغابة 3- 233، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 281، مختصر تاريخ ابن عساكر 13- 194 برقم 47، تهذيب الكمال 15- 357 برقم 3450، تاريخ الإسلام (سنة 61 80 ه (41، سير أعلام النبلاء 3- 79، تذكرة الحفاظ 1- 41، العبر 1- 53، غاية النهاية 2- 439 برقم 1835، الاصابة 2- 343 برقم 4847، تهذيب التهذيب 5- 337، تقريب التهذيب 1- 436، شذرات الذهب 1- 73، جامع الرواة 1- 498، تنقيح المقال 2- 226، معجم رجال الحديث 10- 271 برقم 7038.
  2. فتح الباري: 1- 167.
  3. المسند: 2- 162 و أخرجه أبو داود في سننه برقم (3646) من كتاب العلم.
  4. روى مسلم عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: دخلت المسجد فإذا عبد اللّه بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة و الناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال: كنّا مع رسول اللّه ص في سفر .. فاجتمعنا إلى رسول اللّه ص فقال: .. و من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده و ثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر. فدنوتُ منه فقلت له: أنشدك اللّه أنت سمعت هذا من رسول اللّه ص؟ فأهوى إلى اذنيه و قلبه بيديه، و قال: سمعته اذناي و وعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل و نقتل أنفسنا و اللّه يقول: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ وَ لٰا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ بِكُمْ رَحِيماً) قال: فسكت ساعة ثم قال: اطعه في طاعة اللّه و أعصه في معصية اللّه. صحيح مسلم: 12- 474 باب كتاب الامارة (الحديث 1844). و رواه البيهقي في سننه: 8- 169.