معاذ بن جبل

من ویکي‌وحدت

معاذ بن جبل: من أصحاب رسول الله، كان قاضياً عالماً يفقّه الناسَ في الدين ويعلمهم القرآن وله شأن عند رسول الله. شهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدراً وأُحداً والمشاهد كلها مع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم). آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين عبدالله بن مسعود.

معاذ بن جبل (20قبل الهجرة ــ 18ق)

ابن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن. شهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين، وشهد بدراً وأُحداً والمشاهد كلها مع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم). آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين عبدالله بن مسعود. [١]

فقاهته وقضاؤه

ذُكر أنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) استخلف عتّاب بن أُسيد بمكة بعد الفتح، وخلَّف معه معاذاً يفقّه الناس في الدين ويعلمهم القرآن، وكان ذلك حين خرج (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) إلى حُنين، وقيل: بعد وقعة حنين حين اعتمر من الجِعرانة[٢] وقد بعثه رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بعد غزوة تبوك ( سنة تسع ) قاضياً ومرشداً إلى الجَنَد من اليمن، وجاء في وصيته (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) - معاذاً: إنّك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلَّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللّه، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ اللَّه فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فانّه ليس بينها وبين اللَّه حجاب[٣] روى ابن سعد بسنده عن أبي عون محمد بن عبيد اللَّه عن الحارث بن عمرو الثقفي عن رجال، عن معاذ بن جبل، قال: لما بعثني رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) إلى اليمن قال لي: بم تقضي إنْ عَرض قضاء؟ قال: قلتُ: أقضي بما في كتاب اللَّه، قال: فإن لم يكن في كتاب اللَّه؟ قال: قلتُ: أقضي بما قضى به الرسول. قال: فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟ قال: قُلت: أجتهد رأيي ولا آلو قال: فضرب صدري وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسول اللّه لِما يُرضي رسول اللّه.
قال الذهبي عن حديث الاجتهاد[٤] هذا: تفرّد به أبو عون محمد بن عبيد اللَّه الثقفي، عن الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة، وما روى عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول.
ثم نقل قول الترمذي: ليس اسناده عندي بمتصل، وقول البخاري: لا يصح حديثه[٥] ) يعني حديث الحارث بن عمرو ).
قيل: إنّ معاذاً بقي في اليمن إلى أن توفي رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وولي أبو بكر بن أبي قحافة (رضي الله عنه)، فعاد إلى المدينة، وقيل: انّه لم يزل بالجَنَد حتى مات النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) و أبو بكر [٦]، وقد أمّره أبو بكر على عمله، ثم هاجر إلى الشام، ويقال: انّه كان مع أبي عبيدة بن الجراح حين غزا الشام في زمن أبي بكر. ولما أُصيب أبو عبيدة ( في طاعون عمواس ) استخلف معاذاً على الشام، ثم طُعن بعده في هذه السنة.

من روی عنهم ومن رووا عنه

روى معاذ عن رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عدة أحاديث.
روى عنه: أبو قتادة الأنصاري، و أبو ليلى الأنصاري، و أبو أمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن غنم، وآخرون.

فتاواه

وعدّ من المتوسطين من الصحابة فيما رُوي عنه من الفتيا.
قال عمر بن الخطاب حين خطب الناس بالجابية: من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل. وقد نقل عنه الشيخ في «الخلاف» أربع فتاوى.
ومن المسائل الفقهية التي نُقلت عنه: إنّ وقت صلاة الجمعة إذا زالت الشمس.
قال البيهقي: ويذكر هذا القول عن عمر وعلي ومعاذ بن جبل. [٧] وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده 5 - 237 بسنده عن معاذ: انّ النبي جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غزوة تبوك.

وفاته

توفي معاذ بناحية الأُردن، ودفن بالقصير المعيني ( بالغور ) وذلك في سنة ثماني عشرة، عن ثمان وثلاثين سنة على المشهور، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وثلاثين سنة.


الهوامش

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 2- 347، المحبر ص 72، التأريخ الكبير 7- 359، المعرفة و التاريخ 1- 691، الرجال للبرقي 66، الجرح و التعديل 8- 244، مشاهير علماء الامصار 84 برقم 321، الثقات لابن حبان 3- 368، المعجم الكبير للطبراني 20- 28، المستدرك للحاكم 3- 268، حلية الاولياء 1- 228، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 63 برقم 40، رجال الطوسي 27، الخلاف للطوسي 2- 251، الإستيعاب 3- 335 ذيل الاصابة، طبقات الفقهاء للشيرازي 45، المنتظم 4- 264 برقم 210، أسد الغابة 4- 376، تهذيب الكمال 28- 105، سير أعلام النبلاء 1- 443، العبر للذهبي 1- 17، تذكرة الحفّاظ 1- 19، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (175، مرآة الجنان 1- 73، الجواهر المضيئة 2- 415، البداية و النهاية 7- 97، غاية النهاية 2- 301، الاصابة 3- 406، تهذيب التهذيب 10- 186، تقريب التهذيب 2- 55، طبقات الحفاظ ص 15 برقم 9، شذرات الذهب 1- 29، تنقيح المقال 3- 220، الاعلام 7- 258، معجم رجال الحديث 18- 183 برقم 12415.
  2. سيرة ابن هشام: القسم الثاني: ص 500.
  3. مكاتيب الرسول: 1- 226 للَاحمدي.
  4. استعملت كلمة الاجتهاد من قبل كثير من المدارس الفقهية و منها مدرسة أبي حنيفة للتعبير بها عن القاعدة القائلة: إنّ الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكماً شرعياً و لم يجد نصاً يدل عليه في الكتاب و السنّة رجع إلى الاجتهاد بدلًا عن النص. و الاجتهاد هنا يعني التفكير الشخصي، وقد يُعبر عنه بالرأي أيضاً. أي أنّ الاجتهاد بهذا المعنى كان مصدراً للفقيه يصدر عنه و دليلًا يستدل به كما يصدر عن آية أو رواية، و لقي هذا المعنى معارضة من أئمة أهل البيت- عليهم السلام- و الفقهاء الذين ينتسبون إلى مدرستهم. وقد استخدم فقهاء مدرسة أهل البيت مصطلح الاجتهاد منذ القرن السابع و أُريد به الجهد الذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من أدلته و مصادره. و لم يكن عندهم مصدراً من مصادر الاستنباط بل هو عملية استنباط الحكم من مصادره التي يمارسها الفقيه. و الفرق بين المعنيين جوهري للغاية، إذ كان الفقيه على أساس المصطلح الاوّل للاجتهاد أن يستنبط من تفكيره الشخصي و ذوقه الخاص في حالة عدم توفر النص، و أمّا المصطلح الجديد فهو لا يسمح للفقيه أن يبرر أي حكم من الاحكام بالاجتهاد لَانّ الاجتهاد بالمعني الثاني ليس مصدراً للحكم، بل هو عملية استنباط الاحكام من مصادرها. نقلناه باختصار مع بعض التصرف من مقدمة كتاب «دروس في علم الأُصول» للشهيد السيد محمّد باقر الصدر.
  5. ميزان الاعتدال: 1- 439، الترجمة 1635.
  6. انظر كتاب «الاموال»: ص 549 لَابي عبيد القاسم بن سلّام (ت 224). طبع دار الحداثة.
  7. السنن الكبرى: 3- 191.