سلمان الفارسي الرامهرمزي

من ویکي‌وحدت

سلمان الفارسي الرامهرمزي: كان من أ كبر الصحابة، فقيهاً عالماً بالشرائع، لبيباً، زاهداً، متقشّفاً. رحل يطلب دين اللَّه تعالى إلى الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية، ثمّ سمع بأنّ نبياً سيبعث، فقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب، فاستخدموه ثمّ استعبدوه وباعوه حتى وقع إلى المدينة، فسمع بخبر الإسلام، فقصد النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وأظهر إسلامه. وحديث إسلامه ذكره كثير من المحدّثين. آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين أبي الدرداء، وأوّل مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، ثمّ شهد بقية المشاهد.

سلمان الفارسي (... ــ 34ق)

كان يُسمّي نفسه سلمان الإسلام، ويُعرف بسلمان الخير، ويكنّى: أبا عبد اللَّه، أصله من رامهرمز، وقيل من أصفهان، وقالوا: رحل يطلب دين اللَّه تعالى إلى الشام، فالموصل، فنصيبين، فعمورية، ثمّ سمع بأنّ نبياً سيبعث، فقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب، فاستخدموه ثمّ استعبدوه وباعوه حتى وقع إلى المدينة، فسمع بخبر الإسلام، فقصد النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وأظهر إسلامه. [١]
وحديث إسلامه ذكره كثير من المحدّثين. وآخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين أبي الدرداء وقيل بينه وبين أبي ذر، وأوّل مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، ثمّ شهد بقية المشاهد.
رُوي أنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) لما أمر المسلمين بحفر الخندق احتج المهاجرون والأنصار في سلمان، فقال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الأنصار: سلمان منّا، فقال رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): «سلمان منّا أهل البيت».
وإلى ذلك أشار أبو فراس الحمداني (ت 357 هـ):
هيهات لا قَرَّبت قربى ولا رحمٌ
يوماً إذا أقصت الاخلاق والشِّيَمُ
كانت مودّة سلمان لهم رَحِماً
ولم يكن بين نوحٍ وابنه رَحِمُ
روي عن أنس، قال: قال رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): «اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: عليّ وعمار وسلمان»[٢] وعن أبي عبد اللَّه الصادق (عليه السّلام)، قال: « قال رسول اللّه (ص): إنّ اللَّه تعالى أمرني بحب أربعة، ثمّ قال: علي بن أبي طالب، و المقداد بن الأسود، و أبوذر الغِفاري، و سلمان الفارسي [٣]

من روی عنه ومن رووا عنه

حدّث سلمان عن النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وعليّ (عليه السّلام). حدّث عنه: أبو سعيد الخدري، وأنس، وابن عباس، وأبو عثمان النَّهدي وغيرهم.

فتاواه وفقاهته

وكان فقيهاً، عالماً بالشرائع، لبيباً، زاهداً، متقشّفاً.
روي عن النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أنّه قال لَابي الدرداء: «سلمان أفقه منك».
وروي عن أبي البختري عن عليّ أنّه سُئل عن سلمان فقال: علم العلم الاوّل والعلم الآخر، ذاك بحر لا يُنزف، وهو منّا أهل البيت.
وفي رواية زاذان عن عليّ (عليه السّلام): سلمان الفارسي كلقمان الحكيم.
وعن أُمّ المؤمنين عائشة، قالت: كان لسلمان مجلس من رسول اللّه بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم). ولَّاه عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها إلى أن توفّي، وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به. ينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده.
أخرج أبو نعيم بسنده عن أبي البختري، قال: جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد اللَّه، فدخلا على سلمان في خصٍّ، فسلَّما وحيّياه، ثم قالا: أنت صاحب رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)؟ قال: لا أدري، فارتابا، قال: إنّما صاحبه من دخل معه الجنة.
عُدّ سلمان من المتوسطين في الفتيا من الصحابة، وله في مسألة الصيد فتوى واحدة ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب «الخلاف» وجاءت أيضاً في السنن الكبرى وكتاب المغني والشرح الكبير.

كتاب عليّ إليه

وكان سلمان من شيعة عليّ (عليه السّلام) وخاصته، شديدَ التحقّق بولائه، وهو أحد رواة حديث الغدير [٤] وقد كتب إليه أمير المؤمنين قبل أيام خلافته كتاباً جاء فيه: أمّا بعد، فانّما مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيّة، ليّنٌ مَسُّها، قاتلٌ سُمُّها، فاعرض عمّا يُعجِبك فيها، لقلَّة ما يَصحَبك منها، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، وتصرّف حالاتها، وكن آنَسَ ما تكون بها، أحذَر ما تكون منها، فانّ صاحبها كلما اطمأنّ فيها إلى سرور، أشخصته عنه إلى محذور، أو إلى إيناسٍ أزالته عنه إلى إيحاش. [٥] وقيل: هو أوّل من صنّف في الآثار، صنّف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم إلى النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم).

أخلاقه وسجاياه

روي أنّ أبا الدرداء وكان يسكن الشام كتب إلى سلمان: أمّا بعد فانّ اللَّه رزقني بعدك مالًا ونزلت الأرض المقدسة.
فكتب إليه سلمان: أمّا بعد فانّك كتبت إليّ أنّ اللَّه رزقك مالًا وولداً فاعلم أنّ الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك علمك وكتبت إليّ أنّك نزلت الأرض المقدسة وأنّ الأرض لا تعمل لَاحد، اعمل كأنّك تُرى، واعدد نفسك من الموتى. رُوي أنّ سلمان خطب فقال: الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي، ألا أنّ لكم منايا تتبعها بلايا فانّ عند عليّ (عليه السّلام) علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب، على منهاج هارون بن عمران، قال له رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى، ثمّ قال: أمّا واللَّه لو وليتموها عليّا لَاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العينين من الرأس.

وفاته

توفّي بالمدائن سنة خمس وثلاثين وقيل: أربع وثلاثين، وقيل: ثلاث وثلاثين، وقبره معروف يُزار إلى اليوم، وأنّ البلدة المسماة اليوم سلمان پاك في جوار المدائن بالعراق منسوبة إلى صاحب الترجمة وإنّ كلمة «پاك» بالپاء المثلثة فارسية معناها «الطاهر». [٦]

الهوامش

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 7- 319، تاريخ خليفة 143، الطبقات لخليفة 33 برقم 22، المحبر 75، التأريخ الكبير 4- 135، المعارف 154، الكنى و الأَسماء للدولابي 78 و 861، الجرح و التعديل 4- 296، اختيار معرفة الرجال 484 و 6، الثقات لابن حبان 3- 157، مشاهير علماء الامصار 76 برقم 274، المستدرك للحاكم 3- 598، المعجم الكبير للطبراني 6- 212، حلية الاولياء 1- 185، ذكر أخبار أصبهان 1- 48، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 84 برقم 79، الخلاف للطوسي 3- 244، فهرست الطوسي 80، رجال الطوسي 20 و 43، تاريخ بغداد 1- 163، الإستيعاب 2- 53، معالم العلماء 57، أُسد الغابة 2- 328، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 226، الرجال لابن داود 105، رجال العلّامة الحلّي 84، تهذيب الكمال 11- 245، سير أعلام النبلاء 1- 505، دول الإسلام 1- 17، تاريخ الإسلام للذهبي (عهد الخلفاء (510، الوافي بالوفيات 15- 309، مرآة الجنان 1- 100، الجواهر المضيئة 2- 415، الاصابة 2- 60، تهذيب التهذيب 4- 137، تقريب التهذيب 1- 315، كنز العمال 13- 421، شذرات الذهب 1- 44، الدرجات الرفيعة 198، أعيان الشيعة 7- 279، تنقيح المقال 2- 45، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1- 332، الغدير 1- 44 و 11- 126، معجم رجال الحديث 8- 186 برقم 5338.
  2. وفي حلية الاولياء: اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقداد وعمار وسلمان.
  3. و أخرجه الترمذي و حسّنه عن ابن بريدة عن أبيه. المناقب (3720). و أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة سلمان.
  4. قال العلّامة الاميني: أخرج الحديث بطريقة الحافظ ابن عقدة في حديث الولاية، و الجعابي في نخبه، و الحمويني الشافعي في الباب الثامن و الخمسين من فرائد السمطين، و عدّه شمس الدين الجزري الشافعي في أسنى المطالب: ص 4 من رواة حديث الغدير. الغدير: 1- 44.
  5. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18- 34.
  6. جاء في معجم البلدان- مادة مدائن: فأمّا في وقتنا هذا فالمسمّى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها و بين بغداد ستة فراسخ و أهلها فلاحون يزرعون و يحصدون، و الغالب على أهلها التشيع على مذهب الامامية، و بالمدينة الشرقية قرب الايوان قبر سلمان الفارسي رضي اللّه عنه.