سعيد بن جبير

من ویکي‌وحدت

سعيد بن جبير: كان سعيد من كبار ائمة التابعين، ومتقدّميهم في التفسير و الحديث والفقه، والعبادة والورع، وغيرها من صفات الخير، وذكروا أنّه كان يختم القرآن في كلّ ليلتين. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وقد أثنى‏ عليه علماء المسلمين من المتقدّمين والمتأخّرين. وقد وردت رواياته في الصحاح الستة، وبعض المصادر الروائية للشيعة. وذكر الأميني أنّه من جملة رواة حديث الغدير. وكان ممّن أفتى‏ بجواز المتعة (الزواج المؤقّت).

سعيد بن جُبَيْر بن هشام (... ــ 95ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو عبداللَّه، أبومحمد.[٢]
نسبه: الوالبي، الأسدي.[٣]
لقبه: الكوفي.[٤]
طبقته: الثالثة.[٥]
هو مولى‏ «بني والبة» من بني أسد[٦]، ولد في الكوفة ثم هاجر إلى‏ مكة ونزل بها[٧] وكان سعيد من كبار ائمة التابعين، ومتقدّميهم في التفسير والحديث والفقه، والعبادة والورع، وغيرها من صفات الخير.[٨] وذكروا أنّه كان يختم القرآن في كلّ ليلتين.[٩]
قال هلال بن الخبّاب: «خرجت مع سعيد بن جُبَير في رجب، فأحرم من الكوفة بعُمرة، ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة». وقال: «خرجنا مع سعيد بن جُبَير في جنازةٍ، فكان يحدّثنا في الطريق ويذكّرنا، حتّى‏ بَلَغ، فلمّا جلس لم يزل يحدّثنا حتّى‏ قمنا، فرجعنا، وكان كثير الذكر للَّه».[١٠]
وكان يردّد بعض الآيات مراراً، قال القاسم بن أبي أيّوب: «سمعت سعيد بن جبير يردّد هذه الآية في الصلاة بضعاً وعشرين مرّةً: «واتّقوا يوماً ترجعون فيه إلى‏ اللَّه»[١١] وعن سعيد بن عُبَيْد قال: «كان سعيد بن جُبير إذا أتى‏ على‏ هذه الآية: «فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون» رجع فيها وردّدها مرّتين أو ثلاثاً».[١٢]
وقد اشتهر صيته في عصر الحجّاج في الكوفة، وبعد فشل ثورة القرّاء على الحجّاج اختفى‏ لمدّة 12 يوماً.[١٣] ورحل إلى‏ فارس وأصفهان ومكث فيهما مدّةً، ثم عاد إلى‏ مكّة، وكان في أصفهان لايحدّث، فلمّا رجع إلى‏ الكوفة فحدّث فيها، فلمّا قيل له: يا أبا محمد، كنت بإصفهان لاتحدّث، وتحدّث هاهنا؟ قال: إنشر بزّك حيث تعرف.[١٤]
وكان سعيد ممّن أفتى‏ بجواز المتعة (الزواج المؤقّت).[١٥]
وقد أثنى‏ عليه علماء المسلمين من المتقدّمين والمتأخّرين. روي: أنّ رجلاً سأل ابن عمر عن فريضةٍ، فقال: «سل عنها سعيد بن جُبَير، فإنّه يعلم منها ما أعلم، ولكنّه أحسب منّي».[١٦] وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، يقول: «أليس فيكم ابن أُم الدَهْماء؟» يعني سعيداً.[١٧] وقال ابن شهرآشوب: «كان يسمى‏ جهيد - جَهْبَذ - العلماء».[١٨]
وقال الحسن البصري يوم قَتْله: «اللّهم أعن على‏ فاسق ثقيف، واللَّه لو أنّ أهل الأرض اشتركوا في قتله لكبّهم اللَّه في النار».[١٩]
وكان سفيان الثوري يقدّم سعيداً على‏ إبراهيم النخعي في العلم.[٢٠] وروي أنّ الحسن البصري قوله: «كان أهل المشرق والمغرب محتاجين إلى‏ علمه».[٢١] وعن عمرو بن ميمون، عن أبيه قال: «لقد مات سعيد بن جُبَير وما على‏ ظهر الأرض أحد إلّا وهو محتاج إلى‏ علمه».[٢٢] واعتبره أبو القاسم الطبري حجّةً على‏ جميع المسلمين.[٢٣]
وعن داود بن أبي هند، قال: «لمّا أخذ الحجّاج سعيد بن جُبَيْر قال: ما أراني إلّا مقتولاً، وسأُخبركم أنّي كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا اللَّه الشهادة، فكِلَا صاحبيَّ رُزِقها، وأنا أنتظرها».[٢٤]

موقف الرجاليّين منه

فقد أثنى‏ عليه علماء الرجال وأطراه المؤرّخون ؛ كالطبري وابن كثير وابن حبان وابن معين والكشّي وابن داود وابن حجر و العلامة الحلي والمامقاني، واعتبروه ثقةً ومستقيماً.[٢٥] وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب ورواة الإمام السجاد عليه السلام.[٢٦]

سعيد وأهل البيت ‏عليهم السلام

يروي هشام بن سالم، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّ سعيد بن جُبَيْر كان يأتمّ بعلي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، وكان علي عليه السلام يثني عليه.[٢٧] وقال الفضل بن شاذان: «ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليهما السلام في أول أمره إلّا خمسة أنفس: سعيد بن جُبَيْر، سعيد بن المسيّب، محمد بن جُبَيْر بن مطعم، يحيى‏ بن أُم الطويل، أبو خالد الكابلي».[٢٨]
ويروي الذهبي عن سعيدٍ قوله: «ما مضت عليَّ ليلتان منذ قُتل الحسين إلّا أقرأ فيهما القرآن، إلّا مريضاً أو مسافراً».[٢٩]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام السجاد عليه السلام.[٣٠]
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: ابن عباس، أبو مسعود الأنصاري، ابن الزُبَير، أبو سعيد الخُدْري، أبو هريرة، ابن عمر، أبو موسى‏، وأكثر رواياته عن ابن عباس.
وروى‏ عنه جماعة كثيرة منهم: ذكوان أبو صالح السمّان، ثابت بن عَجْلان، أبو المِقْدام ثابت بن هرْمُز، حبيب بن أبي ثابت، أيوب السختياني، سَلَمة بن كُهَيْل، الأعمش. وقد وردت رواياته في الصحاح الستة، وبعض المصادر الروائية للشيعة.[٣١] وذكر الأميني أنّه من جملة رواة حديث الغدير.[٣٢]

من رواياته

روى‏ سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق».[٣٣]
وروى‏ أيضاً عن ابن عباس قال: أوحى‏ اللَّه إلى‏ محمد صلى الله عليه وآله: «إنّي قد قتلت بيحيى‏ ابن زكريا سبعين ألفاً، وإنّي قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً».[٣٤]

وفاته

اختفى‏ سعيد في زمان عبد الملك بن مروان بعد فشل ثورة القرّاء سنة 83 ه، فبقي في قرية «سُنْبلان» من توابع أصفهان، ثم التجأ إلى‏ مكة، فأمسك به واليها خالد بن عبداللَّه القسري سنة 95 هـ وأرسله إلى‏ الحجّاج، فقال له الحجّاج: اختر لنفسك أيّ قتلةٍ شئت!! فقال: «اختره أنت، فإنّ القصاص أمامك». ولم يعش الحجّاج بعده إلّا أياماً.[٣٥]
وذكروا: أنّ الحجّاج أمر فضُربت عنقه، فسقط رأسه إلى‏ الأرض يتدحرج وهو يقول: «لا إله إلّا اللَّه»، فلم يزل كذلك حتّى‏ أمر الحجّاج من وضع رجله على‏ فيه! فسكت.[٣٦] وكان الحجّاج إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه فيقول: يا عدوّ اللَّه، لِمَ قَتلتني؟ فيقول: مالي ولسعيد بن جُبَيْر!.[٣٧]

الهوامش

  1. كتاب الثقات 4: 275، تهذيب التهذيب 4: 11.
  2. كتاب التاريخ الكبير 3: 461، تهذيب التهذيب 4: 11.
  3. تهذيب الكمال 10: 358، أعيان الشيعة7: 234.
  4. سير أعلام النبلاء 4: 321.
  5. تقريب التهذيب 1: 292.
  6. كتاب التاريخ الكبير 3: 461، المعارف: 445.
  7. رجال الطوسي: 90. وانظر: البداية والنهاية 9: 98، سيرأعلام النبلاء 4: 327.
  8. تهذيب الأسماء واللغات 1: 216.
  9. تهذيب الكمال 1: 363، سير أعلام النبلاء 4: 336.
  10. سير أعلام النبلاء 4: 325 - 327.
  11. حلية الأولياء 4: 272.
  12. المصدر السابق: 273.
  13. الوافي بالوفيات 15: 206، سير أعلام النبلاء 4: 337.
  14. تاريخ أصبهان 1: 324، سير أعلام النبلاء 4: 324.
  15. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12: 254.
  16. تهذيب الأسماء واللغات 1: 216.
  17. سير أعلام النبلاء 4: 325.
  18. مناقب آل أبي طالب 4: 190.
  19. شذرات الذهب 1: 108.
  20. كتاب التاريخ الكبير3: 461.
  21. قاموس الرجال 5: 87.
  22. سير أعلام النبلاء 4: 325.
  23. تهذيب التهذيب 4: 12.
  24. تهذيب الكمال 10: 364.
  25. تهذيب التهذيب 4: 12، تاريخ الطبري 6: 488، البداية والنهاية 9: 98، رجال الكشّي: رقم (190)، رجال ابن داود: 102، خلاصة الأقوال: 157، تنقيح المقال 2: 26.
  26. رجال الطوسي: 90.
  27. رجال الكشّي: رقم (190).
  28. المصدر السابق: رقم (184).
  29. سير أعلام النبلاء 4: 336.
  30. تهذيب الكمال 10: 358 - 360، تهذيب التهذيب 4: 11، رجال الطوسي: 90. وانظر: كتاب الخصال: 204، 270.
  31. تهذيب الكمال 10: 376، أمالي المفيد: 294، كتاب الخصال: 204، 270.
  32. الغدير 1: 20،52.
  33. حلية الأولياء 4: 342.
  34. سير أعلام النبلاء 4: 342.
  35. كتاب التاريخ الكبير 3: 461، كتاب الثقات 4: 275، تهذيب الكمال 10: 376.
  36. المعارف: 445.
  37. وفيات الأعيان 2: 374، تاريخ الطبري 6: 491.