حجية الإحكام الصادرة من الإئمة

من ویکي‌وحدت

حجية الإحكام الصادرة من الأئمة عندنا الشيعة کل ما يقرره الإمام المعصوم حجة شرعية وهذا أعم من أن يكون قوله أو فعله أو تقريره عليه السلام، ويمكن اثبات ذلك بطرق: 1- كونهم عليهم‌السلام معصومين كالنبي صلى‌الله‌عليه‌ و‌آله‌ وسلم، على ما دلّت عليه الأدلّة القطعية من الكتاب والسنة، كما هو مقرّر في كتبنا الكلامية، وذلك يقتضي عدم الخطأ والكذب والسهو في تبليغ الأحكام وإسنادها إلى الشارع المقدّس. وهذا هو القدر المتيقّن من دائرة العصمة. إذن فكلّ ما يقرّره المعصوم بعنوان أنّه حكم شرعي أو ينقله بعنوان أنه نصّ ورد من الشارع يكون صادقاً فيما يقول، وحاش للّه‌ أن ينسب الى الشريعة ما ليس منها. ولا فرق في الحجّية بين قوله وفعله وتقريره. 2-الأحاديث المتواترة الواردة في بيان مرجعية العترة الطاهرة في الأحكام الشرعية وأعلميتهم بكتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله‌عليه ‌و‌آله ‌وسلم. 3-أنّنا لو قطعنا النظر عن مسألة عصمة الأئمة عليهم‌السلام فمع ذلك يمكن إثبات حجيّة ما ينسبونه الى الشريعة من الأحكام والبيانات ؛ وذلك من باب حجّية ما يرويه الثقة والعدل من الأحاديث، إذ لا شكّ أيضاً بأن الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام في منتهى الصدق وفي غاية الوثاقة وفي أعلى درجات الاستقامة والعدالة، فكلّ ما يروونه من الأحاديث يكون حجّة قطعاً، بل هو في أقوى مراتب الحجيّة، سيما إذا لوحظ مدى إحاطتهم عليهم‌السلام بعلوم الشريعة وعلى الأخصّ مصدريها الأساسيين أي القرآن الكريم والسنّة الشريفة. 4-أخذهم الروايات كابراً عن كابر وأباً عن جدّ، فطريقهم الى النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم في غاية الاطمئنان. وهذا ما يعطي الروايات التي يرويها الأئمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم قيمة فذّة ويضفي عليها قوّة ومتانة ويمنحها امتيازاً لا يتوفّر في سائر الطرق والأسانيد، فانّهم ورثوا الروايات وعلوم الشريعة من جدّهم رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم وراثة حسّية كابراً عن كابر ؛ فإنّ السنّة الشريفة علّمها رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم لعلي عليه‌السلام، وأخذ الأئمة ذلك من أبيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

حجّية الأحكام الصادرة عنهم عليهم السلام مفروغ عنه عند فقهائنا [١].

طرق لإثبات حجيّة أحكام الأئمة

ويمكن إثباتها بعدّة طرق:

الطريق الأوّل

كونهم عليهم‌السلام معصومين كالنبي صلى‌الله‌عليه‌ و‌آله‌ وسلم، على ما دلّت عليه الأدلّة القطعية من الكتاب والسنة، كما هو مقرّر في كتبنا الكلامية، وذلك يقتضي عدم الخطأ والكذب والسهو في تبليغ الأحكام وإسنادها إلى الشارع المقدّس. وهذا هو القدر المتيقّن من دائرة العصمة. إذن فكلّ ما يقرّره المعصوم بعنوان أنّه حكم شرعي أو ينقله بعنوان أنه نصّ ورد من الشارع يكون صادقاً فيما يقول، وحاش للّه‌ أن ينسب الى الشريعة ما ليس منها. ولا فرق في الحجّية بين قوله وفعله وتقريره.

الطريق الثاني

الأحاديث المتواترة الواردة في بيان مرجعية العترة الطاهرة في الأحكام الشرعية وأعلميتهم بكتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله‌عليه ‌و‌آله ‌وسلم، سيّما الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام [٢] [٣] .

ما ورد في تعيين مرجعية أهل البيت

فمّما ورد في تعيين مرجعية أهل البيت عليهم‌السلام بصورة عامة فهو كثير، فقد حثّ النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم الاُمّة على التمسك بعترته وجعلهم عدلاً للكتاب وأوجب عليهم الرجوع إلى أهل بيته، وأكّد على ذلك كراراً، ومن ذلك :

حديث الثقلين

حديث المعروف الذي رواه ما يربو على بضع وعشرين صحابيّاً [٤] [٥] [٦] [٧] [٨] [٩] [١٠] ، وقد ذكر بألفاظ مختلفة: فقد أخرج الترمذي بإسناده عن جابر ابن عبد اللّه‌ قال: « رأيت رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيّها الناس قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب اللّه‌ وعترتي أهل بيتي ». قال الترمذي: وفي الباب عن أبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن اُسيد [١١] .

وأخرج مسلم في صحيحه بإسناده عن زيد بن أرقم قال: « قام رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً بين مكة والمدينة فحمد اللّه‌ وأثنى عليه ووعظ وذكّر، ثمّ قال: أمّا بعد ألا يا أيّها الناس، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فاُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب اللّه‌ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللّه‌ واستمسكوا به ـ فحثّ على كتاب اللّه‌ ورغّب فيه ثمّ قال ـ :.. . وأهل بيتي، اُذكّركم اللّه‌ في أهل بيتي اُذكّركم اللّه‌ في أهل بيتي اُذكّركم اللّه‌ في أهل بيتي ! ! » [١٢] .

وأخرج الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة: انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم قال في مرض موته: « أيّها الناس يوشك أن اُقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إنّي مخلّف فيكم الثقلين: كتاب اللّه‌ عزّوجلّ وعترتي.. . » [١٣] .

قال القاري في شرح المشكاة: « الأظهر هو أنّ أهل البيت غالباً يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم، المطّلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكونوا مقابلاً لكتاب اللّه‌ سبحانه، كما قال :{ ويعلّمهُمُ الكتابَ والحِكْمةَ } [١٤] » [١٥] . وقال السمهودي: « الذين وقع الحثّ على التمسّك بهم من أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة هم العلماء بكتاب اللّه‌ عزّوجلّ، إذ لا يحثّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم على التمسك بغيرهم، وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب إفتراق حتى يردا الحوض، ولهذا قال صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم: « لا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم » [١٦] [١٧] .

وأخرج العلاّمة الشيخ إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي مناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم وفي ضمنها: قال عليه‌السلام: « اُنشدكم اللّه‌ أتعلمون أنّ رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم قام خطيباً لم يخطب بعد ذلك.. . فقال: يا أيّها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه‌ وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا، فإنّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليَّ أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فقام عمر بن الخطّاب شبه المغضب فقال: يا رسول اللّه‌ أكلّ أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن أوصيائي منهم، أولهم أخي ووزيري وخليفتي في اُمّتي ووليّ كل مؤمن بعدي هو أوّلهم، ثمّ ابني الحسن ثمّ ابني الحسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد حتى يردوا عليَّ الحوض، هم شهداء اللّه‌ في أرضه وحجّته على خلقه وخزّان علمه ومعادن حكمته، من أطاعهم أطاع اللّه‌ ومن عصاهم عصى اللّه‌، فقالوا كلّهم: نشهد أنّ رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم قال ذلك » [١٨]

حديث السفينة

الذي رواه عدد غفير يربو على المئة : فقط أخرج الحاكم النيسابوري بسنده عن حنش قال: سمعت أبا ذر يقول وهو آخذ باب الكعبة: أيّها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌ و‌آله‌ وسلم يقول: « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ». قال الحاكم: « هذا حديث صحيح على شرط مسلم » [١٩] [٢٠] .

أخرج الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضي اللّه‌ عنهم ـ قال: قال رسول اللّه‌ صلى‌الله ‌عليه ‌و‌آله‌وسلم: « يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها.. . وأنت إمام اُمّتي ووصيي.. . إلى أن قال: فاز من لزمك وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك من بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة » [٢١] .

روى أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي: عن أبي سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم الاُولى، ثمّ أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: « يا معشر أصحابي إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطّة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين من ذريتي، فانكم لن تضلّوا أبداً » فقيل: يا رسول اللّه‌ كم الأئمة بعدك؟ قال: « إثنا عشر من أهل بيتي ـ أو قال ـ من عترتي » [٢٢] [٢٣] [٢٤] [٢٥] .

ما ورد في المرجعية العلمية لأميرالمؤمنين

وممّا ورد في النصّ على المرجعية العلمية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : 1ـ قوله صلى‌الله‌ عليه‌ و‌آله‌ وسلم في الحديث المعروف: « أنا دار الحكمة وعليّ بابها » [٢٦] [٢٧] [٢٨] [٢٩] [٣٠] [٣١] [٣٢] [٣٣] [٣٤] .

2- قوله صلى‌الله‌ عليه‌ و‌آله‌ وسلم: « قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاُعطي علي تسعة أجزاء والناس جزء واحداً » [٣٥] [٣٦] [٣٧] . 3 ـ وقوله صلى‌ الله‌ عليه‌ و‌آله‌ وسلم: « أقضى اُمّتي علي بن أبي طالب » [٣٨] . 4 ـ وقوله صلى‌ الله‌ عليه‌ و‌آله‌ وسلم: « ليهنئك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً » [٣٩] . 5 ـ وقوله صلى‌ الله‌ عليه‌ و‌آله‌ وسلم لفاطمة قدس‌سره: « زوجك سيّد في الدنيا والآخرة، وانّه أوّل أصحابي إسلاماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً » [٤٠] . 6 ـ وما صحّ من قول أمير المؤمنين عليه‌ السلام عن نفسه: بعثني رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول اللّه‌ تبعثني إلى اليمن ويسألوني عن القضاء ولا علم لي به؟ قال: ادن، فدنوت، فضرب بيده على صدري ثمّ قال: اللهمّ ثبّت لسانه واهد قلبه، فلا والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد » [٤١] [٤٢] [٤٣] [٤٤] [٤٥] [٤٦] .

7 ـ وقوله عليه‌ السلام: « سلوني، واللّه‌ لا تسألوني عن شيءٍ إلاّ أخبرتكم، وسلوني عن كتاب اللّه‌، فواللّه‌ ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار » [٤٧]. وورد في حديث آخر: « واللّه‌ ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ وعلى من نزلت؟ إنّ ربّي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً صادقاً ناطقاً » [٤٨] . 8 ـ وروى ابن سعد باسناده عن جبلّة بنت المصفّح عن أبيها قال: قال لي علي عليه‌السلام: « يا أخا بني عامر، سلني عمّا قال اللّه‌ ورسوله، فإنّا نحن أهل البيت أعلم بما قال اللّه‌ ورسوله.. . » قال: والحديث طويل [٤٩] . 9 ـ وقيل لعلي عليه‌ السلام: مالك أكثر الصحابة علماً ـ وفي بعض الطرق: حديثاً [٥٠] [٥١] ـ؟ فقال: « كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكتّ ابتدأني » [٥٢] [٥٣] [٥٤] ، ولم يكن أحد من الصحابة يقول: « سلوني » إلاّ علي عليه‌السلام [٥٥] [٥٦] [٥٧] .

إقرار الصحابة بأعلميته

وقد أقرّ الصحابة بأعلميته بالأحكام : فقد روى ابن عبد البر باسناده: أتى اُذينة بن سلمة العبدي عمر بن الخطاب فسأله من أين أعتمر؟ فقال: « ائت عليّاً فسأله.. . » [٥٨] وسأل شريح بن هاني عائشة اُمّ المؤمنين عن المسح على الخفّين فقالت: « ائت عليّاً فسله » [٥٩] . وعن عمر أيضاً: « أقضانا علي بن أبي طالب » [٦٠] [٦١] ، وفي لفظ آخر: « وعليّ أقضانا » [٦٢] . وعن عائشة: « انّه أعلم من بقي بالسنة » [٦٣] [٦٤] . وعن ابن عباس: « إذا حدّثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها » [٦٥] . وورد في لفظ آخر: « كنّا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به » [٦٦] . وفي آخر: « كنّا إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره » [٦٧] . وعن عبد اللّه بن مسعود أنّه قال: « أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب » [٦٨] [٦٩] [٧٠] . وفي لفظ آخر « أفرض أهل المدينة وأقضاها علي بن أبي طالب ». وفي آخر عنه: « إنّ علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن » [٧١] . وأيضاً قد روي عن ابن عمر انّه قال: « علي أعلم الناس بما اُنزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم » [٧٢] . وسأل رجل معاوية عن مسألة فقال: اسأل عنها عليّاً فهو أعلم، فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب عليّ، قال: « بئس ما قلت، لقد كرهت رجلاً كان رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه ‌و‌آله‌وسلم يغرّه بالعلم غرّاً، ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه » [٧٣] [٧٤] [٧٥] [٧٦] .

الطريق الثالث

أنّنا لو قطعنا النظر عن مسألة عصمة الأئمة عليهم‌السلام فمع ذلك يمكن إثبات حجيّة ما ينسبونه الى الشريعة من الأحكام والبيانات ؛ وذلك من باب حجّية ما يرويه الثقة والعدل من الأحاديث، إذ لا شكّ أيضاً بأن الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام في منتهى الصدق وفي غاية الوثاقة وفي أعلى درجات الاستقامة والعدالة، فكلّ ما يروونه من الأحاديث يكون حجّة قطعاً، بل هو في أقوى مراتب الحجيّة، سيما إذا لوحظ مدى إحاطتهم عليهم‌السلام بعلوم الشريعة وعلى الأخصّ مصدريها الأساسيين أي القرآن الكريم والسنّة الشريفة.

الطريق الرابع

أخذهم الروايات كابراً عن كابر وأباً عن جدّ، فطريقهم الى النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم في غاية الاطمئنان. وهذا ما يعطي الروايات التي يرويها الأئمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم قيمة فذّة ويضفي عليها قوّة ومتانة ويمنحها امتيازاً لا يتوفّر في سائر الطرق والأسانيد، فانّهم ورثوا الروايات وعلوم الشريعة من جدّهم رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم وراثة حسّية كابراً عن كابر ؛ فإنّ السنّة الشريفة علّمها رسول اللّه‌ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلم لعلي عليه‌السلام، وأخذ الأئمة ذلك من أبيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام. 1-توارث الأئمة كتب العلم. 2- كتاب علي عليه السلام. 3- كتب علم الأئمة.

النصوص الدالة على أخذهم من جدهم

قد یدّعی من لا یقبل بعصمة الائمة (علیهم‌ السّلام) من فقهاء المذاهب الاخری بانّه علی الرغم من کون الائمة (علیهم‌ السّلام) فی غایة الوثاقة، الّا انّ ما یقولونه علی قسمین: قسم یعبّر عن مجموعة روایات واحادیث ینقلونها عن النبی (صلی‌الله‌ علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم. وقسم یعبّر عن اجتهادهم ورایهم الخاص فانّهم لم یکونوا محض رواة، بل فی الوقت نفسه کانوا من اکبر الفقهاء، ولا شکّ فی حجیة القسم الاول من اقوالهم، وامّا القسم الثانی فحکمه یختلف عن القسم الاول حیث لا یکون حجة علی مجتهد آخر. والجواب: انّهم (علیهم‌ السّلام) قد صرّحوا فی مناسبات عدیدة بتعهّدهم بانّ کل ما یقولون لیس من عند انفسهم، وانما ینقلونه عن جدّهم رسول اللَّه (صلی‌ الله‌ علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم، والیک جملة من هذه الاحادیث:

  • 1- عن قتیبة قال: سال رجل ابا عبد اللَّه/ الامام جعفر الصادق‌ (علیه‌السّلام) عن مسالة فاجابه فیها، فقال الرجل. ا رایت ان کان‌ 2- وعن الامام محمّد الباقر (علیه‌ السّلام) قال: «انّ اوصیاء محمّد علیه وعلیهم السلام محدّثون».[٧٧]
  • 3- وعن ابی الحسن موسی، قال: «الائمة علماء صادقون مفهّمون محدّثون».[٧٨]
  • 4- وعن محمّد بن مسلم، قال: ذکر المحدّث عند ابی عبد اللَّه (علیه‌ السّلام) فقال: «انّه یسمع الصوت ولا یری الشخص» فقلت له: جعلت فداک، کیف یعلم انّه کلام الملک؟ قال: «انّه یعطی السکینة والوقار حتّی یعلم انّه کلام ملک». .[٧٩] ولا ینبغی الاستیحاش من هذه الروایات، فانّنا نجد فی کتب الحدیث بمدرسة الخلفاء احادیث تثبت نظیر هذه الصفات لبعض الخلفاء مثل ما روت امّ المؤمنین عائشة فی حق عمر بن الخطاب، قالت: قال رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم: «قد کان یکون فی الامم قبلکم محدّثون، فان یکن فی امّتی منهم احد فانّ عمر بن الخطّاب منهم». [٨٠] وفیه: «قال ابن وهب: تفسیر محدّثون ملهمون». ، [٨١] وفیه «قال ابن وهب: تفسیر محدّثون: ملهمون»). وروی البخاری عن ابی هریرة ایضاً نظیر هذا الحدیث. .[٨٢] ومهما ورد فی مصادر مدرسة الخلفاء فانّه لم یرد فیها انّ احدهم ورث عن رسول اللَّه کتاباً مثل ما ورد ذلک فی حق ائمّة اهل البیت (علیهم‌ السّلام) بکلّ وضوح وتفصیل،
  • 5- ففي رواية .....کذا وکذا، ما یکون القول فیها؟ فقال له:«مه، ما اجبتک فیه من شی‌ء فهو عن رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌و‌آله‌وسلّم) وسلم، لسنا من (ا رایت) فی شی‌ء».[٨٣]

فانّ مراد السائل: اخبرنی عن رایک الذی تختاره بالظنّ والاجتهاد. وقد نهاه (علیه‌السّلام) عن هذا الظنّ وبیّن له انهم لا یقولون شیئاً الّا بالجزم والیقین وبما وصل الیهم من سیّد المرسلین (صلی‌الله‌علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم.[٨٤]

  • 6- وعن عنبسة قال: سال رجل ابا عبد اللَّه (علیه‌السّلام) عن مسالة فاجابه فیها، فقال الرجل: ان کان کذا وکذا ما کان القول فیها؟ فقال له: «مهما اجبتک فیه لشی‌ء[٨٥] فهو عن رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم، لسنا نقول براینا من شی‌ء».[٨٦]
  • 7- عن الفضیل بن یسار عن ابی جعفر/ الامام محمد الباقر (علیه‌ السّلام) انّه قال: «لو انّا حدّثنا براینا ضللنا کما ضلّ من کان قبلنا، ولکنّا حدّثنا ببیّنة من ربنا بیّنها لنبیّه فبیّنها لنا».[٨٧]
  • 8- عن الفضیل بن یسار عن جعفر (علیه‌ السّلام) انّه قال: «انّا علی بیّنة من ربنا بیّنها لنبیّه (صلی‌ الله‌ علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم فبیّنها نبیّه لنا، فلو لا ذلک کنّا کهؤلاء الناس».[٨٨]
  • 10- عن سماعة عن ابی الحسن (علیه‌ السّلام) قال: قلت له: کلّ شی‌ء تقول به فی کتاب اللَّه وسنّة نبیّه، او تقولون فیه برایکم؟ قال: «بل کلّ شی‌ء نقوله فی کتاب اللَّه وسنّة نبیّه».[٨٩]


  • 11- عن داود بن ابی یزید الاحول عن ابی عبد اللّه (علیه‌ السّلام) قال: سمعته یقول: «انّا لو کنّا نفتی الناس براینا وهوانا لکنّا من الهالکین. ولکنّها آثار من رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم اصل علم نتوارثها کابراً عن کابر عن کابر، نکنزها کما یکنز الناس ذهبهم وفضتهم».[٩٠]
  • 12- وعن جابر- بثلاثة اسانید- قال: قال ابو جعفر علیه السلام: «یا جابر لو کنا نحدّث‌ الناس او حدّثناهم براینا لکنّا من الهالکین، ولکنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌و‌آله‌وسلّم) وسلم یتوارثها کابر عن کابر، نکنزها کما یکنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم».[٩١]
  • 13- عن محمد بن شریح- بثلاثة اسانید- قال: قال ابو عبد اللّه علیه السلام: «لو لا ان اللَّه فرض طاعتنا وولایتنا وامر مودّتنا ما اوقفناکم علی ابوابنا ولا ادخلناکم بیوتنا، انا واللَّه ما نقول باهوائنا، ولا نقول براینا، ولا نقول الّا ما قال ربّنا، واصول عندنا نکنزها کما یکنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم».[٩٢]
  • 14- ولقد صرّح الائمة (علیهم‌ السّلام) بسلسلة السند لکل ما ینقلونه من احادیث وانّ هذا النقل لیس حدسیاً بل حسّی، وابانوا طرق روایاتهم، حتی تواتر عنهم القول: «حدیثی حدیث ابی، وحدیث ابی حدیث جدّی، وحدیث جدّی حدیث الحسین، وحدیث الحسین حدیث الحسن، وحدیث الحسن حدیث امیرالمؤمنین علیه السلام، وحدیث امیرالمؤمنین حدیث رسول اللَّه (صلی‌الله‌ علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم، وحدیث رسول اللَّه قول اللَّه عزّ وجلّ».[٩٣]

الهوامش

  1. جامع أحاديث الشيعة 1: 126 ـ 219، ب 4 من المقدمات. فقد عُقد فيه باب مفصّل تحت عنوان ( حجّية فتوى الأئمة من العترة الطاهرة ).
  2. صحيح الترمذي 5: 621، باب مناقب أهل النبي، ح 3786.
  3. المعجم الكبير 1: 66، ح 2680.
  4. صحيح مسلم 4: 1873، ( باب فضائل علي بن أبي طالب عليه‌السلام )، ح 2408.
  5. مستدرك الحاكم 3: 613، ح 6272.
  6. مسند أحمد 3: 388، ح 10720.
  7. مسند أحمد 3: 394، ح 10747.
  8. مسند أحمد 5: 492، ح 18780.
  9. مسند أحمد 6: 232، ح 21068.
  10. مسند أحمد 6: 244، ح 21145.
  11. حاولنا هنا في البحوث الروائية عدم التركيز على طرقنا الخاصة ولا مصادرنا الحديثية، بل اعتمدنا طرق العامة ومصادرهم ليكون أبلغ في الاستدلال.
  12. الغدير 3: 118.
  13. جواهر العقدين 1: 93.
  14. آل عمران/سورة3، آية164.
  15. الصواعق المحرقة: 126.
  16. المرقاة في شرح المشكاة 10: 531.
  17. كتاب المناقب، ذيل الحديث 6153.
  18. فرائد السمطين 2: 243، ح 517.
  19. مسند الفردوس، شهردار الديلمي ( مخطوط ).
  20. نقله عن الديلمي عبقات الأنوار للكهنوي 4: 211.
  21. فرائد السمطين 1: 317 ـ 318، ب 58.
  22. مستدرك الحاكم 2: 373، ح 3312.
  23. مستدرك الحاكم 3: 163، ح 4720.
  24. ينابيع المودة 1: 93.
  25. فرائد السمطين 2: 246، ح 519.
  26. اُسد الغابة 4: 22.
  27. تاريخ الخلفاء: 135.
  28. مستدرك الحاكم 3: 146، ح 4658.
  29. مسند أحمد 1: 135، ح 637.
  30. مسند أحمد 1: 178، ح 882.
  31. فضائل الصحابة: 580، ح 984.
  32. فضائل الصحابة: 699، ح 1195.
  33. الاستيعاب 3: 1100.
  34. الرياض النضرة 3 ـ 4: 147 و148.
  35. الاصابة 2: 509.
  36. الاستيعاب 3: 1107.
  37. الرياض النضرة 3 ـ 4: 147.
  38. تاريخ الخلفاء: 146.
  39. حلية الأولياء 1: 65.
  40. الاستيعاب 3: 1099.
  41. حلية الأولياء 1: 64.
  42. الرياض النضرة 3 ـ 4: 140.
  43. وفي لفظ: « أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب » في مستدرك الحاكم 3: 137، ح 4637 و4638 و4639.
  44. مجمع الزوائد 9: 114.
  45. الاستيعاب 3: 1102.
  46. اُسد الغابة 4: 22.
  47. حلية الأولياء 1: 65.
  48. الرياض النضرة 3 ـ 4: 147.
  49. الاستيعاب 4: 1103.
  50. الرياض النضرة 3 ـ 4: 147.
  51. الاستيعاب 3: 1102.
  52. حلية الأولياء 1: 65.
  53. الصواعق المحرقة: 126.
  54. مسند أحمد 5: 113.
  55. تاريخ الخلفاء: 135.
  56. الاستيعاب 3: 1104.
  57. الرياض النضرة 3 ـ 4: 141.
  58. الصواعق المحرقة: 127.
  59. الطبقات الكبرى ( لابن سعد ) 6: 240 المصفّح العامري.
  60. تاريخ الخلفاء: 135.
  61. مستدرك الحاكم 3: 135، ح 4630.
  62. فيض القدير شرح الجامع الصغير 4: 470.
  63. الاستيعاب 3: 1103.
  64. فضائل الصحابة: 646: ح 1098.
  65. الاستيعاب 4: 1106.
  66. الاستيعاب 3: 1104.
  67. اُسد الغابة 4: 23.
  68. الصواعق المحرقة: 179.
  69. الرياض النضرة 3 ـ 4: 142 ـ 143.
  70. فضائل الصحابة: 675 ح 1153.
  71. حلية الأولياء 1: 65.
  72. شواهد التنزيل 1: 39.
  73. الاستيعاب 3: 1105.
  74. الرياض النضرة 3 ـ 4: 141.
  75. تاريخ الخلفاء: 135.
  76. الصواعق المحرقة: 127.
  77. الکافی 1: 270، ح 1. البحار 26: 72، ح 18.
  78. الکافی 1: 271، ح 3.
  79. الکافی 1: 271، ح 4.
  80. صحیح مسلم 4: 1864، ح 2398.
  81. مسند احمد 7: 83، ح 23764.
  82. صحیح البخاری 3: 1279، ح 3282، مسند الطیالسی: 308، ح 2348.
  83. الکافی 1: 58، ح 21.
  84. انظر: مرآة العقول 1: 201.
  85. کذا فی المصدر. والانسب: «بشی‌ء.
  86. بصائر الدرجات 6: 300- 301، ب 14، ح 8.
  87. بصائر الدرجات 6: 299، ب 14، ح 2.
  88. بصائر الدرجات 9: 301، ب 14، ح 9.
  89. بصائر الدرجات 6: 301، ب 15، ح 1.
  90. بصائر الدرجات 6: 299- 300، ب 14، ح 3.
  91. بصائر الدرجات 6: 299- 300، ب 14، الاحادیث 1، 4، 6.
  92. بصائر الدرجات 6: 300- 301، ب 14، الاحادیث 5، 7، 10.
  93. الکافی 1: 53، ح 14، وفی ذلک یقول بعضهم (الصراط المستقیم 3: 207)، اذا شئت ان ترضی لنفسک مذهباً وتعلم صدق الناس فی نقل اخبار فدع عنک قول الشافعی ومالک واحمد والنعمان او کعب احبار ووالِ اُناساً قولُهم وحدیثُهم روی جدّنا عن جبرئیل عن الباری‌ وقال آخر (رشفة الصادی: 199)، ان کنت تمدح یوماً للَّه من غیر علّة فاقصد بمدحک قوماً هم الهداة الادلّة اسنادهم عن ابیهم عن جبرئیل عن اللَّه‌.