جاد الحقّ علي جاد الحقّ

من ویکي‌وحدت

جاد الحقّ علي جاد الحقّ: أحد شيوخ الأزهر المعروفين. كان حريصاً على الدفاع عن علماء الأزهر الشريف، وإبراز الوجه المشرق لهم انطلاقاً من إيمانه الكامل بعظمة الرسالة التي يقومون بها، كما دعا إلى ضرورة قيام علماء الأزهر بمحاورة الشباب المتطرّف الذي يفهم الإسلام فهماً خاطئاً. وقد عرف بتواضعه في مسكنه ومأكله، كما بذل جهداً للتأكيد على الروابط في المجتمعات الإسلامية وتحسين أوضاع الأقلّيات المسلمة، واهتمّ بالبحوث في أُصول الدين وفروعه والمعارف الإسلامية، ممّا كان له نتائج طيّبة وفوائد، منها التوسّع بإنشاء المعاهد الدينية ومكاتب الدعوة والإرشاد.

جاد الحق علی جاد الحق.jpeg
الاسم جاد الحقّ علي جاد الحقّ‏
الاسم الکامل جاد الحقّ علي جاد الحقّ‏
تاريخ الولادة 1335ه/1917م
محلّ الولادة الدقهلية/ مصر
تاريخ الوفاة 1416ه/1996م
المهنة مفتي الديار المصرية، وشيخ الأزهر، ووزير أوقاف، وقاض
الآثار مع القرآن الكريم، بيان للناس، الطفولة في ظلّ الشريعة الإسلامية، الفقه الإسلامي.. مرونته وتطوّره، أحكام الشريعة في مسائل طبّية عن الأمراض النسائية، رسالة في الاجتهاد وشروطه
المذهب سنّي

مدخل حول الأزهر ومشيخته

مع تولّي أسرة محمّد علي باشا الحكم في مصر، تغيّرت عملية اختيار شيخ الأزهر، حيث كان يتمّ بتدخّل من الوالي، ومع الجهود المبذولة لتطوير جامع الأزهر وإصلاحه، ظهرت جماعة كبار العلماء سنة (1239هـ = 1911م) في عهد المشيخة الثانية للشيخ سليم البشري، ونصّ قانون الأزهر وقتها على أن يكون اختيار شيخ الجامع الأزهر من بين جماعة كبار العلماء، حيث يتمّ اختياره بطريق الانتخاب من بين هيئة كبار العلماء المرشّحين لشغل المنصب على أن يكون حاملاً للجنسية المصرية وحدها ومن أبوين مصريين مسلمين، وأن يكون من خرّيجي إحدى الكلّيات الأزهرية المتخصّصة في علوم أصول الدين والشريعة والدعوة الإسلامية واللغة العربية، وأن يكون قد تدرّج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الأزهرية، وكان ذلك يضمن ما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر من العلم والمعرفة والسمعة وحسن الخلق.

وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م الخاصّ بتطوير الأزهر، ألغيت هيئة كبار العلماء وحلّ محلّها ما عرف باسم: مجمع البحوث الإسلامية، ويتكوّن من 50 عضواً على الأكثر، كان من بينهم في بداية نشأته حوالي 20 من غير المصريّين من كبار علماء العالم الإسلامي، ولا تسقط عضوية أيّ منهم إلّا بالوفاة أو الاستقالة أو العجز الصحّي.

ومجمع البحوث هو الذي يقرّر إسقاط العضوية، وهو الذي يملأ المكان الشاغر بانتخاب أحد المرشّحين سواء بالاقتراع السرّي أو بأغلبية الأصوات، ويتمّ اختيار شيخ الأزهر بشكل عامّ من بين أعضاء المجمع، ويكون رئيس الجمهورية وحده هو صاحب القرار، وعلى أن يعيّن ولا يقال. ويُعيّن شيخ الأزهر في منصبه بعد صدور قرار من رئيس الجمهورية، ويعامل معاملة رئيس مجلس الوزراء من حيث الدرجة والراتب والمعاش.

وقد جعل هذا القانون شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كلّ ما يتّصل بالشئون الدينية وفي كلّ ما يتعلّق بالقرآن وعلوم الإسلام.

مولده

ولد الشيخ جاد الحقّ علي جاد الحقّ يوم الخميس 13 من جمادى الآخرة عام 1335هـ الموافق 5 من إبريل عام 1917م ببلدة "بطرة" مركز "طلخا" محافظة الدقهلية (مصر) في أسرة صالحة.

نشأته ودراسته

حفظ القرآن الكريم وجوَّده وتعلّم القراءة والكتابة في كُتّاب القرية على يد شيخها الراحل سيّد البهنساوي، ثمّ التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا سنة 1930م، ودرس المذهب الحنفي، واستمرّ فيه حتّى حصل على الشهادة الابتدائية سنة 1934م، وواصل فيه بعض دراسته الثانوية، ثمّ استكملها بمعهد القاهرة الأزهري، حيث حصل على الشهادة الثانوية سنة 1939م، وبعدها التحق بكلّية الشريعة الإسلامية، وحصل منها على الشهادة العالمية سنة 1363هـ/1943م، ثمّ التحق بتخصّص القضاء الشرعي في هذه الكلّية، وحصل منها على الشهادة العَالِمية مع الإجازة في القضاء الشرعي سنة 1945م.

مناصبه القضائية وغيرها

عُيِّن فور تخرّجه موظّفاً بالمحاكم الشرعية في 26 من يناير سنة 1946م، ثمّ أميناً للفتوى بدار الإفتاء المصرية بدرجة موظّف قضائي في 29 من أغسطس سنة 1953م، ثمّ قاضياً في المحاكم الشرعية في 26 من أغسطس 1954م، ثمّ قاضياً بالمحاكم من أوّل يناير سنة 1956م بعد إلغاء المحاكم الشرعية، ثمّ رئيساً بالمحكمة في 26 من ديسمبر سنة 1971م، وعَمِلَ مُفتّشاً قضائيّاً بالتفتيش القضائي بوزارة العدل في أكتوبر سنة 1974م، ثمّ مستشاراً بمحاكم الاستئناف في 9 من مارس سنة 1976م، ثمّ مفتّشاً أوّل بالتفتيش القضائي بوزارة العدل.

كما اختير فضيلته عضواً بمجمع البحوث الإسلامية سنة 1980م، وعضواً في المجلس الأعلى‏ للمساجد. وفي سبتمبر عام 1988م تمّ اختيار فضيلته رئيساً في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.

تقلّده لمنصب الإفتاء للديار المصرية

عُيِّن الشيخ مفتياً للديار المصرية في 22 من رمضان سنة 1398هـ الموافق 26 من أغسطس سنة 1978م، وقد كرّس كلّ وقته وجهده في تنظيم العمل بدار الإفتاء وتدوين كلّ ما يصدر عن الدار من فتاوى في تنظيم دقيق حتّى يسهل الاطّلاع على أيّ فتوى في أقصر وقت. كما توّج عمله بإخراج الفتاوى التي صدرت عن دار الإفتاء في عهوده السابقة حتّى تكون متاحة لكلّ من يبغي الاستفادة منها. وقد أصدر فضيلته (1284) فتوى مسجّلة بسجلّات دار الإفتاء.

تقلّده منصب وزير الأوقاف

تمّ تعيين الشيخ وزير الدولة للأوقاف بالقرار رقم 4 لسنة 1982م بتاريخ 9 من ربيع الأوّل 1402هـ الموافق 4 من يناير 1982م، وفور تقلّده لهذا المنصب عقد العديد من المؤتمرات مع الأئمّة والخطباء، واستمع إلى المشاكل التي تعترضهم؛ للعمل على حلّها حتّى يقوم الدعاة إلى الله بواجباتهم.

مشيخة الأزهر

مكث الشيخ في الوزارة أشهراً قليلة ما لبث بعدها أن تولّى مشيخة الأزهر في 22 جمادى الأولى 1402هـ الموافق 17 من مارس سنة 1982م، بالقرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1982م. فأصبح هو الشيخ الثاني والأربعين من سلسلة شيوخ الأزهر.

وقد شهد الأزهر الشريف في عهده نهضة كبيرة، فقد انتشرت المعاهد الأزهرية في كلّ قرى ومدن مصر، كما لم تنتشر من قبل، فقد بلغ عدد المعاهد الأزهرية في عهده أكثر من ستّة آلاف معهد.

ولم يقف جهده على نشر المعاهد الأزهرية في مصر، بل حرص على انتشارها في شتّى بقاع العالم الإسلامي، فأنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالديف وجزر القمر وغيرها من البلدان الإسلامية.

كما فتح باب الأزهر واسعاً أمام الطلّاب الوافدين من الوطن الإسلامي وخارجه، وزاد من المنح الدراسية لهم حتّى يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام. ونجح في فتح فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر، وعقدت الجامعة في عهده لأوّل مرّة مؤتمرات دولية في قضايا طبّية وزراعية وثقافية مهمّة تحدّد رأي الأزهر والإسلام فيها.

وكان الشيخ حريصاً على الدفاع عن علماء الأزهر الشريف، وإبراز الوجه المشرق لهم انطلاقاً من إيمانه الكامل بعظمة الرسالة التي يقومون بها، كما دعا إلى ضرورة قيام علماء الأزهر بمحاورة الشباب المتطرّف الذي يفهم الإسلام فهماً خاطئاً.

وكان آخر قراراته لنهضة الأزهر وإبراز دوره في نشر رسالة الإسلام هو إقامة مدرسة مسائية للرجال والنساء على شكل مركز مفتوح للدراسات الإسلامية بالأزهر الشريف؛ لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، ولتوضيح حقائق الدين السمحة البعيدة عن التعصّب والجهل والداعية للحبّ والسلام، يتمّ فيها تدريس جميع فروع العلوم الإسلامية.

مؤلّفاته

له عدّة مؤّلّفات، منها:

1 - مع القرآن الكريم.

2 - النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في القرآن.

3 - الفقه الإسلامي.. مرونته وتطوّره.

4 - أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبّية عن الأمراض النسائية.

5 - بيان للناس.

6 - رسالة في الاجتهاد وشروطه ونطاقه والتقليد والتخريج.

7 - رسالة في القضاء في الإسلام.

وهاتان الرسالتان تدرّسان بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية بالقاهرة ومركز الدراسات القضائية بوزارة العدل.

8 - صدر لفضيلته من خلال الأزهر الشريف خمسة أجزاء (مجلّدات) من فتاويه جمعت في حياته بعنوان: "بحوث وفتاوى إسلامية في قضايا معاصرة". وقد أعدها الشيخ جاد الحقّ في أحد عشر جزءاً، صدر منها خمسة أجزاء.

وللشيخ الراحل العديد من الأبحاث المستفيضة التي تتناول قضايا الشباب والنشء والتربية الدينية، والتي قدّمت للجهات المعنية بذلك، منها بحثه عن الطفولة في ظلّ الشريعة الإسلامية، والذي أصدره مجمع البحوث الإسلامية في سبتمبر 1995م هدية مع مجلّة "الأزهر".

تكريمه والأوسمة التي حصل عليها

• وشاح "النيل" من مصر، وهو أعلى وشاح تمنحه الدولة في (سنة 1403هـ /1983م) بمناسبة العيد الألفي للأزهر.

• وسام "الكفاءة الفكرية والعلوم" من الدرجة الممتازة من المغرب.

جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة (1416هـ/1995م).

وفــاته

توفّي الشيخ جاد الحقّ فجر الجمعة 25 من شوّال 1416هـ الموافق 15 من مارس 1996م بعد حياة حافلة بالعطاء وخدمة الإسلام.

المصدر

(انظر ترجمته في: الأزهر في ألف عام 2: 399- 400، موسوعة ألف شخصية مصرية: 172، الموسوعة العربية العالمية 8: 109، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 3: 68- 88، شخصيات لها تاريخ لعبد الرحمان المصطاوي: 69، إتمام الأعلام: 93، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 195- 196).

وراجع الموقع التالي: www.dar-alifta.org