الصحيفة السجادية
صحيفة السجادية هي مجموعة من الأدعية التي أنشأها علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، وقد كتبها ابنه محمد بن علي باقر العلوم عليه السلام وأخوه زيد بن علي، وكان جعفر بن محمد (الصادق) عليه السلام حاضرًا في المجلس ويسمعها. وتُعد صحيفة السجادية التي يُنسب سندها إلى الإمام السجاد عليه السلام، "أخت القرآن" و"إنجيل أهل البيت عليهم السلام" و"زبور آل محمد عليهم السلام" و"الصحيفة الكاملة".
أسماء أخرى لصحيفة السجادية
يعتقد بعض العلماء المسلمين أن صحيفة السجادية بعد القرآن ونهج البلاغة هي أعظم كنز للحقائق والمعارف الإلهية، ولهذا أطلقوا عليها لقب "أخت القرآن"، "إنجيل أهل البيت"، "زبور آل محمد" و"الصحيفة الكاملة"[١].
وقد قيل إن سبب تسمية هذا الكتاب بـ"الصحيفة الكاملة" هو أن لدى الزيدية نسخة من الصحيفة غير كاملة، بل هي نحو نصف الصحيفة الكاملة، ولهذا السبب يسمّي الإمامية الصحيفة الموجودة عندهم بالصحيفة الكاملة[٢].
خصائص صحيفة السجادية
هذا الكتاب معروف بـ"إنجيل أهل البيت" و"زبور آل محمد" و"أخت القرآن"[٣]. ورغم أن موضوعه الدعاء والابتهال، إلا أنه يحتوي على العديد من العلوم والمعارف الإسلامية والروحانية، والقوانين والأحكام الشرعية، والمسائل السياسية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية الحساسة، التي أشار إليها الإمام السجاد عليه السلام في قالب الدعاء[٤].
موضوعات صحيفة السجادية
1. مسائل عقائدية: "توحيد خالص، أسماء الله، النبوة ومحبة النبي الكريم محمد بن عبدالله (خاتم الأنبياء)، الإمامة، المعاد" 2. الإسلام؛ 3. الملائكة؛ 4. مسائل أخلاقية؛ 5. الطاعات؛ 6. الذكر والدعاء؛ 7. السياسة؛ 8. الاقتصاد؛ 9. مسائل عن الإنسان والعالم؛ 10. مسائل اجتماعية؛ 11. العلم؛ 12. التاريخ؛ 13. مسائل الصحة الجسدية والراحة النفسية؛ 14. مسائل عسكرية وسلسلة أخرى من الموضوعات[٥].
صحيفة السجادية وعلماء الشيعة
بالنظر إلى الشروح التي كتبها كبار علماء الشيعة مثل: السيد علي خان، فيض الكاشاني، الشيخ البهائي، ميرداماد على الصحيفة، ندرك أهمية هذا الكتاب عند الشيعة، ونشير إلى بعض النقاط.
هدية الإمام المهدي
يكتب محمد تقی مجلسی في شرح حاله: "في بداية شبابي ولأسباب بعض المشاكل، توسلت إلى الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف). في كشف وجداني أحالني إلى الصحيفة. وبعد تعلقي بهذا الكتاب حُلّت كل مشاكلي وبدأت في نشره في أصفهان. فصار في بيوت الناس في أصفهان إلى جانب القرآن نسخة من الصحيفة، وببركة تعلّق الناس بهذا العمل، استجاب نصف أهل أصفهان للدعاء"[٦].
كتاب دراسي في الحوزة العلمية
يكتب عز الدين الجزائري في مقدمة شرح صحيفة السجادية: "كان بعض كبار الحوزات العلمية في الهند يدرّسون هذا الكتاب"[٧].
الإمام الخميني والصحيفة
كان الإمام الخميني يأنس بالصحيفة. حين نُفي إلى تركيا كتب رسالة إلى أسرته وبعد التوصية بالصبر طلب إرسال الصحيفة إلى أنقرة[٨].
ووصف هذا الكتاب مع إهدائه نسخة منها لحفيده قائلاً: "الصحيفة الكاملة السجادية، نموذج كامل للقرآن الصاعد، ومن أكبر المناجاة الروحية في خلوت الأنس، والتي نحن بعيدون عن نيل بركاتها؛ إنه كتاب إلهي نشأ من منبع نور الله، ويعلّم طريقة سلوك أولياء الله العظام وأوصيائه في خلوتهم الإلهية.
إنه كتاب شريف يعبر بأسلوب أصحاب المعرفة عن المعارف الإلهية بطريقة مشابهة لأسلوب القرآن الكريم، بلا تكلف في ألفاظ الدعاء والمناجاة لعشاق المعارف الإلهية. هذا الكتاب المقدس مثل القرآن الكريم مائدة إلهية تحتوي على جميع أنواع النعم، ويأخذ كل إنسان منه حسب شهيته الروحية. وهو مثل القرآن الإلهي أدق المعارف الغيبية التي تتجلى في الملك والملكوت والجبروت واللاهوت وما فوق ذلك، ولا يمكن لعقلي وعقلك استيعابها، ويدعو المتطلعين إلى الحقائق بطريقة خاصة بقطرات من بحر عرفانه اللامتناهي التي تذهلهم وتفنيهم..."[٩].
وفي وصيته قال: "نفخر بأن الأدعية الحياتية التي يسمونها 'القرآن الصاعد' هي من الأئمة المعصومين علينا السلام. نحن نملك مناجاة شعبانية الأئمة، ودعاء عرفات الإمام الحسين بن علي عليه السلام، و'صحيفة السجادية' هذا زبور آل محمد، و'صحيفة فاطمية' التي هي كتاب موحى به من الله تعالى إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها"[١٠].
صحيفة السجادية وعلماء أهل السنة
ابن شهر آشوب
"عندما ذُكر في البصرة عند أحد البلغاء فصاحة الصحيفة الكاملة، قال: يمكنني أن أملي عليكم مثلها. ثم أخذ القلم وخفض رأسه ولم يستطع أن ينطق بجملة واحدة، ومات من الخجل في الحال"[١١].
وفي عام 1353 هـ أرسل آية الله المرعشي النجفي نسخة من صحيفة السجادية إلى طنطاوي، عالم أهل السنة ومؤلف تفسير طنطاوي (مفتي الإسكندرية) في القاهرة، فثنى عليها قائلاً: "قول من كلام مخلوق أعظم من الخالق أدنى"[١٢].
ابن جوزي
علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام له حق تعليم المسلمين كيفية الإنشاء والكتابة وطريقة الكلام وطلب الحاجة إلى الله تعالى، لأنه لولا هذا الإمام لما عرف المسلمون أسلوب الكلام وطلب الحوائج إلى الله. لذلك علم الناس كيف يتحدثون مع الله عند الاستغفار، وكيف يطلبون نزول المطر، وكيف يلجأون إلى الله عند الخوف من العدو ويدعون بدفع شره[١٣].
وقد شبه زكي مبارك في كتاب التصوف الإسلامي والأدب والأخلاق صحيفة السجادية بالإنجيل من جهات عدة، مع اختلاف أن الإنجيل يوجه القلب نحو السيد المسيح، أما الصحيفة فتوّجه صفحة القلب إلى عتبة الله تعالى[١٤].
انظر أيضاً
الهوامش
- ↑ آقا بزرگ الطهراني، الذريعة، 1403 هـ، ج 15، ص 18-19
- ↑ مقدمة الميرشي النجفي على الصحيفة، ص46.
- ↑ معالم العلماء، ص 135
- ↑ كتاب صحيفة السجادية، مكتبة طهور، تم الاطلاع 15 دي 1386.
- ↑ الدليل إلى موضوعات الصحيفة السجادية، محمد حسين المظفر
- ↑ مجلسی، روضة المتقين، 1406 هـ، ج 14، ص 382.
- ↑ جزائري، شرح الصحيفة السجادية، 1402 هـ، ص 19.
- ↑ الإمام الخميني، صحيفة الإمام، 1389 ش، ج 1، ص 428.
- ↑ نفس المصدر، ص 209.
- ↑ نفس المصدر، ص 392.
- ↑ مقدمة الميرشي النجفي، ص 13.
- ↑ مقدمة الميرشي النجفي، ص 37؛ انظر: بيشاوي، سيرة القادة، ص 270-271.
- ↑ نقلًا عن مقدمة الميرشي على الصحيفة، ص 43-45.
- ↑ نقلًا عن مبشري، مقدمة صحيفة السجادية، ص 13.