السؤال

من ویکي‌وحدت

السؤال: المراد من السؤال هنا الاعتراض علی القياس وأنّه يرجع إلى منع مقدّمةٍ من مقدّمات القياس أو معارضةٍ في الحکم. قال بعض أهل العلم: يتوجّه على القياس اثنا عشر سؤالاً فعُبّرَ هنا بالسؤال.

تعريف السؤال لغةً

ما يسأله الإنسان، وسألته الشيء عن الشيء سؤالاً ومسألة[١]. ويقال: رجل سؤلة كثير السؤال، وسألته الشيء بمعنى استعطيته إيّاه وسألته عن الشيء استجزته. وسألته عن الشيء استخبرته[٢]. والسؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدّي الى المعرفة[٣].

تعريف السؤال اصطلاحاً

يبدو من عبارات وكلمات الأصوليين في مبحث القياس أنّ هناك ترادفاً بين اصطلاحات أربعة هي: سؤال واعتراض وقادح ومنع، ولكن عندما يستعمل بعضها ويطرح كسؤال يسمّى سؤالاً، وإذا طرح كقادح يسمّى قادحا، وإذا طرح على هيئة اعتراض سمّي اعتراضا، وتشترك جميعها في أنّها ترجع إلى منع مقدّمة من مقدّمات القياس أو معارضة في الحکم.
ورد في «الإحكام» عنوان «في ترتيب الأسئلة الواردة على القياس» وأعقبها مباشرة بقوله: «والاعتراضات الواردة على القياس...»[٤] ما يعني إرادة الترادف منهما.
قال ابن اللحام: الأسئلة الواردة على القياس يعني أنواع الاعتراضات التي تبطل القياس، فإذا استدللت بقياس، فيمكن إبطال قياسك وتوجيه اعتراض عليه من خلال الأسئلة[٥].
وقال ابن قدامة: قال بعض أهل العلم: يتوجّه على القياس اثنا عشر سؤالاً[٦]. فعبّر هنا بالسؤال، وما ورد تحت هذا الكلام هو ما يعرف بالقوادح.
وعبر صاحب التقرير والتحبير قائلاً: يرد على القياس أسئلة، مرجع ما سوى الاستفسار منها الى المنع أو المعارضة لا جميعها[٧].
وقال بعض شرّاح روضة الناظر: الأسئلة جمع سؤال ومعناه هنا إمّا السؤال من مستفيد يقصد معرفة خالصا ممّا يرد عليه وإمّا من معاند يقصد قطع خصمه وردّه إليه[٨].
ويقول الزركشي: ذكروا أنّ جميع الأسئلة ترجع الى المنع أو المعارضة؛ لأنّه متى حصل الجواب عن المنع والمعارضة تمّ الدليل وحصل الغرض من إثبات المدعى، ولم يبق للمعترض مجال فيكون ما سواها من الأسئلة باطلاً، فلا يسمع؛ لأنّه لا يحصل الجواب عن جميع المنوع إلاّ بإقامة الدليل على جميع المقدّمات وبيان لزوم الحکم فيها وإلاّ لاتجه المنع وكذلك لا يحصل الجواب عن المعارضة إلاّ ببيان انتفاء المعارض عن كلّها وبيان كيفية رجوعها إلى ذلك[٩]. ونشهده قد يعبر أحيانا بالمعارضة واُخرى بالمنع وثالثة بالأسئلة. وهكذا ورد عن غيره من المتقدّمين[١٠].
ويقول عبدالكريم النملة: الأسئلة الواردة على القياس، أو قوادح القياس، أو الاعتراضات الموجّهة على القياس... ثُمّ تعرّض لتعريف كلّ واحدة من هذه المصطلحات، ثُمّ قال: وهذه القوادح أو الأسئلة أو الاعتراضات ترجع الى منع مقدّمة من المقدّمات أو معارضة في الحكم، فمتى حصل الجواب عنها فقد تمّ الدليل ولم يبق للمعترض مجال[١١].

الحروف التي يقع بها السؤال

ممّا تناوله الاصوليون تحت عنوان السؤال هو الصيغ والأدوات التي ترد بها الأسئلة، وهي ذاتها التي تستخدم في اللغة وتناولها النحاة بالبحث، فسردها بعض الاُصوليين وأورد عليها أمثلة، وهي مثل: الهمزة، وهل، وما، ومَن وما شابه[١٢].

أقسام السؤال

ذكرت عدّة أقسام وتقسيمات للسؤال نورد بعضها هنا:
الأوّل: السؤال عن المذهب والرأي بأن يقول السائل: ما تقول في كذا؟ فيقابله الجواب من جهة المسؤول فيقول: كذا...
الثاني: السؤال عن الدليل بأن يقول السائل: ما دليلك عليه؟ فيقول المسؤول كذا... فإن كان قرآنا أو سنّة بيّن وجه الدليل منها وإن كان استنباطا بين الأدلّة المستنبطة.
الثالث: السؤال عن وجه الدليل فيبينه المسؤول.
الرابع: على سبيل الاعتراض عليه والطعن فيه، فيجيب المسؤول عنه ويبيّن بطلان اعتراضه وصحّة ما ذكره من وجه دليله. فإذا سأل سائل عن حكم مطلق نظر المسؤول فيما سأله عنه، فإن كان مذهبه موافقا لما سأله عنه من غير تفصيل أطلق الجواب عنه، وإن كان عنده فيه تفصيل كان بالخيار بين أن يفصله في جواب وبين أن يقول للسائل هذا مختلف عندي فمنه كذا ومنه كذا فعن أيّهما تسأل؟ فإذا ذكر أحدهما أجاب عنه، وإن أطلق الجواب عنه كان مخطئا.
مثال لك أن يسأله سائل عن جلد الميتة هل يطهر بالدباغ وعند المسؤول كون جلد الكلب والخنزير وما تولّد منهما أو من أحدهما لا يطهر بالدباغ ويطهر ما عدا ذلك. فقول للسائل هذا التفصيل وإن شاء قال منه ما يطهر بالدباغ ومنه ما لا يطهر فعن أيّهما تسأل؟ فأمّا إذا أطلق الجواب وقال: يطهر بالدباغ فإنّه يكون مخطئا وقد جرى لأبي يوسف القاضي مع أبي حنيفة نحوا من هذه المسألة[١٣]. وهذا التقسيمات الثلاثة باعتبار المتعلّق أمّا القسم الرابع فباعتبار الغرض.

المصادر

  1. . الصحاح 5: 1723 مادّة «سأل».
  2. . معجم مقاييس اللغة 3: 124، واُنظر: لسان العرب 2: 1728، مادّة «سأل»، تاج العروس 14: 324 مادّة «سأل».
  3. . معجم مفردات القرآن الراغب الإصفهاني: 246.
  4. . الإحكام الآمدي 4: 116.
  5. . شرح مختصر الروضة في اُصول الفقه: 643.
  6. . روضة الناظر: 181.
  7. . التقرير والتحبير 3: 316.
  8. . نزهة الخاطر والعاطر بدران الدومي 1 ـ 2: 226.
  9. . البحر المحيط 5: 350.
  10. . اُنظر: ارشاد الفحول 2: 194.
  11. . شرح روضة الناظر 4: 2427 ـ 2428.
  12. . الكافية في الجدل: 70، الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 324 ـ 325.
  13. . كتاب الفقيه والمتفقه 2: 77، روضة الناظر وجنة المناظر 2: 301، العدّة في اُصول الفقه أبي يعلى 2: 381.