زيد بن أرقم

مراجعة ١٨:٢٥، ٥ أبريل ٢٠٢٣ بواسطة Wikivahdat (نقاش | مساهمات) (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

زيد بن أرقم: من أسبق الصحابة ومن مشاهيرها وأصغرهم سنّاً من الأنصار، وهو من خواصّ أصحاب علي عليه السلام أيضاً واشترك معه في معركة صفين وغيرها. وقد نُقل عنه روايات كثيرة تبلغ سبعين حديثاً عن النبي، وقد أورد أحمد معظم رواياته في مسنده. واعتبره العلّامة الأميني من جملة رواة حديث الغدير. وكان زيد يحتاط كثيراً في رواية الحديث النبوي، وكان يقول: «الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله شديد».

زيد بن أرقم بن زيد (... ــ 68ق)

وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة.[١]
كنيته: أبو عامر، أبو سعيد، أبو حمزة، أبو أُنَيسة.[٢]
نسبه: الخَزْرجي.[٣]
لقبه: الأنصاري، المدني.[٤]
طبقته: صحابي.[٥]
توفّي أبوه وهو طفل، فتولّى‏ رعايته عبداللَّه بن رَوَاحة، وأسلم قبل بلوغه، وقد منعه النبي صلى الله عليه وآله من الاشتراك في غزوة أُحد؛ لصغر سنّه.[٦] وحكى أحمد وابن عبد البرّ عن زيدٍ قوله: «غزا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله تسع عشرة غزوة، غزوت منها معه سبع عشرة غزوة».[٧] وأوّل غزوة اشترك فيها كانت في السنة الخامسة للهجرة، وهي غزوة الخندق أو المُرَيسيع، على‏ اختلاف النقل.[٨]
ومن مواقفه المشهورة فضحه لعبداللَّه بن أُبيّ رأس المنافقين، وإخباره بقوله كما حكاه اللَّه سبحانه: «لا تُنفقوا على‏ من عند رسول اللَّه حتّى ينفضّوا» وقد صدّقه الوحي بعد ذلك، وقال له النبي صلى الله عليه وآله: «إنّ اللَّه قد صدّقك».[٩]
لم نقف على‏ تاريخ حياته وتفصيل حاله في فترة ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله حتّى‏ خلافة الإمام علي عليه السلام، أي حتّى‏ أواخر سنة 35 هـ، إلّا أنّه استناداً إلى‏ ما ذكره الفضل بن شاذان من أنّ زيداً كان من السابقين في أصحاب علي[١٠]، وإلى‏ ما صرّح به ابن عبد البرّ وابن الأثير والمزي من أنّ زيداً كان من خاصّة أصحاب علي عليه السلام.[١١] يمكننا القول: إنّه كان يعيش في ظروف خاصّة، وإنّه كان من خواصّه عليه السلام، ولذا فمن الطبيعي أن تكون هجرته إلى‏ الكوفة مقارنة لهجرة أمير المؤمنين عليه السلام. وذكروا أنّه قدم الكوفة وسكن في محلّة كِنْدة، واشترك في جميع مشاهد علي عليه السلام.
وقد عدّه أبو إسحاق الشيرازي من طبقة فقهاء الصحابة[١٢]، ونقل أحمد وابن عساكر: أنّ البراء بن عازب سُئل عن الصرف يوماً، فقال: سل زيد بن أرقم، فإنّه خير منّي وأعلم.[١٣] وكان زيد يحتاط كثيراً في رواية الحديث النبوي، وكان يقول: «الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله شديد».[١٤]

موقف الرجاليّين منه

يعتبر زيد من أسبق الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله، وأصغرهم سنّاً من الأنصار، يقول الذهبي وابن حجر: «هو من مشاهير الصحابة».[١٥] وعدّه البرقي والطوسي في صحابة النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام.
وقد ذكرنا أنّه كان من خواصّ أصحاب علي عليه السلام، ونُقل عنه روايات كثيرة.[١٦] قال النووي: «روى‏ زيد سبعين حديثاً عن النبي».[١٧] وقد أورد أحمد معظم رواياته في مسنده[١٨]، وكثير منها في فضل علي عليه السلام و أهل البيت‏ عليهم السلام. وتُشاهد مثل هذه الروايات بأسانيد أُخرى‏ في كتبٍ مثل: تهذيب الأسماء للنووي ومستدرك الحاكم، والاستيعاب وغيرها في ذيل ترجمة علي عليه السلام وزيد.
واعتبره العلّامة الأميني.[١٩] من جملة رواة حديث الغدير، وذكر الطرق المتعدّدة لرواية الغدير إلى‏ زيد من الجوامع الحديثية المعتمدة.

زيد وأهل البيت عليهم السلام

ذكر النووي: «أنّ زيد بن أرقم كان ممّن قال بأنّ علياً هو أوّلهم إسلاماً».[٢٠] وقال ابن عبد البرّ: «روي عن سلمان و أبي ذرّ والمقداد وخبّاب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم: أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام أول من أسلم، وفضّله هؤلاء على‏ غيره».[٢١]
وبالرجوع إلى‏ روايات زيد في الجوامع الروائية لأهل السنّة كمسند أحمد وغيره يتّضح لنا بجلاء أنّه كان ممّن ينشر ويروي علوم أهل البيت عليهم السلام، كما يستفاد من ظاهر كلام المزي وغيره: أنّه لم يرو عن غير النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام.[٢٢]
وتجدر مناقشة ما نقله الشيخ المفيد و ابن أبي الحديد في كتابيهما: أنّ علياً عليه السلام ناشد الناس في رحبة القصر - أو رحبة الجامع بالكوفة -: أيّكم سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بها... وقال زيد بن أرقم: وكنت أنا في من سمع ذلك فكتمته، فذهب اللَّه ببصري، وكان يندم على‏ ما فاته من الشهادة ويستغفر اللَّه.[٢٣] ولاتصحّ هذه الرواية لأُمور عدّة:
منها: هذه الرواية مرسلة، وقد رواها أبو إسرائيل والحكم بن أبي سلمان، وهما مجهولان، فلايمكن إذاً الاعتماد عليها.[٢٤]
ومنها: هذه الرواية تتعارض مع ما رواه الإمام أحمد في مسنده، حيث روى‏ حادثة يوم الرحبة عن طريق أبي الطُفَيل، وجاء فيها: «... فقام ثلاثون من الناس فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أنّي أولى‏ بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول اللَّه، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه. قال (أي أبو الطفيل): فخرجت، وكأنّ في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إنّي سمعت علياً رضي اللَّه تعالى‏ عنه يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر قد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول ذلك له».[٢٥]
ومنها: نقلنا عن ابن عبدالبرّ[٢٦]: أنّ زيداً وغيره قد اعتبروا علياً عليه السلام أوّل من أسلم، وهؤلاء الذين فضّلوا علياً إنّما قالوا ذلك في زمنٍ لم يكن علي عليه السلام هو الخليفة، وأمّا قضية يوم الرحبة فقد حصلت عندما كان علي عليه السلام خليفةً، بل في أول أيام خلافته، حيث كان يعيش أوج التفاف الجماهير حوله، وتقرّب الناس إليه.
ومنها: أنّه قد صرّح لفيف من رجاليّي الفريقين ؛ كالبرقي وابن عبدالبرّ والمزي وابن حجر: أنّ زيداً كان من خاصّة أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام[٢٧]، وعداده من ضمن هؤلاء يقلّل من احتمال صدور هكذا موقف منه.
ومنها: قد أورد أكثر أصحاب التراجم: أنّ زيداً اشترك في صفّين، بل في جميع مشاهد علي عليه السلام، وحضوره الفعّال فيها معه عليه السلام يُبعّد إمكانية ماصدر منه يوم الرحبة، مع أنّ يوم الرحبة كان قد حصل قبل فترةٍ وجيزة جداً من تلك المشاهد.
ومنها: روى‏ زيد بن أرقم فقال: رَمِدْتُ، فعادني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقال لي: «أرأيت يا زيد إن كانت عيناك لما بهما، كيف تصنع؟» قلت: أصبر واحتسب، قال: «إن فعلتَ دخلتَ الجنّة» وفي لفظ: «إذن تلقى اللَّه ولاذنب لك».[٢٨] وفي مسند أبي يعلى‏ من طريق أُنَيْسة: أنّ أباها زيد بن أرقم عَمِيَ بعد موت النبي صلى الله عليه وآله، ثم ردَّ اللَّه عليه بصره.[٢٩]
ويستفاد من ذلك: أنّ النبي صلى الله عليه وآله قد تنبّأ بحصول العمى‏ لزيد، وأنّه فعلاً قد عمي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله - برواية ابنته - ثم عاد إليه بصره.
ومن مواقفه التي تدلّ على حبّه لـ أهل البيت عليهم السلام ما رواه أبو مخنف: أنّه لمّا جلس ابن زياد، وأُدخلت عليه السبايا، وأذن للناس، فإذا رأس الحسين عليه السلام موضوع بين يديه، واذا هو ينكُت بقضيبٍ بين ثنيّتيه ساعةً، فلمّا رآه زيد بن أرقم لايُنجم عن نكْتِه بالقضيب، قال له: أُغلُ بهذا القضيب عن هاتين الثنيّتين، فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على‏ هاتين الشفتين يقبّلهما.[٣٠]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام.[٣١]
وروى‏ عنه جماعة، منهم: أنس بن مالك، طاوس بن كَيْسان، طلحة بن يزيد الأنصاري، ابنته أُنَيسة، أبو الطُفَيل عامر بن واثلة الليثي، عبد خير الهَمْداني، ابن أبي ليلى‏. وقد وردت رواياته في الصحاح الستة.[٣٢]

من رواياته

نقل ابن أبي الحديد حديث الكساء عن زيد بن أرقم أنّه قال: كنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهو في الحجرة يُوحى‏ إليه، ونحن ننتظره حتّى اشتدّ الحرّ، فجاء علي ومعه فاطمة وحسن وحسين عليهما السلام فقعدوا في ظلّ حائط ينتظرونه، فلمّا خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وآله رآهم، فأتاهم، ووقفنا نحن مكاننا، ثم جاء إلينا وهو يُظلّهم بثوبه، ممسكاً بطرف الثوب، وعلي ممسك بطرفه الآخر، وهو يقول: «اللّهم إنّي أُحبّهم فأحبّهم، اللّهم إنّي سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم» قال: فقال ذلك ثلاث مرّات.[٣٣]

وفاته

المشهور أنّه توفّي سنة 68 هـ في الكوفة، أيام المختار.[٣٤]

الهوامش

  1. أُسد الغابة 2: 219، تهذيب الكمال 10: 9.
  2. تهذيب الأسماء واللغات 1: 199، الاستيعاب 2: 535.
  3. تهذيب الأسماء واللغات 1: 199، أُسد الغابة 2: 219.
  4. تهذيب الكمال 10: 10، تهذيب الأسماء واللغات 1: 199، رجال الطوسي: 41.
  5. تقريب التهذيب 1: 272.
  6. تهذيب الأسماء واللغات 1: 199.
  7. مسند أحمد 4: 370، الاستيعاب 2: 535.
  8. تهذيب التهذيب 3: 341، الاستيعاب 2: 535، الإصابة 1: 560. وغزوة المُرَيْسيع هي غزوة بني المصطلق التي وقعت خارج المدينة (المغازي 1: 404).
  9. تهذيب الأسماء واللغات 1: 199، كتاب التاريخ الكبير 3: 385. والآية: 7 من سورة المنافقون المباركة.
  10. رجال الكشّي: رقم (77) و(78).
  11. الاستيعاب 2: 536، أُسد الغابة 2: 220، تهذيب الكمال 10: 11.
  12. طبقات الفقهاء: 34.
  13. مسند أحمد 4: 374، تهذيب تاريخ دمشق 5: 442.
  14. تهذيب تاريخ دمشق 5: 442.
  15. سير أعلام النبلاء 3: 116.
  16. رجال البرقي: 2،7، رجال الطوسي: 20، 41، 68، 73.
  17. تهذيب الأسماء واللغات 1: 199.
  18. مسند أحمد 4: 366 - 375.
  19. الغدير 1: 29.
  20. تهذيب التهذيب 1: 345.
  21. الاستيعاب 3: 1090.
  22. تهذيب الكمال 10: 10، الإصابة 1: 560.
  23. الإرشاد: 185، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 74.
  24. معجم رجال الحديث 8: 344.
  25. مسند أحمد 4: 370.
  26. الاستيعاب 3: 1090.
  27. رجال البرقي: 2، الاستيعاب 2: 536، تهذيب الكمال 10: 11، تهذيب التهذيب 3: 341.
  28. مسند أحمد 4: 375، سير أعلام النبلاء 3: 166 - 167.
  29. مسند أبي يعلى‏ 13: 183.
  30. تاريخ الطبري 5: 456.
  31. تهذيب الكمال 10: 10، تهذيب التهذيب 3: 341.
  32. تهذيب الكمال 10: 12.
  33. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 207 - 208.
  34. الطبقات الكبرى‏ 6: 18، كتاب الثقات 3: 139، الاستيعاب 2: 535، أُسد الغابة 2: 220.