القدس
القدس مدينة كانت تسمّى أيضاً أورشليم وإيليا قبل الإسلام. وهي من المدن التي لكل من الأديان الإسلامية والمسيحية واليهودية قدسية خاصة لها. يوجد فيها تلّ يسمّى بتلّ موريا. وقد تمّ رسم سياج في المنطقة الواقعة فوق تل موريا، والذي يسميه المسلمون الحرم الشريف بأكمله. يحتوي هذا المسجد الذي حسب الأدلّة هو نفس المسجد الأقصی المذکور في القرآن، على العديد من رموز الزیارات. وبالطبع يوجد مسجد آخر في هذه المنطقة، والذي يسمى أيضاً المسجد الأقصى، ولکن أن ذلك المسجد الأقصى الذي ذكر في القرآن وكان أول قبلة للمسلمين، والذي قال الله عنه: «تبارك الحولة»، هي نفس منطقة الحرم الشريف.
سیرة قدس
فلسطين من حيث منزلتها ومكانتها الدينية الخاصة التي كانت تحظى بها بين المسلمين والمسيحيين واليهود ولازالت هي ذات أهمّية خاصة بين أتباع هذه الأديان، فقد تمّ تقديمها كأرض مقدسة. لم تكتسب أي قضية في العالم الإسلامي وبين أتباع أدیان الأخرى أهمية أكبر من قضية فلسطين. وترجع تلك الأهمية الخاصة لفلسطين لدى المسلمين في الغالب إلى وجود الأماكن المقدسة فيها. ونذكر منها مدينة إيليا التي سُميت ببيت المقدس بعد فتح فلسطين بجهود المسلمين. بيت المقدس أو القدس الشريف، هي أرض ذات أهمية كبيرة بين الأديان الثلاث الكبرى المعاصرة، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية، والتي تعتبر مقدّسة ولها أتباع کثير في العالم. المیزة التي يمكن عدّها لبيت المقدس من الناحية الدينية، هي أنه لا يوجد مكان في العالم مقدّس مثل القدس. وحتى مكان مثل المكّة أو المدينة المنوّرة، على الرغم من كل قدسيتهما وأهميتهما، لا يحترمه إلا أتباع دين واحد وهو الإسلام. بينما القدس لها قدسيّة عند الأدیان السماويّة الثلاث الكبرى ولها الدرجة الأولى من الأهمية في نظرهم. وما یأتي فيما يلي يوضح قدسية هذه الأرض.
تاریخ القدس
وبحسب الأدلّة الأثرية، يعود تاريخ الحياة البشريّة في منطقة القدس إلى العهد الأوّل من الفترة الجيولوجيّة الرابعة. كانت هناك على شكل «قلعة» حيث أخرجها الأعراب المهاجرون من الشبه الجزيرة العربية، وهم نفس الكنعانيين الساميّين، من أيدي الكنعانيين حوالي 3000 قبل الميلاد.
تأسست الدولة اليهودية حوالي عام 1020 قبل الميلاد، وما کان لديها تنظيم سیاسي إلّا في فترة التي دامت 80 عاماً خلال حكم داود والنبي سليمان فقط. وبدأ سليمان (علیه السلام) في السنة الرابعة من حكمه، أي بعد 539 سنة من وفاة النبي موسى (عليه السلام)، ببناء القدس إمتثالاً على وصية أبيه. وبعد 979 سنة من وفاة النبي موسى، هاجمها بخت نصر الثاني ملك بابل ودمّرها، وبقيت هذه المدينة في حالة خراب لمدة 70 عاما، وكان هذا أوّل تدمير لها. وفي وقت لاحق، في الحرب بين إيران وبابل، تمّ غزوها من قبل كورش الأخميني، وسمح هذا الملك الإيراني بإعادة بناء القدس ومعابدها.
لقد احتلّها الإيرانيون لمدة 200 عام تقريبًا، وخلال هذه الفترة، بعد سقوط الأخمينيّين، إحتلّها الإسكندر الأکبر. وسیطر علی القدس الرومان 63 عامًا قبل ظهور المسيح، والبارثيون الإيرانيّون 40 عامًا قبل ظهور المسيح. وبعد فترة سيطر الروم والإيرانيون علیها، وولد عيسى (عليه السلام) في عهدهما.
وفي عامي 132 و66 م، حدثت ثورات كبيرة في هذه المنطقة، والتي قمعها الرومان بشدة. هاجم تيطس، ملك روما، القدس بعد 40 عامًا من صعود يسوع إلى السماء في السنة الأولى من حكمه، وأشعل النار في هيكل سليمان وأحرق جميع الكتب وأفرغ القدس من بني إسرائيل، وكانت هذه بداية تشتّت اليهود في جميع أنحاء العالم. وبقت هذه المنطقة في تطور عسكري وسياسي حتى فتحها المسلمون.