الاستثناء
الاستثناء اصطلاح في أصول الفقه بمعنی إخراج الشئ عما يصحّ دخوله فيه ودالّ على أنَّ المذكور فيه لم يُرَد بالقول الأوّل.
تعريف الاستثناء لغةً
الاستثناء من ثَنَيْت الشيءَ أثنيه ثنيا، من باب رمى، إذا عطفته ورددته. وثنيته عن مراده: إذا صرفته عنه وعدلته. [١]. وقد يكون من باب ثنّيت الشيءَ (بالتشديد) بمعنى: جعلته اثنين، وكأنَّه بالاستثناء ثنَّى الكلام وجعله اثنين[٢]، كما نسب هذا إلى بعض الأصوليين. [٣]
تعريف الاستثناء اصطلاحاً
ذكر له عدّة تعريفات: ـ إخراج الشيء عمّا يصحّ دخوله فيه، وعمّا دخل فيه غيره. [٤] ـ هو قول ذو صيغ مخصوصة محصورة، دالّ على أنَّ المذكور فيه لم يُرَد بالقول الأوّل. [٥] ـ إخراج بعض الجملة منها، بلفظ إلاَّ أو ما يقوم مقامها. [٦]
ـ الإخراج بإلاَّ أو إحدى أخواتها من متكلّم واحد. [٧] وقريب منه تعريف الشهيد الثاني له[٨]: تخصيص بعض الشيء من جملته، أو إخراج شيء ممَّا أدخلت فيه شيئا آخر. [٩] وقد اعتاد النحويون إطلاق التخصيص على ما كان خبرا من خبر، من قبيل: (اقتل القوم، ودع زيدا)، لكنّه لايُدعى استثناءً عند الأصوليين، بل تخصيصا وإن كانت النتيجة واحدة. [١٠] وهذه التعريفات تكشف عن اتّحاد المعنى لدى الأصوليين والنحاة، وإن اختلفوا في استثناء المشيئة؛ إذ يعدّه بعض الأصوليين استثناءً، دون النحاة، ويأتي الحديث عن استثناء المشيئة.
الاستثناء يخرج ما صحَّ دخوله أو ما وجب؟
ذهب بعض مثل السيد المرتضى إلى: أنّ المعروف عند أهل اللغة كون الاستثناء يخرج ما صحَّ أو صلح دخوله في المستثنى منه دون ما وجب دخوله فيه، ففي المثال: «من دخل داري أكرمته» يجوز استثناء أي عاقل، ولايجوز استثناء حيوان برغم أنّ الداخل قد يكون حيوانا؛ وذلك لأنَّه غير حسن. [١١] بينما ذهب بعض آخر مثل الشيخ الطوسي إلى: أنّ الاستثناء يخرج ما وجب دخوله، واستدلّ باستحسانات لغوية، من قبيل المثال: «من دخل داري ضربته» فلا يستحسن السؤال: «وإن دخلها نبي؟» أو «وإن دخلها أبوك؟» برغم أنّ النبيّ والأب صالحان في الدخول في (من دخل). واستدلَّ كذلك بحسن الاستثناء من الأعداد، فيقال: «أعطِ فلانا عشرة دراهم إلاّ واحداً» ولولا الاستثناء لوجب إعطاء العشرة كلّها، ويقال بالوجوب؛ صونا للفظ من الاشتراك[١٢]، لكن المحقق الحلي يرفض رأيه باستحسانات أخرى[١٣]، والأمر عموما يعود إلى استحسانات أهل اللغة.
صيغ الاستثناء
للاستثناء صيغتان: إحداهما متفق عليها، والأخرى اختلف فيها الأصوليون: الأولى: الاستثناء بإحدى الألفاظ التالية: إلاَّ، وغير، وسوى، وعدا، وليس، ولايكون، وحاشا، وخلا. [١٤] والأخرى: الاستثناء بالمشيئة وما شابهها في مثل قوله تعالى: «وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ»[١٥] فيُدعى هذا الاستثناء استثناء مشيئة؛ باعتبار توقّفه على مشيئة اللّه، ولايكون حاصلاً في الخارج بنحو قطعي إلاّ بعد المشيئة. وقد اختُلِفَ في دخوله في الاستثناء، ومنهم من منعه، واحتجَّ بأنَّه لو قال: «أنت طالق ثلاثا إن شاء اللّه»، لم يقع، خلافا لمالك، في حين إذا قال: «أنتِ طالق ثلاثا إلاَّ ثلاثا» وقع، فدلَّ على أنَّه ليس باستثناء. [١٦]
شروط الاستثناء
ذكرت عدة شروط للاستثناء اختلف الاصوليون فيها: الأوّل: أن يكون الاستثناء متّصلاً بالكلام، وحُكِيَ عن ابن عبّاس أنَّه كان يذهب إلى أنَّه يجوز تأخيره عن حال الخطاب، أي زمان حصوله[١٧]، وهو ضعيف غير صحيح. [١٨] احتجَّ القائلون بشرط الاتّصال بالأمور التالية: أ: ما رُوِي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنَّه قال: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه، فليأتِ الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه»[١٩]، ولو كان الاستثناء المنفصل صحيحا، لأرشد النبيّ صلىاللهعليهوآله إليه؛ لكونه طريقا مخلصا للحالف عند تأمُّل الخير. ب: أنَّ أهل اللغة لايعدّون ذلك كلاما منتظما. ج: أنَّه لو قيل بصحّة الاستثناء المنفصل، لما عُلِمَ صدق صادق، ولا كذب كاذب، ولا حصل وثوق بيمين، ولا وعد ولا وعيد، ولا حصل الجزم بصحّة عقد نكاح وبيع وإجارة، ولا لزوم معاملة أصلاً؛ لإمكان الاستثناء المنفصل ولو بعد حين. [٢٠] الثاني: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، كقوله: «رأيت الناس إلاَّ زيدا»، ولا تقول: «رأيت الناس إلاَّ حمارا» [٢١]، وأجازه الحنفية والمالكية[٢٢]، بل بعض الشافعية[٢٣] و الشهيد الثاني من الإمامية. [٢٤] وذكر الفقهاء اختلاف الشافعي وأبي حنيفة في الرجل إذا قال: «لفلان عليَّ ألف درهم إلاَّ ثوبا»، ثمَّ ذكر ثوبا لايستغرق قيمة الألف المذكورة، وذكر وجها معقولاً في استثناء قيمة الثوب من الألف، وجعل ذكر الثوب عبارة عن قيمته، فهذا مقبول عند الشافعي، ومردود عند أبي حنيفة. وسوَّغ أبوحنيفة استثناء المكيل بعضه من بعض وإن اختلفت الأجناس، ردّا إلى التأويل الذي ذكره الشافعي في الثوب، وكذلك جوَّز استثناء المكيل من الموزون، والموزون من المكيل. [٢٥] القائلون بصحّة الاستثناء من غير جنس المستثنى احتجّوا بالمنقول والمعقول: أمَّا المنقول، فما ورد من آيات تستثني إبليس من الملائكة[٢٦]، وكذلك الآية الكريمة: «لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوا وَلاَ تَأْثِيما * إِلاَّ قِيلاً سَلاَما سَلاَما».[٢٧] وبعض أبيات الشعر مثل قول الشاعر: «وبلدةٍ ليس بها أنيسُ؛ إلاَّ اليعافيرُ وإلاَّ العيسُ». وكذا كلام العرب مثل: «ما بالدار أحد إلاَّ الوتد». وأمّا المعقول، فقد استدلّوا بأنّ الاستثناء لايرفع جميع المستثنى منه، فصحَّ، كاستثناء الدراهم من الدنانير وبالعكس. [٢٨] والنافون للصحّة أوّلوا الأمثلة المتقدّم ذكرها، وقدّروا فيها ما يجعل المستثنى والمستثنى منه من جنس واحد. وردّوا ما ذكر من دليل المعقول: بأنَّ دليلهم لا إشعار له بصحّة الاستثناء من غير جنس، واستثناء الدراهم من الدنانير وبالعكس ممَّا وقع النزاع فيه. [٢٩] الثالث: أن لايكون مستغرقا، فلو قال: «لفلان عليَّ عشرة إلاَّ عشرة» بطل الاستثناء، ولزمته العشرة؛ لأنَّه رفع للإقرار، والإقرار لايجوز رفعه. [٣٠] والاستثناء إذا كان مستغرقا باطلٌ بالإجماع. [٣١] وفصَّل الحنفية في المستغرق: فإن كان بلفظ الصدر، نحو: «لفلان عليَ عشرةٌ إلاّ عشرة»، أو بما يساويه في المفهوم، نحو: «عبيدي أحرار إلاّ مماليكى»، فهو باطل. وإن كان بغير ذلك، نحو: «عبيدي أحرار إلاّ هولاء» وأشار إلى عبيده الموجودين، لم يمتنع. [٣٢] ويبدو أنَّ حجّة القائلين بهذا الشرط استلزام الاستثناء المستغرق بطلان الكلام ولغويته. [٣٣]
الاستثناء معارضة أو بيان
قال الحنفية: إنَّ الاستثناء يعمل بطريق البيان، وعلى قول الشافعي يعمل بطريق المعارضة، ولم يرد نصٌّ عن الشافعي، لكن استدلّوا على رأيه باستظهارات. [٣٤] والمراد بالبيان: أنَّ المستثنى لم يكن مرادا للمتكلّم من الأصل؛ لأنَّه مَنَعَ دخوله تحت المستثنى منه، وأمَّا بالنظر إلى صورة اللفظ، فهو استخراج صوري. والمراد بالمعارضة: أنَّه يمنع الحكم مثل دليل التخصيص، أي: أن يثبت حكما مخالفا لحكم صدر الكلام؛ فإنَّ صدر الكلام يدلُّ على إرادة المجموع، وآخره يدلُّ على إرادة إخراج بعض عن الإرادة، فتعارضا في ذلك البعض، فتعيَّن خروجه عن المراد دفعا للتعارض، كتخصيص العام. [٣٥] وفائدة الخلاف في كيفية التعامل مع النص الذي تضمَّن استثناءً، فإنّه بناءً على التعارض يندرج تحت بحوثه ويعالج بمعالجات التعارض مثل التخصيص، أمّا بناءً على كونه بيانا، فيكون من بحوث الألفاظ ولا حاجة لمعالجته بنحو التعارض.
الألفاظ ذات الصلة
أ ـ التخصيص
اعتبر السيد المرتضى الاستثناء من أقسام الأدلَّة المتصلة والمخصِّصة الأربعة وهي: الاستثناء، والتقييد بصفة، والدليل العقلي، والدليل السمعي[٣٦]، وكذلك فعل الفخرالرازي[٣٧]، و الآمدي[٣٨]، و الزركشي[٣٩]، و محدرضا المظفّر[٤٠]، و حسن هيتو[٤١]، ومحمد أبوالنور زهير[٤٢]، و الخضري بك، إلاَّ أنَّ الأخير اعتبره واحدا من أدلّة التخصيص الخمسة وهي: الشرط والغاية والصفة والبدل والاستثناء. [٤٣] والجويني اعتبر الاستثناء عِدْلاً للتخصيص ومن القرائن غير الحالية التي يرفع اليد بها عن العموم؛ إذ قال: «فأمَّا القرائن التي ليست حالية، فهي تنقسم إلى الاستثناء والتخصيص»[٤٤]. وفرَّق بينهما في الأمور التالية: 1 ـ الاستثناء مع المستثنى منه في حكم الكلام الواحد ، والتخصيصُ لايقع جزءا من الكلام الوارد عامّا. 2 ـ التخصيص قد يتبيَّن بقرائن الأحوال، ولايُفْرَضُ ذلك في وضع الاستثناء. [٤٥] واعتبر أبو حامد الغزالي الاستثناء كالتخصيص من القرائن اللفظية التي يرفع اليد بها عن العموم[٤٦]. وفرَّق بينهما بما يلي: 1 ـ الاستثناء جزء من الكلام، وليس كذلك التخصيص. 2 ـ التخصيص بيان لمعنى اللفظ والمراد به، والاستثناء رافعا وناسخا (أو معارضا). 3 ـ الاستثناء يجوز اتصاله بالنص، والتخصيص لايتطرّق إلى النص. [٤٧]
ب ـ النسخ
يفرّق بين النسخ والاستثناء في الأمور التالية: 1 ـ النسخ يرفع ما دخل تحت اللفظ المنسوخ، والاستثناء يمنع بعض الأفراد من الدخول تحت المستثنى منه. [٤٨] 2 ـ يشترط في الاستثناء اتّصاله بالمستثنى وعدم استقلاله عنه، في حين يشترط في الناسخ تأخُّره واستقلاله. 3 ـ يجوز في النسخ رفع بعض أو جميع الحكم، في حين الاستثناء يمنع بعض الأفراد من الدخول تحت المستثنى منه. [٤٩]
ج ـ الشرط
يميّز بين الشرط والاستثناء في أمور، منها: 1 ـ الاستثناء يُخْرِجُ الأعيانَ، والشرط يُخْرِجُ الأحوال. 2 ـ الشرط يُثبت الحكم في حال وجوده، وينفيه في حال عدمه، والاستثناء يجمع بين النفي والإثبات. 3 ـ لايجوز في الاستثناء رفع جميع المنطوق به، في حين يجوز أن يدخل الشرط في كلام يبطل جميعه. [٥٠]
أقسام الاستثناء
للاستثناء أقسام متعدّدة باعتبارات مختلفة، أهمها تقسيمه باعتبار الحقيقة والمجاز، فيقسم إلى قسمين: الأوّل: الاستثناء الحقيقي: وهو المتَّصل من حيث الكلام، والمتّحد من حيث الجنس، أي أنّ شروط الاستثناء قد تحقَّقت فيه، من قبيل: «لزيد عندي عشرة دراهم إلاَّ درهما» و «أكرم الناس إلاَّ الفاسقين». والآخر: الاستثناء المجازي أو المنقطع: وهو المنفصل من حيث الكلام، أو كون الاستثناء فيه من غير الجنس، من قبيل: «فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ»[٥١] أو «أتاني المسلمون إلاَّ اليهود» [٥٢] والمدار في كونه مجازيا أ نّه فاقد لبعض شروط الاستثناء. ويقسَّم الاستثناء تقسيما آخر، وهو: 1 ـ الاستثناء المفرَّغ، وهو الاستثناء الذي يكون المستثنى منه محذوفا مقدَّرا مع كونه أمرا شاملاً للمستثنى، من قبيل: ما جاءني إلاّ زيد، فيقدّر أحد هنا. 2 ـ الاستثناء غير المفرَّغ، وهو الذي يكون المستثنى منه مذكورا، مثل: جاءني القوم إلاّ زيدا. وهناك تداخل بين الأقسام، فالاستثناء المنقطع يكون غير مفرّغ دائما، أمّا المتصل فقد يكون مفرغا وقد لايكون مفرّغا. [٥٣]
حكم الاستثناء
لا شبهة في دلالة الاستثناء المتّصل على اختصاص الحكم ـ سلبا أو إيجابا ـ بالمستثنى منه، ولا يعمّ المستثنى. [٥٤] وأمّا المنقطع، فباعتباره لا استثناء فيه ولا إخراج، فلا يعتبر مخصِّصا، وإنّما سمّي استثناءً مجازا، بل أنكر بعضهم تسميته استثناءً، لا حقيقةً ولا مجازا[٥٥] لكن الموارد التالي ذكرها وقعت موضع نقاش الأصوليين:
1 ـ حکم استثناء الأكثر
ذهب أكثر المحصّلين من الفقهاء والمتكلّمين وأهل اللغة إلى صحّة استثناء الأكثر[٥٦]، حتَّى إنَّه لو قال: «له عليَّ عشرة إلاَّ تسعة» لم يلزمه سوى درهم واحد. [٥٧] وذكر القاضي أبو بكر: أنَّ شرط صحّة الاستثناء أن يكون مضمونه أقلَّ من نصف المستثنى منه، ولم يتمسَّك إلاَّ باستبعاد أنَّ العرب تستقبح استثناء الأكثر. [٥٨] و أحمد بن حنبل[٥٩] وأتباعه الحنابلة[٦٠] منعوا هذا النوع من الاستثناء، وذُكِرَ أنَّ للشافعي فيه قولين. [٦١] وهناك مذهب آخر (ثالث)، وهو: التفصيل بين أن يكون العدد صريحا، فلا يجوز استثناء الأكثر، نحو: «عشرة إلاَّ تسعة»، وبين غيره، فيجوز نحو: «خذ الدراهم إلاَّ ما في الكيس الفلاني» وكان ما في الكيس أكثر من الباقي. [٦٢] و السيد الخوئي يفصِّل بنحو آخر؛ إذ يقول: «عموم المستثنى منه: تارةً يكون من قبيل القضايا الخارجية، والملحوظ في الحكم هو الأفراد الخارجيين، فلا شكّ في قبح هكذا استثناء، كما لو قيل: «قتل جميع العسكر إلاّ بني تميم» وكان في العسكر من غير بني تميم رجل أو رجلان، أي أنّ المقتول رجل أو رجلان، فهذا مستهجن. وتارةً أخرى يكون العموم الوارد في المستثنى منه على نحو القضايا الحقيقة، والحكم ناظر فيه إلى الموضوع المقدّر لا الأفراد الخارجيين، فالتخصيص عندئذٍ غير مستهجن مهما بلغ المستثنى؛ لعدم لحاظ الخارج»، واعتبرَ هذا قاعدة كلية في تخصيص الأكثر. [٦٣]
أدلّة المجوّزين
الأوَّل: أنَّ استثناء الأكثر في المعنى المقصود كاستثناء الأقلّ، فيجب جوازُه. الثاني: أنَّ الاستثناء كالتخصيص في المعنى، فإذا جاز أن يُخصَّص الأكثر جاز أن يستثنيه. [٦٤] الثالث: لا فرق بين قول القائل: (ألف غير تسعمئة وتسعة وتسعين)، وبين قوله: (واحد)، ولا فرق بين قول القائل: (سبع مئة وثلاثمئة)، وبين قوله: (ألف). وهذا كلّه من المتلائمات، وهي ألفاظ مختلفة معناها واحد. وإذا كان ذلك فلا فرق بين استثناء ثلاثمئة من ألف؛ لأنَّها بعض الألف، وبين استثناء تسعمئة وتسعة وتسعين من الألف أيضا؛ لأنَّها بعض الألف، ولا فرق. [٦٥]
أدلّة المانعين
يمكن أن يستدلَّ المانعون بالأمور التالية: الأوّل: أن يمنعوا منه؛ لأنَّه لايفهم منه المراد. الثاني: أنَّه غير مستعمل في اللغة. الثالث: أنَّ الحكمة تمنع من ذلك، فالاستثناء للاختصار أو للاستدراك، وفي هذا النوع من الاستثناء إطالة، كما أنَّه لم تجرِ العادة على استثناء الكثير. ويرد عليه أمّا الأوّل، فإنّ السامع يفهم المراد من قول: (لزيد عليَّ عشرة دراهم إلاَّ تسعة). وأمّا الثاني من كونه غير مستعمل فدعوى، وعدم نقله في اللغة أو نقله نادرا لأجل أنَّ الحاجة إلى هكذا استثناء نادرة؛ ولهذا ندر في كلامهم، فلم يُنْقَل أو نُقِلَ نادرا[٦٦] مضافا إلى وروده في القرآن في الآية: «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ»[٦٧]، ثمَّ قال: «قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»[٦٨]، فاستثنى الغاوين من العباد، والعباد من الغاوين، وأيّهما كان أكثر فقد استثناه من الآخر. [٦٩] وأمّا الثالث، فعلى الرغم من أنَّ الحكمة تقتضي عدم استثناء الأكثر غالبا، فإنّه أحيانا يتّفق خلافه؛ لسبق لسان أو ما شابه. [٧٠] نعم، هو ركيك، وهذا لايعني عدم الصحّة، فقد يقال: «إلاَّ تسع سدس» و«خمس سبع» و«سبع سدس»، فهذا ركيك، إلاَّ أنَّه مقبول، نعم لايصدر مثله عن الشارع؛ لركاكته، لا لتناقضه. [٧١] لكنَّ الصحيح أنَّ الخلاف في أنَّ هذا الاستثناء ليس بمستحسن في اللغة عند العامّة؛ لأنَّه لاستدراك الغلط في الأصل، ومثل هذا الغلط نادر[٧٢]، أو أنَّ هذا الاستثناء مستكره وإن كان صحيحا، فإذا قال: (عليَّ عشرة إلاَّ تسعة) فلا يلزمه باتّفاق الفقهاء إلاَّ درهم. [٧٣] ثمَّ المانعون لاستثناء الأكثر اختلفوا في حدّ القليل الذي يستثنى، فالكثير لم يحدّده بالضبط، لكنَّ ابن مغيث من المالكية حدَّده بالثلث فما دونه، وهذا مذهب مالك وأصحابه. [٧٤]
2 ـ حکم استثناء المساوي
استثناء المساوي جائز، وإليه ذهب الجمهور، وهو واقع في اللغة وفي الكتاب العزيز، نحو قوله سبحانه: «قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً»[٧٥]، وقد نقل القاضي أبو الطيّب الطبري والشيخ أبو إسحاق الشيرازي والمازري والآمدي عن الحنابلة أنَّه لايصحّ استثناء المساوي، ولا وجه لذلك[٧٦]؛ ومن المانعين استثناء المساوي ابن قتيبة؛ فإنَّه قال: القليل الذي يجوز استثناؤه هو الثلث فما دونه. [٧٧]
3 ـ حکم تعقيب الاستثناء لجمل متعاقبة
انقسم القوم إلى عِدّة أقوال في رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة أو إلى جميع الجمل فيما إذا جاء بعد جمل متعاطفة بالواو أو نحوها. على أنَّه لا خلاف في رجوع الاستثناء في المفردات المتعاطفة إلى الجميع، كما لا خلاف في رجوعه إلى مورد خاصّ إذا دلَّ دليل أو قرينة على ذلك[٧٨]. كما أنَّهم اتّفقوا على أنَّ النزاع خاصّ بالاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة. وقال بعضهم: إنَّ العاطف هو خصوص الواو، فإذا كان غيرها كالفاء أو ثُمَّ اختصَّ الاستثناء بالأخيرة، وإلى ذلك ذهب الأسنوي وجماعة. [٧٩]
الأقوال في حکم تعقيب الاستثناء لجمل متعاقبة
في هذا النوع من الاستثناء وردت الأقوال التالية:
=القول الأوّل: الرجوع إلى جميع الجمل=
وهو رأي أصحاب الشافعي[٨٠]، والمالكية[٨١]، وأكثر الحنبلية[٨٢]، والشيخ الطوسي[٨٣]، والشهيد الثاني[٨٤] من الإمامية. واستدلّ له بعدّة أدلة: 1 ـ إنَّ الكلام إذا عُطِفَ بعضه على بعض بالواو الموضوعة للجمع صار كأنَّه مذكور بلفظ واحد، ألا ترى أنَّه لا فرق بين أن يقول: «رأيت زيدا وعمرا وخالدا»، وبين أن يقول: «رأيتهم»؟ فالاستثناء لو ذُكِرَ عقيب الجملة المتناولة لجميعهم كان متعلّقا بهم، فكذلك إذا ذكر عقيب الجمل المعطوف بعضها على بعض؛ لأنَّها في حكم الجملة الواحدة. [٨٥] وأجيب بأنَّ ذلك مسلَّم في المفردات، وأمَّا في الجمل فممنوع. [٨٦] 2 ـ إنَّ الإجماع منعقد على أنَّه لو قال: (واللّه لا أكلت الطعام، ولا دخلت الدار، ولا كلَّمت زيدا) واستثنى بقوله: (إن شاء اللّه)، لعاد إلى الجميع. [٨٧] واُجيب بأنَّ ذكر المشيئة عقيب الجمل ليس باستثناء ولا شرط؛ لأنَّه لو كان استثناء، لكان فيه بعض حروفه. ولو كان شرطا على الحقيقة، لما صحَّ دخوله على الماضي، وقد يذكر المشيئة في الماضي، فيقول القائل: «حججت وزرت إن شاء اللّه تعالى». [٨٨] 3 ـ إنَّ الحاجة قد تدعو إلى الاستثناء من جميع الجمل، وأهل اللغة مطبقون على أنَّ تكرار الاستثناء في كلّ جملة مستقبح ركيك مستثقل، فلم يبقَ سوى تعقّب الاستثناء للجملة الأخيرة. [٨٩] ورُدَّ بأنَّهم كما يريدون الاستثناء من كلّ جملة فيختصرون بذكر ما يدلُّ على مرادهم في أواخر الجمل، هربا من التطويل بذكره عقيب كلّ جملة، كذلك يريدون الاستثناء من الجملة الأخيرة فقط، فلا بدَّ من القرينة في الحكم بالاختصار وعدمه. [٩٠] 4 ـ إنَّ الاستثناء صالح أن يعود إلى كلّ واحدة من الجمل، وليس بعض أولى من بعض، فوجب العود إلى الجميع كالعامّ. [٩١] وأجيب عنه: بأنَّ صلاحيّته للجميع لاتوجب ظهوره فيه، وإنَّما تقتضي التجويز لذلك والشكّ فيه، فرقا بين ما يصحّ عوده إليه، وبين ما لايصحّ. وتناول ألفاظ العموم للجميع ليس باعتبار صلاحيتها لذلك، بل لأنَّها موضوعة للشمول والاستغراق وجوبا. [٩٢] 5 ـ إنَّه لو قال : «عليَّ خمسة وخمسة إلاَّ ستة» لصحّ، ولو كان مختّصا بالجملة الأخيرة، لما صحَّ؛ لكونه مستغرقا لها. وأجيب بأنَّا لا نسلّم صحّة هذا الاستثناء، وإن سلَّمنا فإنَّما عاد إلى الجميع؛ لقيام الدليل عليه، وهو أنَّ استثناء الستة من الخمسة متعذّر، فلا بدَّ من رجوعه إلى الجميع. 6 ـ لو قال القائل: «بنو تميم وربيعة أكرموهم إلاَّ الطوال»، لعاد الاستثناء إلى الجميع، فكذلك إذا تقدَّم الأمر بالإكرام؛ ضرورة اتّحاد المعنى. ويردُّ بأنَّ حاصل هذا يرجع إلى القياس في اللغة، وهو باطل، مع أنَّ الفرق ظاهر؛ لأنَّه إذا تأخَّر الأمر عن الجمل، فقد اقترن باسم الجميع، وهو قوله: «أكرموهم» بخلاف الأمر المتقدِّم، فإنَّه لم يتَّصل باسم الفريقين، بل باسم الفريق الأوَّل. 7 ـ إذا قال القائل: «اضربوا بني تميم وبني ربيعة إلاَّ من دخل الدار» فمعناه من دخل من الفريقين. [٩٣] ويردُّ بأنَّه ليس تقدير هذا المعنى أولى من تقدير «إلاَّ من دخل من ربيعة».[٩٤] 8 ـ إنَّ الشرط إذا تعقَّب جملاً كثيرة، فلا خلاف في أنَّه يرجع إلى جميعها[٩٥]، والعلّة الجامعة بينهما: أنَّ كلّ واحد منهما لايستقلّ بنفسه، ويحتاج إلى تعليقه بغيره ليفيد، فلمَّا اتّفقا في هذا الحكم، وجب اتّفاقهما في وجوب رجوع كلّ واحد منهما إلى ما تقدَّم. [٩٦] وأجيب عن القياس على الشرط بالفرق بينهما، وذلك بأنَّ الشرط قد يتقدَّم كما يتأخَّر. [٩٧]
=القول الثاني: الرجوع إلى الجملة الأخيرة=
وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة [٩٨]، إلاَّ في استثناء المشيئة، فقد أرجعوه إلى الكلّ[٩٩]، وكذا العلاّمة الحلّي في مبادئ الوصول[١٠٠]، لكنَّه ذهب إلى التفصيل في تهذيب الوصول. [١٠١] واستدلّ له بعدّة أدلة: 1 ـ من حق العموم المطلق أن يُحمل على عمومه وظاهره إلاّ لضرورة تقتضي خلاف ذلك، ولمّا خصّصنا الجملة التي يليها الاستثناء بالضرورة، لم يجز تخصيص غيرها، ولا ضرورة تقتضي ذلك. 2 ـ إنَّ الاستثناء إنَّما وجب ردّه إلى ما قبله ضرورة أنَّه لايستقل بنفسه، فإذا تعلَّق بما يليه فقد استقلَّ وأفاد، فلا حاجة إلى تعليقه بما قبل ذلك. 3 ـ إنّه فُصِل بين الاستثناء والجملة الأولى بالجملة الأخيرة، وذلك أشبه ما لو فُصِل بينهما بكلام آخر. [١٠٢] ورُدَّ الدليل الأوَّل بأنَّ إطلاق الكلام الأوّل غير مسلَّم قبل تمام الكلام، وما تمَّ الكلام حتَّى أردف باستثناء يرجع إليه عند المعمِّم، ويحتمل الرجوع إليه عند المتوقّف، كـ : السيد المرتضى الذي لايسلِّم أن لفظ العموم يجب حمله بظاهره على الاستغراق. وردّ الدليل الثاني بأنّ حصول الاستقلال بتعلّقه بالأخيرة، إنّما يقتضي عدم القطع بالتعلّق بغيرها، وعليه العود إلى الجميع محتمل، لا واجب. [١٠٣] ورُدَّ الدليل الثالث بأنَّ العطف بالواو يوجب نوعا من الاتّحاد بين المعطوف والمعطوف عليه، فتصير الجمل كالجملة الواحدة التي لا فصل بين أجزائها. [١٠٤]
=القول الثالث: الاشتراك=
أي أنَّ الاستثناء إذا تعقَّب جملاً، وصحَّ رجوعه إلى كلِّ واحدة منها لو انفردت، فالواجب تجويز رجوعه إلى جميع الجمل، كما قال الشافعي، وتجويز رجوعه إلى ما يليه، على ما قال أبو حنيفة، وألاَّ يقطع على ذلك إلاَّ بدليل منفصل أو عادة أو أمارة، وهو للسيّد المرتضى[١٠٥]، وقد فُسِّرَ رأيه بالقول: إنَّه يرجع إلى ما يليه قطعا، ويجوز مع ذلك رجوعه إلى ما تقدَّمها من الجمل، ويقف ذلك على البيان. [١٠٦] ويقرب من هذا المعنى ما ذهب إليه الشيخ جمال الدين، إذ قال: «إنَّ اللفظ محتمل لكلٍّ من الأمرين، لايتعيَّن لأحدهما إلاَّ بالقرينة. وليس ذلك لعدم العلم بما هو حقيقة فيه، كمذهب الوقف[١٠٧]، ولا لكونه مشتركا بينهما مطلقا، كما يقوله المرتضى وإن كنّا في المعنى موافقين له».[١٠٨] استدلَّ السيد المرتضى على رأيه بما يلي: 1 ـ إنَّ القائل إذا قال لغيره: «اضرب غلماني والقَ أصدقائي إلاَّ واحدا» يجوز أن يستفهمه المخاطب، هل أراد استثناء الواحد من الجملتين أو من جملة واحدة؟ والاستفهام لا يَحْسُن إلاَّ مع احتمال اللفظ واشتراكه. 2 ـ إنَّ الظاهر من استعمال اللفظة في معنيين مختلفين ـ من غير أن تقوم دلالة على أنَّها متجوّز بها في أحدهما ـ أنَّها حقيقة فيهما. 3 ـ لا بدَّ في الاستثناء المتعقّب لجملتين من أن يكون: إمَّا راجعا إليهما معا، أو إلى ما يليه منهما؛ لأنَّه من المحال ألاَّ يكون راجعا إلى شيء منهما، وقد نظرنا في كلّ ما يمكن أن يوجب القطع برجوعه إليهما أو إلى الجملة التي تليه، ولم نجد ما يوجب ذلك، فوجب أن نقف بينهما ولا نقطع بشيء منهما إلاَّ بدلالة. 4 ـ القياس على الحال أو ظرف الزمان أو المكان، ففي قوله: (ضربت غلماني، وأكرمت جيراني، وأخرجت زكاتي قائما) من المحتمل رجوع الحال إلى جميع ما عدّده من الأفعال، كما يحتمل أن يكون المتعلَّق به ما هو أقرب إليه، فكذلك الاستثناء. [١٠٩] رُدَّ الدليل الأوَّل بأنَّه يجوز أن يكون الاستفهام لعدم المعرفة بالمدلول الحقيقي والمجازي أصلاً، أو لأنَّه حقيقة في بعض، مجاز في بعض آخر، والاستفهام للحصول على اليقين ودفع الاحتمال البعيد. ورُدَّ الدليل الثاني: متى يكون الأصل في الإطلاق الحقيقة: إذا أفضى إلى الاشتراك المُخلّ بمقصود أهل الوضع من وضعهم، أو إذا لم يفضِ؟ الأوّل ممنوع، والثاني مسلَّم، ثمَّ وإن كان ذلك هو الأصل مطلقا غير أنَّه أمر ظني، ولِمَ قلتم بإمكان التمسّك به فيما نحن فيه؟[١١٠] كما رُدَّ بأنَّه على تقدير تسليمه إنَّما يدلّ على كون اللفظ حقيقة في الأمرين لا على الاشتراك؛ لجواز كونه بوضع واحد، ولا بدَّ في الاشتراك من وضعين. ورُدَّ الدليل الثالث بأنَّ عدم الدليل المعتبر على تحتُّم عوده إلى الجميع أو اختصاصه بالأخيرة لايقتضي المصير إلى الاشتراك، بل يتردَّد الأمر بينه وبين الآراء الأخرى وبين الوقف. [١١١] وأجيب عن الدليل الرابع بأنَّا لا نسلّم صحّة ما ذكره في الحال والظرف، بل هو عائد إلى الكلّ أو ما يليه على اختلاف المذهبين، وإن سُلِّم ذلك، غير أنَّه آئل إلى القياس في اللغة، وهو باطل. [١١٢]
=القول الرابع: التفصيل=
وقد تعدّدت المذاهب في التفصيل، فبعض قال: إن كان الشروع في الجملة الثانية إضرابا عن الأولى، ولايضمر فيها شيء ما في الأولى، فالاستثناء مختصّ بالجملة الأخيرة، وإن لم تكن الجملة الأخيرة مضربة عن الأولى بل لها نوع تعلّق، فالاستثناء راجع إلى الكلّ. وهو رأي القاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري وجماعة من المعتزلة. [١١٣] كما فصَّل العلاّمة الحلّي، وذهب إلى اعتماد القرينة على الأمرين[١١٤]: «وهو ليس بجيد؛ لأنَّ فرض وجود القرينة يخرج عن محلّ النزاع؛ إذ هو فيما عرا عنها».[١١٥] وفصَّل آخر بين ما إذا كان الموضوع واحدا للجمل المتعاقبة لم يتكرّر ذكره، وقد ذكر في صدر الكلام، مثل قولك: «أحسن إلى الناس، واحترمهم، واقضِ حوائجهم، إلاَّ الفاسقين»، وبين ما إذا كان الموضوع متكرّرا ذكره لكلِّ جملة كالآية الرابعة من سورة النور، وإن كان الموضوع في المعنى واحدا في الجميع. فإن كان من قبيل الأوّل، فهو ظاهر في رجوعه إلى الجميع؛ باعتبار اتّحاد الموضوع في جميع الجمل. وإن كان من قبيل الثاني، فهو ظاهر في الرجوع إلى الأخيرة؛ باعتبار استقلال الموضوعات، ويحتاج تخصيص الجمل السابقة إلى دليل آخر مفقود في الفرض، فيتمسَّك بأصالة عمومها. [١١٦]
ثمرة الخلاف
تظهر ثمرة الخلاف في رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل أو الأخيرة في مثل قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَإِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا»[١١٧]، فإنَّه يحتمل أن يكون هذا الاستثناء من الحكم الأخير فقط، وهو فسق هؤلاء، وتبقى الجمل الأخرى على عمومها وتجري فيها أصالة العموم. ويحتمل أن يكون استثناء منه ومن الحكم بعدم قبول شهادتهم والحكم بجلدهم الثمانين. [١١٨]
4 ـ الاستثناء من النفي وبالعكس
اختلف الأصوليون في أنَّ الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، ويعود هذا الاختلاف إلى أنَّ المستثنى مُخرَج من الحكم أو من المحكوم به، فإذا قال قائل: (قام القوم إلاَّ زيدا) فهناك أمران، الأوَّل: القيام، والآخر: الحكم. والاختلاف في أنَّ الاستثناء إخراج للمستثنى من المحكوم به، وهو القيام، فيدخل في نقيضه، وهو عدم القيام، أم إخراج للمستثنى من الحكم بالقيام أو عدمه، فيدخل في نقيضه، وهو عدم الحكم، فيكون غير محكوم عليه، وهو في هذه الحالة أعمّ من أن يكون قائما وأن لايكون. [١١٩] ويُنْقَلُ اتّفاق الأصوليين على أنَّ الاستثناء من الإثبات نفي، وأمَّا الاستثناء من النفي فذهب الجمهور إلى أنَّه إثبات[١٢٠]، وذهب الحنفية إلى أنَّ الاستثناء لايكون إثباتا. [١٢١] وجعلوا بين الحكم بالإثبات والحكم بالنفي واسطة، وهي عدم الحكم، قالوا: فمقتضى الاستثناء بقاء المستثنى غير محكوم عليه، لا بالنفي ولا بالإثبات. [١٢٢] إلاَّ أنَّ الزركشي ينفي الوفاق، ويقول: الخلاف عندهم موجود؛ لأنَّ المأخذ الذي ذكروه موجود فيهما، وهو أنّ بين الحكم بالنفي وبين الحكم بالإثبات واسطة، وهي عدم الحكم، وتركه على ما كان عليه قبل الاستثناء، بلا فرق بين الاستثناء من النفي والإثبات؛ إذ الواسطة حاصلة. [١٢٣] واستدلَّ الجمهور على رأيهم بأنَّ القائل إذا قال: «لا إله إلاَّ اللّه» كان موحّدا مثبتا للإلوهية للّه سبحانه وتعالى، ونافيا لها عمَّا سواه، ولو كان نافيا للإلوهية عمَّا سوى الربّ تعالى غير مثبت لها بالنسبة إلى الربّ تعالى، لما كان ذلك توحيدا للّه تعالى؛ لعدم إشعار لفظه بإثبات الإلوهية للّه تعالى؛ وذلك خلاف الإجماع. [١٢٤] وأيضا بأ نّه إذا قال القائل: «لا عالم في البلد إلاَّ زيد» كان ذلك من أدلّ الألفاظ على علم زيد وفضيلته، وكان ذلك متبادرا إلى فهم كلّ سامع لغوي، ولو كان نافيا للعلم عمَّا سوى زيد، غير مثبت للعلم لزيد، لما كان كذلك. وعلى هذا النحو في كلّ ما هو من هذا القبيل. [١٢٥] واستدلّ كذلك بالانسباق عند الإطلاق، فإنَّ المنسبق للذهن ما ذهب إليه الجمهور. [١٢٦] واستدلَّ الحنفية على رأيهم بأنَّ الاستثناء مأخوذ من قولك: ثنيت الشيء: إذا صرفته عن وجهه، فإذا قلت: «لا عالم إلاَّ زيد» فهاهنا أمران: أحدهما: هذا الحكم. والثاني: نفس العلم. فقولك: «إلاَّ زيد» يحتمل عوده إلى الأوَّل، فلا يلزم تحقّق الثبوت، ويبقى المستثنى مسكوتا عنه، ويحتمل عوده إلى الثاني، فيلزم تحقّق الثبوت؛ لأنَّ ارتفاع العدم يحصّل الوجود لا محالة. [١٢٧] واحتجَّ أبوحنيفة بقوله(ص): «لا نكاح إلاَّ بوليٍّ»[١٢٨]، وقوله(ص): «لا صلاة إلاَّ بطهور».[١٢٩] ورُدَّ بأ نّه لم يلزم منه تحقّق النكاح عند حضور الولي، ولا تحقّق الصلاة عند حضور الوضوء، بل يدلُّ على عدم صحّتهما عند عدم هذين الشرطين. [١٣٠] ورُدَّ كذلك بأنَّه إن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع الشرعي، فلا بدَّ من اعتبار تمام ما اشترط الشرع في النكاح والصلاة. وإن كان النزاع فيما يفيد ذلك باعتبار الوضع اللغوي، فدخول الباء في المستثنى قد أفاد معنى غير المعنى الذي مع عدمها، فإنَّ دخولها ليس بمخرج ممَّا قبله؛ لأنَّا لم نقل: لا نكاح إلاَّ الولي، ولا صلاة إلاَّ الطهور، بل قلنا: (إلاَّ بولي) و(إلاَّ بطهور)، فلابدَّ من تقدير متعلّق هو المستثنى منه، فيكون التقدير: لا نكاح يثبت بوجه الاَّ مقترنا بولي، أو نحو ذلك من التقديرات. [١٣١]
5 ـ تعدّد الاستثناءات
يصحُّ تعدُّد الاستثناء أو الاستثناء من الاستثناء بدليل قوله تعالى: «إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ»[١٣٢] وإن حكي عن بعض أهل العربية منعه. [١٣٣] فإذا تعدَّد الاستثناء، وكان التعدّد بحرف عطف، كان الجميع راجعا إلى المستثنى منه. وإن كان بغيره فكذلك إن كان الثاني أكثر من الأوَّل أو مساويا له ، وإلاَّ عاد إلى الأوَّل ؛ لقربه. [١٣٤] مثال الأوَّل: «عليَّ عشرة إلاَّ أربعة وإلاَّ ثلاثة وإلاَّ اثنين»، ويلزمه هنا واحد فقط. ومثال الثاني: «عليَّ عشرة إلاَّ ثلاثة إلاَّ أربعة» فيلزمه ثلاثة، أو «عليَّ عشرة إلاَّ ثلاثة إلاَّ ثلاثة»، فيلزمه أربعة[١٣٥]، وقيل في الأخير: سبعة، باعتبار أنَّ الثاني مؤكّد للأوّل. [١٣٦] ومثال الثالث: وهو كون الاستثناء الثاني أقل: «عليَّ عشرة إلاَّ خمسة إلاَّ أربعة إلاَّ ثلاثة»؛ فإنَّ كلَّ استثناء يعود إلى سابقه، ويلزمه في هذه الحالة ستة فقط؛ لأنَّ الثلاثة تخرج من الأربعة، فيبقى واحد يخرج من الخمسة، فيبقى أربعة تخرج من العشرة، فيبقى ستة. [١٣٧]
6 ـ مفهوم الاستثناء
من أهمّ النقاشات التي تطرح في بحث الاستثناء هو ما إذا كان للجملة التي تتضمّنه مفهوم، أم لا؟ وقد اختلف فيها الأصوليون كأكثر موارد المفاهيم. [١٣٨]
المصادر
- ↑ لسان العرب 1 : 500، مادّة «ثني»، مجمع البحرين 1 : 76 ـ 77، مادّة «ثنا».
- ↑ مجمع البحرين 1 : 77، مادة «ثنا» وانظر : المصباح المنير : 85 مادة «ثني».
- ↑ انظر : اللمع : 95، الكاشف عن المحصول 4 : 431، شرح الكوكب المنير : 183.
- ↑ رسائل الشريف المرتضى 2 : 263.
- ↑ انظر : العدّة في أصول الفقه أبو يعلى 1 : 406، إحكام الفصول : 273، المستصفى 2 : 74، الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 469، روضة الناظر : 132، أصول الفقه (ابن مفلح) 3 : 894 .
- ↑ انظر : المحصول 1 : 406، منتهى الوصول ابن الحاجب : 122، الحاصل من المحصول 2 : 336، التحصيل من المحصول 1 : 373، البلبل في أصول الفقه : 67، مبادئ الوصول : 132، القواعد والفوائد الأصولية : 325.
- ↑ جمع الجوامع 2 : 15، البحر المحيط 3 : 275.
- ↑ تمهيد القواعد : 192.
- ↑ الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 420.
- ↑ المصدر السابق.
- ↑ الذريعة 1 : 219.
- ↑ العدّة في أصول الفقه 1 : 281 ـ 284.
- ↑ معارج الأصول : 92.
- ↑ المستصفى 2 : 74، وانظر : روضة الناظر : 132، شرح تنقيح الفصول : 238، كشف الأسرار البخاري 2 : 357، شرح الكوكب المنير : 183 ـ 184، أصول الفقه (محمد أبو النور) 1 ـ 2 : 451، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 252.
- ↑ الكهف : 23ـ24.
- ↑ انظر : الكاشف عن المحصول 4 : 436، البحر المحيط 3 : 324.
- ↑ انظر : العدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 313 ـ 314، المنخول : 157، المستصفى 2 : 74 ـ 75، ميزان الأصول 1 : 455 ـ 456، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 237، تمهيد القواعد : 195.
- ↑ الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 183.
- ↑ سنن الترمذي 4 : 106، 107 كتاب النذور والأيمان، باب 5 ما جاء فيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ح1529، 1530، وسنن البيهقي 10 :31 ـ 33 كتاب الأيمان، باب من حلف على شيء فرأى خيرا منه.
- ↑ العدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 314، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 494.
- ↑ المستصفى 2 : 75.
- ↑ انظر : المسوّدة : 139.
- ↑ انظر : الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 482، روضة الناظر : 132، البلبل في اُصول الفقه : 67، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 253.
- ↑ انظر : تمهيد القواعد : 196.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 1 : 144، وانظر : المنخول : 159.
- ↑ البقرة : 34، الأعراف : 11، الحجر : 30 ـ 31، الإسراء : 61، الكهف : 50، طه : 116، ص : 73 ـ 74.
- ↑ الواقعة : 25 ـ 26.
- ↑ انظر : روضة الناظر : 132 ـ 133، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 498 ـ 499، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 243 ـ 245.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 499 ـ 501، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 245 ـ 248.
- ↑ المستصفى 2 : 76، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2 : 248، أصول الفقه (الخضري بك) : 178.
- ↑ انظر : المحصول 1 : 410، الكاشف عن المحصول 4 : 445، تمهيد القواعد : 200، العقد المنظوم : 606، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 912، البحر المحيط 3 : 287، القواعد والفوائد الأصولية : 327، إرشاد الفحول 1 : 489 ـ 490.
- ↑ سلّم الوصول المطيعي 2 : 411، وانظر : التوضيح شرح التنقيح 2 : 86 ـ 87 ، أصول الفقه (الخضري بك) : 178.
- ↑ انظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 143.
- ↑ انظر : ميزان الأصول : 1 : 461 ـ 462، البحر المحيط 3 : 298.
- ↑ البحر المحيط 3 : 298.
- ↑ الذريعة 1 : 243.
- ↑ المحصول 1 : 406 ، وانظر : الكاشف عن المحصول 4 : 431 ـ 434.
- ↑ الإحكام 1 ـ 2 : 491.
- ↑ البحر المحيط 3 : 300.
- ↑ أصول الفقه 1 ـ 2 : 193 ـ 194.
- ↑ الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 182 ـ 183.
- ↑ أصول الفقه 1 ـ 2 : 448.
- ↑ أصول الفقه : 178.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 1 : 136.
- ↑ المصدر السابق 1 : 145 ـ 146.
- ↑ المنخول : 154.
- ↑ المصدر السابق : 163.
- ↑ انظر : المستصفى 2 : 74، روضة الناظر : 132، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 253.
- ↑ انظر : الجامع لمسائل أصول الفقه : 286، روضة الناظر : 132، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 253.
- ↑ البحر المحيط 3 : 338.
- ↑ الحجر : 30ـ31، وص 73ـ74.
- ↑ انظر : المعتمد 1 : 242 ـ 243، الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 420، مبادئ الوصول : 133.
- ↑ عمدة القاري 1 : 180، حاشية كتاب المكاسب الأصفهاني 2 : 60، كتاب المكاسب والبيع (الآملي) 1 : 462، المحكم في أصول الفقه 1 : 611.
- ↑ كفاية الأصول : 209، وانظر : إرشاد الفحول 1 : 492.
- ↑ انظر : البرهان فى أصول الفقه 1 : 139، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 184.
- ↑ انظر : العُدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 315 ـ 316، الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 475، روضة الناظر : 133، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 249، أصول الفقه (ابن مفلح) 3 : 914، تمهيد القواعد : 202، زبدة الأصول (البهائي) : 136 ـ 137.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 501 ـ 502، الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 147، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 249.
- ↑ البرهان في أصول الفقه 1 : 143، المستصفى 2 : 76، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2 : 249، التحبير شرح التحرير 6 : 2574.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 491.
- ↑ الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 475، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 502، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 249، وأصول الفقه (ابن مفلح) 3 : 913.
- ↑ انظر : البحر المحيط 3 : 290.
- ↑ انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 503، الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 148، البحر المحيط 3 : 291، التحبير شرح التحرير 6 : 2574.
- ↑ مصباح الأصول 2 : 537 ـ 538.
- ↑ الذريعة 1 : 247، وانظر : اللمع : 98.
- ↑ الإحكام ابن حزم 1 ـ 4 : 428.
- ↑ انظر : المعتمد 1 : 244 ـ 245.
- ↑ الحجر : 42.
- ↑ ص : 82 ـ 83 .
- ↑ انظر : التبصرة : 169، اللمع : 97 ـ 98 الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 479، روضة الناظر: 133، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 916.
- ↑ انظر : المعتمد 1 : 245.
- ↑ انظر : المنخول : 158.
- ↑ ميزان الأصول 1 : 459.
- ↑ المستصفى 2 : 77.
- ↑ انظر : البحر المحيط 3 : 290.
- ↑ المزمّل : 2 ـ 3.
- ↑ انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 433.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 491.
- ↑ انظر : الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 186.
- ↑ انظر : الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 154، شرح الجلال المحلّي 2 : 27، القواعد والفوائد الأصولية : 338، أصول الفقه محمد أبوالنور 1 ـ 2 : 465.
- ↑ انظر : المعتمد 1 : 245، التبصرة : 172، اللمع : 98، المستصفى 2 : 78، المنخول : 160، المحصول 1 : 413، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.
- ↑ انظر : إحكام الفصول : 277، شرح تنقيح الفصول : 249.
- ↑ المسوّدة : 140، أصول الفقه ابن مفلح 3 : 920، القواعد والفوائد الأصولية : 336.
- ↑ العُدّة في أصول الفقه 1 : 321.
- ↑ تمهيد القواعد : 205.
- ↑ العُدَّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 321 ـ 322، وانظر : الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 506، الحاصل من المحصول 2 :، 347، شرح تنقيح الفصول : 250، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 263.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 497.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 506.
- ↑ معالم الدين : 129.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 507، وانظر : روضة الناظر : 135.
- ↑ معالم الدين : 130.
- ↑ الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 490، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 507، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 263.
- ↑ معالم الدين : 129 ـ 130.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 507 ـ 508.
- ↑ المصدر السابق : 508.
- ↑ روضة الناظر : 134، شرح تنقيح الفصول : 250.
- ↑ العُدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 322 وانظر : ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 258.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 497 وانظر : شرح تنقيح الفصول : 250.
- ↑ نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، والواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 488، والإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504.
- ↑ نقله عنهم في المعتمد 1 : 245، 248 والمنخول : 160 ـ 161، والمسوّدة : 140.
- ↑ مبادئ الوصول : 136.
- ↑ تهذيب الوصول : 141.
- ↑ روضة الناظر : 134، وانظر : الفصول في الأصول 1 : 265 ـ 269، الذريعة 1 : 253، الواضح في أصول الفقه 4 ق1 : 494، أصول الفقه الخضري بك : 181.
- ↑ معالم الدين : 134، وانظر : الذريعة 1 : 254 ـ 255.
- ↑ انظر : روضة الناظر : 135، البلبل في أصول الفقه : 68، ابن قدامة وآثاره الأصولية 2 : 258.
- ↑ الذريعة 1 : 249.
- ↑ العُدّة في أصول الفقه الطوسي 1 : 321، وانظر: معارج الأصول: 94.
- ↑ عُدَّ التوقّف وعدم إبداء الرأي في هذا الموضوع مذهبا ورأيا، وذهب إليه الغزالي في المنخول : 161، وكذلك القاضي أبي بكر وجماعة من الشافعية، انظر : الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 506.
- ↑ معالم الدين : 122.
- ↑ الذريعة 1 : 250 ـ 252.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 511 ـ 512.
- ↑ معالم الدين : 127.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 512.
- ↑ انظر : المعتمد 1 : 264، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 504 ـ 505، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2 : 261.
- ↑ تهذيب الوصول : 141.
- ↑ معالم الدين : 122.
- ↑ انظر : أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، الكاشف عن المحصول 4 : 458 ـ 459.
- ↑ النور : 4ـ5.
- ↑ أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 212، وانظر : البرهان في أصول الفقه 1 : 141، أصول الفقه (الخضري بك) : 180، أصول الفقه (محمد أبو النور) 1 ـ 2 : 468 ـ 469.
- ↑ الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 184، وانظر : شرح الجلال المحلّي 2 : 23 ـ 24، حاشية العلامة البناني 2 : 23 ـ 24، تمهيد القواعد : 198، تقرير الشربيني 2 : 23 ـ 24.
- ↑ انظر : الحاصل من المحصول 2 : 341، الاستغناء في أحكام الاستثناء : 549، شرح تنقيح الفصول : 247، العقد المنظوم : 618 ـ 619، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 2 : 256، شرح الجلال المحلّي 2 : 50، التمهيد (الأسنوي): 392، نهاية السّول 2 : 423 ، زبدة الأصول (البهائي) : 140 ، شرح البدخشي 2 : 137.
- ↑ انظر : أصول السرخسي 2 : 36، تيسير التحرير 1 : 294، فواتح الرحموت 1 : 326 ـ 327.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 492.
- ↑ البحر المحيط 3 : 301.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 512، وانظر : مبادئ الوصول : 134.
- ↑ الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 512.
- ↑ انظر : كفاية الأصول : 209.
- ↑ انظر : إرشاد الفحول 1 : 493.
- ↑ سنن الدارمي 2 : 137 كتاب النكاح، باب النهي عن النكاح بغير ولي، حديث أبي موسى، وسنّن ابن ماجة 1 : 650 كتاب النكاح، باب 15 لا نكاح إلاّ بولي ح1880 و1881.
- ↑ سنن أبي داود 1 : 16 كتاب الطهارة، باب فرض الضوء ح59 وفيه «لا صلاة بغير طهور».
- ↑ المحصول الرزاي 1: 412، الكاشف عن المحصول 4: 450 ـ 453.
- ↑ إرشاد الفحول 1 : 494.
- ↑ الحجر : 59ـ60.
- ↑ انظر : البحر المحيط 3 : 304.
- ↑ مبادئ الوصول : 134 ـ 135 وانظر : الحاصل من المحصول 2 : 343، شرح تنقيح الفصول : 254، الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 152 ـ 153.
- ↑ شرح تنقيح الفصول : 254.
- ↑ انظر: تمهيد القواعد: 204، أصول الفقه محمد أبوالنور 1 ـ 2: 463.
- ↑ انظر : شرح الجلال المحلّي 2 : 25، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي : 185.
- ↑ فوائد الأصول 1 ـ 2 : 505، تحريرات في الأصول 5 : 165 ـ 166، زبدة الأصول الروحاني 2 : 283 ـ 284.