الربيع بن خثيم

الربيع بن خثيم: كان رجلاً زاهداً، ويعدّ من أهل الوعظ والنصيحة، وكان صامتاً منعزلاً، متهجّداً باكياً، ملازماً لصلاة الجماعة، وكان يمتنع عن إنشاد الشعر ولو بيتاً واحداً، ومع ذلك فقد شهد مع علي عليه السلام صفّين. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة.

الربيع بن خُثَيْم (... ــ قبل65ق)

من الرواة المشتركين.
كنيته: أبو يزيد.
نسبه: التميمي، الثَوري.
لقبه: الكوفي.
طبقته: الثانية (من المخضرمين).
تُعدّ قبيلة بني ثور - والذي كان الربيع من أفرادها - من جملة القبائل التي تأثّرت بالجوّ الفكري العام بالكوفة الذي أحدثته رحلة عمار بن ياسر و عبدالله بن مسعود حينما وجّههما عمر بن الخطاب إليها عام 21 هـ .
نقل ابن سعد عن شُبْرمة أنّه قال: «ما رأيت بالكوفة حيّاً أكثر شيخاً فقيهاً متعبّداً من بني ثور». وعن أبي‏بكر الزبيدي عن أبيه قال: «ما رأيت حيّاً أكثر جلوساً في المساجد من الثوريّين والعُرَنيّين». وعن أبي يعلى‏ قال: «كان في بني ثور ثلاثون رجلاً، مامنهم رجل دون ربيع بن خُثَيْم».
فعُبادة أخوه، وابن أخيه همّام بن عُبادة الذي طلب من علي عليه السلام أن يصف له المتّقين، فألقى‏ علي عليه السلام عليه خطبته المشهورة حول صفات المتّقين.، إلّا أنّ ابن أبي الحديد ردّ هذه الدعوى‏ في شرحه، واعتبر همّام المذكور هنا هو همّام بن شُرَيْح بن يزيد بن مُرّة، وليس همّام بن عُبادة.
وصفه العلماء من أهل السنة بأوصاف تدلّ على‏ علوّ مرتبته عندهم، من قبيل: الإمام القدوة، العابد، المخبت الورع، والمتثبّت القنع. إذ كان الربيع رجلاً زاهداً، ويعدّ من أهل الوعظ والنصيحة، وكان صامتاً منعزلاً، متهجّداً باكياً، ملازماً لصلاة الجماعة، وكان يمتنع عن إنشاد الشعر ولو بيتاً واحداً، ويقول: «ما من شي‏ءٍ يتمثّل به إلّا كُتِب، وأنا أكره أن أقرأ في امامي بيتَ شعرٍ يوم القيامة».
واعتبره بعض أصحاب التراجم من الشيعة ؛ كالعلّامة الحلّي والمحقّق الأردبيلي والميرزا محمد الاسترآبادي والقهپائي والمامقاني شيعياً ؛ اعتماداً على‏ مانقله الكشّي عن علي بن محمد بن قُتَيْبة في مقام الإجابة عن السؤال حول «الزهّاد الثمانية» حيث أورد اسم الربيع فيهم، وأنّه من أصحاب علي عليه السلام . إلّا التستري خالف ذلك ؛ استناداً إلى‏ بعض القرائن، وطعن في الروايات الدالّة على‏ فضله.
وقد نقل ابن حجر عن منذر الثوري: أنّ الربيع شهد مع علي عليه السلام صفّين، إلّا أنّ مصادر كثيرة، منها: وقعة صفّين، والأخبار الطوال نقلت مايلي: «... فأجاب علياً الى‏ السير و الجهاد جلّ الناس، إلّا أنّ أصحاب عبدالله بن مسعود فيهم ربيع بن خُثَيْم وهم يومئذٍ أربعمائة رجل، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنّا شككنا في هذا القتال على‏ معرفتنا بفضلك، ولاغناء بنا ولابك ولا المسلمين عمّن يقاتل العدو، فولِّنا بعض الثغور نكون به، ثم نقاتل عن أهله».
ويذكر ابن عبد البرّ في ترجمة أسامة بن زيد فيقول: «سئل وكيع: من بقي سالماً من الفتنة؟ فأجاب: أمّا المعروفون من أصحاب النبي أربعة:... أسامة بن زيد، قال: ولم يشهد أمرهم من التابعين أربعة: الربيع بن خُثَيْم...». ونقل أبو نُعَيم أنّه لمّا أُخبر بقتل الامام الحسين عليه السلام استرجع، ثم تلا هذه الآية: « قل اللّهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون» فقيل له: ماتقول؟ قال: ما أقول: إلى اللَّه إيّابهم، وعلى‏ اللَّه حسابهم.
وقد حفلت كتب علماء أهل السنة بمدحه على‏ لسان الأعلام المشهورين، نُقل عن ابن مسعود أنّه قال للربيع: «لو رآك رسول اللَّه لأحبّك»، وكان يقول له: «ما رأيتك إلّا ذكرت المخبتين». وعدّه الشعبي من معادن الصدق.
وكان أشدّ أصحاب ابن مسعود ورعاً، بل واعتبره أبو وائل أعقل منه حينما سئل أيمّا أكبر أنت أم الربيع. وقال العجلي: «تابعي ثقة، وكان خياراً». وقال ابن معين: «لايُسأل عن مثله». وذكر المزي أنّه صاحب مناقب وفضائل كثيرة جداً، واعتبره الذهبي من عقلاء الرجال، ومن سادة التابعين وفضلائهم، وكذلك إماماً قدوةً، وعابداً كبير الشأن.
وأمّا رجاليّي الشيعة فاختلفوا فيه، فقد عدّه الفضل بن شاذان - طبقاً لرواية الكشّي عن شيخه - أنّه كان من الزهّاد الثمانية، ومن الأتقياء. كما اعتبره ابن داود الحلّي زاهداً ممدوحاً، وذكره العلّامة ضمن المعتمدين عنده. إلّا المحدّث النوري فقد اعتبره ضعيف الإيمان، ناقص العقل. وقال المحقّق الخوئي: «لايمكننا الحكم بأ نّه من الأتقياء».

موقف الرجاليّين منه

وثّقه رجاليو أهل السنة ؛ كالعجلي وابن معين، ويبدو من علماء الجمهور الذين لم يصرّحوا بتوثيقه أنّه في غنىً عن التوثيق. وذكره عدد من علماء الشيعة في أصحاب علي عليه السلام ؛ استناداً إلى رواية الكشّي عن الفضل بن شاذان، إلّا أنّ الشيخ الطوسي لم يذكره في رجاله.

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن النبي صلى الله عليه وآله مرسلاً، وعن جماعة، منهم: ابن مسعود، عمرو بن مَيْمون، عبد الرحمان بن أبي ليلى‏، أبو أيوب الأنصاري.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: بكر بن ماعز، منذر الثوري، عامر الشعبي، هلال بن يَساف، إبراهيم النخعي، عبداللَّه بن الربيع (ولده).
وقد وردت أحاديثه في صحيح البخاري ومسلم وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجة وكتاب الردّ على‏ أهل القدر لأبي داود. وقد وصف الذهبي أحاديثه بالقليلة.

من رواياته

روى‏ الربيع عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن كلّ ليلة؟» قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: «قل هو اللَّه أحد».

وفاته

توفّي في زمان ابن زياد، قبل سنة 65 هـ. وقال عند وفاته لابنته التي كانت تبكيه: «يا بنيّة، ما تبكين؟ قولي: يا بشراي، لقي أبي الخير». واختلف في مكان وفاته بين الكوفة وخراسان.