شريح بن الحارث
شريح بن الحارث: كان قاضياً في الكوفة ومن أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، أدرك النبي صلى الله عليه وآله ولم يلقه. وكان شُرَيح شاعراً كوسجاً، وكان قائفاً. والقائف: من يعرف الآثار ويتبعها، وكان صاحب مزاح، ولايسبقه أحد بالسلام، ويقبل الهدية ويكافئ بمثلها. وكان يجعل ميازيبَه في داره لئلّا تزاحم العابرين. وكان ذكياً داهيةً حتّى قيل: إنّ شريحاً أدهى من الثعلب وأحيل. ومن أبرز خصائصه في حياته الاجتماعية أنّه عمل بـ القضاء و الحکم بين الناس لمدّة ستين سنة من عهد عمر بن الخطاب إلی زمان الحجاج. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، والظاهر أن الرجل عند الرجاليّين من أهل السنة كابن معين والعجلي موثقٌ، بينما هو عند علماء الشيعة غير موثوق به.
شُرَيْح بن الحارث بن قَيْس (... ــ 79ق)
من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو أُميّة.[٢]
نسبه: الكِنْدي، النَخَعي.[٣]
لقبه: الكوفي، القاضي، التابعي.[٤]
طبقته: الثانية (من المخضرمين).[٥]
يُقال: إنّه من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، أدرك النبي صلى الله عليه وآله ولم يلقه.[٦] ويقال له: الكندي ؛ لأنّه كان له ولاء حلفٍ مع قبيلة «كندة».[٧] وفي رواية: أنّه عربي الأصل، من أبناء «رائش» جدّه الخامس، وهو من كندة.[٨] وكان سائر بني الرائش بهجر وحضرموت، لم يقدم إلى الكوفة منهم أحد غير شُريَح.[٩]
كان شُرَيح شاعراً كوسجاً، وكان قائفاً.[١٠] وكان تاجراً، ويلبس الخزّ.[١١] وكان صاحب مزاح، ولايسبقه أحد بالسلام، ويقبل الهدية ويكافئ بمثلها. وكان يجعل ميازيبه في داره لئلّا تزاحم العابرين. وكان ذكياً داهيةً حتّى قيل: إنّ شريحاً أدهى من الثعلب وأحيل.[١٢]
ومن أبرز خصائصه في حياته الاجتماعية أنّه عمل بـ القضاء و الحکم بين الناس لمدّة ستين سنة.[١٣] فقد تصدّى للحكم والقضاء منذ خلافة عمر على الكوفة، عدا ثلاث سنوات في فتنة ابن الزبير، وتولّى القضاء أيضاً في عهد عثمان، وعهد الإمام علي عليه السلام، ومعاوية ويزيد وعبد الملك بن مروان، ولمّا قدم الحجاج أقرّه على القضاء، ثم استعفاه فأعفاه.[١٤]
موقف الرجاليّين منه
وثّقه رجاليّو أهل السنة ؛ كابن معين والعجلي[١٥]، فيما انتقده علماء الشيعة.[١٦]
شريح وأهل البيت عليهم السلام
لم يكن شُريح على علاقة حسنة مع أهل البيت عليهم السلام، فقد ذكر ابن أبي الحديد عن إبراهيم التيمي قال: قال علي عليه السلام لشريح وقد قضى قضيةً نقم عليه أمرها: «واللَّه لأنفينّك إلى بانقيا شهرين تقضي بين اليهود»، قال: ثم قُتل علي عليه السلام ومضى دهر، فلمّا قام المختار بن أبي عبيدة قال لشريح: ما قال لك أمير المؤمنين يوم كذا؟ قال: إنّه قال لي كذا، قال: فلا واللَّه، لاتقعد حتّى تخرج إلى بانقيا تقضي بين اليهود، فسيّره إليها فقضى بين اليهود شهرين.[١٧]
ولمّا اعتقل حُجر وأصحابه، وأراد زياد بن أبيه والي الكوفة من كبار أهلها وثيقةً لتأييد خروج هؤلاء المعتقلين عن طاعة الخليفة، فإنّ شريحاً كان ممّن أمضى على هذه الوثيقة وشهد عليها.[١٨]
وإبّان ثورة الإمام الحسين عليه السلام في الكوفة، وعندما اعتقل ابن زياد هاني بن عروة، وجاءت قبيلته إلى قصر ابن زياد وحاصرته، كان لشريح موقف سلبي أيضاً، إذ قال ابن زياد لشُريح: أُخرج إليهم فأعلمهم أنّي إنّما حبسته لأُسائله، فمرّ بهاني بن عروة، فقال له هاني: إتّق اللَّه يا شريح فإنّه قاتلي، فلم يهتمّ به وقام على باب القصر فقال: لابأس عليه إنّما حبسه الأمير ليسائله!.[١٩]
من روى عنهم ومن رووا عنه
روى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مرسلاً. وعن الإمام علي عليه السلام مسنداً.[٢٠]
وروى أيضاً عن جماعة، منهم: عمر، ابن مسعود، عُروة البارقي، عبد الرحمان ابن أبي بكر.
وروى عنه جماعة، منهم: أبو وائل شقيق بن سَلَمة، الشعبي، قيس بن زيد، ابن سيرين، إبراهيم بن يزيد النخعي، عطاء بن السائب. وقد وردت أحاديثه في سنن النسائي والأدب المفرد للبخاري وتهذيب الأحكام والاستبصار.[٢١]
من رواياته
روى عن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: «ستغربلون حتّى تصيرون في حثالة من الناس، مرجت عهودهم، وخربت أماناتهم» فقال قائلنا: كيف بنا يا رسول اللَّه؟ فقال: «تعملون بما تعرفون، وتتركون ما تنكرون، وتقولون: أحد أحد، انصرنا على من ظلمنا، واكفنا من بغانا».[٢٢]
وروى عنه أيضاً: أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة».[٢٣]
وفاته
أوصى شُريح أن يصلّى عليه بالجبانة، وأن لايؤذن به أحداً، ولاتتبعه صائحة، وأن لايجعل على قبره ثوب، وأن يسرع به السير، وأن يلحد له.[٢٤] واختلفوا في تاريخ وفاته، إلّا أنّ ابن سعد ذكر أنّه توفّي سنة ثمان أو تسع وسبعين، وقال غيره: توفّي سنة سبع وثمانين.[٢٥]
المصادر
- ↑ سير أعلام النبلاء 4: 100، المعارف: 433، تذكرة الحفّاظ 1: 59، الإصابة 3: 202، قاموس الرجال 5: 405.
- ↑ الطبقات الكبرى 6: 131، الجرح والتعديل 4: 332، العبر 1: 66.
- ↑ تقريب التهذيب 1: 349، كتاب التاريخ الكبير 4: 228، تهذيب التهذيب 4: 287.
- ↑ تهذيب الكمال 12: 436، حلية الأولياء 4: 132، تهذيب الأسماء واللغات 1: 243.
- ↑ تقريب التهذيب 1: 349.
- ↑ تهذيب الكمال 12: 436، مختصر تاريخ دمشق 10: 294، تاريخ الإسلام 5: 420.
- ↑ أنظر: كتاب الثقات 4: 352.
- ↑ الطبقات الكبرى 6: 131، اللباب 2: 12.
- ↑ الطبقات الكبرى 6: 131.
- ↑ تهذيب الكمال 12: 438. والقائف: من يعرف الآثار ويتبعها، ويعرف شبه الرجل في ولده وأخيه (مختصر تاريخ دمشق 10: 295).
- ↑ تهذيب التهذيب 4: 288، سير أعلام النبلاء 4: 104.
- ↑ وفيات الأعيان 2: 461، شذرات الذهب 1: 85، الطبقات الكبرى 6: 143، تهذيب الكمال 12: 444. وروى المزي قصة هذا القول.
- ↑ تهذيب الكمال 12: 436، سير أعلام النبلاء 4: 101، تهذيب التهذيب 4: 288، المعارف: 433، تهذيب الأسماء واللغات 1: 244.
- ↑ تهذيب التهذيب 4: 287 - 288، تاريخ خليفة: 196، 229.
- ↑ تهذيب التهذيب 4: 288، الجرح والتعديل 4: 333، تاريخ الثقات: 216.
- ↑ تنقيح المقال 2: 83، من لايحضره الفقيه 3: 109، الكافي 7: 385، 386.
- ↑ شرح نهج البلاغة 4: 98، وانظر: مختصر تاريخ دمشق 10: 297.
- ↑ أنظر: تاريخ الطبري 5: 270، الكامل في التاريخ 3: 483.
- ↑ تاريخ الطبري 5: 350، 361، الكامل في التاريخ 4: 30.
- ↑ تهذيب الكمال 12: 436، 437.
- ↑ المصدر السابق: 445، تهذيب التهذيب 4: 287، معجم رجال الحديث 10: 20.
- ↑ المعجم الأوسط 6: 225. ومرجت الأمانات: فسدت.
- ↑ المعجم الكبير 3: 35، حلية الأولياء 4: 139.
- ↑ الطبقات الكبرى 6: 144.
- ↑ المصدر السابق: 145، تاريخ خليفة: 233، الاستيعاب 2: 702.