فاطمة المعصومة بنت الإمام السابع الإمام موسی بن جعفر (عليه السلام) وأمّها نجمة خاتون وشقيقها الإمام الرضا (عليه السلام) الذي لقّبها بالمعصومة وقال في حقّها: «من زار المعصومة بقم کمن زارني»[١]. نشأت فاطمة المعصومة وترعرعت في حضن البراءة والطهارة. وتربّت وتتلمذت علی يد الإمام موسی الکاظم والإمام الرضا (عليهما السلام)، وبلغت منهما ما بلغ الأنبياء والأئّمة الأطهار من العلم والمعرفة. ومن حيث شخصيتها وكمالاتها الروحية فقد وصلت إلى درجة قال عنها الشيخ عباس القمي: «حسب ما وصل إلينا، خير بنات موسى بن جعفر عليه السلام السيدة الجليلة المعظّمة، فاطمة بنت موسى عليها السلام المعروفة بمعصومة»[٢].

ولادتها

ولدت فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) سنة 173 من الهجرة في عهد خلافة هارون في المدينة المنوّرة. وحتى السنة السادسة من عمرها نمت وتنقّت في ظل والدها الإمام موسی بن جعفر (عليه السلام)، وبعدما واجهت مأساة إستشهاد والدها ببغداد و في سجن هارون، توّلاها الإمام الرضا (عليه السلام) لمدّة 21 سنة، وحتى هجرة الإمام (عليه السلام) سنة 200 كانت تحت رعايته وکفالته. کان إسم والدتها الكريمة نجمة خاتون، وهي والدة الإمام الرضا (عليه السلام) أيضاً، فلذا کانا الإمام الرضا (عليه السلام) وفاطمة المعصومة (سلام الله عليها) من أمّ واحدة.

وقبل ولادتها بسنوات قال الإمام الصادق (عليه السلام) عن مكانتها وكرامتها: «إنّ لله حرماً وهو مکّة، ولرسوله حرماً وهو المدينة، ولأمير المؤمنين حرماً وهو الکوفة، ولنا حرماً وهو قم ستدفن فيه امرأة من ولدي تسمّی فاطمة من زارها وجبت له الجنّة»[٣].

سیرتها

لقد کانت فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) هي مرآة ومظهر لجدّتها فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وجميع المؤمنين في مرقد کريمة أهل البيت (علیهم السلام) هم ضيوف وروّار الزهراء (سلام الله علیها). ولکريمة أهل البيت صفة وليّ الله، وملامح الولاية العلوية والعصمة الفاطمية مجتمعة فيها، وإنّها سلام الله عليها کأمّة واحدة، وحقيقة واحدة وعالَم واحد.

ومع الأسف الشديد، ظلم التاريخ هذه السيدة الطاهرة كما ظلم آباءها وأبنائهم، ولم يكتب عنهم إلا القليل. إنّها (سلام الله عليها) إحدى نساء آل البیت (عليهم السلام) العظيمات. ومرقدها الشريف ملجأ محبيهم والباحثين عن حقهم منذ الزمن القدیم. ومن الحقائق المؤسفة عن حياة هذه السيدة العظيمة هي معرفتنا المحدودة والقليلة جداً عن حياتها وشخصيتها.

کانت فاطمة المعصومة (سلام الله علیها) هي أفضل من غيرهم من أبناء موسی بن جعفر (عليه السلام) بعد الإمام الرضا (عليه السلام) ولها مكانتها العالية. وكانت العبادة والزهد، والصدق والتسامح، والمثابرة في مواجهة الشدائد، والكرم والعفة، وذكر الله، من الصفات المميزة لها. فهي إبنة وليّ الله، وأخت ولي الله، وعمة ولي الله، وهذه الحقيقة هي مصدر الفضائل والكمالات الأخلاقية والروحية الأخرى لتلك الشخصية النبيلة. ألقاب «عالمة» و«محدثة أهل البيت (علیهم السلام)» من أعلى الألقاب التي تدلّ على المستوى العالي من العلم والمعرفة لها بتعاليم الإسلام السامية، لأنها لا تروي الحديث إلا بثقة ومن الأشخاص الواثقون.

کانت فاطمة المعصومة (سلام الله علیها) من النساء العالمات، والغاليات والرفيعات ولها مكانتها العلمية رفيعة. قيل أن جماعة من الشيعة ذهبوا ذات يوم إلى المدينة المنورة بقصد اللقاء مع موسى بن جعفر (عليه السلام) وطرح الأسئلة عليه. ولأنّ الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) كان علی سفر، فقدّموا أسئلتهم إلى فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) التي لم تكن تبلغ من العمر ذلك الوقت إلا سنين قليلة. وفي اليوم التالي ذهبوا إلى بيت الإمام مرة أخرى، لكنه لم يعد من السفر بعد. لذا استعادوا أسئلتهم مرة أخرى ليصلوا إلى خدمة الإمام في الرحلة القادمة، دون أن يعلموا أنّها هي التي کتبت الإجابات علی الأسئلة. عندما رأوا الإجابات فرحوا جداً وبعد أن شكروها كثيراً، غادروا المدينة المنورة. ولحسن الحظ التقوا في الطريق بالإمام موسى بن جعفر (علیه السلام) وأخبروه قصتهم. فلما قرأ الإمام أجوبة الأسئلة، قال ثلاث مرات: «فداها أبوها».

فضائلها ومناقبها

ينبغي البحث حول فضائل المعصومة (سلام الله عليها) من خلال تاريخ حياتها وأحاديثها. بعض هذه الأحاديث تتعلّق مباشرة بفضائل المعصومة (سلام الله عليها)، وبعضها تتعلّق بفضائل زيارتها التي تبين الكمالات الروحية لها علیها السلام.

ومن الفضائل التي تتعلّق مباشرة بها:

کونها بنت آل الرسول صلوات الله وسلامه علیهم

وأول فضيلة لها أنّها إبنة ولي الله وأخت ولي الله وعمة ولي الله؛

المصادر





فلسطين بلد عربي إسلامي ومنشأ الأديان السّماوية والحضارات العظيمة. بلد صغير من حيث الجغرافيا والذي واقع في الشرق الأوسط وفي شرق البحر الأبيض المتوسط، وله حدود مشتركة مع دول لبنان وسوريا ومصر والأردن، ويربط بين القارّات الثلاث: آسيا وإفريقيا وأوروبا، كالجسر. تُعرف فلسطين بالقلب النابض للعالم العربي وحلقة الوصل بين الشرق والغرب. ولهذا تتمتع هذه الأرض بموقع إستراتيجي في الشرق الأوسط وبين الدّول العربية الإسلامية. وبمعنى آخر هي أوسع من دولة فلسطين الحديثة وتشمل أجزاء من لبنان وسوريا.

تاريخ فلسطين

تعود قدمة تاريخ فلسطين إلی قدمة الوجود الإنساني على الأرض. فهذه البلاد هي مهد الأديان السّماوية العظيمة، وموطن الحضارات العالميّة الشهيرة. عاشت في هذه المنطقة مجموعات عرقية مختلفة ذات أديان مختلفة مثل المسلمين والمسيحيين واليهود علی مدی التاريخ. ولكن ينبغي البحث عن أصل الأديان التوحيدية بعد قدوم إبراهيم (عليه السلام) إلى هذه البلاد، التي مسجد الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى فیها.

كما ورد في الوثائق التاريخية، فإن أوّل علامات لحياة الإنسان المبكرة، التي يعود تاريخها إلى 12 ألف سنة قبل المسيح، شهدت في فلسطين. على سبيل المثال، تعدّ مدن مثل غزّة وأريحا ومجد من أقدم المدن في العالم. وبالطبع لم يكن للوضع الجغرافي المناسب غیر متأثّر على هذا الأمر، فلذا ازدهرت الزراعات والتجارات في هذه الأرض منذ آلاف السنين قبل المسيح.

الشعب الفلسطيني

الشعب الذي يعيش في فلسطين حالياً، هم أحفاد الأشخاص الذين عاشوا دائمًا في هذه الأرض، والذين يرتبط معظمهم بالأصل العربي من حيث الثقافة واللغة. وتبيّن في الدراسات الوراثية أن غالبية السكّان المسلمين الذين يعيشون في هذه الأرض، بالإضافة إلى المواطنين العرب من الإسرائيليّين، هم أبناء اليهود والمسيحيين وغيرهم من سكّان المناطق الجنوبية من بلاد الشام، الذين يعود تاريخ وجودهم إلى عصور ما قبل التاريخ. اعتنق معظم السكّان الفلسطينيّين للإسلام، بعد إنتصارات المسلمين في القرن السابع، وطبعاً بقي الكثير منهم على دين المسيح، ومنهم الدروز والسامريون.

وبحلول عام 200 م، كان عدد السكّان الفلسطينیّین حوالي ثمانية ملايين نسمة ومعظمهم من الفلسطينيين المسلمين، الذين کان أصلهم ساميّین ولغتهم اللغة العربية.

  1. ریاحین الشریع، ج 5، ص 35.
  2. منتهی الآمال، ج 2، ص 241.
  3. حارالأنوار، ج ۹۹، ص ۲۶۶.