محمد بن مسلمة
محمد بن مسلمة: من أصحاب رسول الله، آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح في قولٍ. وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد. وذُكر أنّه أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف، والنبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) استخلفه مرّة على المدينة. وقيل: إنّه استُخلف في غزوة قرقرة الكدر. وكان عمر بن الخطاب قد استعمل محمد بن مسلمة على صدقات جهينة، وكان عمر إذا شُكي إليه عامل أرسل محمداً ليكشف أمره. وهو كان رسوله إلى سعد بن أبي وقاص حين بنى القصر بالكوفة وغير ذلك، وقدم الجابية فكان على مقدمة جيش عمر. وقد تخلَّف ابن مسلمة عن بيعة أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) بعد أن تدافع إليها المسلمون، وفي طليعتهم بقايا المهاجرين وجموع الأنصار. وقعد عن نصرة الامام (عليه السّلام) في معارك الجمل و صفين و النهروان وبقي في المدينة.
محمد بن مَسْلَمة (... ــ 43ق)
ابن سَلَمة بن خالد الأنصاري الأوسي، أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو عبد اللَّه. آخى رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح في قولٍ [١] وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد. [٢] وذُكر أنّه أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف. [٣]
قال الذهبي: وقيل: إنّ النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) استخلفه مرّة على المدينة. وقيل: إنّه استُخلف في غزوة قرقرة الكدر، وقيل: عام تبوك.
والقول بأنّه استُخلف عام تبوك لا يصحّ، لَانّ النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) استخلف الإمام علی (عليه السّلام) في هذه الغزوة، فقد أخرج ابن سعد[٤] بسنده عن البراء بن عازب و زيد بن أرقم، قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة، وهي تبوك، قال رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) لـ علي بن أبي طالب: إنّه لا بدّ من أن أُقيم أو تقيم فخلَّفه، فلما فصل رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) غازياً، قال ناس: ما خلَّف علياً إلَّا لشيء كرهه منه، بلغ علياً، فاتبع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) حتى انتهى إليه، فقال له: ما جاء بك يا علي؟ قال: لا يا رسول اللّه إلَّا أنّي سمعتُ ناساً يزعمون أنّك إنّما خلفتني لشيء كرهته منّي، فتضاحك رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وقال: يا عليّ ! أما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى إلَّا أنّك لست بنبي؟ [٥]
ثمّ إنّ الطبري لم يذكر محمد بن مسلمة في هذه الغزوة. أمّا ابن هشام فذكر أنّ المستخلف محمد بن مسلمة، ثمّ روى أنّه سباع بن عرفطة، وذكر ثالثة أنّه خلَّف علياً على أهله واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة، فأرجف المنافقون بـ علي بن أبي طالب، ثم ذكر قول رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): «أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنّه لا نبيّ بعدي».[٦]
وأمّا ابن حجر فذكر في «الإصابة» أنّ محمّد بن مسلمة تخلَّف بإذن النبيّ له (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أن يقيم بالمدينة.
وقد قيل: شتان بين التخلَّف والاستخلاف[٧] وكان عمر بن الخطاب قد استعمل محمد بن مسلمة على صدقات جهينة، وكان عمر إذا شُكي إليه عامل أرسل محمداً ليكشف أمره.
وهو كان رسوله إلى سعد بن أبي وقاص حين بنى القصر بالكوفة وغير ذلك، وقدم الجابية فكان على مقدمة جيش عمر.
وقد تخلَّف ابن مسلمة عن بيعة أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) بعد أن تدافع إليها المسلمون، وفي طليعتهم بقايا المهاجرين وجموع الأنصار.
وقعد عن نصرة الامام (عليه السّلام) في معارك الجمل و صفين و النهروان وبقي في المدينة.
من روی عنهم ومن رووا عنه
روى عن رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أحاديث يسيرة.
روى عنه: المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن الأعرج، و عروة بن الزبير، وغيرهم.
فتاواه وفقاهته
عُدّ من المقلَّين من الصحابة فيما روي عنهم من الفتيا.
عن المسور بن مخرمة، قال: استشار عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه الناس في املاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قضى فيه بغُرّة عبد أو أمة، فقال: ائتني بمن يشهد معك فشهد محمّد بن مسلمة. [٨]
وأخرج أحمد بن حنبل في ( مسنده: 4 - 225 ) عن سهل بن أبي حثمة قال: رأيت محمّد بن مسلمة يطارد امرأة من الأنصار يريد أن ينظر إليها.. فقلت: أنت صاحب رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وتفعل هذا، قال: سمعت رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) يقول: إذا ألقى اللَّه عزّ وجلّ في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها.
وفاته
توفّي محمّد بن مسلمة بالمدينة - سنة ثلاث وأربعين، وقيل: - ست وأربعين، وكان قد سكن الربذة مُديدة فيما قيل. قال ابن شاهين عن أبي داود: قتله أهل الشام ولم يعيّن السنة لكونه اعتزل عن معاوية في حروبه، وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه أنّ شامياً من أهل الأُردن دخل عليه داره فقتله.
المصادر
- ↑ المعروف المشهور أنّ المؤاخاة إنّما وقعت مرتين بين المهاجرين قبل الهجرة، و مرّة بين المهاجرين و الأَنصار بعد الهجرة بخمسة أشهر، و في كلتا المرتين يصطفي رسول اللّه ص لنفسه منهم أمير المؤمنين علياً- عليه السّلام- فيتخذه من دونهم أخاً. انظر السيرة الحلبية: 2- 292. و قال ابن عبد البر (الإستيعاب- ترجمة علي- عليه السّلام-): آخى رسول اللّه بين المهاجرين بمكة ثم آخى بين المهاجرين و الأَنصار بالمدينة و قال في كل واحدة منهما لعلي: «أنت أخي في الدنيا و الآخرة».
- ↑ الطبقات لابن سعد 3- 443، التأريخ الكبير 1- 11 برقم 1، المعارف 153، المعرفة و التاريخ 1- 282، الجرح و التعديل 8- 71 برقم 316، الثقات لابن حبان 3- 362، المعجم الكبير للطبراني 19- 222، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 59 برقم 33، الكامل في التأريخ 2- 143، أُسد الغابة 4- 330، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 92، تهذيب الكمال 26- 456، سير أعلام النبلاء 2- 369، العبر 1- 37، تاريخ الإسلام (سنة 41 60 ه (112، الجواهر المضيئة 2- 416، تهذيب التهذيب 9- 454، تقريب التهذيب 2- 208، الاصابة 3- 363، شذرات الذهب 1- 45.
- ↑ كعب بن الاشرف الطائي، من بني نبهان، شاعر جاهلي. كانت أُمّه من «بني النضير» فدان باليهودية، و كان يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام و لم يسلم، و أكثر من هجو النبي ص و أصحابه، و تحريض القبائل عليهم. و خرج إلى مكة بعد وقعة «بدر» فندب قتلي قريش فيها، و حرّض على الاخذ بثأرهم. و عاد إلى المدينة. و أمر النبي ص بقتله، فقُتل في سنة ثلاث من الهجرة. انظر الاعلام: 5- 225.
- ↑ الطبقات الكبرى: 3- 24.
- ↑ وجاء في «الإستيعاب» لابن عبد البر في ترجمة علي- عليه السّلام-: و لم يتخلف عن مشهد شهده رسول اللّه ص مذ قدم المدينة، إلّا تبوك فانّه خلفه رسول اللّه ص على المدينة و على عياله بعده في غزوة تبوك و قال له: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي.
- ↑ قال أبو عمر في ترجمة عليّ- عليه السّلام- من الإستيعاب: و روى قوله: (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى) جماعة من الصحابة و هو من أثبت الآثار و أصحها، رواه عن النبي ص سعد بن أبي وقاص، و طرق حديث سعد فيه كثيرة جداً، قد ذكرها ابن أبي خيثمة و غيره، و رواه ابن عباس و أبو سعيد الخدري، و أُمّ سلمة، و أسماء بنت عميس، و جابر بن عبد اللّه، و جماعة يطول ذكرهم. و قال السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي بعد ذكر حديث المنزلة: لا يخفى ما فيه من الادلة القطعة و البراهين الساطعة على أنّ علياً وليّ عهده و خليفته من بعده. آثره بذلك على سائر أرحامه، و كيف أنزله منه منزلة هارون من موسى، و لم يستثن من جميع المنازل إلّا النبوّة، و استثناؤها دليل العموم، و أنت تعلم أنّ أظهر المنازل التي كانت لهارون من موسى وزارته له و شدة أزره به و اشتراكه معه في أمره و خلافته عنه، و فرض طاعته على جميع أُمّته بدليل قوله تعالى: (وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هٰارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) و قوله: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لٰا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (انظر المراجعات- المراجعة: 26، 27).
- ↑ انظر كتاب «الامام علي بن أبي طالب- عليه السّلام-» للشيخ محمد حسن آل ياسين.
- ↑ سنن البيهقي: 8- 114، صحيح البخاري: 8- 14 كتاب الديات باب جنين المرأة.