الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحظر»

من ویکي‌وحدت
ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}')
 
سطر ٥٨: سطر ٥٨:
<br>هذا ويطلق «الحظر» ويراد به خطاب الشارع بما فعله سبب للذمّ شرعا بوجه ما من حيث هو فعله <ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 99.</ref>.
<br>هذا ويطلق «الحظر» ويراد به خطاب الشارع بما فعله سبب للذمّ شرعا بوجه ما من حيث هو فعله <ref>. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 99.</ref>.


=المصادر=
== الهوامش ==
{{الهوامش|2}}
{{الهوامش}}


[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٨:٢١، ٥ أبريل ٢٠٢٣

الحظر: وهو المنع والنهي في الأفعال غير الضرورية، فإذا شكّ المكلّف في حرمة فعلٍ من الأفعال غير الضرورية، مثل: شم الطيب، وأكل الفواكه، وشرب التتن، وغير ذلك، فبناءً على أصالة الحظر يكون ارتكاب مثل هذه الأفعال حرام ومحظور عقلاً ولايجوز للمكلّفين ارتكابه.

تعريف الحظر لغةً

الحظر: هو الحجر والمنع، ويقال حظر الشيء يحظره؛ أي منعه، وحظر عليه حظرا: حَجَر ومَنَع. وهو خلاف الإباحة [١].

تعريف الحظر اصطلاحاً

وهو الحكم في الأفعال غير الضرورية بعناوينها الأوّلية بالحرمة ولزوم الاجتناب [٢]. فإذا شكّ المكلّف في حرمة فعل من الأفعال غير الضرورية، مثل: شم الطيب، وأكل الفواكه، وشرب التتن، وغير ذلك، فبناءً على أصالة الحظر يكون ارتكاب مثل هذه الأفعال حرام ومحظور عقلاً ولايجوز للمكلّفين ارتكابه.
هذا وقد يطلق الحظر ويراد به أحد الأحكام التكليفية الخمسة في قبال الوجوب وهو «الحرام» [٣].

الألفاظ ذات الصلة

1 ـ الاحتياط

وهو الإتيان بمحتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة [٤].
يختلف كلّ من الحظر و الاحتياط موضوعا، فموضوع أصالة الحظر هو حكم الأشياء بلحاظ الوظيفة الأولية في حالة الشكّ بقطع النظر عن أوامر الشارع ونواهيه، بينما موضوع أصالة الاحتياط ليس من الضروري أن يكون هو الأشياء بعناوينها الأولية، بل يجري في الأشياء بلحاظ الوظيفة الثانوية وطرو حالة الشكّ في جعل الشارع وحكم لها، و الاحتياط في الحالة الاُولى يكون عقليا، وفي الثانية شرعيا [٥].
ويختلف كلّ من الحظر و الاحتياط أيضا في أنّ أساس أصالة الحظر هو عدم جواز التصرّف في ملكه تعالى من غير إذن منه، بينما الأساس في الاحتياط أنّ اللّه‏ تعالى لم يرخّص في ارتكاب محتمل الحرمة، وإن لم يكن تصرّفا في ملكه تعالى، بل فعل يتعلّق بالمكلّف نفسه كالغناء مثلاً [٦].
هذا مضافا إلى أنّه من خلال مراجعة كلمات الأصوليين في المقام يظهر أنّهم إنّما يجرون أصالة الحظر في الشبهات التحريمية فقط وكما هو مفاد كلمة «حظر» بينما مورد الاحتياط عام يشمل جميع الشبهات وجوبية أو تحريمية.

2 ـ توقّف

وهو الامتناع عن الإفتاء والحكم بأي حكم ترخيصي أو إلزامي في موارد الشبهة [٧].
الفرق بين التوقّف وبين الحظر، هو أنّ التوقّف وإن كان قد يؤول عملاً ـ بناءً على بعض تفسيراته ـ إلى اجتنابمحتمل الحرمة ويتّحد مع مضمون الحظر، إلاّ أنّ التوقّف في نفسه عدم الإفتاء والحكم بالحظر لكون ذلك وظيفة من وظائف الشارع فالحكم بالحظر موقوف على السمع، أمّا الحظر في نفسه فهو حكم وإفتاء بالحظر على أساس حكم العقل بلزوم الاجتناب.

3 ـ حقّ الطاعة ومفاده أنّ كلّ تكليف يحتمل وجوده ولم يثبت إذن الشارع في ترك التحفظ تجاهه فهو منجّز وتشتغل ذمّة المكلّف به [٨].
يتّحد مضمون أصالة الحظر مع مضمون حق الطاعة في أنّ كلاً منهما يدعو المكلّف إلى اجتناب ما شكّ في حرمته وحظره، إلاّ أنّ الفارق بينهما هو أنّ أصالة الحظر تفرض في الشبهات التحريمية وفي مقام احتمال الحظر أو توهمه، بينما مسلك حقّ الطاعة يفرض في الشبهات جميعها تحريمية أو وجوبية.

أقسام الحظر

يمكن أن يذكر لأصالة الحظر نوعان:

الأوّل: أصالة الحظر الشرعية

وهي حكم الشارع بلزوم الاجتناب، فإذا شكّ في حرمة شيء أو عدمها، يمكن الحكم بالحرمة على أساس الأدلّة الدالّة على وجوب التوقّف في الشبهات، كما تقدّم بحث ذلك في الاحتياط في خصوص البحث في الشبهات الحكمية التحريمية.

الثاني: أصالة الحظر العقلية

وهي حكم العقل بلزوم اجتناب ما شكّ في حرمته.
والكلام المعقود هنا يتناول هذه الأصالة.

الحكم في الحظر

ذهب الأشاعرة إلى أنّه لا حكم في أفعال العقلاء قبل ورود الشرع؛ لأنّ الحكم وظيفة من وظائف اللّه‏ سبحانه وتعالى، والعقل لايمكنه أن يجعل حكما في حقّ العباد، فلا حكم قبل ورود الشرائع والأمر فيها على الوقف.
أمّا العدلية فإنّهم قسّموا الأفعال إلى ثلاث أقسام:
الأوّل: إلى ما حسّنه العقل.
الثاني: إلى ما قبّحه العقل.
الثالث: إلى ما لم يقض العقل لا بحسن ولا بقبح.
وفي هذا القسم وقع الكلام والبحث في أنّ الأفعال غير الضرورية مثل شم الطيب، وأكل فاكهة هل هي على الحظر أو الاباحة أو يتوقّف فيها؟
ذهب جماعة إلى أنّ الأشياء قبل ورود الشرائع هي على الإباحة وتجري فيها قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فيجوز للمكلّفين أن يرتكبوا ما لم يرد في تحريمه نصّ من الشارعوجعل الأصل فيها هو الإباحة أو البراءة.
وذهب آخرون إلى أنّ الأشياء قبل ورود الشرائع هي على الوقف، فلايحكم بإباحتها ولابحظرها، بل يتوقّف فيها على ورود السمع.
وذهبت جماعة ثالثة إلى أنّها على الحظر فيحكم بحظرها وعدم جواز ارتكابها على المكلّفين. وينسب هذا القول إلى جماعة من معتزلة بغداد، وطائفة من الإمامية، وأبي علي بن أبي هريرة من الشافعية[٩]. وهو اختيار أبي يعلى من الحنابلة [١٠].
واستدلّ لأصالة الحظر بوجهين:
الوجه الأوّل: مقتضى حكم العقل عدم جواز التصرّف في ملك الغير بغير إذنه، وبما أنّ الأعيان الخارجية ملك للّه‏ تعالى، فلايجوز للمكلّفين التصرّف فيها، والمفروض في الأفعال بعناوينها الأولية أنّه تعالى لم يأذن بالتصرّف بعد، فيجب الاجتناب عن ارتكاب الأفعال التي لاتعدّ ضرورية للإنسان [١١].
وقد أورد العدلية على هذا الوجه عدّة إيرادات:
أوّلاً: إنّه ليس كلّ تصرّف محظور عقلاً، بل التصرّف الذي لايلزم منه الضرر على المالك يجوز عقلاً، مثل الاستظلال بحائط الغير أو النظر في مرآته، فالإذن فيه مثلاً عقلاً موجود [١٢].
ثانيا: إنّ التصرّف بملك الغير بما هو هو ليس موضوعا لحكم العقل بالقبح، بل الذي يكون موضوعا له هو الظلم والإضرار بالغير، وهذا الحكم العقلي يمكن أن يصدق في ملك الآدميين فإنّهم يتضررون بالتصرّف في أملاكهم من غير إذنهم، فيقال بحرمة ذلك بمقتضى حكم العقل المذكور، أمّا في ملكه تعالى، فإنّ الحكم العقلي المذكور لاينطبق عليه؛ لأنّه لايتضرر بتصرّف الآخرين بملكه ولايوجب ذلك ورود النقص عليه، فلايجوز قياس التصرّف في ملكه تعالى على عدم جواز التصرّف في ملك الآدميين [١٣].
ثالثا: إنّ ملكيته تعالى للعباد ولأفعالهم مقتضاها سلطانه تعالى عليهم ونفوذ تشريعاته في حقّهم، ولايصار الى أزيد من ذلك كأن يمنعوا من التصرّف في ملكه وساحة حضرته، ولايمكن أن يقاس ذلك على الملكية الاعتبارية للآدميين التي مقتضاها حرمة تصرّف الإنسان فيما يملكه الآخرون من دون إذن منهم؛ لأنّ ملكيته تعالى سنخ آخر تختلف عن سنخ الملكية الاعتبارية الثابته للآدميين ولكلّ مقتضاها، فملكيته تعالى معناها سلطنته في التصرّف وليس من مقتضاها منع العباد من التصرّف، بينما مقتضى ملكية الآدميين هو سلطنتهم وعدم جواز تصرف الغير بما يزاحم ملكيتهم لأشياءهم [١٤].
أمّا الأشاعرة فقد ناقشوا بأنّ الذي يحكم بالحظر إنّما هو الشارع، والعقل لايمكنه بمفرده أن يحكم به، ولولا منع الشارع والحكم بعدم جواز التصرّف بملك الغير لما حكمنا به [١٥].
الوجه الثاني: إنّ الإقدام بالانتفاع فيما يحتمل أو يتوهم حرمته، إقدام على ما فيه الضرر؛ لأنّ في ارتكابه احتمالثبوت العقاب، وهو ضرر يقبح الإقدام عليه بحكم العقل [١٦].
قال الطوسي: «واستدلّ كثير من الناس على أنّ هذه الأشياء على الحظر أو الوقف، بأن قالوا: علمنا أنّ التحرز من المضار واجب في العقول، وإذا كان ذلك واجبا لم يحسن منّا أن نقدم على تناول ما لا نأمن أن يكون سما قاتلاً، فيؤدّي ذلك إلى العطب، لأنّا لانفرّق بين ما هو سم وما هو غذاء، وإنّما ننتظر ذلك إعلام اللّه‏ تعالى لنا ما هو غذاؤنا، والفرق بينه وبين السموم القاتلة» [١٧].
والأساس في هذا الوجه هو قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل أو الموهوم أيضا.
وقد أورد المتأخّرون على الاستدلال بهذه القاعدة بأنّه ما هو المراد بالضرر الذي يحكم العقل بلزوم التحرز عنه؟ فإن كان المراد الضرر الآخروي وهو العقاب، فالقاعدة سوف تكون إرشادا للمكلّف إلى التحرز عن الضرر المحتمل أو الموهوم؛ لأنّ حكم العقل بالعقاب الاُخروي واقع في سلسلة معلولات الأحكام، أي متأخّر رتبة عن ثبوت الحكم فلا بدّ من ثبوت حكم ما حتّى يحكم العقل بلزوم العمل على طبقه والتحرز عن موهوم أو محتمل الحرمة، وفي مثله الحكم العقلي لايستتبع حكما وتشريعا مولويا نافذا في حق المكلّفين. فالحكم العقلي المذكور إرشاد إلى موافقة أحكام الشارع وعدم مخالفتها بارتكاب ما ثبت تحريمه شرعا، فالعقاب لو كان إنّما يكون على مخالفة الواقع لو صادف ذلك بارتكاب ما يحتمل حظره وصادف كونه محظورا لا على مخالفة الحكم العقلي المذكور، فلا ملازمة بين حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل أو الموهوم وبين ثبوت حكم للشارع بوجوب اجتناب ذلك.
وإن كان المراد به الضرر الدنيوي، فإنّ حكم العقل مثله واقع في سلسلة علل الأحكام، وهو يوجب الملازمة بين حكمه بوجوب دفع الضرر المحتمل أو الموهوم وبين حكم الشارع بوجوب اجتناب ذلك وحظره.
وإن كان المراد بالضرر هو المفسدة الكامنة في متعلّقات الأحكام، فإنّ الشكّ في الحظر والحرمة وإن كان يلازم الشكّ في وجود المفسدة، إلاّ أنّ التحرز عنها ليس ممّا يستقل به العقل؛ لأنّ العقل لايمكنه الإحاطة بتمام المفاسد الكامنة في متعلّقات الأحكام، فإنّ احتمال المفسدة لايوجب الاحتياط وترك محتمل الحرمة [١٨].
هذا ويطلق «الحظر» ويراد به خطاب الشارع بما فعله سبب للذمّ شرعا بوجه ما من حيث هو فعله [١٩].

الهوامش

  1. . لسان العرب 1: 870 مادّة «حظر».
  2. . اُنظر: شرح اللمع 2: 977، العدّة في اُصول الفقه الطوسي 2: 742.
  3. . اُنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 98، أنيس المجتهدين 1: 96.
  4. . أنوار الهداية 2: 415.
  5. . اُنظر: فوائد الاُصول 3: 329، مصباح الاُصول 2: 309.
  6. . هذا الفرق ذكره النائيني في فوائد الاُصول 3: 329، وهو إنّما يصحّ لو كان متعلّق الحظر هو الأعيان الخارجية، أمّا إذا قيل: إنّ متعلّقه الأعيان والأفعال فيكون كلّ تصرّف وإن لم يكن في عين خارجية تصرّف في ملكه تعالى من دون إذنه، فما ذكره من مثال الغناء تصرّف أيضا. وهو يشبه المثال الذي ذكره البعض من شم الطيب.
  7. . اُنظر: أنيس المجتهدين 1: 391.
  8. . دروس في علم الاُصول 1: 198.
  9. . اُنظر: العدّة في اُصول الفقه الطوسي 2: 742، المحصول (الرازي) 1: 47، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 1: 139 ـ 140.
  10. . العدّة في اُصول الفقه 2: 259.
  11. . اُنظر: شرح اللمع 2: 980، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 1: 143.
  12. . اُنظر: أنيس المجتهدين 1: 391، نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 1: 143، المعتمد 2: 320.
  13. . نهاية الوصول المنتظري 1 ـ 2: 570 ـ 571.
  14. . اُنظر: المحكم في اُصول الفقه 4: 14 ـ 15، المعتمد 2: 319 ـ 320.
  15. . اُنظر: شرح اللمع 2: 980.
  16. . اُنظر: شرح اللمع 2: 981، العدّة في اُصول الفقه (أبي يعلى) 2: 261 ـ 262.
  17. . العدّة في اُصول الفقه 2: 750.
  18. . فوائد الاُصول 3: 366 ـ 368.
  19. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 99.