الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الوحي»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''الوحي:''' وهو واسطة اتّصال الأنبياء بالسماء وامدادهم الدائم بمادّة النبوة. وفرقه عن الإلها...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ٧١: سطر ٧١:


=المصادر=
=المصادر=
{{الهوامش|2}}


[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]

مراجعة ٠٦:٢٧، ١٨ سبتمبر ٢٠٢١

الوحي: وهو واسطة اتّصال الأنبياء بالسماء وامدادهم الدائم بمادّة النبوة. وفرقه عن الإلهام هو أن الإلهام إلقاء في الروع، بينما الوحي أن يکلم الله نبيه بدون واسطة أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه.

تعريف الوحي لغةً

الوحي: هو الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي وكلّ ما ألقيته إلى غيرك. يقال. وحيت إليه الكلام وأوحيت ووحى وحيا وأوحى أيضا كتب[١].
وقال في الصحاح: وأصل الوحي في اللغة كلّها إعلام في خفاء ولذلك صار الإلهام يسمّى وحيا [٢].

تعريف الوحي اصطلاحاً

وردت تعاريف كثيرة في اصطلاح الوحي خصوصا في مصادر علوم القرآن، ولكن نذكر منها:
أ ـ الوحي هو الكلام الخفي، ثُمّ قد يطلق على كلّ شيء قصد به إفهام المخاطب على السرّ له عن غيره و التخصيص له به دون من سواه وإذا اُضيف إلى اللّه‏ تعالى كان فيما يخصّ به الرسل دون من سواهم على عرف الإسلام وشريعة النبي(ص) [٣]. قال اللّه‏ تعالى: «وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِـيهِ» [٤].
ب ـ الوحي: وهو واسطة اتّصال الأنبياء بالسماء وامدادهم الدائم بمادّة النبوة [٥].
ج ـ وقد أطلق هذا اللفظ (الوحي) على الطريقة الخاصّة التي يتّصل بها اللّه‏ تعالى برسولهِ. نظرا إلى خفائها ودقّتها وعدم تمكّن الآخرين من الإحساس بها. ولم يكن الوحي هو الطريقة التي تلقى بها خاتم الأنبياء وحده كلمات اللّه‏، بل هو الطريقة العامّة لاتّصال الأنبياء باللّه‏ وتلقيهم الكتب السماوية منه تعالى كما حدّث اللّه‏ بذلك رسوله في قوله عزّ وجلّ: «إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ والنَّبِـيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِـيمَ وَ إِسْمـعِـيلَ وَ إِسْحـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْباطِ وَعِـيسى ...» [٦] و[٧].

الألفاظ ذات الصلة

إلهام

ذكرت تعاريف مختلفة للإلهام، هي:
ما حرّك القلب بعلم يدعوك الى العمل به من غير استدلال بآية ولا نظر في حجّة[٨]. أو هو ما يلقى في القلب بطريق الفيض فلايجب اسناده واستناده إلى المعرفة بالنظر في الأدلّة[٩].
أو هو إيقاع شيء في القلب يثلج له الصدر يخصّ به اللّه‏ تعالى بعض أصفيائه[١٠].
وفرقه عن الوحي من حيث كونه يكون إلقاء في الروع، بينما الوحي يكون مشافهة بواسطة الملك، وقد يترادفان فإنّه قد يقصد من الوحي الإلهام.

أقسام الوحي

الوحي نوعان: ظاهر وباطن.
فالظاهر: ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما ثبت بلسان الملك وهو جبرئيل(عليه‌السلام) فوقع في سمعهِ بعد علمهِ بالمبلّغ وهو جبرئيل(ع) ـ بآية قاطعة تنافي الشكّ والاشتباه بأنّه جبرئيل(ع) ـ وهو الذي يعبّر عنه بالذي أنزل عليهِ بلسان الروح الأمين.
الثاني: ما بينهُ بقولهِ أو ثبت عنده بإشارة الملك من غير بيان بكلام كما قال(ص): «إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفسا لن تموت حتّى تستكمل رزقها فاتقوا اللّه‏ وأجملوا في الطلب...» [١١]. الثالث: ما تبدّى لقلبه بلا شبهة بإلهام من اللّه‏ تعالى بأن أراه نورا من عنده وهذا هو المسمّى إلهام.
الوحي الباطن: هو تأييد القلب على وجهٍ لا يبقى فيه شبهة ولا شكّ ولا معارض ولا مزاحم، وذلك بأن يظهر له الحقّ بنور في قلبه من ربّه يتّضح له حكم الحادثة به وإليه أشار اللّه‏ تعالى: «لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللّهُ» [١٢]. وكلّ ذلك خاصّ بالرسول(ص) وتثبت به الحجّة القاطعة ولا شركة للاُمة في ذلك إلاّ أن يكرم اللّه‏ به من يشاء من اُمته لحقهِ وذلك الكرامة للأولياء [١٣].
وهنالك من قسمه إلى ثلاثة صور:
الاُولى: إلقاء المعنى في قلب النبي(ص) أو نفثه في روعة بصورةٍ يحسن بأنّه تلقاه من اللّه‏ تعالى.
الثانية: تكليم النبي(ص) من وراء حجاب كما نادى اللّه‏ موسى(ع) من وراء الشجرة وسمع نداءه.
الثالثة: هي التي متى أطلقت انصرفت إلى ما يفهمه المتدين عادةً من لفظة الإيحاء حين يلقى ملك الوحي المرسل من اللّه‏ إلى نبي من الأنبياء ما كلّف إلقاؤه إليه سواء أنزل عليه في صورة رجل أم في صورته الملكية[١٤] .
وقد اُشير إلى هذه الصور الثلاث في قوله تعالى: «وَما كانَ لِـبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِـجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِـإِذنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِـيمٌ»[١٥]. وهنالك من قسَّم الوحي إلى قسمين:
الوحي المتلو وهو القرآن والوحي غير المتلو وهو ((السنة]] [١٦].
ويذهب البعض الى أنّ هناك ما يشبه الوحي في حقّ رسول اللّه(ص) وهو استنباط الأحكام من النصوص بالرأي والاجتهاد. فإنّما يكون من رسول اللّه(ص) بهذا الطريق فهو بمنزلة الثابت بالوحي؛ لقيام الدليل على أنّه ثواب لا محال. فإن كان لا يقرّ على الخطأ، فكان ذلك منه حجّة قاطعة. ومثل هذا من الاُمة لا يُجعل بمنزلة الوحي؛ لأنّ المجتهد يخطئ ويصيب. فقد عُلِمَ أنّه كان لرسول اللّه(ص)من صفة الكمال ما لا يحيط به إلاّ اللّه‏. فلاشكّ أنّ غيره لا يساويه في أعمال الرأي والاجتهاد في الأحكام. وهذا يبتني على اختلاف العلماء في أنّه(ع) هل كان يجتهد في الأحكام ويعمل بالرأي فيما لا نصّ فيه [١٧].

حكم الوحي

تناول الاُصوليون مبحث الوحي من عدّة جوانب نورد هنا بعض البحوث في هذا المجال.

الأوّل: مدّة انتظار الرسول الوحي

اختلف بعض الاُصوليين في مدّة انتظار الرسول(ص) الوحي فمنهم من قال: الانتظار ثلاثة أيّام، وقيل: بخوف فوت الفرض؛ وذلك بحسب الحوادث كانتظار الولي الأقرب في النكاح مقدر بفوت الخاطب الكفوء.
قال النسفي: هو مأمور بانتظار الوحي فيما يوحى إليه. أي إذا نزلت حادثة بالنبي(ص) بين يديه يجب عليه الانتظار إلى ثلاثة أيّام أو إلى أنّ يخاف فوت الفرض، ثُمّ العمل بالرأي بعد انقضاء مدّة الانتظار فإن كان أصاب الرأي لم ينزل الوحي عليه في تلك الحادثة وإن كان أخطأ في الرأي ينزل عليه الوحي للتنبيه على الخطأ [١٨].

الثاني: حقيقة الحكم المجعول والحكم الموحى

إنّ حقيقة الحكم المجعول ـ وهو الإنشاء بداعي جعل الداعي ـ إمّا أن يكون له مقام غير مقام الوحي أو لا.
فأمّا إن كان له مقام غير مقام الوحي، بحيث يكون بحقيقته مجعولاً ويكون الوحي به تبليغا لذلك الحكم المجعول بلسان جبرئيل(ع) على قلب النبي الموحى إليه ذلك الحکم فحينئذٍ إذا أحرز أصل ثبوته بسبب الوحي به إلى نبي من الأنبياء وشكّ في بقائه بنفسه صحّ لنا استصحابه.
وإن كان مقام ثبوته وجعله مقام الوحي به بلسان جبرئيل(ع) على قلب النبي الموحى إليه فذلك الإنشاء القائم بجبرئيل(ع) الوارد على قلب ذلك النبي(ص) عين جعله منه تعالى، من دون سبق الجعل فحينئذٍ يكون الباقي هو عين ذلك الموحى به إلى ذلك النبي(ص)، فإذا بقي هذا الحكم في شريعة اُخرى كان ذلك النبي اللاحق تابعا لذلك النبي السابق في ذلك الحكم الخاصّ .
وحيث إنّ نبينا(ص) أفضل الأنبياء ولا يكون تابعا لنبي من الأنبياء في حكم من الأحكام. حيث قد وردت الروايات في رد النبي(ص) على اليهود: «لو أدركني موسى، ثُمّ لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ولا نفعتهُ النبوة»[١٩].
فلا محال يكون المجعول في شريعته(ص) مماثلاً لما في شريعة موسى(ع) فاُمته مأمورة بذلك الحکم من حيث إنّه أوحي به إلى نبيهم(ص) لا من حيث إنّه أوحي به إلى موسى(ع).
وعليه فجميع أحكام هذه الشريعة المقدّسة أحكام حادثة وهي إمّا مماثلة لما في الشرائع السابقة أو مضادّة أو مناقضه فالشكّ دائما يؤول إلى حدوث حكم مماثل أو غير مماثل. لا إلى بقاء ما في الشريعة السابقة وعدمه ليجري الاستصحاب [٢٠].

الثالث: هل يمكن استقرار الإجماع قبل انقطاع الوحي أو لا؟

أجاز السيّد المرتضى وقوع الإجماع في زمن الوحي بناءً على أنّ الإجماع هو اتّفاق من يعلم أنّ المعصوم(ع) في جملتهم وبأنّ الأدلّة التي استدلّوا بها على صحّة الإجماع لا تختصّ بما بعد انقطاع الوحي [٢١].
وأمّا الجمهور: فقد أنكروا ذلك وقالوا: إذا اتّفق المسلمون على شيء في زمن النبي(ص) فإن كان منضما إلى قوله(ص) ففيه الحجة لا في قول غيره فلم يكن إجماعا وإن كان منفردا عن قوله(ص) لم يعتد به [٢٢].
قال صاحب المحصول: إنّ الإجماع إنّما ينعقد دليلاً بعد وفاة رسول اللّه(ص)؛ لأنّه ما دام حيّا لم ينعقد إجماع من دونه، لأنّه سيّد المؤمنين ومتى وجد قوله فلا عبرة بقول غيره [٢٣].
وقال الآمدي: إجماع الموجودين في زمن الوحي ليس بحجّة بالإجماع وإنّما يكون حجّة بعده [٢٤].

الرابع: الحكم الناسخ إذا كان مع الوحي أو النبي(ص) هل يثبت حكمه أو لا؟


اتّفق العلماء على أنّ الناسخ إذا كان مع جبرئيل ولم ينزل به إلى النبي(ص) لم يثبت له حكم في حقّ المكلّفين. بل هم مكلّفون بالحكم الأول وعلى ما كانوا عليه قبل إلغاء الناسخ إلى جبرئيل. واختلفوا فيما إذا ورد النسخ إلى النبي(ص) ولم يبلّغ الاُمّة هل يتحقّق النسخ في حقّهم بذلك أو لا ؟
ذهب بعض الشافعية إلى الإثبات. وبعضهم إلى النفي، وبه قالت الحنفية و أحمد بن حنبل. واختاره الآمدي [٢٥].

الخامس: الوحي والعصمة

اختلفت كلمات العلماء. هل كان الرسول(ص) معصوم قبل البعثة والوحي أو لا؟ فمنهم من قال إنّه غير معصوم قبل البعثة والوحي، ولكن الإجماع أنّ النبي(ص) معصوم بعد البعثة [٢٦].
بخلاف الإمامية فإنّهم يعتقدون أنّه معصوم قبل نزول الوحي عليه وبعده وقد استدلّوا على ذلك باُمور من قبيل:
أوّلاً: إذا لم يكن الرسول(ص) معصوما عن الخطأ لم يحصل للاُمة اليقين بصدقه وصحّة قوله في تبليغ الوحي، وإذا لم يكن معصوما من الذنوب سقطت مكانته في أعين الناس وكلام العالم بلا عمل لا يؤثّر في نفوس الناس فلا يحصل الغرض المقصود من البعثة.
ثانيا: إن منشأ الخطأ والذنب هو من ضعف العقل والارادة وعقل النبي كامل؛ لأنّه باتّصاله بالوحي وصل إلى الحقّ أي حقّ اليقين ـ وصار يرى الأشياء على واقعها كما هي ـ وإرادته لا تتأثّر إلاّ بإرادة اللّه‏ سبحانه وتعالى فلا يبقى مجال للخطأ والذنب [٢٧].

السادس: هل يمكن النسخ بعد انقطاع الوحي

اختلفت كلمات الأعلام في إمكان النسخ بعد انقطاع الوحي فأنكره جماعة وقالوا: يشترط في النسخ أن يكون في زمن الوحي فلا نسخ بعد وفاة الرسول(ص)[٢٨] .
وأثبته آخرون قائلين: إنّ حقيقته النسخ هو بيان انتهاء مدة استمرار الحکم وهذا يستحيل وقوعه بعد انقطاع الوحي. هذا إذا كان مستنده الوحي والإلهام ونزول جبرئيل(ع) وغير ذلك ممّا يختصّ بالأنبياء.
وأمّا إذا كان مستنده إيقاف النبي(ص) وإخباره لوصيه باستمرار الحكم إلى غاية فلانيّة مع أمره(ع) إيّاه(ص) ببيان انتهاء مدّة استمراره عند حلول الغاية فلا استحالة فيه أصلاً [٢٩].

المصادر

  1. . لسان العرب 4: 4240 مادّة: «وحي».
  2. . المختار من صحاح اللغة: 565، مادّة: «وحي»، والقاموس المحيط: 1207، مادّة: «وحي»، والمصباح المنير: 651، مادّة: «وحي».
  3. . تصحيح اعتقادات الإمامية المفيد: 120.
  4. . القصص: 7.
  5. . دلائل الإمامة ابن جرير: 8.
  6. . النساء: 163.
  7. . علوم القرآن الحكيم: 25.
  8. . تقويم الأدلّة: 392.
  9. . رياض السالكين 1: 318.
  10. . جمع الجوامع حاشية اليتائي 2: 550.
  11. . تهذيب الأحكام الطوسي 6: 321 باب المكاسب ح 1، مستدرك الوسائل (النوري) 13: 27 باب (10) ح 1.
  12. . النساء: 105.
  13. . كشف الأسرار، البخاري 3: 384 ـ 386، كشف الأسرار (النسفي) 2: 168.
  14. . علوم القرآن الحكيم: 26.
  15. . الشورى: 51.
  16. . روضة الطالبين 1: 11.
  17. . اُصول السرخسي 2: 91.
  18. . اُنظر كشف الأسرار البخاري 3 : 386 ، كشف الأسرار النسفي 2 : 168.
  19. . الأمالي الصدوق: 287.
  20. . نهاية الدراية في شرح الكفاية الإصفهاني 5 ـ 6: 181، زبدة الاُصول الروحاني 4: 112.
  21. . الذريعة المرتضى: 456.
  22. . معارج الاُصول الحلّي: 173، معالم الدين (ابن الشهيد الثاني): 220.
  23. . المحصول الرازي 1: 559.
  24. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 178.
  25. . نهاية الوصول إلى علم الاُصول الحلّي 3: 99، والإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 152.
  26. . إرشاد الفحول 1: 161، جمع الجوامع في اُصول الفقه: 346.
  27. . مقدّمة منهاج الصالحين الوحيد الخراساني 1: 61.
  28. . المستصفى 1: 147، اُصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 953، الوجيز في اُصول التشريع الإسلامي هيتوا: 245.
  29. . منتهى الاُصول 2: 572، مصباح الاُصول الخوئي 3: 382.