الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الجمع مهما أمكن أولى من الطرح:''' يشير إلی قاعدة مشهورة في علم أصول الفقه تدلّ علی الحفظ وا...') |
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٤٧: | سطر ٤٧: | ||
=المصادر= | =المصادر= | ||
{{الهوامش|2}} | |||
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] | [[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] |
مراجعة ٠٦:٥٢، ٢٠ يونيو ٢٠٢١
الجمع مهما أمكن أولى من الطرح: يشير إلی قاعدة مشهورة في علم أصول الفقه تدلّ علی الحفظ والجمع بين الأدلّة مهما أمکن؛ ومثال القاعدة قوله(ص): «صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلاّ المسجد الحرام». ومفاده أفضلية الصلاة في المسجد النبوي على الصلاة في غيره، وقوله(ص): «أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة» ومفاده أفضلية مطلق الصلاة في البيت على الصلاة في غيره ولو كان مسجدا. وهنا يوجد تعارض بين مفاد الحديثين، وقد أعملت قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح في رفع التعارض الموجود بحمل الأوّل على صلاة الفريضة والثاني على صلاة النافلة ويخرج الدليلان بذلك عن المعارضة وتحصل تمام المطابقة بينهما.
تعريف قاعدة: الجمع مهما أمكن أولى من الطرح
المراد بهذه القاعدة الجمع بين الدليلين والتوفيق بين دلالتيهما وإخراجهما عن حالة التعارض.
المراد بالجمع: هو البناء على صدور كليهما وفرضهما كمقطوعي الصدور والتصرّف في متنهما، والمراد بالطرح: هو البناء على عدم صدور أحدهما والأخذ بسند الآخر ودلالته إمّا لمرجّح أو من باب التخيير[١].
محل النزاع في هذه القاعدة
ومورد النزاع في هذه القاعدة هو الدليلان الظاهران من حيث الدلالة، المشتملان على شرائط الحجّية في كلّ منهما، أمّا إذا كان أحدهما نصّا في دلالته والآخر ظاهرا فيها أو كانا نصّين في دلالتيهما فهما خارجان عن محلّ النزاع في جريان القاعدة، فإنّه في الفرض الأوّل يجمع بينهما بالتصرّف في دلالة الظاهر، لأنّ النصّ يشكّل قرينة عليه، وهو ما يصطلح عليه بالجمع العرفي، وفي الفرض الثاني لايمكن التوفيق بينهما في الدلالة فلا بدّ إمّا من القول بالتساقط أو التخيير أو الترجيح على الخلاف في القاعدة الأوّلية في المتعارضين[٢].
وذكر المظفر أنّ ذلك لا يختلف فيه الحال بما إذا كان المتعارضان متعادلين من حيث السند أم كانت لأحدهما مزية على الآخر.
ومثال القاعدة قوله(ص): «صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلاّ المسجد الحرام». ومفاده أفضلية الصلاة في المسجد النبوي على الصلاة في غيره، وقوله(ص): «أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة» ومفاده أفضلية مطلق الصلاة في البيت على الصلاة في غيره ولو كان مسجدا.
وهنا يوجد تعارض بين مفاد الحديثين، وقد أعملت قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح في رفع التعارض الموجود بحمل الأوّل على صلاة الفريضة والثاني على صلاة النافلة ويخرج الدليلان بذلك عن المعارضة وتحصل تمام المطابقة بينهما[٣].
وغير ذلك من الأمثلة والشواهد التي ذكرها الفقهاء للقاعدة والفقه مليء بشواهد على ذلك وهو ما قد يصطلح عليه بـ الجمع العرفي.
الألفاظ ذات الصلة
قاعدة إعمال الكلام أولى من إهماله
ومفاد هذه القاعدة أنّه إذا دار أمر الكلام بين الإعمال والإهمال فإعماله أولى من طرحه وإهماله، والفرق بين هذه القاعدة وقاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح أنّ الاُولى موردها أعم فهي تُعمل في الكلام الواحد الذي يدور أمره بين الإعمال والإهمال فيعمل؛ لأنّ الأصل في الكلام هو الإعمال والكلام المتعدد، بينما مورد الثانية الدليلان المتعارضان فيراد العمل بكلّ منهما بدلاً من العمل بأحدهما وطرح الآخر.
والثانية أي قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح من تطبيقات قاعدة: إعمال الكلام أولى من إهماله.
حجية القاعدة
اُستدل للقاعدة بعدّة وجوه:
الدليل الأوّل
حكم العقل بأولوية الجمع من الطرح؛ لأنّ الفرض أنّ كلا الدليلين يشتمل على مقدّمات الحجّية وإلاّ لما وقع التعارض، فإنّ التعارض لايقع إلاّ بين الحجّتين الواجدتين لشرائط الحجّية ولا يقع بين الحجّة واللاحجّة، فإذا كلّ دليل يشتمل على مقومات الحجّية فلابدّ من إعماله والعمل به، ولا مانع من العمل بمقتضى كلّ دليل إلاّ بسبب التكاذب ومع الجمع بينهما في الدلالة يرتفع التكاذب المذكور ويمكن الملاءمة بينهما على مستوى الدلالة، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين كان ذلك أولى من طرحه بالمرّة وعدم العمل به بحكم العقل[٤].
الدليل الثاني
الأصل في كلّ واحد من الدليلين هو الإعمال ولايُخرج عن هذا الأصل إلاّ مع فرض استحكام التعارض وعدم إمكان الجمع الدلالي، ومع إمكان الجمع الدلالي يُعمل بالأصل المذكور ولايُخرج عن العمل بمقتضى الدليل[٥].
الدليل الثالث
إنّ مفاد كلّ من الدليلين في صورة تعارضهما يتضمّن دلالتين، الاُولى: دلالة أصلية، وهي دلالة الدليل على مفاده والعمل به، والثانية: دلالة تبعية، وهي دلالة كلّ دليل على نفي مفاد الدليل الآخر وكذبه، وفي صورة الجمع بين الدليلين يلزم الحفاظ على الدلالة الأصلية لكلا الدليلين وإن كان ذلك يؤدّي إلى طرح وإهمال الدلالة التبعية في كلّ منهما، أمّا في صورة العمل بأحد الدليلين وطرح الآخر يلزم طرح الدلالة الأصلية للدليل الآخر، وهذا مرجوح بالقياس إلى الحالة الاُولى، فمقتضى قاعدة إعمال الكلام أولى من إهماله وجوب العمل بمقتضى دلالة ومفاد كلّ من الدليلين والتوفيق بينهما وهو أولى من طرح الدليل وعدم العمل به بالمرّة[٦].
هذه هي مجمل الأدلّة التي اُقيمت على القاعدة المذكورة، وقد نوقشت من قبل الذين لم يعملوا ويأخذوا بها وأوردوا على تلك الأدلّة عدّة إيرادات[٧].
مورد قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح
اختلف في مورد جريان قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح على رأيين:
الرأي الأوّل: إنّ موردها يعم صورتي الجمع العرفي و الجمع التبرعي، فإذا أمكن تأويل الدليلين المتعارضين وحملهما على وجهٍ ما كان ذلك أولى من طرح أحدهما وعدم العمل به أصلاً ولو لم يكن مثل هذا الجمع، وهذا التأويل مقبولاً عند العرف ومطابقا لأساليب المحاورات العرفية.
وقد تبنى هذا الرأي جماعة صرّحوا بوجوب وأولوية العمل بهذه القاعدة، فيما إذا دار أمر الدليلين المتعارضين بين الجمع بينهما بنحوٍ ما وبين أحدهما وإسقاطه عن الحجّية.
قال ابن أبي جمهور الإحسائي: «إن كلّ حديثين ظاهرهما التعارض يجب عليك أوّلاً البحث عن معناهما وكيفية دلالة ألفاظهما، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات التأويل والدلالات، فاحرص عليه واجتهد في تحصيله؛ فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء»[٨].
قال الرازي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بكلّ واحد منهما من وجه دون وجه أولى من العمل بأحدهما دون الثاني؛ لأنّ دلالة اللفظ على جزء مفهومه دلالة تابعة لدلالته على كلّ مفهومه، ودلالته على كلّ مفهومه دلالة أصلية»[٩]. فإنّ العمل بكلّ واحد من الدليلين يلزم منه مخالفة الدلالة التبعية بينما العمل بأحدهما وطرح الآخر يلزم منه مخالفة الدلالة الأصلية للدليل الآخر، فالأوّل أولى.
قال الأسنوي: «إذا تعارض دليلان فالعمل بهما ولو من وجه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال»[١٠].
ومثله ما ذكره الشهيد الثاني[١١].
قال الزركشي: «إنّما يرجّح أحد الدليلين على الآخر إذا لم يمكن العمل بكلّ واحد منهما، فإن أمكن ولو من وجه دون وجه فلا يصار إلى الترجيح، بل يصار إلى ذلك؛ لأنّه أولى من العمل بأحدهما دون الآخر، إذ فيه إعمال الدليلين، فالإعمال أولى من الإهمال»[١٢].
قال النراقي: «التعارض إنّما يقع بين ظنين، وحينئذٍ إمّا يمكن الجمع بينهما والعمل بهما ولو من وجه أو لا، فعلى الأوّل يجب العمل بهما؛ لأنّه أولى من إسقاط أحدهما بالكلية؛ لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما هو الإعمال فيجمع بينهما مهما أمكن»[١٣].
وغير ذلك من الكلمات التي ذكرها جملة من العلماء تؤكّد قبولهم وعملهم بقاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح في الأدلّة المتعارضة.
الرأي الثاني: إنّ موردها يختصّ بصورة إمكان الجمع العرفي وهو الذي يساعد عليه العرف وله شاهد وتقبله أساليب المحاورات العرفية، فإنّه مع إمكان الجمع العرفي بين الدليلين على وجه يحكم به العرف يخرج الدليلان من المعارضة، فلا تصل النوبة إلى القاعدة الأولية في باب التعارض من التساقط أو التخيير أو الترجيح.
وهذا الرأي هو مختار أغلب متاخّري الأصوليين ومشهورهم.
قال المظفر: «القدر المتيقّن من قاعدة أولوية الجمع من الطرح في المتعارضين هو الجمع العرفي... ، وأنّه بالجمع العرفي يخرج الدليلان عن التعارض، والوجه في ذلك: أنّه إنّما نحكم بالتساقط أو التخيير أو الرجوع إلى العلاجات السندية، حيث تكون هناك حيرة في الأخذ بهما معا، وفي موارد الجمع العرفي لا حيرة ولا تردد»[١٤].
وذكر الفيروزآبادي: إنّ الجمع بين الدليلين بما لايساعد عليه فهم العرف من دون أن يكون أحدهما نصّا أو أظهر ليكون قرينة عرفية على المراد من الآخر ممّا لا دليل عليه لا عقلاً ولا شرعا[١٥].
المصادر
- ↑ . تقريرات المجدد الشيرازي 4: 195.
- ↑ . تقريرات المجدد الشيرازي 4: 195، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 231.
- ↑ . أنظر: التمهيد الأسنوي: 507 ـ 508، تمهيد القواعد: 284 ـ 285.
- ↑ . أنظر: أصول الفقه المظفّر 3 ـ 4: 230.
- ↑ . أنظر: أنيس المجتهدين 2: 973 ـ 974.
- ↑ . انظر: المحصول 2: 449 ـ 450، فرائد الأصول 4: 20.
- ↑ . أنظر: نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5: 295، فرائد الأصول 4: 20 وما بعدها.
- ↑ . عوالي اللئالي 4: 136.
- ↑ . المحصول 2: 449.
- ↑ . التمهيد: 506.
- ↑ . تمهيد القواعد: 283.
- ↑ . تشنيف المسامع 2: 175.
- ↑ . أنيس المجتهدين 2: 973.
- ↑ . أصول الفقه 3 ـ 4: 233 ـ 234.
- ↑ . عناية الأصول 6: 33.