الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإحرام»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الإحرام:''' لايخفی أن أفعال الحج: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفات، والوقوف بالمش...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٢:٥٥، ٧ نوفمبر ٢٠٢١
الإحرام: لايخفی أن أفعال الحج: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفات، والوقوف بالمشعر الحرام، ونزول منى، والرمي، والذبح، والحلق. فالإحرام أحد أفعال الحج وهو رکن من أرکان الحج، فمن تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف، ولا ينعقد إلا في زمان مخصوص وفي مکان مخصوص کما سنوضّح للقارئ الکريم تطبیقاً علی الفقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.
الإحرام
زمان الإحرام
وهو ركن من أركان الحج فمن تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف، ولا يجوز إلا في زمان مخصوص، وهو شوال وذو القعدة وتسعة من ذي الحجة[١] وفي الخلاف وذو الحجة إلى طلوع الفجر [ من يوم النحر ] وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: وعشرة أيام من ذي الحجة[٢]، فمن أحرم قبل ذلك لم ينعقد إحرامه بالحج ولا بالعمرة التي يتمتع بها، وينعقد بالعمرة وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: ينعقد في غيرها إلا أن الإحرام فيها أفضل وهو المسنون، فإذا أحرم في غيرها أساء وانعقد إحرامه. [٣] لنا بعد إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط واليقين لـ براءة الذمة قولُه تعالى: { الحج أشهر معلومات } [٤] و التقدير وقت الحج، لأن الحج لا يصح وصفه بأنه أشهر، وتوقيت العبادة في الشرع بزمان يدل على أنها لا تجزئ في غيره لأنها لئن أجزأت لما كان لتعليقها بزمان مخصوص فائدة، ولا تعلق له بقوله تعالى: { ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } [٥] لأنا نخص الإحرام بما ذكرناه من الشهور بدليل كما خصصنا كلنا ما عداه من أفعال الحج بأيام مخصوصة من ذي الحجة، ولأن عنده أن الإحرام ليس من أفعال الحج فلا يمكنه التعلق بالآية، ولأن توقيت الفعل بوقت يقتضي جواز فعله فيه من غير كراهة، وعنده أن تقديم الإحرام مكروه.
مکان الإحرام
ولا يجوز عقد الإحرام إلا في موضع مخصوص، وهو لمن حج على طريق المدينة ذو الحليفة، وهو مسجد الشجرة، ولمن حج على طريق الشام الجحفة، ولمن حج على طريق العراق بطن العقيق، وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق، روى محمد بن القاسم [٦] عن عائشة ( رضي الله عنه ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقت لأهل العراق ذات عرق، وعن جابر أنه ( صلى الله عليه وآله ) وقت لأهل المشرق بطن العقيق. وقال الشافعي: الإهلال لأهل الشرق من العقيق أحب إلى وبه قال أصحابه[٧] ولمن حج على طريق اليمن يلملم، ولمن حج على طريق الطائف قرن المنازل. [٨]
فإن أحرم قبل الميقات لم ينعقد إحرامه إلا أن يكون نذر ذلك خلافا لأبي حنيفة فإنه قال: الأفضل أن يحرم قبل الميقات. وللشافعي قولان: أحدهما مثل قول أبي حنيفة، والثاني: الأفضل من الميقات، إلا أنه ينعقد قبله على كل حال. [٩]
لنا إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط و اليقين لبراءة الذمة وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقت هذه المواقيت، وإذا كان معنى الميقات في الشرع ما يتعين للفعل، فلا يجوز تقديمه عليه، كمواقيت الصلاة. [١٠]
ومن تجاوز الميقات من غير إحرام متعمدا، ولم يتمكن من الرجوع إليه، كان عليه إعادة الحج من قابل، وإن كان ناسيا أحرم من موضعه، ويجوز لمن كان منزله دون الميقات الإحرام منه، وإحرامه من الميقات أفضل.
وميقات المجاور ميقات أهل بلده، فإن لم يكن فمن خارج الحرم وإن لم يقدر فمن المسجد الحرام [١١]، وقال الشافعي يحرم من موضعه[١٢]، وفي النافع: من كان مقيما بمكة فميقاته في الحج الحرم ليحرم من دويرة أهله، في العمرة الحل لأن عائشة أمرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن تهل بالعمرة من التنعيم.
و يستحب لمريد الإحرام قص أظفاره وإزالة الشعر عن إبطيه وعانته، وأن يغتسل بلا خلاف، ويجب عليه لبس ثوبي الإحرام يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، ولا يجوز أن يكونا مما لا يجوز الصلاة فيه، ويكره أن يكون مما تكره الصلاة فيه، ويجزئ مع الضرورة ثوب واحد بلا خلاف. [١٣]
صلاة الإحرام
ويستحب أن يصلي صلاة الإحرام، وأن يقول بعدها إن كان متمتعا:
اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك، فيسر لي أمري وبلغني قصدي وأعني على أداء مناسكي، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلى حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة. وإن لم تكن عمرة فحجة، اللهم أحرم لك لحمي ودمي وشعري وبشري من النساء والطيب والصيد، وكل محرم على المحرمين ابتغي بذلك وجهك والدار الآخرة.
وإن كان قارنا قال: اللهم إني أريد الحج قارنا فسلم لي هديي وأعني على أداء مناسكي، إلى آخر الدعاء.
وإن كان مفردا قال: اللهم إني أريد الحج مفردا فسلم لي مناسكي وأعني على أدائها إلى آخر الدعاء.
والقارن مثل المفرد سواء، إلا أنه يقرن بإحرامه سياق الهدي ولذلك سمي قارنا.
الجمع بين الحج والعمرة
ولا يجوز أن يجمع بين الحج والعمرة في حالة واحدة، ولا يدخل أفعال العمرة قط في أفعال الحج. خلافا لجميع الفقهاء في ذلك فقالوا: إن القارن من قرن بين الحج والعمرة في إحرامه، فيدخل أفعال العمرة في أفعال الحج. [١٤]
وإذا قرن بين الحج والعمرة في إحرامه، لم ينعقد إحرامه إلا بالحج، فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم، وإن أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه دم. وبه قال الشافعي و أبو حنيفة [١٥] وعندهما أن القارن يحرم بالحج والعمرة من الميقات يقول عقيب الصلاة: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني. [١٦]
في الوجيز: ولو أحرم بالعمرة ثم أدخل الحج عليها قبل الطواف كان قارنا، ولو أدخل العمرة على الحج لم يصح في أحد القولين لأنه لا يتغير الإحرام بعد انعقاده. [١٧]
نية الإحرام
ثم يجب عليه أن ينوي نية الإحرام على الوجه الذي قدمناه ويعقده بالتلبية الواجبة وهي: لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. ولا ينعقد الإحرام إلا بها أو بما يقوم مقامها من الإيماء لمن لا يقدر ومن التقليد والإشعار للقارن. [١٨]
ولا ينعقد الإحرام بمجرد النية، بل لا بد أن يضاف إليها التلبية أو السوق أو الإشعار أو التقليد. وقال أبو حنيفة: لا ينعقد إلا بالتلبية أو سوق الهدي. وقال الشافعي: يكفي مجرد النية. [١٩]
ويجوز أن يلبي عقيب إحرامه، والأفضل أن يلبي إذا علت راحلته البيداء. وللشافعي فيه قولان: الأفضل أن تنبعث به راحلته إن كان راكبا، وإذا أخذ في السير إن كان راجلا. والثاني أن يهلل خلف الصلاة نافلة كانت أو فرضا، وبه قال أبو حنيفة. [٢٠]
لنا على ما ذهبنا إليه أن الإحرام لا ينعقد إلا بالتلبية أو بما يقوم مقامها أن فرض الحج مجمل في القرآن ولا خلاف أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعل التلبية وفعله إذا ورد مورد البيان كان على الوجوب، وما روي أن جبرئيل ( عليه السلام ) أتي النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال: مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج، وهذا نص، وقوله ( عليه السلام ) لعائشة ( رض ) أنقضي رأسك وامتشطي واغتسلي ودعي العمرة وأهلي بالحج، والإهلال هو التلبية، وأمره على الوجوب، وفي لغة العرب رفع الصوت، ومنه قولهم: استهل الصبي: إذا صاح، فلا يجوز أن يقال المراد بالإهلال الإحرام، ويدل على ذلك ما روي عن ابن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أهل في مصلاه، وحين مرت به راحلته، وحين بلغ البيداء لأن الإحرام متقدم على بلوغ البيداء، فلا يجوز أن يحمل الإهلال على الإحرام. [٢١].
والتلبية فريضة، ورفع الصوت بها سنة، خلافا للشافعي وأبي حنيفة فإنها عندهما سنة. ووفاقا لهم في أن رفع الصوت بها سنة.
لنا على وجوبها ما مر قبل من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعل التلبية وأمر بها وفعله إذا كان بيانا وأمره على الوجوب. [٢٢]
لا يلبي في حال الطواف ولا في مسجد مكة ولا في مسجد عرفة خلافا للشافعي فإنه قال: يستحب ذلك، لنا أما في حال الطواف أنه يجب على المتمتع أن يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة. وما روي عنهم ( عليهم السلام ) من قولهم: إن هؤلاء يطوفون ويسعون ويلبون، فكلما طافوا أحلوا، وكلما لبوا عقدوا، فيخرجون لا محلين ولا محرمين، وأما في مسجد عرفة: أن الحاج يجب عليه أن يقطع التلبية يوم عرفة قبل الزوال، فإن حصل بعرفات بعدها هناك لم يجزله التلبية، وإن حصل قبل الزوال جاز له ذلك لعموم الأخبار. [٢٣]
التلبية الأربعة لا خلاف في جوازها على خلاف بيننا وبينهم في كونها فرضا أو نفلا، وما زاد عليها عندنا مستحب. خلافا للشافعي فإنه قال مباح، وليس بمستحب. وحكى عن أصحاب أبي حنيفة أنه قال مكروه. [٢٤]
ومن الألفاظ المستحبة عندنا: لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك، لبيك مبدئ الخلق ومعيده لبيك، غافر الذنب لبيك، لبيك قابل التوب لبيك، لبيك كاشف الكرب العظام لبيك، لبيك فاطر السماوات والأرض لبيك، لبيك أهل التقوى والمغفرة لبيك، لبيك متمتعا بالعمرة إلى الحج لبيك. إن كان متمتعا ولا يقول لبيك بحجة وعمرة تمامها عليك، لأن ذلك يفيد بظاهره تعلق نية الإحرام بالحج والعمرة معا وذلك لا يجوز.
وإن كان قارنا أو مفردا قال: لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك، وإن كان نائبا عن غيره قال: لبيك لبيك عن فلان بن فلان لبيك.
وأوقات التلبية أدبار الصلوات، وحين الانتباه من النوم، وبالأسحار، وكلما علا نجدا، أو هبط غورا، أو رأى راكبا، ويستحب رفع الصوت بها للرجل، كما ذكرناه، وأن لا يفعل إلا على طهر، وآخر وقتها للمتمتع إذا شاهد بيوت مكة، وحدها من عقبة المدنيين إلى عقبة ذي طوى، وللقارن والمفرد إذا زالت الشمس من يوم عرفة، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم، فإن كان المعتمر خارجا من مكة فإذا شاهد الكعبة.
والمتمتع إذا لبى بالحج متعمدا بعد طواف العمرة وسعيها وقبل التقصير بطلت متعته، وصار ما فيه حجة مفردة، وإن لبى ناسيا لم تبطل. [٢٥]
وقال الشافعي: إذا قرن يدخل أفعال العمرة في أفعال الحج، واقتصر على أفعال الحج، يجزيه طواف واحد وسعي واحد عنهما. وقال بمثل ما قلناه من أن أفعال العمرة لا تدخل في أفعال الحج - في الصحابة علي وابن مسعود، وفي التابعين الشعبي والنخعي[٢٦]، وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه.
ولأبي حنيفة تفصيل، قال: من شرط القران تقديم العمرة على الحج ويدخل مكة، ويطوف ويسعى للعمرة، ويقيم على إحرامه حتى يكمل أفعال الحج، ثم يحل منها، فإن ترك
الطواف للعمرة قبل الوقوف انتقضت عمرته، وصار مفردا بالحج، وعليه قضاء العمرة. [٢٧]
لنا على أن أفعال العمرة لا يدخل في أفعال الحج إجماع الإمامية، وأن الحج والعمرة فرضان متغايران، وأفعال أحدهما يكون غير أفعال الآخر فلا يدخل أفعال أحدهما في أفعال الآخر.
تروك الإحرام
فإذا انعقد إحرامه حرم عليه أن يجامع، أو يستمني، أو يقبل، أو يلمس بشهوة، بلا خلاف، وأن يعقد نكاحا لنفسه أو لغيره، أو يشهد عقدا، وإن عقد فالعقد فاسد[٢٨]، وبه قال في الصحابة علي وعمر، وفي الفقهاء مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: أنه لا تأثير له في عقد الإحرام بوجه. [٢٩]
وإذا عقد على نفسه عالما بتحريمه، أو دخل بها وإن لم يكن عالما، فرق بينهما ولم تحل له أبدا، خلافا لجميع الفقهاء. [٣٠]
وأما الشهادة على النكاح، فقال الشافعي: لا بأس به، والإصطخري[٣١] من أصحابه قال مثل ما قلناه. [٣٢]
لنا ما روي من قوله ( عليه السلام ): ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب )، وفي رواية: ( ولا يشهد )، وهذا نص وقولهم: لفظة نكاح [ حقيقة ] في الوطئ غير مسلم، بل وفي العقد بدليل ظاهر الاستعمال، لقوله تعالى: { وأنكحوا الأيامى منكم } [٣٣]، { فانكحوهن } [٣٤] ولا خلاف أن المراد بذلك العقد. وما روي أنه ( صلى الله عليه وآله ) تزوج ميمونة وهو محرم معارض بما روي عنها أنها قالت: خطبني رسول الله وهو حلال وتزوجني وهو حلال. [٣٥]
ويجوز للمحرم أن يراجع زوجته سواء طلقها حلالا ثم أحرم، أو طلقها وهو محرم. وفاقا للشافعي وخلافا لأحمد، لنا قوله تعالى: { وبعولتهن أحق بردهن } [٣٦] ولم يفصل، وقوله تعالى: { فإمساك بمعروف } [٣٧] والإمساك هو الرجعة ولم يفصل. [٣٨]
ويحرم عليه أن يلبس مخيطا بلا خلاف، إلا السراويل عند الضرورة عند بعض أصحابنا وبعض المخالفين، وعند قوم من أصحابنا أنه لا يلبس حتى يفتق ويصير كالمئزر وهو أحوط.
وأن يلبس ما يستر ظاهر القدم من خف أو غيره بلا خلاف. وأن تلبس المرآة القفازين[٣٩] خلافا لأبي حنيفة فإنه قال: يجوز لها ذلك. وللشافعي في أحد قوليه، وفاقا لما قلناه في قوله الآخر، لنا إجماع الإمامية وما روي من قولهم: ( لا تتنقب المرأة في الإحرام ولا تلبس القفازين ) وهذا نص. [٤٠]
ويحرم على الرجل تغطية رأسه، وعلى المرأة تغطية وجهها بلا خلاف، لقوله ( عليه السلام ): إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها. [٤١]
ويحرم عليه أن يستظل وهو ساير، بحيث يكون الظلال فوق رأسه كالقبة، فأما إذا نزل فلا بأس بجلوسه تحت الظلال، من خيمة أو غيرها[٤٢]، وعندهما لا فرق بين أن يكون سائرا أو نازلا فإنهما قالا: يجوز له الاستظلال، لنا إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط يقتضيه أيضا. [٤٣]
ويحرم عليه الارتماس في الماء خلافا لهما فإن عندهما يجوز[٤٤]، لنا ما قدمناه في المسألة الأولى.
من لا يجد النعلين، لبس الخفين، وقطعهما حتى يكونا أسفل [ من ] الكعبين وفاقا لأبي حنيفة والشافعي[٤٥] لأن النهي ورد عن لبس الخفين المجنة.
ومن كان له نعلان لا يجوز له لبس الشمشك خلافا لأبي حنيفة فإنه قال بالخيار يلبس أيهما شاء، ولبعض أصحاب الشافعي. وقال في الأم: لا يلبسهما، دليلنا طريقة الاحتياط. [٤٦]
من لبس القباء، يجب أن يلبسه مقلوبا فإن أدخل كتفيه فيه ولم يدخل يديه في كمه فعليه الفداء، وفاقا للشافعي، وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لا شئ عليه. لنا طريقة الاحتياط فإن توشح به كالرداء فلا شئ عليه بلا خلاف. [٤٧]
ويجب على المحرم كشف رأسه، وكشف وجهه غير واجب، وفاقا للشافعي، وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: يجب عليه كشف وجهه. [٤٨]
وإذا حمل على رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء، وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لا يلزمه شئ. [٤٩]
ويحرم عليه أن يصطاد، أو يذبح صيدا، أو يدل عليه، أو يكسر بيضة بلا خلاف، لقوله تعالى: { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } [٥٠] وقوله ( صلى الله عليه وآله ) في حديث أبي قتادة [٥١]: هل أعنتم هل أشرتم.
ويحرم عليه أكل لحمه وإن صاده المحل ولم يكن منه دلالة عليه بلا خلاف من أكثر الفقهاء، لنا إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط وقوله تعالى: { حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } لأنه يتناول كل فعل لنا في الصيد من غير تخصيص.
ويحرم عليه أن يدهن بما فيه طيب، أو يأكل ما فيه ذلك، وأن يتطيب بالمسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران بلا خلاف. [٥٢]
وما عداها لا يتعلق به الكفارة عندنا إذا استعمله المحرم، خلافا لجميع الفقهاء في ذلك فإنهم أوجبوا في استعمال الكفارة، لنا أن الأصل الإباحة و براءة الذمة فمن شغلها بشئ من الكفارة يجب عليه الدليل. [٥٣]
والريحان الفارسي فيه خلاف بين أصحاب الشافعي، منهم من قال: بمثل ما قلناه ومنهم من قال: إنه طيب، وكذا الخلاف في النرجس، والمرزنجوش، واللقاح، والبنفسج. [٥٤]
والدهن على ضربين: طيب وغير طيب فالطيب هو البنفسج والورد، والزئبق، والخيري، والنيلوفر، والبان، لا خلاف أن فيه الفدية على أي وجه استعمله. والضرب الثاني ما ليس بطيب مثل، الشيرج والزيت، والزبد والسمن لا يجوز الإدهان به على وجه عندنا، ويجوز أكله بلا خلاف.
وأما وجوب الكفارة فلا نص فيه و الأصل براءة الذمة، وقال أبو حنيفة: فيه الفدية على كل حال. وقال الحسن بن صالح[٥٥]: لا فدية فيه على كل حال. وقال الشافعي: فيه الفدية في الرأس واللحية، ولا فدية فيما عداهما. [٥٦]
كل من أكل طعاما فيه طيب فعليه الفدية على كل حال. وقال الشافعي: إن كانت أوصافه باقية من لون أو طعم أو رائحة فعليه الفدية، وكذا إن بقي له لون ورائحة وإن لم يبق غير لونه فله قولان. [٥٧]
ويحرم عليه الفسوق وهو عندنا الكذب على الله، أو على رسوله، أو على أحد الأئمة من آل محمد ( عليهم السلام )، والجدال وهو عندنا قول: ( لا والله ) و ( بلى والله ) [٥٨]، وعند ابن عباس وطاوس [٥٩] و قتادة [٦٠]: الفسوق هو المعاصي كلها، وعند مجاهد السباب لقوله ( عليه السلام ) سباب المسلم فسوق وقتاله كفر[٦١]، والجدال عند ابن زيد المخاصمة[٦٢] وبه قالت الحنفية و الشافعية. [٦٣]
وقولهم: ليس في لغة العرب أن الجدال هو اليمين، ليس بشئ، لأنه غير ممتنع أن يقتضي العرف الشرعي ما ليس في الوضع اللغوي، كما يقوله في لفظة ( الغائط )، ثم الجدال إذا كان في اللغة المنازعة والمخاصمة، وكان ذلك يستعمل للمنع والدفع، وكانت اليمين تفعل لذلك كان فيها معنى المنازعة.
ويحرم عليه أن يقطع شيئا من شجر الحرم الذي لم يغرسه في ملكه، وليس من شجر الفواكه، والإذخر وأن يجز حشيشه بلا خلاف، وأما شجر الفواكه والإذخر وما غرسه الإنسان في ملكه فيجوز قطعه. [٦٤]
قال الشافعي: شجر الحرم مضمون على المحل والمحرم إذا كان ناميا غير موذ، فأما اليابس والمؤذي كالعوسج وغيره فلا ضمان عليه في قطعه. [٦٥]
أما رعي الحشيش في الحرم. فلا بأس به وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لا يجوز، لنا أن الأصل الإباحة [٦٦]، وتحريم ذلك يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه ويخص الرعي عمل المسلمين من لدن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك إلى الآن من غير إنكار من النبي أو أحد من الصحابة، أو أحد علماء الأمصار.
ويحرم عليه أن يزيل شعره أو يقص شيئا من أظفاره، وأن يتختم للزينة، أو يدمي جسده بحك أو غيره، وأن يزيل القمل عن نفسه أو يسد أنفه من الرائحة الكريهة، بلا خلاف.
ويحرم عليه أن يلبس سلاحا أو يشهره إلا لضرورة، وأن يقتل شيئا من الجراد والزنابير مع الاختيار، فأما البق والبراغيث فلا بأس أن يقتل في غير الحرم، و لا بأس أن يقتل ما يخافه من الحيات والعقارب والسباع في الحرم وغيره بدليل إجماع الإمامية. [٦٧]
ويحرم عليه أن يمسك ما كان معه من صيد قبل الإحرام، وأن يخرج شيئا من حمام الحرم منه، وأن لا يرده بعد إخراجه، وأن يمسك ما يدخل به إلى الحرم من الطير لقوله تعالى: { حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } [٦٨] والمراد تحريم أفعالنا فيه واستدامة الإمساك بعد الإحرام، ودخول الحرم، والإخراج واستدامته فعل لنا فيجب أن يكون محرما.
المصدر
- ↑ الغنية 154.
- ↑ الخلاف: 2 / 258 مسألة 23.
- ↑ الخلاف: 2 / 259 مسألة 24.
- ↑ البقرة: 197.
- ↑ البقرة: 189.
- ↑ كذا في النسخة والمصدر، وهو تصحيف ( القاسم بن محمد ) كما ورد الحديث في سنن البيهقي برقم 8998 وفي سنن الدارقطني: 2 / 236 الحديث 5. وهو بن محمد بن أبي بكر أبو محمد، روى عن عمته عائشة وجماعة. توفي سنة ( 101 ). تهذيب الكمال: 23 / 426 رقم 4818.
- ↑ الخلاف: 2 / 283 مسألة 58.
- ↑ الغنية 154 - 155.
- ↑ الخلاف: 2 / 286 مسألة 62.
- ↑ الغنية 155.
- ↑ الغنية 155.
- ↑ الخلاف: 2 / 284 مسألة 59.
- ↑ هذا وما بعده إلى آخر الأدعية مأخوذ من الغنية: 155 - 156.
- ↑ الخلاف: 2 / 264 مسألة 29.
- ↑ الخلاف: 2 / 264 مسألة 30.
- ↑ اللباب في شرح الكتاب: 1 / 196.
- ↑ الوجيز: 1 / 114.
- ↑ الغنية: 156.
- ↑ الخلاف: 2 / 289 مسألة 66.
- ↑ الخلاف: 2 / 289 مسألة 65.
- ↑ الغنية 156.
- ↑ الخلاف: 2 / 291 مسألة 69.
- ↑ الخلاف: 2 / 292 مسألة 70 - 71.
- ↑ الخلاف: 2 / 293 مسألة 72.
- ↑ الغنية 157.
- ↑ اسمه إبراهيم بن يزيد بن قيس الأسود، أبو عمران الكوفي، فقيه أهل الكوفة روى عن خاله الأسود بن يزيد. مات في سنة ( 96 ) وهو ابن ( 49 ) سنة. تهذيب الكمال: 2 / 233 رقم 265.
- ↑ الخلاف: 2 / 332 مسألة 148.
- ↑ الغينة 158.
- ↑ الخلاف: 2 / 315 مسألة 111.
- ↑ الخلاف: 2 / 317 مسألة 114.
- ↑ أبو سعيد، الحسن بن أحمد بن يزيد، شيخ الشافعية ببغداد، أخذ عن أبي القاسم الأنماطي. توفي سنة ( 328 ). طبقات الشافعية: 1 / 109 رقم 55.
- ↑ الخلاف: 2 / 317 مسألة 115.
- ↑ النور: 32.
- ↑ النساء: 25.
- ↑ الغنية 158.
- ↑ البقرة: 228.
- ↑ البقرة: 228.
- ↑ الخلاف: 2 / 318 مسألة 117.
- ↑ الغنية: 159.
- ↑ الخلاف: 2 / 294 مسألة 73.
- ↑ الهداية في شرح البداية: 1 / 136.
- ↑ الغنية 159.
- ↑ الخلاف: 2 / 318، مسألة 118، الهداية في شرح البداية: 1 / 136.
- ↑ الخلاف: 2 / 313 مسألة 107.
- ↑ الخلاف: 2 / 295 مسألة 75.
- ↑ الخلاف: 2 / 296 مسألة 76.
- ↑ الخلاف: 2 / 297 مسألة 79.
- ↑ الخلاف: 2 / 298 مسألة 81.
- ↑ الخلاف: 2 / 299 مسألة 82.
- ↑ المائدة: 95.
- ↑ أبو قتادة بن ربعي، اسمه الحارث، ويقال: نعمان الأنصاري الخزرجي صاحب رسول الله وفارسه شهد أحد والخندق وما بعد ذلك من المشاهد، توفي بالمدينة سنة ( 54 ) وهو ابن ( 70 ) سنة. تهذيب الكمال: 34 / 194 رقم 7574.
- ↑ الغنية: 195 - 160.
- ↑ الخلاف: 2 / 302 مسألة 88.
- ↑ الخلاف: 2 / 303 مسألة 89.
- ↑ الهمداني الثوري، أبو عبد الله الكوفي العابد روى عن: أبان بن أبي عياش البصري روى عنه: أحمد بن عبد الله بن يونس، توفي سنة ( 169 ). تهذيب الكمال: 6 / 177 رقم 1238.
- ↑ الخلاف: 2 / 303 مسألة 90.
- ↑ الخلاف: 2 / 304 مسألة 91.
- ↑ الغنية 160.
- ↑ بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني، أبو عبد الرحمن، سمع بن عباس، وأبا هريرة وروى عنه. مجاهد، وعمر بن دينار وكان فقيها جليل القدر، توفي بمكة في سنة ( 106 ). وفيات الأعيان: 2 / 509 الرقم 306.
- ↑ ابن الفضل بن قتادة بن عبد الله، أبو حميد الرهاوي، روى عن: إبراهيم بن أبي عبلة المقدسي، وبكير بن فيروز الرهاوي، وروى عنه: إبراهيم بن موسى الرازي، وأحمد بن سليمان الرهاوي. مات سنة ( 200 ). تهذيب الكمال: 23 / 518 رقم 4849.
- ↑ البحار: 72 / 320 حديث 46، أحكام القرآن - ابن العربي -: 1 / 134.
- ↑ أنظر الأقوال في الآية، جامع البيان للطبري: 2 / 279.
- ↑ اللباب في شرح الكتاب: 1 / 181.
- ↑ الغنية 160.
- ↑ الخلاف: 2 / 407 مسألة 280.
- ↑ الخلاف: 2 / 409 مسألة 282.
- ↑ الغنية: 160 - 161.
- ↑ المائدة: 96.