الطواف

من ویکي‌وحدت

الطواف: وهو المشئ حول الشئ قال الله تعالی: «وأن طهّرا بيتي للطائفين»، والمراد هنا المشئ حول الكعبة بشرائط مخصوصة، والطواف علی قسمين مفروض و مسنون، ولكل منهما أقسام نذكرها مع شئ من أحكامها تطبیقاً علی الفقه الإمامية أولاً ثم الشافعية و الحنفية ثانياً.

الطواف

الطواف على ضربين مفروض ومسنون.
فالمفروض ثلاثة : طواف المتعة ، وطواف الزيارة ، وهو طواف الحج ، وطواف النساء[١] ، ويعبر عندهم عن طواف المتعة بطواف القدوم كذا في الوجيز والنافع ، وطواف الزيارة وطواف الصدر. [٢] .
والمسنون ما عدا ما ذكرناه مما يتطوع به المكلف ، وقد روي أنه يستحب أن يطوف مدة مقامه بمكة ثلاث مئة وستين أسبوعا ، أو ثلاثمائة وستين شوطا ، وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يطوف في كل يوم وليلة عشرة أسابع .
أما طواف المتعة فوقته حين يدخل المتمتع مكة إلى أن يغيب الشمس من يوم التروية ، وللمضطر إلى أن يبقى من غروب الشمس ما يدرك في مثله عرفة في آخر وقتها ، فمن فاته مختارا بطل حجه متمتعا ، وكان عليه قضاؤه من قابل إن كان فرضا ، وصار ما هو فيه حجة مفردة ، ولم يجز عنه طواف الحج[٣] ، خلافا للشافعي فإنه قال : يجزيه طواف واحد وسعى واحد عنهما ، ووفاقا لأبي حنيفة فإنه قال : ومن شرط القِران تقديم العمرة على الحج ، ويدخل مكة ، ويطوف ويسعى للعمرة ، ويقيم على إحرامه حتى يكمل أفعال الحج ثم يحل منها ، فإن ترك الطواف للعمرة قبل الوقوف انتقضت عمرته ، وصار مفردا بالحج ، وعليه قضاء العمرة. [٤] .
لنا إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط لأنه لا خلاف في براءة ذمة من طاف طواف المتعة وليس على قول من يقول يجزي من ذلك طواف الحج دليل ، وأيضا قوله تعالى : { وأتموا الحج والعمرة لله } [٥] فأمر الله تعالى بإتمامهما جميعا ، ولكل واحد منهما أفعال مخصوصة ، فوجب بالظاهر تكميلهما .
وما روي من قوله ( عليه السلام ) : من جمع الحج إلى العمرة فعليه طوافان ، وما روي عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه طاف طوافين وسعى سعيين لحجته وعمرته وقال : حججت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فطاف طوافين وسعى سعيين لحجته وعمرته .
ومن فاته طواف المتعة مضطرا قضاه بعد فراغه من مناسك الحج ، ولا شئ عليه دليله نفي الحرج في الدين .
وأما طواف الزيارة فركن من أركان الحج ، من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف ، ومن تركه ناسيا قضاه وقت ذكره ، فإن لم يذكر حتى عاد إلى بلده ، لزمه قضاؤه من قابل بنفسه ، فإن لم يستطع استناب من يطوفه بدليل الإجماع الإمامي وقوله تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج } [٦] ووقته للمتمتع من حين يحلق رأسه من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق ، إلا أن يكون هناك ضرورة من كبر أو مرض أو خوف حيض أو عذر ، فيجوز تقديمه على ذلك ، وأول وقته للقارن والمفرد من حين دخولهما مكة ، وإن كان قبل الموقفين .
وأما طواف النساء فوقته من حين الفراغ من سعى الحج إلى آخر أيام التشريق ، فمن تركه متعمدا أو ناسيا حتى عاد إلى أهله لم يفسد حجه، لكنه لا تحل له النساء حتى يطوف ، أو يطاف عنه ، بدليل إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط وهذا الطواف هو الذي يسمونه طواف الصدر ، ولا خلاف أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعل هذا الطواف وقال ( صلى الله عليه وآله ) خذوا عني مناسككم وقد روي أيضا أنه قال : من حج هذا البيت فليكن آخر عهده الطواف وظاهر أمره الوجوب.
والواجب في الطواف النية ومقارنتها ، واستمرار حكمها ، و الطهارة من الحدث والنجس ، و ستر العورة ، [٧] فإن أخل بشئ من ذلك لم يصح طوافه ولا يعتد به ، وفاقا للشافعي وعامة أهل العلم.
وقال أبو حنيفة: إن طاف على غير طهارة فإن أقام بمكة أعاد ، وإن عاد إلى بلده وكان محدثا فعليه دم شاة ، وإن كان جنبا فعليه بدنة. [٨]
ومتى طاف على غير وضوء وعاد إلى بلده ، رجع وأعاد الطواف مع الإمكان فإن لم يمكنه استناب من يطوف عنه .
وقال الشافعي: يرجع ويطوف ، ولم يفصل . وقال أبو حنيفة جبره بدم. [٩] .
ومن أحدث في خلال الطواف انصرف وتوضأ وعاد ، فإن زاد على النصف بنى وإلا أعاد ، وقال الشافعي : إن لم يطل المكث بنى وإن طال قال في القديم : يستأنف وقال في الجديد : يبني. [١٠] .
وأن يكون البداية بالحجر والختام به وأن يكون سبعة أشواط[١١] فإن ترك خطوة منها لم يجزه وفاقا للشافعي .
وقال أبو حنيفة عليه أن يطوف سبعا ، لكنه إذا أتى بمعظمه وهو أربع من سبع أجزأه ، فإن عاد إلى بلده جبره بدم ، وإن أتى بأقل من أربع لم يجزه .
لنا طريقة الاحتياط وظواهر الأمر بسبع طوافات. [١٢] .
وأن يكون البيت عن يسار الطائف ، وأن يكون خارج الحجر ، وأن يكون بين البيت والمقام[١٣] فإن سلك الحجر لم يعتد به وفاقا للشافعي . وقال أبو حنيفة : أجزأه. [١٤] .
وإذا تباعد عن البيت حتى يطوف بالسقاية وزمزم لم يجزه لأنه ليس على جوازه دليل وقال الشافعي : يجزيه[١٥] .
وإن طاف منكوسا - وهو أن يجعل البيت على يمينه - لا يجزيه وعليه الإعادة وفاقا للشافعي . وقال أبو حنيفة : إن أقام بمكة أعاد وإن عاد إلى بلده جبره بدم. [١٦].
ولو طاف وظهره إلى الكعبة لا يجزيه . وفاقا لأبي حنيفة . ولا نص للشافعي فيه وظاهر مذهبه أنه لا يجزيه. [١٧] .
لا يطوف إلا ماشيا مع القدرة فإن طاف راكبا أجزأه ولا يلزمه دم ، وقال الشافعي : الركوب مكروه ، فإن فعله لم يكن عليه شئ ، مريضا كان أو صحيحا . وقال أبو حنيفة : إن كان صحيحا فعليه دم. [١٨]
و المستحب استلام الحجر الأسود، والدعاء إذا أراد الطواف ، وأن يقول إذا وصل إلى باب الكعبة : سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة إلى آخر الدعاء .
وأن يقول إذا حاذى المقام مشيرا إليه : السلام عليك يا رسول الله وعلى أهل بيتك المطهرين من الآثام ، السلام على إبراهيم الخليل الداعي إلى البيت الحرام ، مسمع من في الأصلاب والأرحام ، السلام على أنبياء الله وعلى ملائكته الكرام .
وأن يستلم الركن الشامي إذا وصل إليه. [١٩]
واستلام الركن الذي فيه الحجر لا خلاف فيه وباقي الأركان مستحب استلامها .
وقال الشافعي : لا يستلمها - يعني الشاميين -.[٢٠] .
ويستحب استلام الركن اليماني وفاقا للشافعي إلا أنه قال يضع يده عليها ويقبلها ولا يقبل الركن . وقال أبو حنيفة : لا يستلمها أصلا. [٢١] .
وأن يقول وهو مستقبل للركن الشامي : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك غير مقلو ولا مهجور ، اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح علي أبواب رحمتك .
وأن يقول إذا استقبل الميزاب :
اللهم اعتقني من النار ، وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب ، وادرأ عني شر فسقة العرب والعجم والجن والإنس وأدخلني الجنة برحمتك .
وأن يستلم الركن الغربي مستقبلا له وأن يقول : اللهم رب إبراهيم وإسماعيل الذين أمرتهما أن يرفعا أركان بيتك ، ويطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود ، وهما يسألانك أن تتقبل منهما فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم .
وأن يقول بين الركن الغربي واليماني :
اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واعف عني وارزقني واحفظني ووفقني .
وأن يقول إذا وصل إلى المستجار ، وهو دون الركن بقليل : اللهم هذا مقام من أساء واقترف ، واستكان واعترف إلى آخر الدعاء .
وأن يستلم الركن اليماني ويعانقه[٢٢] ويدعو بما هو معروف في المناسك من الدعوات .
وأن يستلم الحجر الأسود ويقبله إذا عاد إليه ويدعو ويصنع مثل ذلك في كل شوط حتى يكمل سبعة .
ويستحب أن يقف على المستجار في الشوط السابع ، ويلصق بطنه وخده به ، ويبسط يديه على البيت ويدعو.
ويستحب أن يقول في الطواف : اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض، إلى آخر الدعاء .
وأن يقرأ ( إنا أنزلناه ) .
ولا يجوز قطع الطواف إلا لصلاة فريضة ، أو لضرورة فإن قطعه للصلاة بنى على ما طاف ولو كان شوطا واحدا ، وإن قطعه لضرورة أو سهو بنى على ما طاف إن كان أكثر من النصف ، وإن كان أقل منه استأنف ، ويستأنفه إن قطعه مختارا على كل حال ، ويستأنفه إن شك وهو طائف ولم يدر كم طاف أو شك بين ستة وسبعة ، وإن شك بين سبعة وثمانية ، قطعه ولا شئ عليه ، وكذا إن ذكره وهو في بعض الثامن أنه طاف سبعة ، فإن ذكر بعد أن تممه أضاف إليه ستة أخرى ، وصار له طوافان ، ولزم لكل طواف ركعتان ، وقد دللنا على وجوبهما في كتاب الصلاة. [٢٣] .
وعند أبي حنيفة واجبتان . وللشافعي قولان : أحدهما أنهما واجبتان والأخرى أنهما غير واجبتين. [٢٤] .
ويستحب أن يصلي الركعتين خلف المقام ، فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأه . وبه قال الشافعي. [٢٥] .
إذا حمل الإنسان صبيا وطاف به ونوى بحمله طواف الصبي وطواف نفسه ، أجزأ عنهما . وللشافعي قولان : أحدهما : يقع عنه ، والثاني يقع عن الصبي. [٢٦]

المصدر

  1. الغنية 170 .
  2. الوجيز : 1 / 118 .
  3. الغنية 170 - 171 .
  4. الخلاف : 2 / 332 مسألة 148 .
  5. البقرة : 196 .
  6. الحج : 78 .
  7. الغنية 171 - 172 .
  8. الخلاف : 2 / 322 مسألة 129 .
  9. الخلاف : 2 / 324 مسألة 131 .
  10. الخلاف : 2 / 323 مسألة 130 .
  11. الغنية 172 .
  12. الخلاف : 2 / 325 مسألة 135 .
  13. الغنية 172 .
  14. الخلاف : 2 / 324 مسألة 132 .
  15. الخلاف : 2 / 324 مسألة 133 .
  16. الخلاف : 2 / 324 مسألة 134 .
  17. الخلاف : 2 / 326 مسألة 137 .
  18. الخلاف : 2 / 326 مسألة 136 .
  19. الغنية 172 - 173 .
  20. الخلاف : 2 / 320 مسألة 125 .
  21. الخلاف : 2 / 321 مسألة 126 .
  22. الغنية : 174 .
  23. الغنية 175 - 176 .
  24. الخلاف : 2 / 327 مسألة 138 .
  25. الخلاف : 2 / 327 مسألة 139 .
  26. الخلاف : 2 / 361 مسألة 196 .