انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستنباط»

أُضيف ١٣٬٦٣٣ بايت ،  ٣١ مارس ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١١٣: سطر ١١٣:
===(ز) الكتب الأربعة===
===(ز) الكتب الأربعة===
ذهب [[الأخباريون]] إلى صحة ما جاء في [[الكتب الحديثية الأربعة]]: «الكافي» و«من لايحضره الفقيه» و«الاستبصار» و«تهذيب الأحكام».<ref> انظر : الفوائد المدنية : 371، الأصول الأصيلة : 50، 60.</ref>
ذهب [[الأخباريون]] إلى صحة ما جاء في [[الكتب الحديثية الأربعة]]: «الكافي» و«من لايحضره الفقيه» و«الاستبصار» و«تهذيب الأحكام».<ref> انظر : الفوائد المدنية : 371، الأصول الأصيلة : 50، 60.</ref>
==الأمر الثالث: دور الزمان والمكان في عملية الاستنباط==
البحث في دور الزمان والمكان يستدعي بيان مقدّمتين:
===المقدمة الأولى===
المراد بتأثير الزمان والمكان في عملية الاستنباط هو: التأثير الذي يمكن أن يتركه تبدّل أنماط الحياة الإنسانية وتطور أنظمة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وظروفها، ونوع التغيّر الذي يستتبع ذلك على صعيد تحديد الحكم والموضوع في عملية استنباط الحكم الشرعي<ref> مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 82 ، وانظر : القيادة في الإسلام (الريشهري) : 183، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.</ref>. لذا فإنّ الهدف من البحث هو الوقوف على نوع هذا التغيّر وتحديد معالمه.
===المقدمة الثانية===
إن من ضروريات الدين المتفق عليها بين المسلمين، والتي تعد من [[خصائص الشريعة الإسلامية]] هو ما يلي:
====(أ) بقاء الشريعة وخلود أحكام الإسلام====
الإسلام شريعة عامة لكلّ الناس، من غير اختصاص بفئة دون فئة، أو قوم دون قوم؛ قال تعالى: '''«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ»'''<ref> سبأ : 28.</ref>، وقال أيضا: '''«قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا»'''<ref> الأعراف : 158.</ref> وهو دين عام لكلّ الأزمنة، لايختص تشريعه بزمان خاص؛ فعن النبيّ(ص) أنّه قال: «أيها الناس، حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة...». <ref> وسائل الشيعة 27 : 169، كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 12 وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى ح52.</ref>. وعن أبي عبداللّه‏ الصادق  عليه‏السلام: «...لايكون غيره، ولا يجيء غيره».<ref> الكافي 1 : 58 كتاب فضل العلم ، باب البدع و الرأي والمقاييس ح 19.</ref>
====(ب) شمولية الإسلام====
قد استوعب الإسلام جميع قضايا الإنسان صغيرها وكبيرها، جليلها وحقيرها، ولم يهمل من شؤون الإنسان شيئا أبدا. فعن أبي جعفر الباقر  عليه‏السلام: «إن اللّه‏ تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ أنزله في كتابه، وبيّنه لرسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وجعل لكل شيء حدّا وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحدّ حدّا».<ref> الكافي 1 : 59 كتاب فضل العلم ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة  ح 2.</ref>
<br>من هنا يتحتم البحث عن المعنى الصحيح لمدخلية الزمان والمكان في عملية الاستنباط بما ينسجم مع الحقائق المتقدمة، فإنّ تغيّر أساليب الحياة الإنسانية وتطورها من البداوة والقبلية إلى المدنية والتحضر لايتنافى مع حقيقة بقاء الشريعة واستيعابها؛ لأنّ الشريعة قد استوعبت جميع الحاجات الذاتية للإنسان، ووضعت نظاما ثابتا لايتبدل لتنظيم تلك الحاجات والغرائز التي لاتفارق الإنسان ما دام إنسانا، فمن تلك الحاجات والغرائز: غريزة حفظ النسل وتشكيل الأسرة التي نظمها الإسلام بتشريع الزواج، ومنها: العلاقات الأسرية ومسألة التوارث، فأسس نظاما خاصا بالإرث، ومنها: العلاقات الاجتماعية وتأمين العدالة الاجتماعية، وقد تكفلت تأمينها تشريعات حلّية البيع والتجارة وتحريم أنواع الربا والمعاملات المفسدة، ونظام القضاء الإسلامي والحدود والتعزيرات، وغيرها من التشريعات الأخرى المرتبطة بالنظام الاجتماعي. <ref> انظر : مقدّمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 78 ـ 81 .</ref>
===ضرورة بحث الزمان والمكان===
تتضح ضرورة هذا البحث بالالتفات إلى نقطتين:
<br>'''النقطة الأولى:''' مواجهة الفقيه للعاملَين المذكورين تارةً في زمان الدليل الشرعي ومكانه، وذلك بهدف التعرّف على مراد الشارع ـ  فلا شك أنّ تحديد مداليل الخطابات الشرعية يتطلب التعرّف على عصر النصّ وعلى البيئة التي احتضنته والقرائن المختلفة التي  احتفت به<ref> انظر : كتاب البيع الخميني 2 : 628.</ref>، وهل قيد الحكم فيه بزمان دون آخر أو مكان دون آخر<ref> انظر : من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب 39 ما يصلّى فيه وما لايصلّى فيه من الثياب ذيل ح68، المجموع شرح المهذّب 19 : 286، المغني (ابن قدامة) 10 : 386، غنائم الأيام 2 : 354، نيل الأوطار 8 : 177، جامع المدارك 6 : 102</ref>،  ـ وتارةً أخرى في زمان ومكان الحادثة التي هو بصدد بيان حكمها في حالات اختصاص زمانه بوقوعها، للتعرّف على موضوعها والظروف المحيطة بها؛ ليعلم انطباق الأصول الشرعية عليها من عدمه<ref> انظر : رسائل المحقّق الكركي 3 : 51 ـ 52.</ref>، أو اشتمالها على المصالح والمفاسد التي تتبدل من زمان إلى آخر، فتتبدل الأحكام تبعا لها.
<br>يقول الإمام الخميني في بيان ضرورة هذا البحث: «أنا أؤمن بالفقه التقليدي والاجتهاد الجواهري، ولا أجيز خرق ذلك. والاجتهاد على هذا النهج صحيح، بيد أنّ هذا لايعني جمود [[الفقه الإسلامي]]، فالزمان والمكان عنصران حاسمان في الاجتهاد. والمسألة التي كان لها حكم في الماضي ظاهرا ربّما يكون لها حكم جديد في العلاقات التي تحكم الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنظام من الأنظمة. أي إنّ المعرفة الدقيقة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تجعل الموضوع الأول ـ الذي لم يختلف عمّا كان عليه في الماضي من حيث الظاهر ـ موضوعا جديدا يتطلب حكما جديدا لا محالة...». <ref> القيادة في الإسلام الريشهري : 183.</ref>
<br>ثمّ يضرب أمثلة على ذلك مؤكدا على أنّ معرفة تأثير الزمان والمكان من مزايا المجتهد الجامع، فيقول: «إنّ التعرّف على أسلوب مواجهة مكائد الثقافة السائدة في العالم، والتحلّي بالبصيرة والرؤية الاقتصادية، والاطلاع على كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، ومعرفة ضروب السياسة والسياسيين ومعادلاتهم المفروضة، وإدراك الموقع الذي يحتله النظام الرأسمالي والشيوعي في العالم، والتعرّف على نقاط قوتهما وضعفهما إذ هما اللذان يحدّدان استراتيجية التسلط على العالم، كلّ ذلك من مزايا المجتهد الجامع».<ref> القيادة في الإسلام الريشهري: 183.</ref>
<br>'''النقطة الثانية:''' الفرق بين المعنى الصحيح لهذا البحث، وبين ما يسمى بـ (عقلنة الفقه) واللجوء إلى الرأي والاستنباط بمعزل عن الأصول و [[الأدلة الشرعية]].
===الروايات الدالة على مدخلية الزمان والمكان في تبدل الحكم===
هناك روايات متعدّدة تدلّ في الجملة على تأثير الزمان والمكان في تغيّر الأحكام، ويمكن تصنيفها على طوائف:
====الطائفة الأولى من الروايات====
الروايات الدالة على تغيّر الأحكام الصادرة من النبيّ(ص) بصفته حاكما، وتمتاز هذه الروايات بذكر أحكام متعدّدة تنصب على موضوع واحد لايتغير، وإنّما المتغيّر هو الحكم تبعا للمصالح والمفاسد المتغيّرة من زمان إلى آخر، والتي يشخصها الحاكم الإسلامي في إطار سلطته التشريعية، فهي بطبيعتها أحكام مؤقتة، وليست من سنخ الأحكام التعبّدية والمقدّرات الشرعية التي نصّ عليها الوحي. <ref> انظر : كشف المراد : 485 ـ 486، الموافقات 2 : 305، الاجتهاد والتقليد شمس الدين : 161 ـ 164، 168 ـ 170، مقدمة نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 5 : 83 ـ 94، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي) 2 : 1116 ـ 1118.</ref>
<br>من هذه الروايات النهي عن بيع الحمر الأهلية: فقد روي عن الإمام الصادق  عليه‏السلام قوله: «نهى رسول اللّه(ص) عن أكلها [[يوم خيبر]]، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت؛ لأ نّها كانت حمولة الناس، وإنّما الحرام ما حرّم اللّه‏ في القرآن».<ref> وسائل الشيعة 24 : 117 ـ 120 كتاب الأطعمة والأشربة، باب 4 كراهة لحوم  الحمر الأهلية و عدم تحريمها ح 1 و مثله ح 2 و 7 و10.</ref>
<br>ومنها: المنع من حبس الأضاحي عن أهل الحاجة أزيد من ثلاثة أيام في زمان النبيّ  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وعلل الإمام الصادق ذلك: إنّ رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إنّما نهى عن ذلك أولاً لأنّ الناس كانوا يومئذٍ مجهودين، فأمّا اليوم فلا بأس».<ref> وسائل الشيعة 14 : 169 ـ 171 كتاب الحج، أبواب الذبح، باب 41 جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها ح5 ومثله ح4 و6 و7.</ref>
====الطائفة الثانية من الروايات====
الروايات الدالة على تبدّل الحكم نتيجة زوال الملاك السابق وظهور ملاك جديد<ref> مقدمة نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 5 : 90 ـ 91.</ref>، منها: ما روي عن أبي عبداللّه‏  عليه‏السلام إنّه قال: «لاينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم، إنّما كان ذلك حيث قال اللّه‏ عزّ وجلّ: '''«وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً»'''<ref> النساء : 25.</ref> والطول المهر، ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة أو أقل».<ref> وسائل الشيعة 20 : 508 كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالمصاهرة، باب 45 كراهة تزويج الحرّ الأمة دوما إلاّ مع عدم الطول وخوف العنت ح5.</ref>
<br>ومنها: ما روي عن أبي عبداللّه‏  عليه‏السلام عن الوبا بناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟، فقال: «لابأس إنّما نهى رسول اللّه(ص) عن ذلك لمكان ربية كان بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه، فقال رسول اللّه‏(ص): الفار منه كالفار من الزحف؛ كراهية أن تخلو مراكزهم».<ref> وسائل الشيعة 2 : 429 ـ 430 كتاب الطهارة، أبواب الاحتضار، باب 20 جواز الفرار من مكان الوباء والطاعون إلاّ مع وجوب الإقامة فيه كالمجاهد والمرابط ح1، ومثله ح2.</ref>
====الطائفة الثالثة من الروايات====
الروايات الدالة على تبدّل الحكم لطرو بعض العناوين المحرّمة على الموضوع. <ref> من لايحضره الفقيه 1 : 173 كتاب الصلاة، باب ما يصلّى فيه ولا ما يصلّى فيه من الثياب ذيل ح68.</ref>


=المصادر=
=المصادر=


[[تصنيف: استنباط الأحکام]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
[[تصنيف: استنباط الأحکام]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل