confirmed
١٬٦٣٠
تعديل
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''حجّية الإجماع''' بحث اصوليٌ وقع الخلاف بين فقهاء المسلمين في حجيته. فالجمهور يقولون بحجيته و...') |
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٣: | سطر ٣: | ||
==حجّية الإجماع== | ==حجّية الإجماع== | ||
===رأي فقهاء أهل السنة=== | ===رأي فقهاء أهل السنة=== | ||
ذهب جمهور المسلمين إلى أنّ الإجماع حجّة، خلافاً لجماعة من المعتزلة. <ref> انظر : العدّة في أصول الفقه الطوسي 2 : 601 ـ 602، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170.</ref> | ذهب جمهور المسلمين إلى أنّ الإجماع حجّة، خلافاً لجماعة من [[المعتزلة]]. <ref> انظر : العدّة في أصول الفقه الطوسي 2 : 601 ـ 602، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170.</ref> | ||
واستدلّ له بعدة أدلة من السمع ـ الكتاب والسنّة ـ والعقل، وعمدة ما استدلّ به جمهور أهل السنّة ـ ما عدا الجويني ـ هو السمع وأنكروا الاستدلال له بالعقل. <ref> انظر : اللمع : 181، المستصفى 1 : 205، 211، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 47، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170 ـ 191.</ref> | واستدلّ له بعدة أدلة من السمع ـ [[الكتاب والسنّة]] ـ والعقل، وعمدة ما استدلّ به جمهور أهل السنّة ـ ما عدا الجويني ـ هو السمع وأنكروا الاستدلال له بالعقل. <ref> انظر : اللمع : 181، المستصفى 1 : 205، 211، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 47، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 170 ـ 191.</ref> | ||
====الدليل الاول: الآيات القرآنية==== | ====الدليل الاول: الآيات القرآنية==== | ||
فقد استدلّوا منه بآيات أهمها: | فقد استدلّوا منه بآيات أهمها: | ||
'''الآية الأولى:''' «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً».<ref> النساء : 115.</ref> | '''الآية الأولى:''' «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً».<ref> النساء : 115.</ref> | ||
حيث إنّه تعالى توعّد بالنار على اتّباع غير سبيل المؤمنين، وجعله بمنزلة مشاقّة الرسول | حيث إنّه تعالى توعّد بالنار على اتّباع غير سبيل المؤمنين، وجعله بمنزلة مشاقّة الرسول(ص)، وسبيل المؤمنين ما اتفقوا وأجمعوا عليه، فيكون اتّباعه واجبا على كلّ أحد، وهو معنى حجّية الإجماع. <ref> انظر : الفصول في الأصول 3 : 262، المستصفى 1 : 206، المعتمد 2 : 7، إحكام الفصول : 486، شرح اللمع 2 : 668 ـ 669، البرهان في أصول الفقه 1 : 261، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 9، شرح مختصر الروضة 3 : 15.</ref> | ||
واستشكل في دلالة الآية، إمّا بكونها ظاهرة في كون المراد بـ «سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ» هو نصرته | واستشكل في دلالة الآية، إمّا بكونها ظاهرة في كون المراد بـ «سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ» هو نصرته(ص)، والذبّ عنه والانقياد لأوامره فيما يأمر به، فضلاً من ترك مشاقته(ص)، وهذا لا علاقة له بالإجماع. <ref> المستصفى 1 : 206.</ref> وإمّا بالدور ؛ حيث إنّه استدلال بها للإجماع بالظهور ، وإنّ حجّية الظهور متوقفة على الإجماع ؛ لأنّ حجّية الظهور ثابتة بسبب الإجماع عليها ، وهو الدور. <ref> شرح مختصر الروضة 3 : 15.</ref> | ||
وقد نوقشت بمناقشات أخرى. <ref> انظر : غنية النزوع 2 : 372 ـ 376، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 18، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 3 : 145 ـ 153.</ref> | وقد نوقشت بمناقشات أخرى. <ref> انظر : غنية النزوع 2 : 372 ـ 376، المحصول الرازي 2 : 8 ـ 18، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 3 : 145 ـ 153.</ref> | ||
'''الآية الثانية:''' «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً».<ref> البقرة : 143.</ref> | '''الآية الثانية:''' «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً».<ref> البقرة : 143.</ref> | ||
سطر ٤٣: | سطر ٤٣: | ||
===رأي الإمامية=== | ===رأي الإمامية=== | ||
وأمّا الإمامية، فالنقطة المركزية في حجّية الإجماع عندهم هي مقدار كشفه عن السنّة وعدم كشفه، وبهذا الاتجاه يكون الإجماع حجّة أو لا يكون، فإذا أمكن تصوير كاشفية الإجماع عن السنّة فهو حجّة، وإلاّ فهو ليس بحجّة. <ref> انظر : رسائل الشريف المرتضى 1 : 205، غنية النزوع 2 : 370، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 110 ـ 111.</ref> | وأمّا الإمامية، فالنقطة المركزية في حجّية الإجماع عندهم هي مقدار كشفه عن السنّة وعدم كشفه، وبهذا الاتجاه يكون الإجماع حجّة أو لا يكون، فإذا أمكن تصوير كاشفية الإجماع عن السنّة فهو حجّة، وإلاّ فهو ليس بحجّة. <ref> انظر : رسائل الشريف المرتضى 1 : 205، غنية النزوع 2 : 370، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 110 ـ 111.</ref> | ||
ولذا يُذكر الإجماع عند الإمامية في عداد الطرق والوسائل الكاشفة عن السنّة<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 188، دروس في علم الأصول 1 : 276.</ref>، ولذلك ينصب الجهد عندهم في كيفية تصوير كاشفية | ولذا يُذكر الإجماع عند الإمامية في عداد الطرق والوسائل الكاشفة عن السنّة<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 188، دروس في علم الأصول 1 : 276.</ref>، ولذلك ينصب الجهد عندهم في كيفية تصوير [[كاشفية الإجماع]]، وقد ذكرت طرق عدّة لذلك، أوصلها النراقي إلى سبعة عشر طريقا،<ref> عوائد الأيّام : 683 ـ 703.</ref> وأهم هذه الطرق هي: | ||
====1 ـ نظرية اللطف==== | ====1 ـ نظرية اللطف==== | ||
وتقوم كاشفية الإجماع بناءً على هذه النظرية على أساس قاعدة اللطف العقلية، فإنّها كما كانت تقتضي وجوب نصب الإمام لأجل إيصال أحكام الشارع إلى الناس، كذلك تقتضي وجوب حفاظ الإمام عليها من الضياع والتغيير، فلو حصل الإجماع والاتفاق على حكم وكان مخالفا للشارع، لكان من الواجب على الإمام بمقتضى تلك القاعدة العقلية أن يقوم بالردع عنه بأحد وجوه الردع الممكنة لديه ظاهرة أو خفية، وإذا لم يتحقق الردع المذكور ولم يصل إلى المجمعين كان معناه رضاه | وتقوم كاشفية الإجماع بناءً على هذه النظرية على أساس [[قاعدة اللطف]] العقلية، فإنّها كما كانت تقتضي وجوب نصب الإمام لأجل إيصال أحكام الشارع إلى الناس، كذلك تقتضي وجوب حفاظ الإمام عليها من الضياع والتغيير، فلو حصل الإجماع والاتفاق على حكم وكان مخالفا للشارع، لكان من الواجب على الإمام بمقتضى تلك القاعدة العقلية أن يقوم بالردع عنه بأحد وجوه الردع الممكنة لديه ظاهرة أو خفية، وإذا لم يتحقق الردع المذكور ولم يصل إلى المجمعين كان معناه رضاه(ع) بما أُجمع عليه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114.</ref> | ||
وقد نُسب إلى الشيخ الطوسي تأسيس هذه النظرية. <ref> راجع : العدّة في أصول الفقه 2 : 329 ـ 630.</ref> | وقد نُسب إلى الشيخ الطوسي تأسيس هذه النظرية. <ref> راجع : العدّة في أصول الفقه 2 : 329 ـ 630.</ref> | ||
لكن الملاحظ أ نّه ليس أول واضع لأساس هذه النظرية، إذ المعروف أنّ السيد المرتضى قد ارتضى طريقة اللطف وإن كان رجع عنها فيما بعد، ويقال بأنّ هذه النظرية كانت مذهب الإمامية قديما. <ref> كشف القناع : 115، وانظر : رسائل الشريف المرتضى 1 : 311، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114.</ref> | لكن الملاحظ أ نّه ليس أول واضع لأساس هذه النظرية، إذ المعروف أنّ [[السيد المرتضى]] قد ارتضى طريقة اللطف وإن كان رجع عنها فيما بعد، ويقال بأنّ هذه النظرية كانت مذهب الإمامية قديما. <ref> كشف القناع : 115، وانظر : رسائل الشريف المرتضى 1 : 311، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114.</ref> | ||
ثمّ تصدّى الشيخ الطوسي لتقريرها وتثبيتها، وردّ الشبهات المثارة حولها. <ref> راجع : تلخيص الشافي 1 : 59 ـ 102.</ref> | ثمّ تصدّى [[الشيخ الطوسي]] لتقريرها وتثبيتها، وردّ الشبهات المثارة حولها. <ref> راجع : تلخيص الشافي 1 : 59 ـ 102.</ref> | ||
وقد تركت محاولات الشيخ هذه نتائج ضخمة في إحياء النظرية وتثبيتها، حيث قبلها أكثر الذين جاءوا بعده واعتمدوا عليها في القول بحجّية الإجماع، وقد بلغت هذه النظرية بهم حدّا دعاهم إلى بناء معظم إجماعاتهم عليها، ويذكر أنّ كلماتهم توحي الاعتماد عليها وإنّ من أنكرها في الأصول اعتمدها في الفروع. <ref> انظر : كشف القناع : 146.</ref> | وقد تركت محاولات الشيخ هذه نتائج ضخمة في إحياء النظرية وتثبيتها، حيث قبلها أكثر الذين جاءوا بعده واعتمدوا عليها في القول بحجّية الإجماع، وقد بلغت هذه النظرية بهم حدّا دعاهم إلى بناء معظم إجماعاتهم عليها، ويذكر أنّ كلماتهم توحي الاعتماد عليها وإنّ من أنكرها في الأصول اعتمدها في الفروع. <ref> انظر : كشف القناع : 146.</ref> | ||
ومن خصائص هذه النظرية أ نّه لايقدح فيها مخالفة من انقرض عصره وإن كان مجهول النسب<ref> منتهى الدراية 5 : 165.</ref>، ولذا ذكر الشيخ الأنصاري أنّ هذه النظرية موضع قبول كلّ من اشترط في تحقق الإجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر. <ref> فرائد الأصول 1 : 196.</ref> | ومن خصائص هذه النظرية أ نّه لايقدح فيها مخالفة من انقرض عصره وإن كان مجهول النسب<ref> منتهى الدراية 5 : 165.</ref>، ولذا ذكر الشيخ الأنصاري أنّ هذه النظرية موضع قبول كلّ من اشترط في تحقق الإجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر. <ref> فرائد الأصول 1 : 196.</ref> | ||
وقد اختارها كلٌّ من الحلبي<ref> الكافي في الفقه : 510.</ref>، وابن زهرة<ref> غنية النزوع 2 : 370 ـ 371.</ref>، وكذلك تنسب إلى الكراجكي<ref> انظر : كشف القناع : 128 ـ 129.</ref>، والحمصي<ref> انظر : المصدر السابق : 136.</ref>، والشهيد الأول. <ref> انظر : المصدر نفسه : 142.</ref> | وقد اختارها كلٌّ من الحلبي<ref> الكافي في الفقه : 510.</ref>، وابن زهرة<ref> غنية النزوع 2 : 370 ـ 371.</ref>، وكذلك تنسب إلى الكراجكي<ref> انظر : كشف القناع : 128 ـ 129.</ref>، والحمصي<ref> انظر : المصدر السابق : 136.</ref>، والشهيد الأول. <ref> انظر : المصدر نفسه : 142.</ref> | ||
ونوقشت بمناقشات عدّة واُنكر أصل المبنى الذي اعتمدته وهو قاعدة اللطف العقلية. <ref> انظر : الفصول الغروية : 245، فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114، مصباح الأصول 2 : 138 ـ 139.</ref> | ونوقشت بمناقشات عدّة واُنكر أصل المبنى الذي اعتمدته وهو [[قاعدة اللطف]] العقلية. <ref> انظر : الفصول الغروية : 245، فوائد الأصول 3 : 150، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 114، مصباح الأصول 2 : 138 ـ 139.</ref> | ||
====2 ـ نظرية التضمين==== | ====2 ـ نظرية التضمين==== | ||
ومفاد هذه النظرية: أنّ الإمام المعصوم عليهالسلام أحد علماء الأمة، فلو اجتمع علماء الأمة على رأي ولم يظهر الاختلاف بينهم، فإنّ إجماعهم هذا يتضمن قول ورأي الإمام عليهالسلام فيعلم بدخوله عليهالسلام في ضمن المجمعين مع عدم معرفته بشخصه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref> | ومفاد هذه النظرية: أنّ الإمام المعصوم عليهالسلام أحد علماء الأمة، فلو اجتمع علماء الأمة على رأي ولم يظهر الاختلاف بينهم، فإنّ إجماعهم هذا يتضمن قول ورأي الإمام عليهالسلام فيعلم بدخوله عليهالسلام في ضمن المجمعين مع عدم معرفته بشخصه. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref> | ||
والطريق لمعرفة دخول الإمام | والطريق لمعرفة دخول الإمام(ع) في المجمعين عدّة أمور: <ref> انظر : عوائد الأيام : 683، الفصول الغروية : 244 ـ 245، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref> | ||
الأول: أن يقوم الفقيه بنفسه باستقصاء أقوال علماء الأمة بالتفصيل، بحيث يعلم اطباقهم على الحكم. | الأول: أن يقوم الفقيه بنفسه باستقصاء أقوال علماء الأمة بالتفصيل، بحيث يعلم اطباقهم على الحكم. | ||
الثاني: أن يتضافر النقل على اطباق الكلّ واتفاقهم على الحكم. | الثاني: أن يتضافر النقل على اطباق الكلّ واتفاقهم على الحكم. | ||
الثالث: أن يحصل العلم بقوله | الثالث: أن يحصل العلم بقوله(ع) لا على وجه التعيين من بين جماعة محصورين الإمام عليهالسلام داخل فيهم. | ||
وهذه النظرية يشترط فيها وجود مجهول النسب من بين المجمعين حتى يصح افتراض دخول الإمام عليهالسلام في المجمعين، ولايضرّ فيها مخالفة معلوم النسب، وتضرّ مخالفة مجهوله. <ref> انظر : معالم الدين : 173، مفاتيح الأصول : 496، عوائد الأيام : 684، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref> | وهذه النظرية يشترط فيها وجود مجهول النسب من بين المجمعين حتى يصح افتراض دخول الإمام عليهالسلام في المجمعين، ولايضرّ فيها مخالفة معلوم النسب، وتضرّ مخالفة مجهوله. <ref> انظر : معالم الدين : 173، مفاتيح الأصول : 496، عوائد الأيام : 684، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 113.</ref> | ||
واختار هذه النظرية السيد المرتضى<ref> الذريعة 2 : 624.</ref>، والمحقّق الحلّي<ref> المعتبر في شرح المختصر 1 : 31.</ref>، والشيخ جمال الدين العاملي. <ref> معالم الدين : 173.</ref> | واختار هذه النظرية السيد المرتضى<ref> الذريعة 2 : 624.</ref>، والمحقّق الحلّي<ref> المعتبر في شرح المختصر 1 : 31.</ref>، والشيخ جمال الدين العاملي. <ref> معالم الدين : 173.</ref> | ||
سطر ٦٦: | سطر ٦٦: | ||
====3 ـ نظرية التقرير==== | ====3 ـ نظرية التقرير==== | ||
ومفاد هذه النظرية: أ نّه لو أجمع العلماء على حكم بمرأى ومسمع الإمام | ومفاد هذه النظرية: أ نّه لو أجمع العلماء على حكم بمرأى ومسمع الإمام(ع)، فإنّه يدلّ على رضاه به وإقراره لما أجمعوا عليه، وإلاّ لو لم يكن موضع رضاه لكان عليه أن يردع عنه، والتقرير كما يكون حجّة تجاه قول أو فعل شخص واحد، فهو أولى بالحجّية تجاه جماعة وخصوصا علماء الأمة. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497، عوائد الأيام : 685 ـ 686.</ref> | ||
ولايشترط في الإجماع بناءً على هذه النظرية وجود مجهول النسب في المجمعين؛ لأنّ المفروض خروج الإمام عليهالسلام عنهم، ولا يضرّ الخلاف المتقدّم السابق على عصر المجمعين. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497.</ref> | ولايشترط في الإجماع بناءً على هذه النظرية وجود مجهول النسب في المجمعين؛ لأنّ المفروض خروج الإمام عليهالسلام عنهم، ولا يضرّ الخلاف المتقدّم السابق على عصر المجمعين. <ref> انظر : مفاتيح الأصول : 497.</ref> | ||
وقد أورد على هذه النظرية بإيرادات عدّة. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 115.</ref> | وقد أورد على هذه النظرية بإيرادات عدّة. <ref> انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 115.</ref> | ||
سطر ٧٥: | سطر ٧٥: | ||
النكتة الأولى: أ نّه يشاهد لهم في ذلك وجهتان للنظر: | النكتة الأولى: أ نّه يشاهد لهم في ذلك وجهتان للنظر: | ||
أ ـ إنّ الإجماع على أساس ذلك ـ أي تراكم الظنون ـ يكشف عن وجود المستند القاطع للعذر، وهذا هو اتجاه الطباطبائي، وقد نسبه إلى جماعة متأخرين. <ref> مفاتيح الأصول : 497.</ref> | أ ـ إنّ الإجماع على أساس ذلك ـ أي تراكم الظنون ـ يكشف عن وجود المستند القاطع للعذر، وهذا هو اتجاه الطباطبائي، وقد نسبه إلى جماعة متأخرين. <ref> مفاتيح الأصول : 497.</ref> | ||
ب ـ إنّ الإجماع على أساس تراكم الظنون لايكشف دائما عن وجود دليل، بل يكشف عن وجوده أحيانا. وأصحاب هذا الاتجاه اختلفوا في التعبير عنه كما يلي: | ب ـ إنّ الإجماع على أساس [[تراكم الظنون]] لايكشف دائما عن وجود دليل، بل يكشف عن وجوده أحيانا. وأصحاب هذا الاتجاه اختلفوا في التعبير عنه كما يلي: | ||
التعبير الأول: أنّ بين الإجماع ولزوم المستند ملازمة اتفاقية، وهو رأي الكثير من المتأخرين، منهم الآخوند الخراساني. <ref> كفاية الأصول : 288.</ref> | التعبير الأول: أنّ بين الإجماع ولزوم المستند ملازمة اتفاقية، وهو رأي الكثير من المتأخرين، منهم [[الآخوند الخراساني]]. <ref> كفاية الأصول : 288.</ref> | ||
التعبير الثاني: أنّ كشف الإجماع هنا قائم على حساب الاحتمالات. وهذا للشهيد الصدر حيث ناقش ما ذهب إليه المتأخرون من إطلاق عنوان الملازمة على المقام، وإليك نص كلامه: | التعبير الثاني: أنّ كشف الإجماع هنا قائم على حساب الاحتمالات. وهذا للشهيد الصدر حيث ناقش ما ذهب إليه المتأخرون من إطلاق عنوان الملازمة على المقام، وإليك نص كلامه: | ||
«إنّه لا ملازمة بين التواتر وثبوت القضية فضلاً عن الإجماع، وهذا لا ينفي إننا نعلم بالقضية القائلة (كلّ قضية ثبت تواترها فهي ثابتة)؛ لأنّ العلم بأنّ المحمول لاينفك عن الموضوع غير العلم بأ نّه لايمكن أن ينفك عنه، والتلازم يعني الثاني، وما نعلمه هو الأول على أساس تراكم القيم الاحتمالية، وزوال الاحتمال المخالف لضآلته، لا لقيام برهان على امتناع محتمله عقلاً».<ref> دروس في علم الأصول 2 : 160.</ref> | «إنّه لا ملازمة بين التواتر وثبوت القضية فضلاً عن الإجماع، وهذا لا ينفي إننا نعلم بالقضية القائلة (كلّ قضية ثبت تواترها فهي ثابتة)؛ لأنّ العلم بأنّ المحمول لاينفك عن الموضوع غير العلم بأ نّه لايمكن أن ينفك عنه، والتلازم يعني الثاني، وما نعلمه هو الأول على أساس تراكم القيم الاحتمالية، وزوال الاحتمال المخالف لضآلته، لا لقيام برهان على امتناع محتمله عقلاً».<ref> دروس في علم الأصول 2 : 160.</ref> | ||
وبلحاظ هذه المناقشة اعتبر أن حساب الاحتمالات يمثّل التعبير الفني عن قضية تراكم | وبلحاظ هذه المناقشة اعتبر أن حساب الاحتمالات يمثّل التعبير الفني عن قضية [[تراكم الظنون]]، وقال في ذلك: «إنّ احتمال الخطأ في فتوى كلّ قضية وإن كان واردا، إلاّ أ نّه بملاحظة مجموع الفقهاء وإجراء حساب الاحتمالات فيها عن طريق ضرب احتمالات الخطأ بعضها بالبعض تصل إلى رتبة القطع أو الاطمئنان على أقل تقدير بعدم خطئها جميعا، هو حجّة على كلّ حال».<ref> بحوث في علم الأصول الهاشمي 4 : 309.</ref> | ||
النكتة الثانية: هناك أشياء ثلاثة لابدّ ألاّ نخلط بينها، وإن كان بينها صلة وثيقة، وهي: | النكتة الثانية: هناك أشياء ثلاثة لابدّ ألاّ نخلط بينها، وإن كان بينها صلة وثيقة، وهي: | ||
1 ـ مناط حجّية الإجماع؛ وهي الكاشفية. | 1 ـ مناط حجّية الإجماع؛ وهي الكاشفية. | ||
سطر ٩٢: | سطر ٩٢: | ||
==المصادر== | ==المصادر== | ||
[[تصنيف: الإجماع]][[تصنيف: اتفاق الفقهاء]][[تصنيف: حجية الإجماع]][[تصنيف: اتفاق أهل الحلّ والعقد]] | [[تصنيف: الإجماع]][[تصنيف: اتفاق الفقهاء]][[تصنيف: حجية الإجماع]][[تصنيف: اتفاق أهل الحلّ والعقد]][[تصنيف: تراكم الظنون]] |