مشروع التقريب السياسي

من ویکي‌وحدت

مشروع التقريب السياسي مشروع يؤكّد على التقريب من زاوية سياسية باعتبار أنّ أعداء الإسلام يتربّصون بالمسلمين الدوائر، وأنّ المخاطر تحيط بهم من كلّ جانب، وأنّ العدوّ لا يفرّق بين مسلم وآخر، بناءً على مذهبه، فالكلّ مستهدف، ومعركة الإسلام ضدّ الكفر واحدة.. بل إنّ خطّة الأعداء هي «فرّق تسد»، وممّا يؤكّد هذه المعاني قوله تعالى: (إِنَّ هٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وٰاحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (سورة الأنبياء: 92)، وقوله تعالى: (وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا وَ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّٰهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدٰاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوٰاناً) (سورة آل عمران: 103)، وقوله تعالى: (وَ لاٰ تَنٰازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (سورة آل عمران: 46)، إلى غيرها من الآيات والروايات التي تدعو إلى الاتّحاد ونبذ التفرّق واجتناب الفتنة، حتّى عدّت هذه المسألة عند بعض الفقهاء من الضرورات الشرعية المقدّمة
على غيرها عند التزاحم والتعارض.
وهذا المنهج في الدعوة إلى التقريب حقيقي وواقعي، ولكنّه قد يجابه من بعض التكفيريّين بأنّهم لا يعدّون مذاهب وفرق غيرهم من المسلمين، بل هم يكفّرونهم ويعدّونهم مشركين، ولذا فإنّهم يقولون: بأنّ الوحدة بين المسلمين، لا بين المسلمين والكافرين أو المشركين.
ولا عجب، فإنّ هؤلاء يدّعون بأنّه يمكن التعايش والتفاهم مع اليهود والنصارى؛ لأنّهم من أصحاب الكتاب دون التعايش مع أبناء المذاهب الإسلامية مثلاً لأنّهم من المشركين أو الكفرة! بل ظهرت دعوات صريحة في بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنيت تدعو إلى التعاون مع أميركا وتشجيع إسرائيل على ضرب بعض بلاد الإسلام التي يقطنها «الكفرة» و «المجوس» إلى غير ذلك من نعوت باطلة!
وهنا تتعطّل لغة الحوار مع هؤلاء، فهم يوصدون كلّ الأبواب بوجه التقارب والتقريب، بل يعدّونه نوعاً من الركون إلى الذين ظلموا، قال تعالى: (وَ لاٰ تَرْكَنُوا إِلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ اَلنّٰارُ) (سورة هود: 113).
ويجرون في ذلك على تأويل الآيات والروايات بما يتناسب مع تفكيرهم وتكفيرهم، ويستفيدون من العوامل السياسية القائمة بالاتّجاه الذي يريدونه ليبرّر مواقفهم.
وبالتالي، يكون العامل السياسي عاملاً في زرع الفتنة والشقاق بين المسلمين بدل أن يجمعهم ويوحّد كلمتهم، وسبباً لإشعال الفتن الطائفية وتحريكها، بل إخمادها وتجاوزها.
ولغرض أن يكون العامل السياسي بالاتّجاه الصحيح لتأليف المسلمين وجمع كلمتهم وتجنيبهم الفتنة، يبرز دور أئمّة المسلمين وعلمائهم ودعاتهم ووسائل إعلامهم في التوعية السياسية المستمرّة والكاشفة لما يحاك من مؤامرات ودسائس، وللخطر الذي يمثّله الفكر التكفيري في تمزيق وحدة المسلمين وتشويه صورة الإسلام السمحاء بأعمالهم المنكرة ووحشيتهم الدموية، والتي قد تكون العائق الأوّل أمام انتشار الإسلام في العالم، ولا يستبعد أن تكون وراء كثير من الحركات المتطرّفة أيادٍ خفية يغذّيها أعداء الإسلام، أو أنّهم
يساهمون في تهيئة الفرص لظهورها ونموّها لأهداف سياسية تخدم مصالحهم في السيطرة على بلاد المسلمين وإدارة صراع القوى في العالم وتعبئة شعوبهم نحو المواجهة مع المسلمين.
يجب أن يؤكّد دائماً على أنّ الذين يفرّقون بين السنّة والشيعة لا هم من السنّة ولا هم من الشيعة.