الحنبلية

(بالتحويل من مسودة:الحنبلية)

الحنبلية أحد المذاهب الإسلامية المعروفة، ظهرت على يد الإمام أحمد بن حنبل في بلاد العراق، في القرن الثالث الهجري، في أحضان العصر العباسي، حيث كانت النزاعات الفكرية والكلامية حديث الوقت، واتسع نطاق الفقه ونضج غرسه، وجمعت فيه المدونات المطولة، وكثرت المناظرات والمسجلات العلمية في الفقه والعقائد، وتعددت المذذاهب الفقهية، وكان الإمام أحمد المؤسس الأول لهذا المذهب وواضع أصول فقه الحنابلة التي تفرعت المدرسة عليها بعد ذلك، قبل القرن الرابع الهجري، لم ينتشر المذهب الحنبلي بشكل واسع في المدن الإسلامية الأخرى وبدأ التبشير بهذا المذهب في بعض مدن إيران قبل بعض المناطق التي أصبحت لاحقًا معاقل رئيسية للحنابلة، تُعد أصفهان من المدن القليلة التي انتشر فيها المذهب الحنبلي منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث كسب أتباعًا وازداد عددهم ونفوذهم تدريجيًّا، كان أبو عبد الله محمد بن يحيى ابن مَندَه الأصفهاني (توفي 301هـ؛ من أصحاب أحمد بن حنبل، وأسرته من أكثر المؤثرين في نشر هذا المذهب في أصفهان، كما وجد المذهب الحنبلي أتباعًا في مدن إيرانية أخرى مثل الري وسوس، حيث كان عددهم ملحوظًا ومع ذلك، لم ينجح المذهب أبدًا في جذب عدد كبير من الأتباع في إيران ومن أشهر شخصيات هذا المذهب: القاضي أبو يعلى، ابن تيمية، ابن قيم الجوزية، حرب الكرماني، محمد بن عبد الوهاب.

صورة تعبيرية
الاسم الحنبلية
اللقب والأسماء الأخرى فرقةً الوهابية، السلفية المعاصرة
المؤسّس أحمد بن حنبل
المعتقدات أشهر الشخصيات القاضي أبو يعلى، ابن تيمية، ابن قيم الجوزية، حرب الكرماني، محمد بن عبد الوهاب

اتجاه الحنابلة

أحمد بن حنبل (164-241هـ) سعى في البداية، مثل أستاذه محمد بن إدريس الشافعي (150-204هـ؛ مؤسس المذهب الشافعي)، إلى اتباع طريق وسط مستوحى من المذهبين الحنفي والمالكي، حيث يرتكز الأول على مدرسة الكوفة الفقهية (مع التركيز على الرأي)، بينما يرتكز الثاني على مدرسة المدينة الفقهية (مع التركيز على الحديث)، لكنه مع الوقت أسس مذهبًا رابعًا باتجاه مميز يقوم على الالتزام الشديد بنص القرآن والحديث [١]. أصبح توجه المذهب الحنبلي نحو النقل شديدًا لدرجة أنه تفوق على المذهب المالكي في هذا الجانب.

الانتشار التاريخي والتوزيع الجغرافي للحنابلة

كانت بغداد، مسقط رأس مؤسس المذهب، هي المدينة التي تأسس فيها المذهب الحنبلي في القرن الثالث الهجري، ثم تشكل وانتشر تدريجيًّا، وقد أصبحت بغداد، التي تأسست كعاصمة للخلافة العباسية قبل عقود من ظهور هذا المذهب، مركزًا ثقافيًّا للعالم الإسلامي ومقرًّا لعلماء المذاهب الإسلامية المختلفة، ومنذ القرن الرابع الهجري، أصبحت أيضًا المركز العلمي والثقافي للحنابلة، ورغم أن المذهب حصل على اعتراف رسمي في بغداد في منتصف القرن السادس، عندما استطاع ابن هبيرة يحيى بن محمد (الوزير العباسي والعالم الحنبلي ذو النزعة التقريبية بين مذاهب أهل السنة) تقليل النزاعات المذهبية عبر جمع كبار علماء المذاهب الأربعة المشهورة في بغداد وإبرام اتفاق بينهم، إلا أن بغداد ظلت قبل ذلك بمئتي عام المركز الرئيسي لعلماء وأتباع المذهب الحنبلي، حتى قيل إن ذروة قوة الحنابلة كانت في بغداد خلال القرن الرابع، وصار مذهبهم المذهب الغالب في بغداد أواخر ذلك القرن، وكان للحنابلة نفوذ كبير وأتباع كثر في بغداد وما حولها. معظم علماء الحنابلة إما كانوا من بغداد أو قدموا إليها من مناطق إسلامية أخرى واستقروا فيها. وهكذا، حظيت هذه المدينة بمكانة مميزة وفريدة للحنابلة لفترة طويلة [٢].

تاريخ انتشار الحنابلة في إيران

قبل القرن الرابع الهجري، لم ينتشر المذهب الحنبلي بشكل واسع في المدن الإسلامية الأخرى وبدأ التبشير بهذا المذهب في بعض مدن إيران قبل بعض المناطق التي أصبحت لاحقًا معاقل رئيسية للحنابلة، تُعد أصفهان من المدن القليلة التي انتشر فيها المذهب الحنبلي منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث كسب أتباعًا وازداد عددهم ونفوذهم تدريجيًّا، كان أبو عبد الله محمد بن يحيى ابن مَندَه الأصفهاني (توفي 301هـ؛ من أصحاب أحمد بن حنبل [٣]. وأسرته من أكثر المؤثرين في نشر هذا المذهب في أصفهان، كما وجد المذهب الحنبلي أتباعًا في مدن إيرانية أخرى مثل الري وسوس، حيث كان عددهم ملحوظًا ومع ذلك، لم ينجح المذهب أبدًا في جذب عدد كبير من الأتباع في إيران[٤].

انتقال مركز الحنابلة من بغداد إلى الشام

في منتصف القرن الخامس الهجري، لعب عبد الواحد الأنصاري الشيرازي دورًا في نقل المذهب الحنبلي إلى منطقة الشام (بما في ذلك فلسطين وسوريا الحالية). لم يحظ المذهب بشهرة كبيرة هناك حتى منتصف القرن السادس، لكن نفوذه ازداد بعد ذلك تدريجيًّا حتى أصبح أحد أهم مراكز الحنابلة. بعد سقوط بغداد بيد المغول، الذي أدى إلى تراجع المذهب هناك، انتقل المركز الرئيسي للحنابلة إلى الشام، حيث استمر انتشاره هناك حتى القرن التاسع [٥].

خول الحنابلة إلى مصر

دخل هذا المذهب إلى مصر بعد أكثر من ثلاثة قرون من ظهوره، وفقًا للسيوطي كان أول عالم حنبلي يصل إلى مصر في أواخر حياته ويتوفى هناك هو عبد الغني بن عبد الواحد الجمّاعيلي المقدسي (صاحب مؤلفات عديدة )، بينما كان أول قاض حنبلي في مصر هو شمس الدين محمد بن عماد الجمّاعيلي (توفي 676هـ)، الذي عُزل من منصبه عام 670هـ ولم يُعيّن خلف له طوال حياته. ووفقًا للسيوطي [٦]. كان يُدرَّس الفقه الحنبلي في مدارس مصر مثل الصالحية والمنصورية والناصرية والظاهرية، لكن مكانة الحنابلة تراجعت مع سيطرة الدولة العثمانية. فمثلاً، ورد أنه في عام 1324هـ/1906م، كان هناك فقط 3 مدرسين و28 طالبًا حنبليًّا من بين 312 مدرسًا و9069 طالبًا في الأزهر [٧].

قلة أتباع الحنابلة

انتشر المذهب الحنبلي أقل من المذاهب الأربعة الأخرى لأهل السنة [٨]. في عصره، وُصِف أتباع أحمد بن حنبل بأنهم قلة، وغالبًا ما كانوا يقيمون في بغداد والمناطق المحيطة بها وفي الشام. وقيل إن الحنابلة كانوا يمتلكون قوة وكثرة عددية في بغداد، لكن عندما غزا المغول المدينة، لم يعد لهم ذلك النفوذ، بينما ازداد عددهم في الشام. ووفقًا لابن فرحون المالكي ، بدأ المذهب الحنبلي في الضعف خلال القرن الثامن الهجري [٩].

الوهابية، المنبثقة من المذهب الحنبلي

نشأت عقيدة الوهابية ذات التوجه السلفي من صلب المذهب الحنبلي، فالوهابيون - الذين ينحدرون في الأصل من أتباع المذهب الحنبلي في منطقة نجد، واستطاعوا في القرون الأخيرة بعد تأسيس الدولة السعودية السيطرة على منطقة الحجاز - سعوا جاهدين لنشر وتعزيز المذهب الحنبلي بشكل أوسع [١٠].أصبح المذهب الحنبلي الآن هو المذهب الرسمي في السعودية، كما أن له أتباعًا في بعض مدن العراق والشام، ويوجد عدد قليل من الحنابلة في قطر والبحرين وأفغانستان.

السبب الرئيسي لانتشار المذهب الحنبلي المحدود

يرى بعض الباحثين أن السبب الرئيسي لضعف انتشار المذهب الحنبلي يعود إلى أن أتباعه في القرن الرابع الهجري، عندما كانت لهم سلطة في بغداد، حاولوا نشر مذهبهم بتعصب شديد حتى أنهم لجأوا إلى القوة، مما أدى إلى اضطهاد الناس ونفورهم منهم، فاعتداءات البربهاري وأتباعه على الشيعة والشافعية مثال على هذا النهج الذي اتبعه الحنابلة.

رأي أبي عمشة

  • ذكر أبو عمشة، عدة أسباب لضعف انتشار هذا المذهب:
  • تأخر زمن الإمام أحمد بن حنبل مقارنة بأئمة المذاهب الفقهية الثلاثة الأخرى (أبو حنيفة، مالك بن أنس، والشافعي).
  • اتهام الحنابلة بعدم القدرة على الفهم العميق للنصوص والاعتماد على الفهم الظاهري.
  • نشوء عداوة بينهم وبين فقهاء الشافعية حول بعض المسائل والفروع الفقهية من جهة، وبينهم وبين المتكلمين حول صفات الله تعالى من جهة أخرى.
  • عدم حصول المذهب الحنبلي على دعم سلطة حكومية تدعمه وتنشره.

رأي ابن خلدون

يرى ابن خلدون أن ابتعاد المذهب الحنبلي عن الاجتهاد واعتماده المطلق على الأحاديث هو سبب قلة أتباعه.

رأي أبي زهرة

رفض [١١]. رأي ابن خلدون، معتبرًا أن العوامل السياسية والاجتماعية هي السبب الرئيسي في اختلاف انتشار المذاهب الفقهية. فمثلًا، كان عدد الفقهاء الحنفية في العراق كبيرًا وتولوا مناصب القضاء والإفتاء، بينما كان عدد الفقهاء الحنابلة قليلًا ونادرًا ما تولوا مناصب مهمة كالقضاء.

رأي ابن عقيل

بحسب [١٢].، فإن فقهاء الحنابلة - على عكس الحنفية والشافعية - بعد تحصيل العلم آثروا الزهد والعبادة ورفضوا تولي مناصب القضاء وغيرها من الأمور الشرعية، مما أبعدهم عن البحث والتحقيق، ويبدو أن عدم تقبل الحكام لهذا المذهب كان نتيجة ضعف الفقه الحنبلي في تلبية احتياجات المجتمع وخاصة تحقيق أهداف الحكومات، لذا، فإن تشبث هذا المذهب بالأحاديث وعدم قدرته على استنباط الأحكام الشرعية - خاصة في المسائل المستجدة - وضعف علمائه في تقديم صورة مقبولة عنه، كان من أهم أسباب عزوف الناس والحكام عنه.

مؤلفات الحنابلة

من أهم المؤلفات المعروفة للحنابلة في مواضيع مختلفة ما يلي:

التفسير وعلوم القرآن

من بين مؤلفات أحمد بن حنبل، ذُكر تفسير يشتمل على ١٢٠٠٠٠ حديث، بالإضافة إلى مؤلفات حول القرآن وعلومه مثل:

  • الناسخ والمنسوخ
  • المقدم والمؤخر في كتاب الله
  • جوابات القرآن[١٣].
  • ومن أهم مؤلفات أتباعه في هذا المجال:
  • المصاحف لعبد الله بن أبي داود السجستاني.
  • زاد المسير في علم التفسير، فنون الأفنان في عيون علوم القرآن (من أوائل كتب علوم القرآن)، نواسخ القرآن، ونزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر لابن الجوزي.
  • إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن، إعراب القراءات الشواذ، والتبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري.
  • ذم التأويل لموفق الدين ابن قدامة المقدسي [١٤].
  • رموز الكنوز (تفسير) لعبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (توفي ٦٦٠ أو ٦٦١)، حيث ذكر الأحاديث بأسانيدها وناقش آراء الزمخشري في الكشاف [١٥].
  • التفسير الكبير ومقدمة في أصول التفسير لابن تيمية.
  • التفسير القيم، التبيان في أقسام القرآن، والأمثال في القرآن الكريم لابن القيم الجوزية.
  • تفسير آيات من القرآن الكريم لمحمد بن عبد الوهاب، زعيم الوهابيين[١٦].

الحديث وعلومه

نقل أبو موسى المديني [١٧]. كلامًا عن عبد الله بن أحمد بن حنبل يفيد أن أحمد بن حنبل كتب الكثير من الأحاديث، وهذا يتعارض مع رأي الذين يعتقدون أنه لم يكن يكتب شيئًا. أهم نص حديثي عند الحنابلة هو "المسند" لأحمد بن حنبل، الذي يضم أكثر من ثلاثين ألف حديث، وقد طُبع عدة مراتانتشرت كتابة المسانيد بعد أحمد بن حنبل بين الحنابلة، فأُلِّفت أعمال متعددة بهذا العنوان. كما كُتبت أعمال كثيرة تدور حول "مسند ابن حنبل"، معظمها شروح أو مختصرات أو فهارس له، وبعضها يتناول خصائصه [١٨]. ومن أهم مؤلفات الحنابلة في الحديث وعلومه:

  • "السنة" لأحمد بن حنبل.
  • "غريب الحديث" لإبراهيم الحربي.
  • "السنة" لأبي بكر الخلال.
  • "الموضوعات"، "جامع المسانيد"، و**"الناسخ والمنسوخ في الحديث"**، وكلها لأبي الفرج ابن الجوزي.
  • "إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي" و**"إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث"**، وكلاهما لأبي البقاء العكبري.
  • "المنتقى من أخبار المصطفى" لعبد السلام بن عبد الله ابن تيمية.
  • "علم الحديث" و**"الكلم الطيب"**، وكلاهما لأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.

الكلام

أولى المؤلفات الكلامية عند الحنابلة هي تلك المنسوبة إلى أحمد بن حنبل، مثل:

  • "كتاب الإيمان".
  • "الرد على الزنادقة والجهمية".
  • "نفي التشبيه".
  • "رسالة في السنة والعقيدة" [١٩].

ومن أهم مؤلفات أتباعه في العقيدة:

  • "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية" و**"مجانبة الفرق المذمومة"** لعبيد الله بن محمد ابن بَطّة العكبري.
  • "تلبيس إبليس" و**"دفع شبه التشبيه"** لعبد الرحمن ابن الجوزي.
  • "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" و**"شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر"** لابن قيم الجوزية.

كما أسهم ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم) بتأليف العديد من الكتب الكلامية التي شكلت الأساس النظري للعقيدة الوهابية لاحقًا، مثل:

  • "مجموعة التوحيد".
  • "النبوات".
  • "درء تعارض العقل والنقل".
  • "منهاج السنة النبوية"[٢٠].

الفقه

لم يدوّن أحمد بن حنبل آراءه الفقهية بنفسه، بل نُقل عنه أنه نَهى تلاميذه عن كتابتها. لكن بعد وفاته، جمع تلاميذه فتاويه في مسائل مختلفة، وهكذا تكوَّن الفقه الحنبلي [٢١].

المسند

أول وأهم مصدر للفقه الحنبلي بعد القرآن هو "مسند أحمد"، الذي يشمل أبوابًا فقهية وإن لم يرتب ترتيبًا فقهيًا.

المسائل

جمع تلاميذه وأتباعه أسئلته الفقهية وأجوبته تحت عنوان "مسائل"، مثل:

  • "مسائل عبد الله بن أحمد".
  • "مسائل إسحاق الكوسج".
  • "مسائل أبي داود السجستاني" [٢٢].

الجامع للخلال

ألف أبو بكر الخلال "الجامع" بجمع كل ما رُوي عن أحمد بن حنبل مع أسانيده[٢٣].

المختصر للخرقي

من أهم الكتب في الفقه الحنبلي، والذي كان يُدرَّس باستمرار، هو "المختصر" لأبي القاسم الخرقي، حيث جمع الروايات عن أحمد واختار الأقوى وفق أصول الحنابلة.

شرح المختصر

أشهر شرح له هو "المغني" لموفق الدين ابن قدامة، وهو من أهم المراجع الفقهية.

مؤلفات أخرى

  • من الكتب المهمة الأخرى:
  • "الأحكام السلطانية" لابن فراء.
  • "الهداية" لأبي الخطاب الكلوذاني.
  • "المقنع" و**"الكافي"** لابن قدامة.
  • "المحرر" لعبد السلام ابن تيمية.
  • "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية.
  • "الإقناع" للحجاوي، وشرحه "كشاف القناع" للبهوتي

علم الخلاف

تناول بعض الحنابلة الخلافات بين المذاهب، مثل: "الخلاف مع الشافعي" لغلام الخلال. "الخلاف بين أحمد ومالك" لابن مسلم العكبري. "الخلاف الكبير" لابن فراء [٢٤].

أصول الفقه

لم يؤلف أحمد بن حنبل وتلاميذه كتابًا في أصول الفقه. يمكن اعتبار أول عمل للحنابلة في هذا الموضوع هو "تهذيب الأجوبة" لأبي عبد الله الحسن بن حامد البغدادي (ت. 403)، حيث قام بتبيان بعض الأصول ومناهج استنباط الأحكام الفقهية الحنبلية من خلال التأمل في إجابات أحمد بن حنبل وطريقة استدلاله في المسائل الفقهية. ثم كتب أبو علي الحسن بن شهاب العكبري (ت. 428) "رسالة في أصول الفقه"، وقدم فيها تلخيصًا لتأصيل أصول الفقه بناءً على آراء أحمد بن حنبل [٢٥]. بعده، ألف القاضي أبو يعلى (ت. 458) كتاب "العدة في أصول الفقه"، والذي يُعتبر أول كتاب مفصل للحنابلة في أصول الفقه. وقد استند المؤلف في تأليفه إلى "الفصول" للجصاص و"المعتمد في أصول الفقه" لأبي الحسين البصري المعتزلي (ت. 436). وقام أبو يعلى باختصار "العدة" وأطلق عليه اسم "مختصر العدة". ومن مؤلفاته الأخرى في أصول الفقه كتاب "الكفاية"[٢٦]. ثم ألف أبو الخطاب الكلوذاني (ت. 510) "التمهيد في أصول الفقه"، وعلي بن عقيل البغدادي (ت. 513) "الواضح في أصول الفقه". كما ألف موفق الدين ابن قدامة (ت. 620) "روضة الناظر وجنة المناظر"، الذي حظي باهتمام كبير من الحنابلة، حيث كُتبت عليه شروح عديدة، واختصره البعض أو ألفوا كتبًا على منواله [٢٧]. ألف أبو البركات عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية كتابًا في أصول الفقه، قام ابنه عبد الحليم بن عبد السلام وحفيده أحمد بن عبد الحليم بتعليقات عليه، ثم جمعها شهاب الدين أحمد بن محمد الحراني في كتاب واحد أسماه "المسودة في أصول الفقه" [٢٨]. ويُعد كتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن قيم الجوزية من المصادر المهمة في أصول الفقه الحنبلي. كما اهتم كتاب "أصول الفقه" لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي ببيان مواضع الاتفاق والاختلاف بين الآراء الأصولية للحنابلة والمذاهب الفقهية الأخرى. اعتمدت مؤلفات أخرى على هذا الكتاب، مثل:

  • "المختصر في أصول الفقه" لعلي بن محمد ابن اللحام.
  • "منهاج الأصول إلى علم الأصول" لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح (ت. 884).
  • "تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول" لعلي بن سليمان المرداوي، الذي شرحه بنفسه تحت عنوان "التحرير شرح التحرير".
  • قام أبو الفضل أحمد بن علي ابن زهرة الحنبلي (تلميذ المرداوي) باختصار هذا الشرح في كتاب سماه "مختصر التحبير".
  • كما اختصر ابن النجار محمد بن أحمد الفتوحي كتاب "تحرير المنقول" للمرداوي تحت عنوان "الكوكب المنير"، ثم شرحه في كتاب "شرح الكوكب المنير".
  • وألف أحمد بن عبد الله البعلي الحنبلي (ت. 1189) شرحًا على "الكوكب المنير" للفتوحي بعنوان "الذخر الحرير"[٢٩].

قواعد الفقه

من أهم مؤلفات الحنابلة في قواعد الفقه: "القواعد الكبرى" و"القواعد الصغرى" لسليمان بن عبد القوي الصرصري الطوفي. "القواعد الفقهية" لأحمد بن حسن ابن قاضي الجبل. "القواعد الفقهية" أو "القواعد في الفقه الإسلامي" لعبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي، ويحتوي على 160 قاعدة فقهية وفق المذهب الحنبلي. "القواعد الأصولية" المختصرة لعلي بن محمد ابن اللحام.[٣٠].

مصادر تراجم فقهاء الحنابلة

على الرغم من أن أول كتاب مطبوع في تراجم فقهاء الحنابلة هو كتاب ابن أبي يعلى (ت. 526)، إلا أن هناك مؤلفات سبقته في هذا المجال، مثل:

  • "طبقات أصحاب الإمام أحمد" (مخطوط) منسوب لأبي بكر الخلال.
  • "طبقات الأصحاب" منسوب لأحمد بن جعفر ابن المنادي [٣١].
  • ألف ابن أبي يعلي كتابه المشهور بأسماء مختلفة مثل "طبقات الحنابلة"، "طبقات الحنبلية"، "طبقات الأصحاب"، و"طبقات فقهاء الحنابلة"، حيث قدم تراجم فقهاء الحنابلة حتى عام 512 وقسمهم إلى ست طبقات.

بعد ذلك، أُلِّفت أعمال أخرى في هذا المجال، ومن أشهرها:

  • "المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد" لعبد الرحمن بن محمد العملي الحنبلي (ت. 928).
  • "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" لمحمد بن عبد الله النجدي العامري (ت. 1295).
  • كُتبت ذيول على بعض هذه الكتب لإضافة تراجم علماء حنابلة من فترات لاحقة، ومن أهمها:
  • "الذيل على طبقات الحنابلة" لابن رجب (ت. 795) على كتاب ابن أبي يعلى.

كما تم اختصار بعض هذه المؤلفات أو وضع فهارس لها[٣٢].

وصلات خارجية

الهوامش

  1. مصطفی ابراهیم زلمی، منشاء الاختلاف في فقه المذاهب، ص45ـ56
  2. ابن رجب، کتاب الذیل علی طبقات الحنابلة، ج۱، ص۲۵۲
  3. ابن ابی یعلی، طبقات الحنابله، ج۲، ص۳۸۵ـ۳۹۱
  4. مقدسی، ص۳۶۵- 429
  5. عبدالهادی، الفقهیة و بیان اثر حنابلة فلسطین فی دمشق ص۲۵ـ۲۶
  6. السیوطی، حسن المحاضرة فی تاریخ مصر و القاهرة ج۲، ص۲۶۳ـ۲۶۵،
  7. کامل موسی، المدخل الی التشریع الاسلامی، ص۱۶۳
  8. احمد تیمور، نظرة تاریخیة فی حدوث المذاهب الفقهیة الاربعة ،ص۸۸ـ۹۱
  9. ابن فرحون، الديباج المُذهَب في معرفة اعيان علماءالمذهب، ج۱، ص۶۲
  10. کامل موسی، المدخل الی التشریع الاسلامی، ص۱۶۳
  11. أبو زهرة محمد ابوزهره، ابن حنبل، حیاته و عصره، آراؤه و فقهه، ص۴۰۷ـ۴۰۹
  12. ابن عقيل ابن جوزی، تلبیس ابلیس، ۱۴۰۹ ص۶۷۲
  13. ابن ابی یعلی، طبقات الحنابلة ج۱، ص۲۰
  14. ابن رجب، کتاب الذیل علی طبقات الحنابلة ج۲، ص۱۳۹
  15. بدران، المدخل الی مذهب الامام احمد بن حنبل ص۴۷۷
  16. ابوموسی مدینی، خصائص المسند ص۱۲
  17. ابوموسی مدینی، خصائص المسند ص۱۲
  18. ابوموسی مدینی، خصائص المسند ص۱۳
  19. عبداللّه طریقی، معجم مصنّفات الحنابلة ج۱، ص۴۸
  20. عبداللّه طریقی، معجم مصنّفات الحنابلة ج۴، ص۳۸۹ـ۳۹۲
  21. ابوزهره، ابن حنبل، ص۴۱۴
  22. ابن ابی یعلی، طبقات الحنابلة ج۳، ص۶۲۷ـ۶۳۱
  23. فؤاد سزگین، تاریخ نگارشهای عربی ج۱، ص۷۱۷.
  24. ابن ابی یعلی، طبقات الحنابلة ج۳، ص۲۱۴
  25. ابراهیم آل ابراهیم، تدوین اصول الفقه عند الحنابلة ص۱۲۳
  26. ابراهیم آل ابراهیم، تدوین اصول الفقه عندالحنابلة ص۱۲۵ـ۱۲۷
  27. ابراهیم آل ابراهیم، تدوین اصول الفقه عندالحنابلة ص۱۳۳ـ۱۳۵
  28. ابراهیم آل ابراهیم، تدوین اصول الفقه عندالحنابلة ص۱۴۲ـ۱۴۴
  29. ابراهیم آل ابراهیم، اعلام الحنابلة فی اصول الفقه ص۳ـ۶۳
  30. عبداللّه طریقی، معجم مصنّفات الحنابلة ج۳، ص۳۳۸
  31. عبداللّه طریقی، معجم مصنّفات الحنابلة ج۴،‌ص۲۶۱
  32. راجع للاكثر، طبقات ابن ابی یعلی، طبقات الحنابلة

المصادر

  • [دائرة عالم الاسلامي، بنیاد دائرة المعارف اسلامیة، مقتبس من مقاله حنبلیه، ص۶۶۰۰].