انتقل إلى المحتوى

مسجد النبي

من ویکي‌وحدت


مسجد النبي يقع في قلب مدينة المدينة المنورة المنورة في المملكة العربية السعودية على ارتفاع 597 متراً فوق مستوى سطح البحر. مسجد النبي هو ثاني مسجد بناه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد مسجد قباء، ويقال إن بناءه استغرق 7 أشهر أو سنة.

تاريخ البناء

عند دخول رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة، كان كبار وشيوخ القبائل يرغبون في أن يقيم الرسول بينهم ليكون هذا شرفاً لهم، لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "أينما حطّت ناقتي، فهناك أنزل". فتركوا له حرية السير حتى حطت ناقته عند بيت بني مالك بن النجار.
كانت تلك الأرض تعود لطفلين يتيمين كانا يجففان فيها التمر. اشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأرض من معاذ بن عفراء الذي كان يتولى رعاية الطفلين، وبنى فيها مسجداً هو أساس المسجد الحالي.
أخذ أبو أيوب الأنصاري بناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيته، وظل النبي (صلى الله عليه وآله) عند أبي أيوب الأنصاري حتى تم تجهيز حجرة له. شارك النبي مع المسلمين في بناء المسجد. كانت مساحة المسجد في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) تساوي 1050 متراً مربعاً. كان سطح المسجد مغطى بالرمل وسقفه بأعواد النخيل، وكانت أعمدته من جذوع النخيل.
كانت قبلة المسجد قبل غزوة بدر موجهة نحو القدس لمدة 16 شهراً، ثم تغيرت بأمر الله نحو مكة. وفي هذه الفترة، بأمر النبي (صلى الله عليه وآله)، تم تخصيص مكان في الجهة الشرقية من المسجد لإيواء الفقراء والمحتاجين من أهل المدينة والغرباء، وهو ما يعرف بـ الصُفّة[١].

الإعمار والتطوير

بعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قام الخلفاء الراشدون بتوسيع وإعمار مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) واحداً تلو الآخر، بالإضافة إلى توسيع المساحة الداخلية والخارجية، أضافوا أبواباً جديدة وزينوا المسجد بأحدث الزخارف المعاصرة.
ومع كل التوسعات التي تمت على مر السنين بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن أكبر تطوير لمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) بدأ في عام 1405، حيث تم ترميمه بالكامل وتحسينه، وبلغت مساحته 165,500 متر مربع، مما سمح لـ 257,000 مصلٍ بأداء الصلاة فيه، وتمت زيادة المساحة إلى 400,500 متر مربع بسعة 650,000 مصلٍ.
الآن يحتوي هذا الحرم على 81 باباً و27 قبة متحركة بشكل جميل ودائري، ويبلغ وزن كل واحدة منها 80 طناً. كما توجد في هذه الساحة أنظمة كهربائية جديدة ومحطات تكييف. تم تخصيص مساحة حوالي 390,000 متر مربع لمحطات النقل التي تم إنشاؤها لنقل الزوار، حيث يمكن أن تتحرك فيها 4,500 وسيلة نقل.
بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب تلفزيونات ثابتة ومتحركة مع أنظمة إنذار حساسة وشبكات هاتفية لتوفير الراحة للزوار.

العمارة وأماكن المسجد

الصُفّة

داخل مسجد النبي، تم إعداد صُفّة أو رواق للمهاجرين الذين لا مأوى لهم. هؤلاء هم نفس المسلمين الذين عُرفوا بـ أصحاب الصُفّة.
قبل أن تتغير القبلة من القدس إلى الكعبة، كان محراب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجهة الشمالية من المسجد. بعد تغيير القبلة بأمر النبي، تم سقف هذا الجزء وأصبح مكاناً لاستراحة وإقامة المسلمين المهاجرين والمحتاجين، وتم إدخاله في توسعة المسجد في السنة السابعة للهجرة.
ما يُعرف اليوم بالصُفّة كان يُسمى سابقاً دكة الأغوات، وكان مكاناً لخدمة وحراسة الحرم.

منبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)

كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في البداية يستند إلى شجرة نخيل أثناء خطبته في المسجد. في السنة السابعة أو الثامنة للهجرة، تم صنع منبر له. كان هذا المنبر يحتوي على درجتين ومكان للجلوس.
احترق منبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في عام 886 هجري، وبعدها أرسل أشرف قايبتاي، سلطان المماليك، منبراً مصنوعاً من الرخام الأبيض لهذا المسجد.

روضة رضوان

هذا المكان يقع بين منبر النبي وحجرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وقد قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): "بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، وهو مغطى بالسجاد الأخضر، وهو منفصل عن بقية أجزاء مسجد النبي (صلى الله عليه وآله).

حجرة وقبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)

كانت بيت النبي (صلى الله عليه وآله) تقع في شرق مسجد النبي، وهي مكان دفن النبي أيضاً، وقد تم ضمها إلى المسجد في التوسعات اللاحقة.

القبة الخضراء

يُعرف مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً بالقبة الخضراء، والتي كانت في البداية مصنوعة من الخشب، وتم إعادة بناءها بعد حريق في زمن السلطان العثماني.

المكتبة

يمتلك مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) مكتبتين تحتويان على نسخ خطية قديمة، واحدة في مركز الحرم والأخرى في الطابق السفلي في الجزء الجنوبي من المسجد (صلى الله عليه وآله) وتحتوي على مكتبة رقمية أيضاً.[٢]

أعمدة مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)

لا تزال ثمانية أعمدة من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) موجودة في المسجد، وقد تم تمييزها باللون الأبيض، وهي:
عمود حنانه
يقال إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يستند إلى عمود حنانه أثناء خطب الجمعة، وعندما تم بناء منبر المسجد، ترك هذا العمود. وفقاً لبعض الروايات، أصدر العمود أنيناً بسبب ترك النبي، مما جعل هذا العمود مشهوراً. الآن تم وضع عمود آخر مكانه.
عمود توبة
يسمى أيضاً عمود أبولبابه، بعد هزيمة بني قريظة، تعرض أبولبابه للإهمال من النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه بسبب ذنب ارتكبه، فربط نفسه بالعمود حتى نزلت آية في قبول توبته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
عمود محرَس
كان علي (عليه السلام) يقف بجانب هذا العمود ويقوم بحماية رسول الله (صلى الله عليه وآله). يُعرف هذا العمود أيضاً باسم عمود علي (عليه السلام) لأنه كان مكان صلاة النبي.
عمود وفود
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستقبل رؤساء القبائل والوفود السياسية بجانب هذا العمود.
عمود سرير
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضع بجانب هذا العمود سريراً من أغصان النخيل ويستريح عليه ليلاً.
مقام جبرائيل الأمين
كان جبرائيل يأتي إلى هذا المكان لخدمة رسول الله (صلى الله عليه وآله).

أبواب ومنارات مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)

الأبواب
عندما تم بناء مسجد النبي، تم إنشاء ثلاثة أبواب للدخول والخروج، كما قام بعض الصحابة ببناء منازل في محيط المسجد وفتحوا أبواباً إلى المسجد.
في السنة الثالثة للهجرة، قبل غزوة أحد، بأمر النبي (صلى الله عليه وآله) تم إغلاق جميع أبواب المنازل ما عدا باب بيت علي (عليه السلام) إلى المسجد.
تغير عدد أبواب المسجد على مر الزمن، وأشهرها هي:
باب الرحمة
باب جبرائيل
باب السلام
باب النساء
يحتوي مسجد النبي الآن على 7 أبواب.
المنارات
تم بناء أربعة منارات حول المسجد في توسعة وليد بن عبد الملك، وبعد ذلك تم بناء منارة أخرى، وكانت المنارات الرئيسية للمسجد هي:
منارات سليمانية ومجيدية التي تقع على جانبي الجهة الشمالية، ومنارات قيتباي وباب السلام التي تقع على جانبي الجهة الجنوبية الشرقية والغربية من المسجد.
في الإضافات الجديدة للمسجد، تم بناء 6 منارات أخرى، ليصل العدد الإجمالي إلى 10.[٣]

محراب مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)

في مسجد النبي عدة محاريب، وأشهرها ما يلي. يجدر بالذكر أن هناك محرابين آخرين في اتجاه القبلة، أحدهما محراب عثماني مرتبط بالسلاطين العثمانيين حيث يقف الإمام للصلاة، والآخر محراب سليماني (بني في: 860 هـ) باسم السلطان سليمان العثماني والذي لا يزال موجوداً في المسجد.
محراب النبي
في مسجد النبي يوجد مكان تم بناء محراب عليه؛ ولكن لم يكن للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) محراب في المسجد، وتم بناء هذا المحراب في السنوات التي تلت وفاته، ويبدو أنه في زمن عمر بن عبد العزيز في المكان الذي كان النبي يصلي فيه.
محراب تهجد
محراب التهجد، الذي لم يعد موجوداً الآن، كان مكاناً بجانب عمود يحمل نفس الاسم. كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يقف للصلاة في الليل والتهجد بجانب هذا العمود، وفي القرون اللاحقة، تم بناء محراب هنا تخليداً واعتزازاً بالنبي (صلى الله عليه وآله)، الذي عُرف بمحراب التهجد، وتم إزالته في زمن آل سعود.
محراب فاطمة (سلام الله عليها)
هذا المحراب يقع في جنوب محراب "التهجد"، داخل المقصورة أو بيت فاطمة بنت محمد (الزهراء)، وقد تم ضمه إلى المسجد، ويظهر من خلال النوافذ الحالية للمسجد. وقد وردت روايات عن هذا المحراب، منها: حسن بن علي (المجتبی) قال: "رأيت أمي فاطمة ليلة الجمعة في محرابها، كانت قائمة حتى الصباح، تذكر أسماء الرجال والنساء المؤمنين وتدعو لهم. فقلت: أمي، لماذا لم تدعي لنفسك؟ فقالت: ابني، أولاً الجار ثم أهل البيت".

مدفن السيدة فاطمة (سلام الله عليها) من وجهة نظر الفريقين

أهل السنة غالباً ما يعتبرون مكان دفن السيدة فاطمة (سلام الله عليها) هو البقيع، ولكن وفقاً لمعظم الروايات الشيعية، فإن مكان دفنها هو بيتها الذي أصبح الآن جزءاً من مسجد النبي. على سبيل المثال، في رواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) جاء فيها: "فاطمة (سلام الله عليها) دفنت في بيتها الذي [لاحقاً] ضمه عمر بن عبد العزيز إلى المسجد".
لم يعبر علماء الشيعة بشكل قاطع عن هذا الأمر، لكنهم أشاروا بقوة إلى أن مدفن السيدة فاطمة (سلام الله عليها) هو الآن مكان ما في مسجد النبي.

المكانة الروحية والدينية لمسجد النبي (صلى الله عليه وآله)

يعتبر هذا المسجد بعد المسجد الحرام، مقدساً للمسلمين، وله أحكام فقهية خاصة.
وجود بعض الأماكن في هذا المسجد وكذلك في محيطه، أعطى أهمية مضاعفة له. قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وبيته في هذا المسجد، وكذلك وجود مقبرة البقيع التي تضم قبور كبار الإسلام في صدر الإسلام، من بين هذه الأمور.[٤] غالباً ما يذهب المسلمون لزيارة هذا المسجد قبل أو بعد أداء فريضة الحج، ويعتبرون زيارة هذا المسجد جزءاً مهماً من رحلتهم الروحية لأداء الحج.[٥]
يمتلك مسجد النبي مكانة خاصة أيضاً لدى الشيعة. بعض جوانب أهمية هذا المسجد لدى الشيعة تشمل:
قضية سد الأبواب، حيث أمر النبي من قبل الله بإغلاق جميع الأبواب التي تؤدي إلى المسجد ما عدا باب بيت علي (عليه السلام).
احتمالية دفن السيدة فاطمة (سلام الله عليها) داخل مسجد النبي بين قبر ومنبر الرسول (صلى الله عليه وآله).[٦]
وجود البقيع بجانب المسجد وقبر أئمة البقيع في هذه المقبرة.

الهوامش

  1. مقتبس من مقال معلومات كاملة عن مسجد النبي
  2. مقتبس من مقال تعريف مساجد العالم
  3. مقتبس من مقال التعرف على مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة
  4. جعفريان، آثار إسلامية في مكة والمدينة، 1387 ش، ص 239.
  5. أميني، الغدير، 1416 ق، ج 5، ص 165-169.
  6. صدوق، من لا يحضره الفقيه، 1413 ق، ج 2، ص 572.