انتقل إلى المحتوى

مدرسة الفيضية

من ویکي‌وحدت
الخطوة الثانية للثورة

المدرسة الفيضية، هي من المدارس الشهيرة في الحوزة العلمية بمدينة قم المقدسة، وتقع بجوار مرقد السيدة المعصومة (سلام الله عليها). قبل توسع الحوزة العلمية في قم، وخلال سنوات العقدين 1320 إلى 1360 هـ.ش، كانت هذه المدرسة مركزًا لتجمع طلاب العلم وأساتذة الحوزة في قم. وقد سكن فيها العديد من العلماء والمجتهدين، إما للدراسة أو للتدريس. تعرضت هذه المدرسة لهجوم من قبل قوات الأمن التابعة للنظام الملكي البهلوي. كان الخطاب الشهير للإمام الخميني في 13 خرداد عام 1342 هـ.ش، والذي أدى إلى انتفاضة 15 خرداد، قد أُلقِي في هذه المدرسة، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أقيمت بعض اللقاءات والخطابات للإمام في صحن هذه المدرسة. تقع مدرسة فيضية في شمال الصحن العتيق لحرم فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع)، ونظرًا للنقش الكتابي على مدخل الإيوان الجنوبي، يُنسب بناؤها إلى الشاه طهماسب الصفوي. أما البناء الحالي فقد شُيّد في عامي 1213 و1214 هـ.ق على يد فتحعلي شاه القاجاري. وفي عقد السبعينيات من القرن الرابع عشر هـ.ش، تم بناء قبو تحت الأرض في وسط المدرسة، كما أُعيد بناء مكتبتها بالكامل وتوسعتها، وتُعد هذه المدرسة، نظرًا لجوارها مع المسجد الأعظم ومدرسة دار الشفاء، مركزًا رئيسيًا للحوزة العلمية في قم، حيث تُقام فيها بعض أهم الدروس الحوزوية والاجتماعات العلمية.

مقدمة

كانت مدينة قم منذ القدم ملاذاً ومعقلاً للشيعة ومركزاً للعلم والحديث والفقه والاجتهاد، حيث تشهد المقابر والأضرحة المتبقية من العصور السابقة على هذه الحقيقة، إذ إن هذه المدينة -بفضل مركزيتها في التشيع- تُعد أحد الأقطاب العلمية والمراكز المهمة في العالم الإسلامي، وخاصة في المذهب الشيعي. توجد في هذه المدينة مدارس دينية ومباني دينية عتيقة، حيث كان يُدرَّس فيها علوم الفقه والحديث والقرآن وغيرها من العلوم الإلهية [١].

انتشار العلم في قم

أصبحت قم مركزاً للشيعة منذ القرون الإسلامية الأولى، حيث عاش فيها كبار أصحاب الأئمة وساهموا في نشر العلوم الإسلامية. بُذرت بذور العلم في هذه المدينة منذ القدم، لكن الانتشار الكبير بدأ في العصر الصفوي. تُعد "مدرسة فيضية" من أبنية العهد الصفوي التي شُيدت بجوار الصحن العتيق، حيث يُذكر أنها من إنشاءات الشاه طهماسب الأول، كما يدل على ذلك النقش الكتابي على مدخل الإيوان الجنوبي للمدرسة المتجه نحو الصحن العتيق، والذي يحمل اسم الشاه طهماسب الصفوي. نص الكتابة كما يلي:"قد اتفق بناء هذه العمارة الشريفة والعتبة السنية والسدة العليّة الفاطمية في زمان دولة سلطان أعاظم السلاطين برهان أكارم خلف الخواقين خليفة الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين المعصومين شيد مباني الشريعة المصطفوية مؤسس أساس الملة المرتضوية رافع أُوَيّة العدل والإحسان أبو المظفر شاه طهماسب بهادر خان... بسعي وتعاون أكابر السادات والنقباء الأشراف الأمير شرف الدين إسحاق تاج الشرف الموسوي في سنة ٩٣٤"[٢].

سبب تسمية مدرسة فيضية بقم

يُقال إن سبب تسمية هذه المدرسة بـ"فيضية" يعود إلى أن الملا محسن الفيض الكاشاني، أحد كبار علماء العصر الصفوي وصهر الملا صدرا الشيرازي، قد درّس فيها لفترة، وكانت هذه المدرسة مكان تدريسه أو إقامته الدائمة خلال فترة وجوده في قم. وبسبب ذلك، اشتهرت المدرسة بين الناس باسم "مدرسة فيض" [٣]. ويرى بعض الباحثين أن هذا الاسم انتشر في عهد إعادة بناء المدرسة خلال العصر القاجاري، باقتراح من علماء تلك الفترة. وتزداد قوة هذا الاحتمال نظرًا لأن أسرة الفيض كانت تتولى الرئاسة الشرعية لمدينة قم في العهد القاجاري [٤].

الخلفية التاريخية

تُعد مدرسة فيضية ومدرسة دار الشفاء من أهم المدارس العلمية في مدينة قم، وقد تأسستا في العصر الصفوي. إلا أن تأسيس مدرسة فيضية سبق مدرسة دار الشفاء، واكتسبت ميزة خاصة بسبب مجاورتها لمرقد السيدة المعصومة (ع). كما يظهر من النقش الكتابي على مدخل الإيوان الجنوبي للمدرسة، الذي يتجه نحو الصحن، فإن هذه المدرسة من إنشاءات الشاه طهماسب الأول. ورد في هذا النقش: "قد اتفق بناء هذه العمارة الشريفة والعتبة السنية والسدة العليّة الفاطمية في زمان دولة سلطان أعاظم السلاطين برهان أكارم خلف الخواقين خليفة الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين المعصومين شيد مباني الشريعة المصطفوية مؤسس أساس الملة المرتضوية رافع أُوَيّة العدل والإحسان أبو المظفر شاه طهماسب بهادر خان... بسعي وتعاون أكابر السادات والنقباء الأشراف الأمير شرف الدين إسحاق تاج الشرف الموسوي في سنة ٩٣٤ [هجرية]." ووفقًا للمصادر التاريخية الموثوقة، فإن البناء الأصلي للمدرسة كان يُعرف باسم "مدرسة العتبة" ويعود إلى القرن السادس الهجري، وظلت معروفة بهذا الاسم حتى أواخر القرن الحادي عشر، كما ذُكر في الوثائق الباقية من ذلك العصر. ثم أعيد بناؤها في العصر الصفوي، وعُرفت منذ ذلك الحين باسم "فيضية". وفي النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري، حلّ بناء مدرسة فيضية محل مدرسة العتبة. أما البناء الحالي للمدرسة فيعود إلى عهد فتحعلي شاه القاجاري، الذي أمر ببنائه في عامي 1213 و1214 هجريًا، حيث هُدم البناء القديم وتوسعت المدرسة. كان طول هذا البناء 75 ذراعًا وعرضه 50 ذراعًا، ويضم أربعين غرفة في الطابق السفلي، وأربعة أروقة عالية، و12 غرفة مزينة بالقباب، وحوضًا مربعًا بقياس 12 ذراعًا × 12 ذراعًا [٥].

تطور البناء الجديد

يعود البناء الأصلي للمدرسة إلى العصر الصفوي. في ذلك الوقت، كانت المدرسة منفصلة عن الصحن العتيق لمرقد السيدة المعصومة (سلام الله عليها)، وكان هناك ممر بينهما كما يظهر في خرائط الرحالة من ذلك العصر مثل شاردن وأولئاريوس. في عهد فتحعلي شاه، تم ترميم أجزاء مختلفة من المدرسة وتوسعتها. في البداية، شُيد سد على النهر المجاور للمدرسة، وتم تخصيص جزء من الأراضي الناتجة عن ذلك للمدرسة، بينما خصص الباقي لثلاثة مبانٍ ملكية. في هذا التوسع، امتد الصحن حتى مدخل الصحن العتيق لمرقد السيدة المعصومة (سلام الله عليها)، وأصبح المدخل الرئيسي بمثابة الإيوان الجنوبي للمدرسة. وقد بني هذا المدخل على يد السيد تاج الدين الشرف الموسوي عام 939 هـ. جرى ترميم المدرسة مرة أخرى عام 1255 هـ على يد الحاج علي محمد، عم ميرزا علي أكبر فيض مؤلف "تاريخ قم". ووفقاً لروايته، كانت غرف المدرسة وصحنها حتى عام 1341 هـ من طابق واحد، مع وجود أربع غرف فقط في الطابق الثاني على جانبي كل من الأروقة الشرقية والغربية والشمالية. ثم قام آية الله ميرزا محمد فيض ببناء غرف في الطابق الثاني للأجزاء الشمالية والشرقية من المدرسة. وفي عام 1301 هـ.ش، أكمل آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري بناء الغرف في الأجزاء الأخرى. خلف الإيوان الغربي، كان هناك "شاه نشين" مزخرف بشكل فاخر، وهو مكان جلوس ملوك القاجاريين. في عام 1351 هـ، تأسست أول مكتبة عامة في المدينة على يد آية الله الحائري في هذا الشاه نشين. وفي عام 1370 هـ، أنشأ آية الله بروجردي طابقاً ثانياً في وسط الإيوان الغربي، خصص لمخزن المكتبة، وحولت مطابخ القصر إلى قاعتي مطالعة كبيرتين [٦].

التسجيل في الآثار الوطنية

سجلت هذه المدرسة في 9 بهمن 1386 (29 يناير 2007) برقم 20715 كأحد الآثار الوطنية الإيرانية.

مكتبة مدرسة فيضية

كانت هذه المدرسة تضم مكتبة مهمة نسبياً. في هذه المكتبة، بالإضافة إلى الكتب التي أوقفها الشاه عباس، كانت هناك كتب أوقفها الشيخ البهائي وأوكل إدارتها إلى ابن أخيه حسين بن عبد الصمد. بعد تأسيس الحوزة العلمية في قم عام 1340 هـ على يد الشيخ عبد الكريم الحائري، تأسست المكتبة العامة لهذه المدرسة في 20 جمادى الثانية 1349 هـ (نوفمبر 1930 م). في عام 1374 هـ.ش (1995 م)، بأمر من قائد الثورة آية الله الخامنئي، تم تخصيص مبنى جديد لهذه المكتبة في الجزء الشمالي الشرقي من مدرسة فيضية، وافتتح في تير 1381 هـ.ش (يونيو 2002 م). تعرف حالياً هذه المكتبة باسم مكتبة آية الله الحائري.

الهجوم على مدرسة فيضية

في أعقاب احتجاج الإمام الخميني على قانون مجالس الأقاليم والولايات وعلى "الثورة البيضاء" لمحمد رضا بهلوي، وإعلان الحداد العام في عيد النوروز 1342 هـ.ش (1963 م)، في اليوم الثاني من فروردين (22 مارس) من نفس العام الذي صادف ذكرى استشهاد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، هاجمت قوات الحكومة مع مجموعة من البلطجية هذه المدرسة، وبعد مقاومة من الطلاب والعلماء، أطلقت النار عليهم مما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد منهم. في هذا الهجوم، ألقي بعض الطلاب من أسطح المدرسة وقتلوا.

خطاب الإمام الخميني في خرداد 1342 هـ.ش

في عصر عاشوراء 1383 هـ الموافق 13 خرداد 1342 هـ.ش (3 يونيو 1963 م)، ألقى الإمام الخميني خطاباً شديد اللهجة في مدرسة فيضية انتقد فيه بشدة نظام بهلوي ومسؤولي الولايات المتحدة وإسرائيل الذين كان لهم نفوذ كبير على محمد رضا بهلوي. كان الحضور الجماهيري كبيراً لدرجة أن صحن فيضية ودار الشفاء وصحن مرقد السيدة المعصومة وساحة العتبة والمناطق المحيطة كانت مكتظة بالحشود. في صباح 15 خرداد (5 يونيو) من نفس العام، اقتحمت قوات بهلوي منزل الإمام واعتقلته ونقلته إلى سجن في طهران. أدى هذا الحدث إلى اندلاع انتفاضة 15 خرداد في قم [٧].

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. الغنیمه، عبدالرحیم، تاریخ الجامعات الاسلامية الكبيرة، ۱۳۷۲، ص۹
  2. ناصر الشریعه، محمد حسین، تاریخ قم، تهران، دارالفکر، چاپ سوم، ۱۳۵۰، ص۱۵۵
  3. احمد باقری، م ص۲۲ ـ ۱۳
  4. محمد حسین ناصرالشریعه، ص۱۵۵.
  5. دائرة معارف تاریخ معماری ایران شهر، مدخل مدرسه فیضیه
  6. احمد باقری، م ص۲۲ ـ ۱۳؛
  7. اطلاع رسانی دفتر تنظیم و نشر آثار امام خمینی ر