محمد الصالح النيفر

من ویکي‌وحدت
محمد الصالح النيفر
الاسم محمّد الصالح النيفر
الاسم الکامل محمّد الصالح النيفر
تاريخ الولادة 1905م/1323ق
محلّ الولادة تونس
تاريخ الوفاة 1993م/1413ق
المهنة عالم دین ، فقیه
الأساتذة محمّد النخلي، ومحمّد الصادق النيفر، ومحمّد الطاهر بن عاشور، ومحمّد العزيز جعيط
الآثار الصلاة وفوائدها، ودور المرأة المسلمة، والردّ على مجلّة الأحوال الشخصية، وغيرها
المذهب سنّي

الشيخ محمّد صالح بن محمّد الطيّب بن علي بن صالح بن أحمد النيفر: فقيه داعية، من رجال الإصلاح الإسلامي والصحوة في تونس.

الولادة

ولد سنة 1902 م في تونس لأُسرة علم وصلاح

الدراسة

تعلّم في جامع الزيتونة، ودرّس فيه، وتولّى إدارة فرعه للبنات، وكان من جملة أساتذته: محمّد النخلي، ومحمّد الصادق النيفر، ومحمّد الطاهر بن عاشور، ومحمّد العزيز جعيط.
ولمّا ساء وضع مدرّسي الجامع أسّس نقابة لهم وخاض بها أوّل إضراب وأطوله في تاريخ تونس استمرّ أشهراً، حتّى رضخ الفرنسيّون لمطالبه، وأضحت شهادات جامع الزيتونة تعادل شهادات الجامعات الفرنسية.

النشاطات

أسّس «جمعية الشبّان المسلمين» التي انطلقت بكثير من الأعمال الخيرية كتعليم الدين وتحفيظ القرآن ومحو الأُمّية وإنشاء دور للإيتام، وأصدر مجلّة «الجامعة» سنة 1947 م، ودعا إلى إصلاح التعليم الزيتوني، وطلب إصدار مجلّة خاصّة بالنساء، فرفض طلبه!
تزوّج عام 1935 م من السيّدة سعاد ختّاش، فأنجبت له ثمانية أبناء.
وبعد الاستقلال سنة 1956 م ضيّق عليه الخناق من قبل الرئيس الحبيب بورقيبة، فهاجر إلى الجزائر عام 1963 م مدرّساً في معاهد قسنطينة ومدارسها، وكانت له صلة بجمعية العلماء المسلمين الجزائرية، وأسّس هنالك «جمعية الإصلاح الأخلاقي»، وعاد إلى بلاده بعد بضع سنوات (عام 1970 م)، واحتضن في بيته الاجتماع التأسيسي لحركة الاتّجاه الإسلامي عام 1981 م، واعتقل مع قادة الحركة، ثمّ ما لبث أن أُفرج عنه.

التأليفات

ترك مقالات كثيرة وعدّة مؤلّفات، كالصلاة وفوائدها، ودور المرأة المسلمة، والردّ على مجلّة الأحوال الشخصية، وغيرها.

الآراء الوحدوية

كان من جملة المنادين بضرورة الوحدة الإسلامية وأهمّيتها، وشارك في بعض المؤتمرات الإسلامية التي دعي لحضورها، وكان منها مؤتمر طهران المنعقد عام 1982 م.
يقول: «إنّ الديانة الإسلامية التي نشأت بين عشية وضحاها بين قوم أُميّين ووسط منهار كوّنت من أُولئك البسطاء السذّج هداة مرشدين وساسة ناجحين وقوّاداً عظاماً، وأنبتت في أسرع وقت حضارة إنسانية واقعية أقضّت مضاجع حضارتين عظيمتين سايرتا التاريخ وسادتا العالم وأنجبتا أساطين في عالمي العلم والعمل، فقضت هذه الحضارة الإسلامية كحضارة إنسانية عالمية عليهما، وأنزلتهما إلى الحضيض أو ما يقاربه، وابتلعت الكثير الغالب من أساطينها....فإذا ما ذهبت عن الشرع الحصانة الإلهية ومزج بتوجيه البشر هانت زعزعة أركانه وتهوين أمره.
ذلك ممّا أدركه أُولئك الأئمّة الذين قرب عهدهم من عهود مطلع التشريع الإسلامي وتذوّقوا مقاصد الشريعة وزكّتهم السنّة النبوية، فكان موقف من جاء بعدهم لمّا خافوا أن يسند الأمر إلى غير أهله وأن يستعين الحكّام بأهل العلم لتمكين سلطانهم، فاحتاطوا للتشريع، ولم يركنوا إلى العالم الذي اقترب إلى ذوي السلطان، واقتصروا على نصوص السلف وأقوالهم، خصوصاً لمّا وجدوا أنّ الفقه السلفي الذي استنبطه أُولئك الصفوة من علماء القرون الأُولى من كتاب اللَّه وسنّة رسوله قد جمع فأوعى، فلا تكاد تجد حادثة لا يطبّق عليها ذلك القانون التشريعي. وقد استخرج أُولئك العلماء المتفقّهون في مقاصد الشريعة قواعد منبثّة في الكتاب الحكيم والسنّة المبيّنة، فسمّوها «أُصولًا للتشريع» يستند إليها المتتبّعون لأحكام الفقه وحكمة التشريع.
وكم بهرت دقّتها وعمقها رجالات القوانين الغربيّين!
وقد نبّه القرآن الحكيم إلى الأمراض النفسية الراسخة في الضعف البشري، مثل: «إِنَ‏
الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً» (سورة المعارج:
19- 21)، «إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ* وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ* وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ» (سورة العاديات: 6- 8)، «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» (سورة الأنبياء: 37)، «وَ لَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ* وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ» (سورة هود: 9- 10)، «كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏» (سورة العلق: 6- 7). وبمثل هذه الآيات الحكيمة نبّه اللَّه تعالى المؤمنين إلى عيوب النفس الكامنة في الإنسان الملازمة له، وأرشده إلى العلاج، فقال: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» (سورة الشمس: 9- 10).
ولكن العلاج صعب، وقليل من الناس من يصبر عليه، والهوى غلّاب: «وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» (سورة ص: 26).
ولمثل ذلك أقفل المسلمون أبواب الاجتهاد بعدما وجدوا فيما عندهم من فقه السلف الصالح المؤتمنين في دينهم الكثير المغني‏ «فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ» (سورة يونس: 32)، «وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ» (سورة البقرة: 42). وبهذه الحصانة سلم التشريع الإسلامي من المزايدات السياسية وعبث العابثين، ولكنّ الغربيّين والمتغرّبين الذي أقضّ مضجعهم الإسلام بصلابته رغم زوال سلطانه يتهامسون أنّ حضارة الغرب رغم بهرجتها أخذت تتآكل ودواعي الفناء تسري في شرايين وجودها. فإذا ما وجدت هذه الصحوة الإسلامية المجال أمامها فسيحاً فستقضي على الغرب وسلطان حضارته، كما كانت قضت من قبل على حضارتي فارس وبيزنطة واحتوت على مفكّريهما، فلنقضِ على هذه الصحوة في المهد، ولنعمل بجدّ ومراوغة على أن نطعم الحضارة الإسلامية التي عمادها الإيمان باللَّه وأنّه على كلّ شي قدير والإيمان باليوم الآخر والتهوين من هذه المعتقدات، وأن يمزج معها حياة الحضارة الغربية التي تقوم على المادّة وإرضاء الشهوات، خصوصاً وأدمغة المتعلّمين فتياناً وفتيات قد وقع احتلالها، وإقصاء التوجيه الحضاري الإسلامي. والفقه الإسلامي أُغفل في مواد العلوم، وحتّى كتبه تكاد تفقد في الأسواق والمكتبات العامّة. وأمّا الحضارة الغربية بلهوها ومجونها وتجنّيها على الأخلاق قد دخلت‏ كامل المجتمعات وحتّى البيوت والمخادع عن طريق الإذاعة والتلفزة. ورغم كلّ ذلك فإنّ الذين يلغون ويتقوّلون على الإسلام وتشريعه يجدون أمامهم الصحف والإذاعات مفتوحة في وجوههم مع الدعم المادّي والأدبي.
من أراد بياناً وتوضيحاً للتشريع الإسلامي لا يجد ولو صحيفة تنشر له فضلًا عن الإذاعة والتلفزة. هذا إذا لم يطرد وتسدّ السبل في وجهه!
وهل يمكن لعالم- مع ضعف البضاعة العلمية- أن يقول لحكّام بلاده: أخطأتم، وشرع اللَّه مخالف لما تشرّعون؟!
وفي هذا الجوّ وأمثاله وربّما أشدّ منه تتعالى أصوات غريبة أن افتحوا أمام الناس أبواب التشريع والاجتهاد، حتّى أنّ العدالة الاجتماعية التي دعا إليها الإسلام وحدّد ضوابطها ومفهومها لمّا أثنى الغرب على أبعادها في بعض ما قرؤوا من كتبهم ولم يرق لهم الأمر- وهم المتهالكون على أعتاب الغرب المنهار- استحدثوا ألفاظاً تملّقوا فيها حضارة الغرب، ولم يوفّقوا حتّى في تملّقهم هذا، إذ قالوا: اشتراكية إسلامية! ورغم تقديمهم لما انتحلوا من حضارة الغرب الاشتراكية على ما يتظاهرون به من إسلام فإنّ الغرب نفسه قد مجّها لمّا رأى أسواءها عند التطبيق. والإسلام في كامل الغنى عن هذا التملّق حين يقول اللَّه: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى‏» (سورة النحل:90)، ويقول: «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ» (سورة البقرة: 59).

كلامه حول هجرة الأدمغة

أمر إدارة الحكم في البلدان العربية غريب، إذاعاتها وتلفزاتها تتحدّث عن هجرة الأدمغة. فالنابغة في علم الحساب لا يجد متّسعاً لجهوده في بلاده،
فلمّا ارتحل عنها إلى الغرب وجد المناخ الطيّب والمتّسع لنبوغه والمعين على ابتكاراته، مثل ذلك الطبيب النابغ والجيولوجي المنتج. وهكذا في سائر أوجه الابتكار والإنتاج، ولكنّه يكبت نبوغه ويقضي على حيويته ويعطّل نشاطه، فينتج ويثمر في الغرب، وينسب نتاجه إلى حضارة غريبة عنه. هذا في غير ما ينسب في ظاهره إلى الإسلام، فإذا جاء من الأمر ما يتّصل بالإسلام مباشرة تضافرت جهود حكومات الغرب على كبته والوقيعة به، وحكومات البلاد العربية كلّ همّهما أن يبيت الغرب راضياً عن سيرهم وعملهم! في هذا الجوّ الذي يدركه الجميع تتعالى أصوات منّا داعية إلى تطوير التشريع الإسلامي حتّى يواكب ما عليه الغرب من‏ تشريع ونظام وحياة، أليس من الغريب الذي تحار الأفكار في تعليله بمنطق العقل أن تبرز في هذا الحصار الشامل أصوات مادّية من فتيان وفتيات تدعو في حرارة وشوق إلى الإسلام وهم لم يدرسوه في مدارسهم وجامعاتهم،
بل قدّمت لهم تلك المدراس والجامعات علمانية شهوانية في وسط لهو عابث وتحمّلوا في الصبر على دعوتهم هذه الأذى والكبت والمقاومة، ممّا دعا الكثير من أساطين الصحافة الباحثة أن ترسل من روّادها من يعمل على تقصّي أسباب هذه الصحوة الإسلامية من شباب كان الظنّ به أنّه لا يعرف الإسلام وهو لم يتعلّمه في دروسه بعدما تقدّم للساحة كتّاب تزيّوا بزي العلوم الإسلامية مشفقين ناصحين يقولون: إنّهم يعملون للإسلام وشبابه... فطوراً يدعون لتطهيره من دنس الحكم، وما ورد في القرآن من أحكام إنّما هي نماذج لتطهير النفوس، وإنّما الغاية من الدين أن تتطهّر النفوس وتتسلّى، وتشريع القانون يبقى للناس يشرّعون فيه كيف يشاؤون! وآخرون يقولون: إنّ غاية القرآن في أحكامه إقامة الحقّ والعدل،
فإذا تطوّرت الأزمان فلنترك قوانينه التي رسمها إلى ما هو خير منها! وآخرون يقولون: إنّ قصص القرآن يراد منها الأمثال، ولا يلزم صحّة ثبوتها! وآخرون يقولون: لا يصلح بنا أن نتعبّد بحرفية القرآن، بل ننظر للغاية منه، فإذا ما تلا الأقدمون قوله تعالى: «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ» (سورة الأنفال: 60) لا حرج علينا أن نبدّل إلى ما هو أنفع، فنقول: من قوّة ومن دبّابات وطائرات... وهم لا يستمعون إلى قوله تعالى: «قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» (سورة الفرقان: 6)، وهذا هو الإسلام المتفتّح العصري الذي يسهل قبوله!
وكان من حقّهم أن يقولوا: ويرضى عنه الغرب! وكان من حقّنا أن نسائل هؤلاء وأمثالهم إذا كان الإله الذي أنزل القرآن لا يعلم استعدادات خلقه وهو في حاجة لأن يصلح له هؤلاء المجتهدون الناصحون نقصه فهم آلهة أعلم منه‏ «وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» (سورة الأنفال: 30)، والمكر: توجيهك غيرك إلى ما يفسد عليه غايته وأنت توهمه أنّك تعمل لصالحه. فإنّ هؤلاء الغربيّين الناصحين يشيرون على من اتّصلوا به أو اتّصل بهم من المأجورين أو السذّج المغرورين أن يطوّروا الإسلام ويميعوه حتّى يندمج في بوتقة المادّية الغربية، وبمثل هذا يهون عليهم إرضاء شهواتهم ولذّاتهم في وضح النهار،
وكسب عطف الغربيّين وعونهم، ولهم في فتح باب الاجتهاد المطلق مجال فسيح يوجّهونه حيث يشاؤون ويسدلون أستاراً سميكة على الفقه السلفي البالي. وما كان عثرة في سبيلهم من نصوص القرآن والسنّة فهم في حلّ منه بتأويله أو تبديله، وبذلك يبرؤون من التحجّر والجمود. والغرب يعينهم بما يريدون من دعاية وتأييد، قال تعالى: «وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ» (سورة إبراهيم: 46). وفي هذا المجال الشاسع من التأييد والإعانة تبرز الشبيبة المسلمة تدعو لإخراج الإسلام مخبآته ونفض الغبار عليه: «وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» (سورة الأنفال: 30)، فيخرج من تلك الأدمغة التي عملتم لتكوينها وتلك الشبيبة التي علّمتموها من يفسد عليكم خططكم ويعمل لتعطيل مسيرتكم مثل الشهيدين عبد القادر عودة وسيّد قطب. فتراكم تلجؤون إلى القوّة وتسلّون سيف النقمة، وما سيف الإرهاب والنقمة بمفيد!».

الوفاة


توفّي عام 1993 م.

المصدر

(انظر ترجمته في: تتمّة الأعلام 2: 172، إتمام الأعلام: 372، معجم الشعراء للجبوري 5: 66- 67، الشيخ محمّد الصالح النيفر (4 مجلّدات)، نثر الجواهر والدرر 2: 2068، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 120).