انتقل إلى المحتوى

عملية سيف القدس

من ویکي‌وحدت
صورة إرشيفية

عملية سيف القدس أو معركة سيف القدس هي عملية بدأت ردًا على جرائم الاحتلال ضد المسجد الأقصى وسكان منطقة الشيخ جراح في عصر العاشر من مايو 2021، بقيادة كتائب عز الدين القسام وهجوم صاروخي على الجزء الصهيوني من القدس، واستمرت لمدة 11 يومًا حتى 21 مايو، وانتهت بوساطة عربية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة إلى وقف إطلاق النار. أسفرت هذه المعركة عن مقتل 14 إسرائيليًا وإصابة المئات، وتمكنت المقاومة من إلحاق خسائر اقتصادية وعسكرية جسيمة بالمحتلين الصهاينة، مسجلة صفحة ذهبية أخرى في نجاحاتها. كما أسفرت الاعتداءات الإسرائيلية عن مقتل 264 فلسطينيًا من بينهم 66 طفلًا، 39 امرأة، و17 مسنًا، وإصابة 2205 مدنيين، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية والمنازل، واستشهاد 19 من قادة الميدان والمقاتلين في كتائب عز الدين القسام.

زمان ومكان الهجوم

بدأت معركة سيف القدس في الساعة السادسة مساءً من يوم العاشر من مايو 2021 بقيادة كتائب عز الدين القسام وهجوم صاروخي على الجزء الصهيوني من القدس، ردًا على جرائم الاحتلال المتصاعدة ضد المسجد الأقصى وسكان الشيخ جراح.

بداية المعركة

مع تصاعد هجمات الاحتلال على القدس والأقصى ومحاولتهم الاستيلاء على منازل المواطنين في حي الشيخ جراح وتهجير سكانه قسرًا في أواخر أبريل 2021، قررت المقاومة وضع حد لهذه الهجمات والدفاع عن القدس والأقصى. قبل بدء معركة "سيف القدس"، حذر محمد الضيف، رئيس أركان كتائب القسام، الاحتلال صراحة في 4 مايو 2021 من أن استمرار الاعتداءات على حي الشيخ جراح سيجعل المقاومة تتحرك ولن تظل مكتوفة الأيدي، وسيُدفع ثمن باهظ. رغم التحذير، كثفت سلطات الاحتلال هجماتها على المسجد الأقصى وسكان الشيخ جراح، وفي 10 مايو اقتحم عدد كبير من القوات الصهيونية المسجد الأقصى. في ذات اليوم، منحت قيادة المقاومة الاحتلال مهلة حتى الساعة السادسة مساءً لسحب جنودهم ومستوطنيهم من المسجد الأقصى والشيخ جراح وإطلاق سراح جميع المعتقلين. عند انتهاء المهلة تمامًا في الساعة السادسة مساءً، ردت كتائب القسام على جرائم الاحتلال بهجوم صاروخي.

قصف مقابل قصف

في اليوم التالي، 11 مايو، أطلقت كتائب عز الدين القسام 137 صاروخًا ثقيلًا خلال 5 دقائق في أكبر هجوم صاروخي من نوعه على مدينتي أسدود وعسقلان، واستهدفت سيارة إسرائيلية شمال قطاع غزة. قصفت طائرات الاحتلال عشرات الأبراج السكنية في غزة، لكن القسام حذر من أن تل أبيب ستتعرض لهجمات أكثر إذا استمر القصف الصاروخي. لم تنتظر القسام طويلاً، وبعد أقل من ساعتين من استهداف أول برج في غزة، شنت هجومًا صاروخيًا بـ130 صاروخًا على تل أبيب وضواحيها ومطار بن غوريون. فرضت المقاومة خلال معركة "سيف القدس" معادلة القصف مقابل القصف على الاحتلال، مهددة بالرد على أي قصف للمناطق المدنية في غزة بقصف صاروخي على تل أبيب وعسقلان وأسدود. ركزت المقاومة هجماتها الصاروخية على الأهداف العسكرية، بما في ذلك المطارات والقواعد والمراكز التي تستخدمها طائرات إسرائيل في هجماتها على غزة. بعد قصف طائرات الاحتلال برج الجلاء الذي يضم مكاتب وسائل الإعلام والوكالات الأجنبية بهدف إخفاء حقيقة جرائمها في غزة، حذرت القسام سكان "تل أبيب" من انتظار الرد. حاول الاحتلال خلال المعركة خداع المقاومة ونصب كمائن لنخبها، لكن يقظة قيادة المقاومة أحبطت مخططات الاحتلال وفرضت عليهم هزيمة قاسية. فضحت القسام أكاذيب الاحتلال وعجزه عن إلحاق الضرر بأنفاق المقاومة، ونشرت مقاطع فيديو تظهر استعداد مقاتليها داخل الأنفاق أثناء المعركة.

الخسائر والأضرار

أسفرت هذه المعركة عن مقتل 14 إسرائيليًا وإصابة المئات. تمكنت المقاومة من إلحاق خسائر اقتصادية وعسكرية جسيمة بالمحتلين الصهاينة، مسجلة إنجازًا جديدًا في نجاحاتها. كما أسفرت اعتداءات الكيان الصهيوني عن مقتل 264 فلسطينيًا من بينهم 66 طفلًا، 39 امرأة، و17 مسنًا، وإصابة 2205 مدنيين، وتدمير البنى التحتية والمنازل. استشهد 19 من قادة الميدان والمقاتلين، منهم حسام محمد عثمان أبو هربيد (37 عامًا) قائد الفرع في شمال غزة، سامح فهيم هاشم المملوك (34 عامًا) مسؤول القسم الصاروخي في الشمال، محمد يحيى محمد أبو العطا (30 عامًا)، كمال تيسير سلمان قريقع (34 عامًا) من قادة الوحدة الصاروخية في غزة، أحمد محمد المهدي إسماعيل النجار (33 عامًا)، أحمد عوض محمد الندر (37 عامًا) من مقاتلي الوحدة الصاروخية في شمال غزة، محمد يوسف محمود الكفارنه (31 عامًا)، معاذ نبيل محمد الزعانين (26 عامًا) من مجاهدي وحدة المدفعية في شمال غزة، أحمد زياد حسين صباح (29 عامًا)، عمار عبدالله فوزي الندر (32 عامًا) من مقاتلي وحدة المدفعية في شمال غزة، محمد عبد المنعم محمد شاهين (27 عامًا)، أحمد وليد حسين الطلاع (30 عامًا)، محمد معين محمد القرعة (27 عامًا) من مجاهدي وحدة المدفعية في وسط غزة، وليد زهير محمد أبو شاب (23 عامًا) من مقاتلي وحدة المدفعية في خان يونس، سامح جهاد مسامح القاضي (23 عامًا) من مجاهدي الوحدة الخاصة في لواء رفح، طارق محمود قاسم القاضي (39 عامًا) من مقاتلي الوحدة الصاروخية في لواء رفح، وموسى غالب إبراهيم ماضي (25 عامًا) من مقاتلي الوحدة المدرعة في لواء رفح.

انتصار المقاومة

بعد 11 يومًا من العدوان، أعلنت المقاومة في الساعة الثانية فجر يوم الجمعة الموافق 21 مايو وقف إطلاق النار بوساطة عربية مع الاحتلال الإسرائيلي. أعلنت غزة عن نصرها بقوة المقاومة وشجاعة شعبها، بعد أن وجهت درسًا قاسيًا للاحتلال وألحقته بضربة موجعة ستشعر بها هذه السلطة في المستقبل. اتفق المحللون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون على أن حكومة الاحتلال خسرت سياسيًا وعسكريًا في هذه المعركة، وانتقدوا الجيش بناءً على نتائجها التي كشفت عن فشل وضعف الجبهة الداخلية.

النتائج

إحياء الهوية الوطنية الفلسطينية

من أهم نتائج معركة سيف القدس إحياء الهوية الوطنية الفلسطينية. خلال هذه المعركة التي استمرت 11 يومًا، تفاعل الفلسطينيون في مناطق مختلفة ومنفصلة لأول مرة منذ سنوات، بما في ذلك الضفة الغربية، غزة، الأراضي المحتلة عام 1948، وكذلك اللاجئون في مخيمات الأردن وسوريا ولبنان، مما قلل من الفجوة التي نشأت بين أجزاء الشعب الفلسطيني المختلفة. إلى جانب 290 شهيدًا فلسطينيًا في غزة، استشهد 27 فلسطينيًا في الضفة الغربية خلال الاشتباكات مع القوات المسلحة الإسرائيلية. كما شهدت المعركة احتجاجات واسعة من المواطنين العرب في المدن العربية داخل الأراضي المحتلة، مثل اللد وحيفا، وهو حدث ذو أهمية كبيرة. يمكن فهم أهمية هذا الأمر بشكل أفضل من خلال مراجعة التقييم الاستراتيجي لعام 2023 لمعهد الدراسات الأمنية الوطنية الإسرائيلي، الذي يصدر سنويًا، ويستعرض التهديدات والفرص الرئيسية التي تواجه الكيان الإسرائيلي. يُصنف التقييم الفلسطينيين كأبرز تهديد لإسرائيل في 2023، ويشير إلى أن تشكيل هذه الهوية الموحدة خلال معركة سيف القدس يشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل.

زيادة الوزن السياسي والعسكري لحركة المقاومة

استجابة حماس الفاعلة لسياسات التمييز الإسرائيلية في قضية الشيخ جراح ودخولها معركة حقيقية حول موضوع خارج حدود غزة ويعتبر قضية وطنية للفلسطينيين، كسرت المقاومة قيدها المحلي لأول مرة وظهرت كقوة وطنية شاملة. كان هذا أحد الفروق الكبرى بين السلطة الوطنية وحماس قبل معركة سيف القدس، حيث كانت السلطة وحركة فتح رغم كل ضعفها وعجزها خلال السنوات العشر الماضية تعتبر نفسها حركة وطنية شاملة، وتصور المقاومة كمجموعة محلية ذات مصالح محدودة في غزة. في معركة سيف القدس، تحطمت القيود المحلية المفروضة على حماس، وأصبحت القوة الفلسطينية الرئيسية الفاعلة، كما عزز تقاعس محمود عباس والسلطة هذا التصور. قبل المعركة، أظهرت استطلاعات الرأي في الضفة الغربية تفوق شعبية محمود عباس على قادة حماس، لكن بعد الحرب ارتفعت شعبية إسماعيل هنية إلى 50% في الضفة بينما انخفضت شعبية أبو مازن إلى 43%. رغم العقوبات والضغوط الإسرائيلية منذ 2008، أطلقت المقاومة أكثر من 1300 صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة خلال المعركة، وهو رقم غير مسبوق. صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية قالت بعد الحرب إن بين 10 إلى 20% من هذه الصواريخ أصابت أهدافًا داخل إسرائيل، وهو إنجاز كبير. كما أدى هذا الصراع إلى رفع الوزن السياسي لحماس في نظر قادة الاحتلال، الذين حاولوا بشدة منع دخول حماس في معارك عام 2022، واستهدفوا فقط حركة الجهاد الإسلامي، وأصدروا تصاريح أكثر لدخول وخروج الأشخاص والبضائع من غزة.

إخراج إسرائيل من موقع المنتصر الدائم

نتيجة مهمة أخرى للمعركة هي إخراج إسرائيل من موقع المنتصر الدائم في الحروب مع الفلسطينيين. بعد هذه المعركة، أجرى معهد الدراسات الأمنية الوطنية الإسرائيلي استطلاعًا للرأي العام، أظهر لأول مرة تراجع عدد المستوطنين الإسرائيليين الذين اعتبروا إسرائيل منتصرة. على عكس صراع 2018 حيث اعتبر 80% من المشاركين إسرائيل منتصرة، بعد عملية سيف القدس الكبرى، لم يعتقد سوى 40% من المستوطنين ذلك، واعتبر 15% أن الطرفين انتصرا، وهو أمر غير مسبوق.

روابط ذات صلة

الهوامش

المصادر