علي الببلاوي

من ویکي‌وحدت

شيوخ الأزهر في القرن العشرين: تتناول هذه المقالة شيوخ الجامع الأزهر في القرن المنصرم، وذلك ابتداءً بالشيخ علي الببلاوي الفقيه المالكي المعروف الدي تولّى مشيخة الأزهر مطلع القرن العشرين الميلادي.

علي الببلاوي
الاسم علي الببلاوي‏
الاسم الکامل علي بن محمّد بن أحمد الببلاوي الحسني الإدريسي المالكي
تاريخ الولادة 1835م / 1251هـ
محلّ الولادة أسيوط/ مصر
الوفاة 1905م / 1323هـ/ القاهرة
المهنة شيخ الجامع الأزهر، وفقيه، ومفكّر إسلامي، وداعية
الأساتذة محمّد الأنبابي، محمّد عليش، علي بن خليل الأسيوطي
المدرسة الأمّ جامعة الأزهر
الآثار رسالة في فضائل ليلة النصف من شعبان، إعجاز القرآن، الأنوار الحسينية على رسالة المسلسل الأميرية
المذهب سنّي

مدخل حول الأزهر ومشيخته

يعدّ الأزهر أعلى مؤسّسة دينية في مصر، بل يعتبره الكثيرون أعلى مرجعية مؤسّسية "لأهل السنّة" في العالم الإسلامي بأكمله، لذا فإنّ منصب شيخ الأزهر يحتلّ مكانة كبرى وسط المناصب الدينية في العالم لمسلمي أهل السنّة.

وشيخ الأزهر كمنصب بدأ رسمياً عام 1101هـ، وتعاقب عليه حتّى الآن اثنان وأربعون عالماً، كان أوّلهم الشيخ محمّد بن عبد الله الخراشي.

وكان تنصيب شيخ الأزهر يتمّ باتّفاق شيوخ الجامع الأزهر وعلمائه، فإذا أجمعوا أمرهم على اختيار أحد العلماء أخطروا ديوان أفندي سكرتير عامّ ديوان القاهرة، ليقوم بإبلاغ الباشا العثماني (الوالي) باسم الشيخ الجديد الذي وقع عليه الاختيار.

ومع تولّي أسرة محمّد علي باشا الحكم في مصر، تغيّرت عملية اختيار شيخ الأزهر، حيث كان يتمّ بتدخّل من الوالي، ومع الجهود المبذولة لتطوير جامع الأزهر وإصلاحه، ظهرت جماعة كبار العلماء سنة (1239هـ = 1911م) في عهد المشيخة الثانية للشيخ سليم البشري، ونصّ قانون الأزهر وقتها على أن يكون اختيار شيخ الجامع الأزهر من بين جماعة كبار العلماء، حيث يتمّ اختياره بطريق الانتخاب من بين هيئة كبار العلماء المرشّحين لشغل المنصب على أن يكون حاملاً للجنسية المصرية وحدها ومن أبوين مصريين مسلمين، وأن يكون من خرّيجي إحدى الكلّيات الأزهرية المتخصّصة في علوم أصول الدين والشريعة والدعوة الإسلامية واللغة العربية،
وأن يكون قد تدرّج في تعليمه قبل الجامعي بالمعاهد الأزهرية، وكان ذلك يضمن ما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر من العلم والمعرفة والسمعة وحسن الخلق.

وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م الخاصّ بتطوير الأزهر، ألغيت هيئة كبار العلماء وحلّ محلّها ما عرف باسم: مجمع البحوث الإسلامية، ويتكوّن من 50 عضواً على الأكثر، كان من بينهم في بداية نشأته حوالي 20 من غير المصريّين من كبار علماء العالم الإسلامي، ولا تسقط عضوية أيّ منهم إلّا بالوفاة أو الاستقالة أو العجز الصحّي.

ومجمع البحوث هو الذي يقرّر إسقاط العضوية، وهو الذي يملأ المكان الشاغر بانتخاب أحد المرشّحين سواء بالاقتراع السرّي أو بأغلبية الأصوات، ويتمّ اختيار شيخ الأزهر بشكل عامّ من بين أعضاء المجمع، ويكون رئيس الجمهورية وحده هو صاحب القرار، وعلى أن يعيّن ولا يقال. ويُعيّن شيخ الأزهر في منصبه بعد صدور قرار من رئيس الجمهورية، ويعامل معاملة رئيس مجلس الوزراء من حيث الدرجة والراتب والمعاش.

وقد جعل هذا القانون شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كلّ ما يتّصل بالشئون الدينية وفي كلّ ما يتعلّق بالقرآن وعلوم الإسلام.

اسمه ونسبته

علي بن محمّد بن أحمد الببلاوي المالكي الحسني الإدريسي. نُسِبَ إلى قرية ببلا، التي ولد فيها.

ميلاده

ولد في رجب سنة 1251هـ = نوفمبر سنة 1835م، في قرية ببلا من أعمال ديروط بمحافظة أسيوط.

نشأته ومراحل تعليمه ووظائفه

نشأ علي الببلاوي في قريته وحفظ القرآن الكريم، ثمّ حضر إلى القاهرة، فالتحق بالأزهر سنة 1269هـ، وتتلمذ على علمائه، مثل: الشيخ محمّد الأنبابي، والشيخ محمّد عليش، والشيخ علي بن خليل الأسيوطي، واختصّ بالأخير، وقد استفاد من أساتذته النابهين كما انتفع بصداقة أصحابه الأوفياء، فقد كان من الأصدقاء الحميمين للشيخ حسّونة النواوي، وسكن معه مدّة التلمذة، فكانا يُقيمان معاً ويحضران الدروس سوية ولا يفترقان إلّا في درس الفقه، حيث يحضر الشيخ النواوي حلقة الفقه الحنبلي، ويحضر الشيخ الببلاوي حلقة الفقه المالكي.

ولمّا بلغ أشدّه وآنس من نفسه القدرة العلمية باشر التدريس بالأزهر وبالمسجد الحسيني، حيث ألقى دروساً في شرح الكتب المقرّرة في مناهج العلوم. وفي سنة 1280هـ سافر إلى الحجاز، فأدّى فريضة الحجّ، والتقى بكثير من علماء المسلمين، ولمّا عاد صدر قرار بتعيينه بدار الكتب المصرية، فدرس التنظيم المكتبي، وشارك في تصنيف الكتب وفهرستها، ولمع في التصنيف. ولمّا قامت الثورة العرابية ساعده صديقه الشاعر محمود سامي البارودي، فولّته الثورة رئاسة دار الكتب وأقامته ناظراً لها سنة 1299هـ، وكان الكثيرون يتطلّعون إلى ولاية هذا المنصب الكبير، فلم يحصلوا عليه، وقد أشرف على تنظيم الفهارس تنظيماً دقيقاً.

وعندما انتهت الثورة العرابية وتمَّ القبض على زعمائها ونفيهم، توقّع الشيخ الببلاوي القبض عليه ومحاكمته، ولكن الخديوي اكتفى بفصله من نظارة دار الكتب وعيّنه خطيباً بالمسجد الحسيني، وفي صفر سنة 1311هـ = أغسطس 1893م، عيّنه شيخاً لهذا المسجد.

ولما غَضِبَ الخديوي على نقيب الأشراف وشيخ الطرق الصوفية السيّد محمّد توفيق البكري، أمره بالاستقالة من نقابة الأشراف، وفكّر فيمن يخلفه، فأشار عليه الشيخ حسّونة النواوي أن يُعيِّنَ الببلاوي نقيباً للأشراف؛ لأنّه من السلالة الطاهرة ولأنّه أهل لهذا المنصب، وكان الشيخ حسّونة النواوي وقتها رئيساً لمجلس إدارة الأزهر قبيل إقامته شيخاً عليه، فقبل الخديوي وأصدر قراراً بتعيين الشيخ الببلاوي نقيباً للأشراف في السادس من شوّال سنة 1312هـ الموافق 1 من إبريل سنة 1895م،
فنظّم النقابة تنظيماً دقيقاً وضبط أوقافها، ونظّم مواردها ومصادرها وكلّ ما يتعلّق بنفقاتها، وبنى ستّ دور من أموال الأوقاف ليستغلّ إيرادها في النفقات التي تتطلّبها النقابة، فانتظمت أمورها وتمّ صرف المستحقّات في مواعيدها.

وفاتحه المسؤولون في ترك مشيخة المسجد الحسيني؛ لأنّ منصب النقابة يفوق هذا المنصب بكثير، فرفض قائلاً: "إن كانت النقابة تمنعني من خدمة سيّدنا الحسين فإنّي لا أقبلها"، فظلّ مباشراً المنصبين معاً حتّى سنة 1320هـ، وفي هذه السنة غضب الخديوي على الشيخ سليم البشري، فرشّح أحمد الرفاعي المالكي مكانه، فحالت بعض الحوائل دون تعيينه، وسعى الشيخ علي يوسف لدى الخديوي للشيخ المهدي بن محمّد المهدي العبّاسي، فمال الخديوي للإجابة ولكن النظّار اعترضوا عليه، فطلب الخديوي سجلّات العلماء الكبار وراجعها، فوقع اختياره على الشيخ الببلاوي.

مؤلّفاته

- رسالة في فضائل ليلة النصف من شعبان.

- إجازة منه إلى الشيخ محمّد بن حامد المراغي المالكي الجرجاوي، أجازه فيها بما في ثبت الشيخ محمّد بن محمّد الأمير الكبير.

- إعجاز القرآن، وهو مجموعة مقالات نشرها الشيخ في روضة المدارسة، جمعها ابنه السيّد محمود.

- الأنوار الحسينية على رسالة المسلسل الأميرية.

ولايته لمشيخة الأزهر

صدر أمر الخديوي بإقالة الشيخ سليم البشري وتعيين الشيخ اعلي بن محمّد الببلاوي شيخاً للأزهر في الثاني من ذي الحجّة سنة 1320هـ، الموافق 1 من مارس سنة 1903م.

وذهب الشيخ الببلاوي إلى الخديوي لشكره، وصحب معه ابنه الأصغر السيّد محمود، والتمس من الخديوي إقامته شيخاً على المسجد الحسيني مكانه، كما أقام من قبل أخاه محمّداً خطيباً للمسجد، فقبل الخديوي طلبه.

وكان الخديوي مُستبدّاً لا يطيق رؤية رجل قوي مُصلح، ولهذا ضاق بالشيخ محمّد عبده مفتي الديار المصرية وعضو مجلس إدارة الأزهر وصاحب الكلمة العليا فيه، فأراد أن يحمل الشيخ الببلاوي على معارضة الشيخ محمّد عبده وعرقلة جهوده في الإصلاح، ولكن الشيخ لم يستجب لرغبة الخديوي؛ لأنّه ملتزم بالحقّ ومتعاون مع كلّ مجاهد في سبيله متمسّك بحبله المتين، ولهذا وافق الشيخ الببلاوي الشيخ محمّد عبده في كلّ مساعيه الإصلاحية، واستجاب له وأحبّه وامتزج به، مع علمه أنّ هذا يغضب الخديوي وأنّه قد يسلبه منصبه الكبير ومنصب ولديه.

وقد أخذ أعداء الشيخ الببلاوي والشيخ محمّد عبده يدسّون للوقيعة بينهما، فادّعوا أنّ الشيخ محمّد عبده سلب الشيخ الببلاوي كلّ سلطة حتّى لم يَعُدْ له من الرئاسة للأزهر إلّا اسمها، وأنّ الكلمة كلمة المفتي، وهو الشيخ محمّد عبده وقتها، فلمّا بلغه ذلك قال: "إنّ الشيخ المفتي لا يريد إلّا الإصلاح، فلا وجه لمعارضته"، فكان ذلك سبباً لانصراف الخديوي عن الشيخ الببلاوي،
وضاق الشيخ محمّد عبده بما يحاك حوله وبالعقبات التي توضع في طريق مناهجه الإصلاحية في الأزهر، فانصرف عن الأزهر، وأحسّ الشيخ الببلاوي أنّ الأمور لا تبدو موافقة للمصلحة العامّة، فقدّم استقالته من المشيخة في التاسع من المحرّم سنة 1323هـ، الموافق 15 مارس سنة 1905م، وتوفّي في هذه السنة. ولحقه في المنصب الشيخ عبد الرحمان الشربيني.

وفاته

توفّي الشيخ علي بن محمّد الببلاوي في الثالث من ذي القعدة سنة 1323هـ، الموافق 29 من ديسمبر سنة 1905م، وشيّعت جنازته بعد الصلاة عليه بالمسجد الحسيني، ودُفِنَ في بستان العلماء بقرافة المجاورين.

مصادر ترجمته

- الأزهر خلال ألف عام، محمّد عبد المنعم الخفّاجي.

- الأزهر في اثني عشر عاماً، نشر إدارة الأزهر.

- التاريخ الحسيني، الشيخ محمود الببلاوي ابن الشيخ الإمام.

- شيوخ الأزهر، أشرف فوزي.

- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتّى الآن، علي عبد العظيم.

المصدر

مقال مقتبس مع تعديلات من موقعي: www.gate.ahram.org.eg/www.dar-alifta.org