سعد بن عبادة الأنصاري

من ویکي‌وحدت

سعد بن عبادة: كان من كبار الصحابة وسيّداً في الأنصار مقدّماً وجيهاً، له رئاسة وسيادة يعترف قومه له بها. وكان يكتب في الجاهلية بالعربية ويحسن العوم والرمي، فكان يقال له الكامل. وكان جواداً مِطعاماً، يَطعَمُ الوفود الوافدين على رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، وكان لسعد وأبيه وجده وولده قيس أُطُم يُنادى عليه كل يوم: من أحب الشحم واللحم فليأت، ورُوي أنّ رسول اللّه قال في قيس بن سعد: «إنّه من بيت جود». وكان لواء رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) مع عليّ، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة.

سعد بن عبادة (... ــ 15ق)

ابن دُلَيْم الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو ثابت، وقيل: أبو قيس. قال ابن الأثير: والأَوّل أصحّ. شهد العقبة، وكان أحد النقباء، واختلف في شهوده بدراً، وشهد سائر المشاهد مع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم). [١] قال ابن عبد البر: كان سيّداً في الأنصار مقدّماً وجيهاً، له رئاسة وسيادة يعترف قومه له بها. وكان يكتب في الجاهلية بالعربية ويحسن العوم والرمي، فكان يقال له الكامل. وكان جواداً مطعاماً، يطعم الوفود الوافدين على رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم)، وكان لسعد وأبيه وجده وولده قيس أُطُم يُنادى عليه كل يوم: من أحب الشحم واللحم فليأت، ورُوي أنّ رسول اللّه قال في قيس بن سعد: «إنّه من بيت جود».

مقامه عند رسول الله(ص)

ولما أراد رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) أن يُعطي يوم الخندق عُيينة بن حصن ثلث تمر المدينة، لينصرف بمن معه من غطفان، ويخذّل الأحزاب أبى عيينة إلَّا أن يأخذ النصف، فأرسل رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فشاورهما في ذلك. فقالا: يا رسول اللّه إن كنت أمرت بشيء فافعله وامضِ له، وإن كان غير ذلك فو اللَّه لا نعطيهم إلَّا السيف. فقال رسول اللّه(ص): لم أؤمر بشيء، ولو أمرتُ بشيء ما شاورتكما، وانّما هو رأي أعرضه عليكما. فقالا: واللَّه يا رسول اللّه ما طمعوا بذلك منّا قطَّ في الجاهلية، فكيف اليوم؟ وقد هدانا اللَّه بك وأكرمنا وأعزّنا واللَّه لا نعطيهم إلَّا السيف، فسُرّ بذلك رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) وقال لعيينة ومن معه: ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلَّا السيف، ورفع بها صوته.

لواء الأنصار معه

وعن ابن عباس، قال: كان لواء رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) مع عليّ، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة.

أحاديثه

حدّث سعد عن رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم). وهو أحد رواة حديث الغدير: «من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه» من الصحابة [٢] حدّث عنه بنوه: قيس[٣] وسعيد وإسحاق، وحفيده شرحبيل بن سعيد، وابن عباس، وأبو أمامة بن سهل، وغيرهم.

فتاواه وفقاهته

ومن المسائل الفقهية التي نقلت عنه: أنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قضى بالشاهد الواحد ويمين المدعي في الأموال.
وروي عن سعد: أنّ أُمّه ماتت وعليها نذر، فسألتُ النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) فأمرني أن أقضيه ُ عنها.
ذكر المؤرخون[٤] أنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) لما قُبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولَّوا الامر سعد بن عبادة، وكان مريضاً فخطبهم ودعاهم إلى أن يشدّوا أيديهم بهذا الامر، فأجابوا، ثمّ ترادوا الكلام فقالوا: فإن أبى المهاجرون وقالوا: نحن أولياؤه وعشيرته، فقال قوم من الأنصار: فنقول: منّا أمير ومنكم أمير، فقال سعد: هذا أوّل الوَهَن.
ولما تمّ الامر لَابي بكر وحُمل سعد إلى منزله، وأبى أن يبايع، بعث إليه أبو بكر أن أقبل فبايع فأبى، وأراد عمر أن يكرهه عليها، فأشار إليه بشير بن سعد ألَّا يفعل وأنّه لا يبايع حتى يُقتل ولا يُقتل حتى يُقتل معه ولده وعشيرته، فتركوه، فكان لا يصلَّي بصلاتهم ولا يجمّع بجماعتهم، ولم يبايع أبا بكر ولا عمر.

وفاته

ثمّ خرج سعد بن عبادة من المدينة إلى الشام فمات بحَوْران - سنة خمس عشرة، وقيل: - ست عشرة، وقيل: - أربع عشرة.
ويقال: قتلته الجنّ لأنّه بال قائماً في الصحراء ليلًا وَرَوَوْا بيتين من شعر قيل إنّهما سُمعا ليلة قتله ولم يُرَ قائلهما:
نحن قتلنا سيّد الخزرج
سعدَ بنَ عباده
ورميناه بسهمينِ
فلم نخطئ فؤاده
قال ابن أبي الحديد: ويقول قوم: إنّ أمير الشام[٥] يومئذ كَمَن لَه ُ مَن رماه ليلًا وهو خارج إلى الصحراء بسهمين فقتله لخروجه عن طاعة الامام، وقد قال بعض المتأخّرين في ذلك:
يقولون سعد شكَّت الجنُّ قلبه
ألا ربما صححتَ دينكَ بالغدرِ
وما ذنب سعد أنّه بال قائماً
ولكنّ سعداً لم يبايع أبا بكرِ
وقد صبرتْ من لذة العيش أنفس
وما صبرت عن لذة النهي والامر[٦]

المصادر

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 3- 613، التأريخ الكبير 4- 44، الجرح و التعديل 4- 88، اختيار معرفة الرجال 110، مشاهير علماء الامصار 28 برقم 20، الثقات لابن حبّان 3- 148، المستدرك للحاكم 3- 254، الخلاف للطوسي 3- 335، الإستيعاب 2- 32، أُسد الغابة 2- 283، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 212، تهذيب الكمال 10- 277، سير أعلام النبلاء 1- 270، العبر للذهبي 1- 15، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 14 ه) 132، الوافي بالوفيات 15- 150، تهذيب التهذيب 3- 475، الاصابة 2- 27، كنز العمال 13- 404، شذرات الذهب 1- 28، الدرجات الرفيعة 325، تنقيح المقال 2- 16.
  2. الغدير 1- 42: للعلّامة الاميني. و فيه: روى الحديث عنه أبو بكر الجعابي في نخب المناقب.
  3. قيس بن سعد: صحابي جليل، من دهاة العرب، ذوي الرأي و النجدة، و شهرته بالدهاء مع تقيّده المعروف بالدين تُثبت له الاولوية و التقدّم بين دهاة العرب. و كان يقول: لو لا أنّي سمعت رسول اللّه ص يقول: «المكر و الخديعة في النار» لكنت من أمكر هذه الأُمّة.
  4. انظر تاريخ الطبري: 2- 455 حوادث سنة 11، الكامل لابن الاثير: 2- 325 حديث السقيفة و خلافة أبي بكر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6- 3.
  5. وأمير الشام يومئذ: يزيد بن أبي سفيان، و هو أخو معاوية. توفّي يزيد بالطاعون سنة (18 هـ).
  6. شرح نهج البلاغة: 10- 111 ذكر سعد بن عبادة و نسبه.