٨٧٣
تعديل
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '=====' ب'======') |
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '====' ب'=====') |
||
سطر ٣٨: | سطر ٣٨: | ||
دار البحث في المعنى الأول للإجزاء في موردين: | دار البحث في المعنى الأول للإجزاء في موردين: | ||
====المورد الأول: إجزاء الأمر عن نفسه==== | =====المورد الأول: إجزاء الأمر عن نفسه===== | ||
وفي هذا المجال يبدو اتفاق الكلّ على أنَّ الإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به يكون مجزئا، بمعنى كونه امتثالاً للأمر، وذلك ممَّا لا خلاف فيه<ref> الذريعة 1 : 123، المعتمد 1 : 90 ـ 91، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 396، البحر المحيط 1 : 319، الوافية : 102، إرشاد الفحول 1 : 366، كفاية الأصول : 81 .</ref>، سواء أكان الأمر اختياريا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 301.</ref>. | وفي هذا المجال يبدو اتفاق الكلّ على أنَّ الإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به يكون مجزئا، بمعنى كونه امتثالاً للأمر، وذلك ممَّا لا خلاف فيه<ref> الذريعة 1 : 123، المعتمد 1 : 90 ـ 91، الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 396، البحر المحيط 1 : 319، الوافية : 102، إرشاد الفحول 1 : 366، كفاية الأصول : 81 .</ref>، سواء أكان الأمر اختياريا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 301.</ref>. | ||
كما لا شك ولا خلاف في أنَّ هذا الامتثال يجزيء ويكتفى به عن امتثال آخر. <ref> المصدر السابق.</ref>. لكن خالف بعض كأبي هاشم الجبائي وأتباعه في ذلك، وقالوا بأنَّ الإجزاء لايثبت إلاَّ بقرينة. <ref> الكاشف عن المحصول 4 : 67ـ70.</ref>. وأرجع بعض اختلافه مع باقي الأصوليين في المعنى الثاني (سقوط القضاء) لا الأول. <ref> انظر : الكاشف عن المحصول 4 : 70.</ref> | كما لا شك ولا خلاف في أنَّ هذا الامتثال يجزيء ويكتفى به عن امتثال آخر. <ref> المصدر السابق.</ref>. لكن خالف بعض كأبي هاشم الجبائي وأتباعه في ذلك، وقالوا بأنَّ الإجزاء لايثبت إلاَّ بقرينة. <ref> الكاشف عن المحصول 4 : 67ـ70.</ref>. وأرجع بعض اختلافه مع باقي الأصوليين في المعنى الثاني (سقوط القضاء) لا الأول. <ref> انظر : الكاشف عن المحصول 4 : 70.</ref> | ||
====أدلّة الإجزاء==== | =====أدلّة الإجزاء===== | ||
باعتبار أنَّ الإجزاء بمعنى الامتثال موضع اتفاق، اعتبر الآمدي الاستدلال على الإجزاء بهذا المعنى استدلالاً على محلّ الوفاق<ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 396.</ref>، بل عُدَّ من [[البديهيات]]، باعتبار أنّ طلبه ثانيا مع حصول متعلّقه يكون تحصيل حاصل<ref> وقاية الأذهان : 196.</ref>، رغم ذلك استدلّ عليه بعض بالأدلّة التالية: | باعتبار أنَّ الإجزاء بمعنى الامتثال موضع اتفاق، اعتبر الآمدي الاستدلال على الإجزاء بهذا المعنى استدلالاً على محلّ الوفاق<ref> الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 396.</ref>، بل عُدَّ من [[البديهيات]]، باعتبار أنّ طلبه ثانيا مع حصول متعلّقه يكون تحصيل حاصل<ref> وقاية الأذهان : 196.</ref>، رغم ذلك استدلّ عليه بعض بالأدلّة التالية: | ||
'''الأول:''' المكلّف جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب، فكان كافيا<ref> انظر : أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 301.</ref>، ووجب أن يخرج عن عهدته؛ لأنَّه لو بقي الأمر بعد ذلك لبقي إمَّا متناولاً لذلك المأتي به أو لغيره، والأوّل باطل؛ لأنَّ الحاصل لايمكن تحصيله، والثاني باطل؛ لأنَّه يلزم أن يكون الأمر قد كان متناولاً لغير ذلك الذي وقع مأتيا به، ولو كان كذلك لما كان المأتي به تمام متعلَّق الأمر، وقد فرضناه كذلك، وهذا خلف<ref> المحصول الرازي 1 : 323، مبادئ الوصول : 111، إرشاد الفحول 1 : 367.</ref> | '''الأول:''' المكلّف جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب، فكان كافيا<ref> انظر : أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 301.</ref>، ووجب أن يخرج عن عهدته؛ لأنَّه لو بقي الأمر بعد ذلك لبقي إمَّا متناولاً لذلك المأتي به أو لغيره، والأوّل باطل؛ لأنَّ الحاصل لايمكن تحصيله، والثاني باطل؛ لأنَّه يلزم أن يكون الأمر قد كان متناولاً لغير ذلك الذي وقع مأتيا به، ولو كان كذلك لما كان المأتي به تمام متعلَّق الأمر، وقد فرضناه كذلك، وهذا خلف<ref> المحصول الرازي 1 : 323، مبادئ الوصول : 111، إرشاد الفحول 1 : 367.</ref> | ||
سطر ٤٩: | سطر ٤٩: | ||
'''الرابع:''' طبيعة الأمر بالشيء كونه علَّة تامة لسقوط غرض الداعي دون قيد، ولو كان هناك لما أطلق الأمر، ومع امتثاله يسقط غرض الداعي. <ref> مقالات الأصول 1 : 263 ـ 264.</ref> | '''الرابع:''' طبيعة الأمر بالشيء كونه علَّة تامة لسقوط غرض الداعي دون قيد، ولو كان هناك لما أطلق الأمر، ومع امتثاله يسقط غرض الداعي. <ref> مقالات الأصول 1 : 263 ـ 264.</ref> | ||
====المورد الثاني: إجزاء الأمر عن غيره==== | =====المورد الثاني: إجزاء الأمر عن غيره===== | ||
وبهذا المعنى وقع البحث في مقامين: | وبهذا المعنى وقع البحث في مقامين: | ||
======المقام الأول: إجزاء الأمر الاضطراري عن الأمر الأولي====== | =======المقام الأول: إجزاء الأمر الاضطراري عن الأمر الأولي======= | ||
لا شكَّ في أنَّ الاضطرار ترتفع به فعلية التكليف؛ لأنَّ اللّه تعالى لايكلّف نفسا إلاَّ وسعها. وقد ورد في الحديث النبوي المشهور الصحيح «رفع عن أمتي تسعة... وما اضطروا إليه».<ref> وسائل الشيعة 15 : 369 كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، باب 56 جملة ممّا عفي عنه ح1.</ref> والكلام فيما لو ارتفعت تلك الحالة الاضطرارية الثانوية، وتمكَّن المكلَّف من أداء ما كان عليه واجبا في الحالة الاعتيادية والاختيار، أي قبل حصول الاضطرار ، فهل يجزئه ما كان قد أتى به حال الاضطرار ، أم لايجزئه ، وعليه إعادة الفعل أداءً قبل انتهاء الوقت ، وقضاءً بعد انتهاء الوقت؟<ref> انظر : كفاية الأصول : 84 ، أصول الفقه المظفر 1ـ2 : 304.</ref> | لا شكَّ في أنَّ الاضطرار ترتفع به فعلية التكليف؛ لأنَّ اللّه تعالى لايكلّف نفسا إلاَّ وسعها. وقد ورد في الحديث النبوي المشهور الصحيح «رفع عن أمتي تسعة... وما اضطروا إليه».<ref> وسائل الشيعة 15 : 369 كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس، باب 56 جملة ممّا عفي عنه ح1.</ref> والكلام فيما لو ارتفعت تلك الحالة الاضطرارية الثانوية، وتمكَّن المكلَّف من أداء ما كان عليه واجبا في الحالة الاعتيادية والاختيار، أي قبل حصول الاضطرار ، فهل يجزئه ما كان قد أتى به حال الاضطرار ، أم لايجزئه ، وعليه إعادة الفعل أداءً قبل انتهاء الوقت ، وقضاءً بعد انتهاء الوقت؟<ref> انظر : كفاية الأصول : 84 ، أصول الفقه المظفر 1ـ2 : 304.</ref> | ||
أطبق علماء الشيعة على الإجزاء هنا<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2 : 304.</ref>، وذلك للأدلَّة التالية: | أطبق علماء الشيعة على الإجزاء هنا<ref> أصول الفقه المظفر 1ـ2 : 304.</ref>، وذلك للأدلَّة التالية: | ||
سطر ٦٠: | سطر ٦٠: | ||
'''الرابع:''' نشك في وجوب الأداء والقضاء، ولم يُنفَ وجوبهما بإطلاق ونحوه، فيكون شكا في أصل التكليف، وفي مثله تجري أصالة البراءة عن وجوبهما. <ref> انظر : كفاية الأصول : 84 ـ 86 ، وسيلة الوصول 1 : 255 ـ 256، أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 306، دروس في علم الأصول 2 : 283.</ref> | '''الرابع:''' نشك في وجوب الأداء والقضاء، ولم يُنفَ وجوبهما بإطلاق ونحوه، فيكون شكا في أصل التكليف، وفي مثله تجري أصالة البراءة عن وجوبهما. <ref> انظر : كفاية الأصول : 84 ـ 86 ، وسيلة الوصول 1 : 255 ـ 256، أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 306، دروس في علم الأصول 2 : 283.</ref> | ||
======المقام الثاني: إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الأولي====== | =======المقام الثاني: إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الأولي======= | ||
المراد من [[الأمر الظاهري]] هو الثابت عند الجهل بالحكم الواقعي، سواء ثبت بالأمارات أو بالأصول العملية. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 307.</ref> | المراد من [[الأمر الظاهري]] هو الثابت عند الجهل بالحكم الواقعي، سواء ثبت بالأمارات أو بالأصول العملية. <ref> أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 307.</ref> | ||
والمراد بالإجزاء هنا: إجزاء الأمر الظاهري عن [[الأمر الواقعي]] فيما لو انكشف مخالفة الظاهري للواقعي في داخل الوقت، فلا يجب الأداء أو خارجه، فلا يجب القضاء. | والمراد بالإجزاء هنا: إجزاء الأمر الظاهري عن [[الأمر الواقعي]] فيما لو انكشف مخالفة الظاهري للواقعي في داخل الوقت، فلا يجب الأداء أو خارجه، فلا يجب القضاء. | ||
سطر ٩٥: | سطر ٩٥: | ||
وردَّ القول بوجوب القضاء بأمر متجدّد: بأنَّه إذا ثبت أنَّ القضاء يجب بأمر متجدّد، وأنَّه مثل الواجب الأوّل، فالأمر بالشيء لايمنع إيجاب مثله بعد الامتثال، وهذا لا شكَّ فيه، ولكنّ ذلك المثل إنَّما يسمى قضاءً إذا كان فيه تدارك لفائت من أصل العبادة أو وصفها، وإن لم يكن فوات وخلل استحال تسميته قضاءً. <ref> المستصفى 2 : 13.</ref> | وردَّ القول بوجوب القضاء بأمر متجدّد: بأنَّه إذا ثبت أنَّ القضاء يجب بأمر متجدّد، وأنَّه مثل الواجب الأوّل، فالأمر بالشيء لايمنع إيجاب مثله بعد الامتثال، وهذا لا شكَّ فيه، ولكنّ ذلك المثل إنَّما يسمى قضاءً إذا كان فيه تدارك لفائت من أصل العبادة أو وصفها، وإن لم يكن فوات وخلل استحال تسميته قضاءً. <ref> المستصفى 2 : 13.</ref> | ||
====أدلة المخالفين للإجزاء بالمعنى الثاني==== | =====أدلة المخالفين للإجزاء بالمعنى الثاني===== | ||
'''أولاً:''' وجوب المضي في الحج الفاسد مع وجوب قضائه، ومن صلَّى في آخر الوقت على ظن أنَّه توضأ بماء طاهر، ثمَّ ظهر أنَّ الماء نجس فإنَّه يجب عليه القضاء. ولو كان الأمر دالاً على عدم وجوب القضاء لما وجب المضي فيه، ونفس الأمر لايدلّ على عدم الوجوب، وعدمه في الموارد الأخرى مستفاد من الأصل، أي استصحاب عدم انشغال ذمّة الإنسان بالأمر عند الخلق. | '''أولاً:''' وجوب المضي في الحج الفاسد مع وجوب قضائه، ومن صلَّى في آخر الوقت على ظن أنَّه توضأ بماء طاهر، ثمَّ ظهر أنَّ الماء نجس فإنَّه يجب عليه القضاء. ولو كان الأمر دالاً على عدم وجوب القضاء لما وجب المضي فيه، ونفس الأمر لايدلّ على عدم الوجوب، وعدمه في الموارد الأخرى مستفاد من الأصل، أي استصحاب عدم انشغال ذمّة الإنسان بالأمر عند الخلق. | ||
'''ثانياً:''' أنَّ الأمر لايدلّ على غير طلب الفعل، ولا دلالة له على امتناع التكليف بمثل فعل ما أمر به، فلا يكون مقتضيا له. | '''ثانياً:''' أنَّ الأمر لايدلّ على غير طلب الفعل، ولا دلالة له على امتناع التكليف بمثل فعل ما أمر به، فلا يكون مقتضيا له. |