انتقل إلى المحتوى

ترسيخ نظام إسرائيل وإلغاء المقاومة في خطة ترامب (ملاحظة)

من ویکي‌وحدت

الخطوة الثانية للثورة

ترسيخ نظام إسرائيل وإلغاء المقاومة في خطة ترامب، موضوع مذكرة تتناول خطة دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تستند إلى خطة شاملة لترسيخ نظام إسرائيل في فلسطين ومحو المقاومة في هذه الأرض[١]. وفي الوقت نفسه، تشمل الخطة ثلاثة عناصر أساسية للمقاومة الفلسطينية؛ «إنهاء الحرب»، «انسحاب الجيش الإسرائيلي» و«إعادة إعمار غزة»، مع وجود جدل واسع حول تنفيذ هذه البنود وغيرها من المواد العشرين الواردة في الخطة المذكورة.

الموافقة على الخطة

نظام إسرائيل وحركة الإسلام السياسي حماس وافقا «بشكل عام» على هذه الخطة، لكن كل منهما أبدى في بيانات أو تصريحات مسؤوليها الكبار تحفظات أو شروطًا؛ حيث صرح المسؤولون الإسرائيليون بعدم قبول الانسحاب الكامل من غزة، بينما أكدت حماس على ضرورة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من كامل قطاع غزة وإدارة غزة من قبل الفلسطينيين أنفسهم. وبناءً عليه، قال بعض المحللين إن تصريحات الطرفين تعكس قبولًا ورفضًا في آنٍ واحد، مما يحيط بمصير خطة ترامب بهالة من الغموض، كما حدث سابقًا في خطة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ازدواجية المواقف تجاه قبول خطة ترامب

وفقًا لما ذُكر، من المؤكد أن الطرف الفلسطيني والإسرائيلي أعلنا قبولهما لخطة ترامب بعقلين مختلفين، وكل منهما وضع حلولاً للخروج من الضغوط التي تواجهها، ويقيّم قدراته على تحقيق هذه الحلول. بل يمكن القول إن اهتمام دونالد ترامب ليس تنفيذ الخطة حرفًا حرفًا، بل متابعة أهداف أعمق، ويأمل أن يحققها جزئيًا أو كليًا من خلال هذه الخطة. لذا، السؤال الرئيسي هو: ما هو تصور الطرف الفلسطيني تجاه خطة تنطوي على نزع السلاح وحتى السيطرة المدنية، وتحويل غزة إلى مستعمرة غربية تؤمن أمن إسرائيل من جهة غزة، دون تقديم أي ضمانات أمنية للفلسطينيين؟ كما ذكرنا، تقول حماس إن الخطة تلبي ثلاثة مطالب رئيسية لها تحتاج إلى تعاون خارجي لتحقيقها، لكنها تحمل في ذات الوقت بنودًا تلبي مطالب النظام الإسرائيلي، الذي خاض معه حماس حربًا لمدة عامين في الجنوب والوسط والشمال. وبطبيعة الحال، تعتقد حماس أنه إذا تحققت مطالبها الثلاثة ولو جزئيًا، فإنها ستتمكن من إدارة الوضع بحيث لا يحقق العدو أهدافه كاملة. فما هي النقاط الذهنية التي استندت إليها حماس في إبداء موافقتها المشروطة على خطة ترامب؟

الخطوة الثانية للثورة

استنادًا إلى أكثر من 35 عامًا من الدراسات في مجال فلسطين والنظام الصهيوني، وتحليل الوثائق المتاحة، ترى هذه الدراسة أن العوامل التالية أثرت في قبول حماس لخطة ترامب:

  • عامان من القصف المستمر على غزة، الذي تفاقم خلال الأشهر الستة الماضية من حيث الأبعاد الإنسانية، مع تشديد الحصار الغذائي والدوائي والعلاجي، مما يستلزم فترة تهدئة في الحرب لتخفيف معاناة السكان؛
  • الحرب وصلت إلى حالة لا يستطيع أي طرف إنهائها، ويستلزم تدخل قوة خارجية قوية تحظى باحترام إسرائيل، وهذه القوة الوحيدة هي الولايات المتحدة؛
  • نظرًا لأن الخطة تختلف عن هدف حكومة إسرائيل الذي يتمثل في احتلال أو ضم غزة، فإن النظام الإسرائيلي يتجاهلها عمليًا؛
  • تجاهل النظام للخطة يحول دون تنفيذ أهم التزامات الجانب الفلسطيني، بما في ذلك نزع السلاح والتخلي عن المقاومة؛
  • خلافًا للدعاية الأمريكية وردود الفعل الإيجابية من الغرب والعرب، فإن هذه الخطة مثل العديد من الخطط السابقة، ومنها ثلاث خطط طرحت في ولاية ترامب الأولى ولم تُحقق شيئًا، كما أن هناك آليات لإبطال تأثيرات الخطط السابقة موجودة أيضًا هنا؛
  • مع خرق خطة ترامب من قبل حكومة نتنياهو - التي اعتبرتها حماس أمرًا حتميًا - يتعرض النظام الإسرائيلي هذه المرة لضغوط من الدول الغربية المقربة، بما فيها الولايات المتحدة، وهذا يصب في مصلحة الفلسطينيين؛
  • ما ورد في خطة ترامب، باستثناء قضية تحرير الأسرى وتسليم الجثث، يحتاج إلى تفاوض واتفاق، وطبيعة موضوعات الخطة المكونة من 20 مادة تستلزم مفاوضات طويلة وتأخيرًا في التنفيذ. وعندما يتأخر تنفيذ بند نزع السلاح، ستكون حماس قادرة على إدارته وإحباط هذا الجزء من أهداف الخطة.

أما من منظور النظام الإسرائيلي الذي لا يرى تنفيذ هذه الخطة متوافقًا مع أهدافه الأساسية أو يشكك جدياً في التزامات حماس، فتوجد النقاط التالية التي تبرر موافقته على خطة ترامب:

  • الانتخابات الحساسة للكنيست التي ستحدد تشكيل البرلمان الجديد وبقاء أو زوال حكومة نتنياهو ستُجرى العام المقبل، وإذا استمر الوضع في غزة كما هو عليه الآن، من قصف إسرائيلي ورد من حماس، وعدم وضوح مصير الأسرى، وعدم وجود أفق لإنهاء الحرب، وفشل العمليات المتتالية في تحقيق أهدافها، فإن خسارة الليكود ونتنياهو ستكون مؤكدة. لذلك، فإن خطة سياسية تفتح أفقًا لحل هذه القضايا دون إغلاق باب استمرار الحرب ستكون مرغوبة لإسرائيل؛
  • بما أن الخطة تحولت نزع السلاح وحذف حماس في الجانبين العسكري والمدني إلى مطالب فرعية (غربية-عربية) تواجه مقاومة فلسطينية شديدة، فإن إسرائيل تتابع هذين الهدفين في ظروف أكثر ملاءمة، مع تحميل حماس تكلفة استمرار الحرب؛
  • تشمل الخطة ثلاثة مبادئ مهمة لإسرائيل: نزع سلاح حماس، حذف حماس، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة، والتي تتحقق عادةً عبر حرب مكلفة وطويلة، بينما تسهل الخطة الدولية تحقيقها بتكلفة أقل؛
  • العبارات الواردة في نص خطة ترامب، حيث تتعلق بالتزامات إسرائيل، «مبهمة» تسمح لإسرائيل بتفسيرها حسبما تشاء، مما يمكنها من التهرب من التنفيذ وطرح خطط بديلة، كما أن غياب الضمانات التنفيذية في الخطة يساعد إسرائيل على التملص بسهولة ودون تكلفة من التزاماتها؛
  • عامان من الحرب والحصار على غزة وإجراءات متعددة الأبعاد تظهر أن أهداف إسرائيل، التي وضعت بشكل طموح وغير واقعي، لا تتحقق بالحرب، ولا بد من تبني خطة سياسية حتى وإن كانت بلا أفق واضح. ومن ناحية أخرى، لا يعرف الجيش الإسرائيلي نهاية المقاومة الفلسطينية، وتحمل الشعب الغزي صعوبات شديدة خلال عامين يدل على قدرة مقاومته؛ وبالتالي، إذا رفض الجيش الإسرائيلي الخطة السياسية، فعليه قبول استمرار حرب ذات نهايات غامضة؛
  • الحكومات الغربية المؤيدة لإسرائيل تواجه ضغوطًا شديدة من شعوبها، وحركات اجتماعية معارضة لحرب غزة تدفعها إلى حافة السقوط، وأصبح موضوع فلسطين مؤشرًا هامًا على شرعية الحكومات الغربية والعربية-الإسلامية، والحكومات التي تصطدم مع هذه الموجة ستتعرض للتغيير، وهذا يمنع تلك الحكومات المؤثرة في تأسيس وبقاء إسرائيل من تقديم دعم فعال للنظام. يمكن لخطة ترامب أن تحد من موجة الدعم لفلسطين وتخفف إلى حد ما الانقسامات الغربية الحالية في دعم إسرائيل.

لذا، يمكن القول إن الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، اللذين تحدث كل منهما عن قبول مشروط أو تفاوض حول بنود أساسية أو رفض صريح، أصبحا في الواقع حلفاء ظنيين لخطة ترامب، وهذا يؤثر بشكل كبير على وحدة الخطة وتنفيذها.

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. [بقلم: سعد الله زارعي.]

المصادر