المزارعة والمساقاة

من ویکي‌وحدت

المزارعة والمساقاة: والمزارعة لغةً مفاعلةٌ من الزرع، وفي الاصطلاح معاملة على الأرض بحصة من حاصلها إلى أجل معلوم. وعبارتها: زارعتك، أو عاملتك، أو سلمتها إليك وشبهه. وأما المساقاة فهي لغةً مفاعلةٌ من السقي، وفي الاصطلاح معاملةٌ على الأصول بحصة من ثمرها. وإيجابها ساقيتك، أو عاملتك، أو سلمت إليك، أو ما أشبهه من الألفاظ الدالة على إنشاء هذا العقد صريحاً. ولهما شروط و أحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

المزارعة والمساقاة

تجوز المزارعة - وتسمى المخابرة - على الأرض ، سواء كانت خلال النخل أم لا ، والمساقاة على النخل والكرم وغيرهما من الشجر المثمر[١] بنصف غلة ذلك ، أو ما زاد على ذلك أو نقص. [٢]
وبه قال أبو يوسف ، ومحمد ، ومالك ، والشافعي . وقال أبو حنيفة : لا تجوز قياسا على المخابرة .
لنا أن الأصل جواز ذلك والمنع يفتقر إلى دليل ، وما رووه من أنه ( صلى الله عليه وآله ) عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر وزرع . وما روي من نهيه عن المخابرة ، محمول على إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها وإن كان معينا ، لأن ذلك لا يجوز بالاتفاق ، لعدم القطع على إمكان تسليمه. [٣]
وما روي أنه أتى رسول الله رجلان من الأنصار اقتتلا ، فقال رسول الله : إن كان هذا شأنكما فلا تكروا المزارع ، وهذا يدل على أن النهي ليس بنهي تحريم ، لأنه قال على وجه المشاورة وطلب الصلاح. [٤]
وفي الخلاصة : المساقاة في النخل والكرم الذي لم يبرز ثمارهما وإن أطلعت النخل جاز في أحد القولين - وهو الجديد - لبقاء أكثر العمل ، وسائر الأشجار يلحق بالنخل في أحد القولين ، والأصح عندهم أن المساقاة لا يجوز إلا في النخل والكرم وأما في الأرض فلا يصح المعاملة عليها إلا أن يكون بين النخل بياض لا يمكن تعهد النخل دونه فيجوز أن يعامله عليه تبعا للنخل .
وفي البداية : قال أبو حنيفة : المساقاة بجزء من الثمرة باطلة ، وقالا : [٥] جائزة إذا ذكر مدة معلومة وجزء من الثمرة مشاعا ، ويجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان. [٦]

شرائط المزارعة والمساقاة

ومن شرط صحة العقد مشاهدة ذلك ، وإمكان تسليمه ، وتعيين المدة فيه ، وتعيين حق العامل ، وشرطه أن يكون جزءا مشاعا من الخارج ، فلو عامله على وزن معين منه ، أو على غلة مكان مخصوص من الأرض ، أو على تمر نخلات بعينها ، بطل العقد بلا خلاف بين من أجاز المزارعة والمساقاة ، لأنه قد لا يسلم إلا ما عينه ، فيبقى رب الأرض والنخل بلا شئ ، وقد لا يعطيه إلا غلة ما عينه ، فيبقى العامل بغير شئ .
وإذا تمم المزارع والمساقي عمله على هذا الشرط ، بطل المسمى واستحق أجرة المثل.
وتصرف العامل بحيث ما يقع عليه العقد ف‍إن كان مطلقا جاز أن يولي العمل لغيره ، ويزرع ما شاء ، وإن شرط أن يتولى العمل بنفسه وأن يزرع شيئا بعينه لم يجز له مخالفة ذلك ، لقوله ( عليه السلام ) : المؤمنون عند شروطهم .
ولو زارع ببعض الخارج من الأرض ، والبذر من مالكها ، والعمل والحفظ من المزارع جاز[٧]، خلافا لجميع الفقهاء.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية ما رواه عبيد الله[٨] بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : عامل رسول الله أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر وزرع. [٩]
وكذا لو شرط على العامل في حال العقد ما يجب على رب المال ، أو بعضه - وهو ما فيه حفظ الأصل ، كبناء الحيطان ، وإنشاء الأنهار ، والدواليب ، وشراء الدابة التي ترفع الماء – أو شرط على رب المال ما يجب على العامل ، أو بعضه - كالتأبير ، والتلقيح ، وقطع ما يصلح النخل من جريد وحشيش ، وإصلاح السواقي ليجري فيها الماء ، وإدارة الدولاب ، وحفظ التمر ، وجذاذه ونقله إلى المقسم - صح ذلك ، لدلالة الأصل وظاهر الخبر [١٠] وأنه لا مانع منه ، وقال الشافعي : يبطل ذلك العقد. [١١]
ولو ساقاها بعد ظهور الثمرة ، صح إن كان قد بقي من العمل شئ وإن قل ، لـ دلالة الأصل ، و عموم الأخبار في جواز المساقاة [١٢]، وللشافعي فيه قولان. [١٣]
وأما الزكاة فإنها تجب على مالك البذر أو النخل فإن كان ذلك لمالك الأرض فالزكاة عليه ، لأن المستفاد من ملكه حيث نماء أصله ، وما يأخذه المزارع أو المساقي كالأجرة على عمله ، ولا خلاف أن الأجرة لا تجب فيهاالزكاة ، وكذا إن كان البذر للمزارع ، لأن ما يأخذه مالك الأرض كالأجرة ، عن أرضه ، فإن كان البذر منهما ، فالزكاة على كل واحد منهما ، إذا بلغ مقدار سهمه النصاب. [١٤]
وقال الشيخ في الخلاف كان الزكاة على رب المال والعامل معا إذا بلغ النصيب كل واحد منهما نصيبا وإن بلغ نصيب أحدهما النصاب ، ولم يبلغ نصيب الآخر كان عليهالزكاة لا على الآخر .
وللشافعي فيه قولان : أحدهما : أن الزكاة تجب على رب المال دون العامل . والثاني أنه تجب على كل واحد منهما ، فإذا قال : على رب النخل ، فمن أين يخرج له ؟ فيه قولان أحدهما في ماله وحده . والثاني في مالهما معا ، وإذا قال : يجيب عليهما ، قال : فإن لم يبلغ نصيب كل واحد نصابا ، بل بلغ الحقان نصابا ، فعلى قولين : إن قال : لا خلطة في غير الماشية فلا زكاة ، وإن قال تصح الخلطة في غير الماشية ، قال : وجبت الزكاة .
لنا إذا كانت الثمرة ملكا لهما ينبغي أن يجب على كل واحد منهما فمن أوجب الزكاة على أحدهما دون الآخر فعليه الدليل. [١٥]
وعقد المزارعة والمساقاة يشبه عقد الإجارة من حيث كان لازما وافتقر إلى تعيين المدة ويشبه القراض من حيث كان سهم العامل مشاعا في المستفاد .
والمزارعة والمساقاة إذا كانت على أرض خراجية ، فخراجها على المالك إلا أن يشترطه على العامل وهو على المتقبل إلا أن يشترط على المالك .

مسائل الخلاف في المزارعة والمساقاة

وإذا اختلف صاحب الشجر والعامل ، فقال الصاحب : شرطت لك الثلث ، وقال العامل : لا بل النصف ، وفقدت البينة، فالقول قول صاحب الشجر مع يمينه ، لأن جميع الثمرة لصاحب الشجرة لأنها نماء أصله ، وإنما يثبت للعامل من ذلك شئ بالشرط ، فإذا ادعى شرطا كان عليه البينة، فإذا عدمها كان القول قول صاحب الشجرة مع يمينه ، وإن كان معهما بينة ، قدمت بينة العامل ، لأنه المدعي[١٦]، وقال أصحاب الشافعي : يتحالفان .
لنا قوله ( عليه السلام ) : البينةعلى المدعي واليمين على المدعى عليه، وصاحب الشجرة المدعى عليه فعليه اليمين. [١٧]

المصادر

  1. في النسخة : الشجرة المثمرة .
  2. الغنية : 290 .
  3. الخلاف 3 / 473 مسألة 1 .
  4. نصب الراية 6 / 24 .
  5. كتب تحتها : يعني أبو يوسف ومحمد .
  6. الهداية في شرح البداية : 4 / 337 .
  7. الغنية : 290 - 291 .
  8. عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ، أبو عثمان المدني . مات سنة ( 147 ) . تهذيب الكمال : 19 / 124 رقم 3668 .
  9. الخلاف : 3 / 476 مسألة 4 .
  10. الغنية : 291 .
  11. الخلاف 3 / 478 مسألة 6 .
  12. الغنية : 291 .
  13. الخلاف 3 / 478 مسألة 7 .
  14. الغنية 291 - 292 .
  15. الخلاف : 3 / 480 مسألة 13 .
  16. الغنية : 293 .
  17. الخلاف : 3 / 480 مسألة 11 والوجيز : 1 / 229 .