المؤتمر الدولي الثاني عشر للوحدة الإسلامية
المؤتمر الدولي الثاني عشر للوحدة الإسلامية أقيم بمناسبة المولد المبارك للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأسبوع الوحدة بحضور العاملين في حكومة جمهورية إيران الإسلامية وضيوف المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية.
مقتطفات من خطاب قائد إيران
مولد النبي بداية تاريخ جديد للبشرية
بلا شك، اليوم الذي أضاء فيه نور الله تعالى على وجود النبي المقدس في عالم مظلم كان بداية لتاريخ جديد للبشرية. كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلماته، في ذلك اليوم، بسبب حكم القوانين والسلطات الظالمة، انطفأ نور السعادة عن المجتمعات البشرية: «والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور». منذ البداية، أظهر نور وجود النبي علامات سيادة الحق وأدلة الحجة الإلهية بين الناس. العجائب التي حدثت عند مولد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تُعد تحذيراً للبشرية والتاريخ. مثل تضرر قصر كسرى أو انطفاء المعابد النارية في ذلك الوقت يحمل دلالات رمزية.
تدمير قصر كسرى رمز نهاية الأنظمة الظالمة
الدلالة الرمزية لهذه الحقائق والأحداث هي أنه مع ظهور هذا المولود المبارك، يُفتح طريق أمام البشرية للخلاص من ظلمات الأوهام والأنظمة الظالمة. من يختار هذا الطريق ويسير فيه بقوة ومن يرفضه ويفوّت خيراته، ذلك يعتمد على إرادة الإنسان. هم من يختارون مصيرهم ومستقبلهم بأيديهم، لكن الطريق مفتوح أمامهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن سنة الله أن يتحرك المجتمع البشري نحو هذه الأهداف السامية. هذا ما تظهره كل أحداث التاريخ؛ فالتقدم العلمي والمعرفي للبشرية كله في اتجاه تعاليم النبي الأكرم والإسلام نحو نهاية هذا الطريق.
اختيار المقاومة الواعية
اليوم أكثر من أي وقت مضى، يشعر الناس بحاجة ماسة إلى تعاليم النبي المضيئة. يفتخر شعبنا بأنه بحمد الله وبإرادته وقراره وصموده ومقاومته، أولاً اختار هذا الطريق بوعي، وثانياً صمد وثابر على السير فيه. فخور شعب إيران بأن يكون رائد الدعوة النبوية في جميع ميادين الحياة.
تعميم أحكام وقوانين الإسلام
لم يأت الإسلام فقط ليخلق اعتقاداً في قلوب وعقول الناس، حتى وإن لم يؤثر ذلك الاعتقاد في حياتهم العملية. بل جاء الإسلام ليحوّل الحياة ويصحح مسار البشر. الإيمان بالإسلام هو منبع عمل الإنسان. أحكام وقوانين الإسلام تشمل جميع مجالات الحياة - الاجتماعية، الفردية، السياسية، والاقتصادية - وللإسلام برنامج وإرشاد لكل منها. اليوم بحمد الله يفتخر شعب إيران بأنه وضع جميع مجالات حياته تحت تعليم الإسلام. بالطبع الواقع الذي نعيشه يبتعد كثيراً عما يطلبه الإسلام، لكن توجه النظام الإسلامي هو سد هذه الفجوة وبفضل الثورة وإرشاد الإمام العظيم وبجهود الشعب المجاهد، كان لدينا هذا التوجه طوال هذه السنوات، ويزداد الشعب إصراراً على هذا الطريق يوماً بعد يوم.
بمناسبة المشهد المهيب لانتخابات الرئاسة التي جرت يوم الجمعة الماضي، وحضور الناس ودخولهم الواعي إلى ساحة الاختيار، أود أن أشكر بكل صدق جميع أبناء شعب إيران. حقاً، هذا الشعب العظيم بعد سنوات الاضطرابات الأولى للثورة حتى اليوم، استطاع رفع وعيه وذكائه في مختلف المجالات التي تهم الأمة. نشكر الله تعالى كثيراً على هذه النعمة. مهما حاول أعداء هذا الشعب وهذا البلد على مدى سنوات طويلة إبعاد الناس عن الساحات العامة، لم ينجحوا، ورغمهم شارك الناس بشكل واسع ومشرف في تحديد مصير البلاد، وهذا محل تقدير كل من يشاهد. نرجو من الله أن يفيض على هذا الشعب العظيم الفهيم الواعي المؤمن النبيل برحماته الخاصة.
كما قلنا مراراً، هذا الشعب بذل جهده لترسيخ النظام الإسلامي ونجاح المسؤولين. والمسؤولون بدورهم يجب أن يدخلوا ميادين العمل بنفس الشعور والوفاء لهذا الشعب. كل من تحمل مسؤولية في هذا النظام يجب أن يقدر هذا الشعب ويجتهد في أداء واجباته تجاه هذا الشعب المؤمن الشجاع الواعي بكل ما أوتي من قوة. نأمل أن يستخدم الرئيس المحترم - الذي انتُخب للدورة الثانية - كل طاقته بحس المسؤولية والحرص تجاه هذا الشعب، مع التعرف الدقيق على احتياجاته المادية والمعنوية. كل من سينضم إلى الحكومة الجديدة يجب أن يعتبر نفسه مسؤولاً وخادماً أمام الناس، ويعتبرهم مولاه وولي نعمته. وهذا صحيح؛ الناس هم ولي نعمة المسؤولين. هذا الحضور وإرادة الناس هي التي منحت هذا النظام قوته. لقد أظهر الناس أنهم سيبقون حاضرين بوعي وذكاء في مختلف الساحات.
محاولة الأعداء لتثبيط الناس عن النظام
ما يريده أعداء هذا الشعب هو سلب هذه الدافع والإيمان من الناس. يجب على الجميع التصدي لذلك. يحاول الأعداء تثبيط الناس عن النظام الإسلامي، لكن مسؤولوا النظام يجب أن يعملوا بعملهم - وليس بالكلام فقط - على تشجيع الناس وإعطائهم الأمل. يحاول الأعداء إضعاف أسس الإيمان والعقيدة والعمل الديني في الناس، لكن المسؤولين يجب أن يشعروا بالعكس، وأن يلتزموا بتقوية أسس الإيمان في القلوب. في بلدنا وبوجود هذا العدد الكبير من الشباب، إحدى الأولويات الأساسية هي: يجب على جميع المسؤولين - وخاصة المسؤولين الحكوميين وغيرهم - أن يكرسوا جهودهم لإنارة قلوب هؤلاء الشباب بنور الإسلام، وترسيخ أسس الإيمان فيهم، وأن لا يسمحوا بسوء التصرف، أو سوء الفهم، أو الدعاية الخاطئة، أو تحريف الحقائق، أو إعطاء المجال للأفكار الهدامة أن تحرف قلوب الشباب عن طريق الحقيقة. هذه مسؤولية عظيمة تقع على عاتقنا.
هداية القلوب والروح البشرية
تعميق إيمان الناس وهداية القلوب والروح في المجتمع هي أولى واجبات المسؤولين. «إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً»؛ هذه مهمة النبي؛ نفس النبي الذي نحتفل اليوم بمولده. نحن نريد أن نسير على هذا الطريق. «هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة»؛ التزكية والتعليم من مهام النبي الأساسية. في المجتمعات الإسلامية، يجب على المسؤولين اتباع هذا الطريق، تعليم وتربية الناس، وتعزيز الإيمان في العقول. هذه من واجباتنا؛ وهذه شكرنا لهذا الشعب؛ وهذه شكرتنا لله تعالى على هذه النعم العظيمة - حضور الناس - هذه القلوب بيد الله. اهتمام الناس وحضورهم وعزمهم وشوقهم هي نعم إلهية عظيمة أنعم بها علينا. يجب أن نشكر الله عليها. وشكر هذه النعمة هو أن نبذل كل جهدنا في إصلاح الحياة وتقوية الإيمان الديني للناس.
أدعو الله تعالى أن يمنح جميع المسؤولين - خصوصاً السيد الرئيس المحترم والمسؤولين من الدرجة الأولى في البلاد - التوفيق لأداء المهام الثقيلة والأعمال العظيمة والواجبات الملقاة على عاتقهم بأفضل وجه. نسأل الله أن يهدينا جميعاً ويعيننا، وأن تشملنا توجيهات حضرة ولي العصر أرواحنا فداه، ودعاءه المستجاب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
