الذبح

    من ویکي‌وحدت

    الذبح: وهو قطع الأوداج الأربعة للحيوان وله أحکام من الواجبات والسنن نذکرها في هذا المقال تطبیقاً علی الفقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

    الذبح

    الذبح على ضربين : مفروض ومسنون .
    فالمفروض هدي النذر ، وهدي الكفارة ، وهدي التمتع ، وهدي القران بعد التقليد والإشعار . والمسنون هدي القران قبل التقليد والإشعار والأضحية .
    وهدي النذر يلزم من صفته وسياقه وتعيين موضع ذبحه أو نحره ما يشترطه الناذر بلا خلاف ، وإن نذر هديا بعينه لم يجزه غيره ، وإن نذر مطلقا ولم يعين شيئا فعليه أن يهدي إما من الإبل ، أو البقر ، أو الغنم. [١]
    وفاقا لأبي حنيفة في الإبل والبقر ، وهو أصح القولين للشافعي ، وقال في القديم والإملاء : لزمه ما يقع عليه اسم الهدي قل أم كثر. [٢]
    لنا في الأول أنا روينا أن اسم الهدي لا يقع إلا على البدن والنعم وفي الثاني أن الأصل براءة الذمة من الإبل أو البقر .
    وأن ينحره بمكة قبالة الكعبة إن أطلقه ، وإن قيده بموضع بعينه لزمه في ذلك الموضع .
    ولا يجوز أن يكون الهدي إلا ما ذكرناه ، لقوله تعالى : { فما استيسر من الهدي } [٣] لأنه بلا خلاف الإبل والبقر والغنم دون غيرها .
    وهدي النذر مضمون على الناذر ، يلزمه عوض ما انكسر عنه ، أو مات ، أو ضل ، ولا يحل له الأكل منه. [٤]
    ويجوز الأكل من هدي التمتع والقران ، وفاقا لأبي حنيفة ، وخلافا للشافعي فإنه قال : لا يجوز الأكل من جميع ذلك ، وقال مالك : يأكل من الكل إلا ما وجب بالنذر . وقال أبو حنيفة : لا يأكل من الكل إلا من دم التمتع والقران ويجوز الأكل من الأضحية بلا خلاف. [٥]
    وأما هدي الكفارة فيختلف على حسب اختلاف الجنايات ويلزم سياق ما وجب عن قتل الصيد من حيث حصل القتل إن أمكن ذلك ، ولا يلزم سياق ما وجب عما عدا ذلك من الجنايات ، ويذبح أو ينحر إن كان لتعد في إحرام المتعة ، أو العمرة المفردة ، بمكة قبالة الكعبة ، وفي إحرام الحج بمنى[٦]، وقال الشافعي : فيه ثلاث مسائل إن نحر في الحرم وفرق اللحم في الحرم أجزأه بلا خلاف بينهم ، وإن نحر في الحرم وفرق اللحم في الحل لم يجز عنده خلافا لأبي حنيفة ، وإن نحر في الحل وفرق اللحم في الحرم فإن كان تغير لم يجز وإن كان طريا في الحرم فعلى وجهين. [٧]
    وأما المحصور جاز له أن ينحر مكانه في حل أو حرم إذا لم يتمكن من إنفاذه بلا خلاف. [٨]
    وأما هدي التمتع فأعلاه بدنة ، وأدناه شاة ، ويذبح أو ينحر بمنى ، وكذا هدي القران ، ويلزم سياقه بعد التقليد والإشعار وإن كان ابتداؤه تطوعا .
    والتقليد : أن يقلد عليه نعل أو مزادة والإشعار أن يشق السنام من الجانب الأيمن بحديدة حتى يسيل الدم. [٩]
    وبه قال الشافعي ، وقال مالك [ 80 / أ ] وأبو يوسف : من الجانب الأيسر . وقال أبو حنيفة يقلدها ولا يشعرها ، فإن الإشعار مثلة وبدعة .
    لنا ما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله [ صلى الظهر ] بذي الحليفة ، ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ، ثم أتي براحلته ، فقعد عليها واستوت به على البيداء وأهل بالحج . وفي الصحيح أنه خرج رسول الله ( عليه السلام ) عام الحديبية ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره. [١٠]
    والغنم يستحب تقليدها . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يقلد الغنم. [١١]
    ويجوز اشتراك سبعة في بدنة واحدة ، أو بقرة إذا كانوا أهل خوان واحد ، ولا يجوز أن يكون بعضهم يريد اللحم .
    ويدل على ذلك خبر جابر قال : كنا نمتع على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونشترك السبعة في البقرة أو البدنة ، وعند أبي حنيفة مثله إلا أنه لا يعتبر أن يكونوا أهل خوان واحد . وعند الشافعي مثله إلا أنه أجاز أن يكون بعضهم أراد اللحم. [١٢]
    إذا ذبح الإبل أو نحر البقر أو الغنم حرم أكله خلافا للشافعي فإنه قال : لم يحرم إلا أنه خالف السنة. [١٣]
    محل النحر للحاج منى ، وللمعتمر مكة ، فإن خالف لا يجزيه . وقال الشافعي : يجزيه وإن خالف السنة. [١٤]
    ويجوز الذبح [ في ] الثالث من أيام التشريق وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال : لا يجوز لأنه ليس من الأيام المعلومات. [١٥]
    وأفضل الهدي والأضاحي من الإبل والبقر الإناث ومن الغنم الفحولة .
    ولا يجوز من الإبل والبقر والمعز إلا الثني وهو من الإبل الذي قد تمت له خمس سنين ودخل في السادسة ، ومن البقر والغنم الذي قد تمت له سنة ودخل في الثانية ، ويجزي من الضأن الجذع ، وهو الذي لم يدخل في السنة الثانية .
    ولا يجوز مع الاختيار أن يكون ناقص الخلقة ، ولا أعور بين العور ولا أعرج بين العرج ، ولا مهزولا ولا أخرم ولا أجدع وهو المقطوع الأذن ، ولا خصيا ، ولا أعضب وهو المكسور القرن ، إلا أن يكون الداخل صحيحا ، والخارج مقطوعا فإنه جائز .
    ولا يجوز التضحية بمنى إلا بما قد أحضر عرفات سواء أحضره هو أو غيره ، ولا يجزي الهدي الواحد في الواجب إلا عن واحد مع الاختيار ، ومع الضرورة يجزي البدنة أو البقرة عن خمسة وعن سبعة ، والمتطوع به عن جماعة إذا كانوا أهل خوان واحد .
    ومن السنة أن يتولى الذبح أو النحر بيده أو يشارك الفاعل[١٦] لقوله ( عليه السلام ) : يا فاطمة قومي [ فاشهدي ] إلى أضحيتك[١٧] ولأنه قربه فالأولى أن يفعل بنفسه إظهارا لتواضعه وأن ينحر كما ينحر وهو قائم معقول اليد اليسرى من الجانب الأيمن من اللبة[١٨]، روى جابر أن النبي ( عليه السلام ) وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليد اليسرى ، قائمة على ما بقي من قوائمها [١٩]، وقوله تعالى : { فاذكروا اسم الله عليها صواف } [٢٠] قال ابن عباس ( صواف ) أي معقولة إحدى يديها ، وقوله ( فإذا وجبت جنوبها ) أي سقطت على جنوبها .
    ولا يجوز أن يعطي الجزار شيئا من الهدي ولا من جلاله على جهة الأجر[٢١] وفاقا لهم ،
    لما روي عنه ( عليه السلام ) أنه قال لعلي تصدق بجلالها وخطامها ولا تعط أجرة الجزار منها [٢٢] ويجوز على جهة الصدقة .
    وأيام الذبح بمنى أربعة : يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي سائر الأمصار ثلاثة : يوم النحر ويومان بعده. [٢٣]
    والأيام المعدودات أيام التشريق بلا خلاف ، والأيام المعلومات عشرة أيام من أول ذي الحجة ، آخرها غروب الشمس من يوم النحر ، وهو قول علي وابن عباس وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : ثلاثة أيام ، أولها يوم عرفة وآخرها أول التشريق ، وقال مالك : لا ذبح إلا في المعلومات . وقال أبو حنيفة : الذبح جائز في غير المعلومات ، وهو ثاني التشريق .
    وقال سعيد بن جبير : المعدودات هي المعلومات. [٢٤]
    ويجوز ذبح هدي التمتع طول ذي الحجة ، ومن لم يجده ووجد الثمن ، تركه عند من يثق به ، ليشتريه في العام المقبل ويذبحه عنه ، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. [٢٥]

    المصدر

    1. الغنية 189 .
    2. الخلاف : 2 / 437 مسألة 334 .
    3. البقرة : 196 .
    4. الغنية 189 - 190 .
    5. الخلاف : 2 / 444 مسألة 345 .
    6. الغنية 190 .
    7. الخلاف : 2 / 372 مسألة 214 .
    8. الخلاف : 2 / 424 مسألة 316 .
    9. الغنية 190 .
    10. الخلاف : 2 / 439 مسألة 337 .
    11. الخلاف : 2 / 440 مسألة 338 .
    12. الخلاف : 2 / 441 مسألة 341 .
    13. الخلاف : 2 / 443 مسألة 342 .
    14. الخلاف : 2 / 444 مسألة 344 .
    15. الخلاف : 2 / 437 مسألة 333 .
    16. الغنية : 191 .
    17. البحار : 99 / 300 حديث 37 .
    18. الغنية 191 .
    19. الدر المنثور : 6 / 52 وفيه ابن سابط ، نصب الراية : 3 / 206 عن جابر عن ابن سابط .
    20. الحج : 36 .
    21. الغنية : 191 .
    22. البحار : 38 / 72 حديث 1 ، نصب الراية : 3 / 309 .
    23. الغنية 191 .
    24. الخلاف : 2 / 435 مسألة 332 .
    25. الغنية : 191.