الحجر

من ویکي‌وحدت

الحجر: وهو المنع فالمحجور هو الممنوع من التصرف في ماله کالصبي والمجنون والمعتوه، وله شروط وأحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

الحجر

المحجور عليه هو الممنوع من التصرف في ماله، وهو على ضربين: محجور عليه لحق غيره، ومحجور عليه لحق نفسه.
فالأول ثلاثة: المفلس وقد قدمنا حكمه، والمريض محجور عليه في الوصية بما زاد على الثلث من التركة، لحق ورثته، بلا خلاف، والمكاتب محجور عليه فيما في يده، لحق سيده.
والضرب الثاني أيضا ثلاثة: الصبي والمجنون والسفيه [١]، وعند الشافعية: التبذير سبب للحجر وذلك لعدم الرشد. [٢]
ولا يرفع الحجر عن الصبي إلا بأمرين: البلوغ والرشد، والبلوغ يكون بأحد خمسة أشياء: السن وظهور المني والحيض والحلم والانبات. [٣]
والانبات دليل على بلوغ المسلمين والمشركين، خلافا لأبي حنيفة فإنه قال: ليس بدلالة على بلوغ المسلمين والمشركين ولا يحكم به بحال، وقال الشافعي: [ هو ] دلالة على بلوغ المشركين، وفي دلالته على بلوغ المسلمين قولان. [٤]
ويراعى في حد البلوغ في الذكور، خمس عشرة سنة، وفاقا للشافعي، وفي الإناث تسع سنين خلافا له فإنه قال خمس عشرة سنة، وقال أبو حنيفة: الأنثى تبلغ باستكمال سبع عشرة سنة، و [ في ] الذكر عنه روايتان: إحداهما باستكمال تسع عشرة والأخرى ثمان عشرة، وحكى عن مالك أن البلوغ بأن يغلظ الصوت، وأن ينشق الغضروف - وهو رأس الأنف -، وأما السن فلا يتعلق بالبلوغ.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية و أخبارهم ما روى أنس بن مالك أن النبي ( عليه السلام ) قال: إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأخذت منه الحدود. وروى عبد الله بن عمر قال: عرضت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عام بدر، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فردني، وعرضت عليه عام الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة. فنقل الحكم وهو الرد والإجازة، وسببه السن. [٥]
والرشد يكون بشيئين: أحدهما: أن يكون مصلحا لماله، بلا خلاف. والثاني: أن يكون عدلا، فإن اختل أحدهما استمر الحجر أبدا، إلى أن يحصل الأمران[٦]، وفاقا للشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا كان مصلحا له، مدبرا له، وجب فك الحجر عنه، سواء كان عدلا في دينه، أو لم يكن. [٧] لنا قوله تعالى: { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } [٨] والفاسق سفيه، وقوله { فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } [٩] فاشترط الرشد، فمن كان فاسقا في دينه كان موصوفا بالغي، ومن وصف بذلك لم يوصف بالرشد لتنافي الصفتين، وأيضا فلا خلاف في جواز دفع المال إليه مع اجتماع العدالة وإصلاح المال، وليس على جواز دفعه إذا انفرد أحد الأمرين دليل. [١٠]
وإذا اجتمع الأمران جاز على كل حال، فإن ارتفع الحجر ثم صار مبذرا مضيعا، أعيد الحجر عليه[١١]، وفاقا للشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسا وعشرين سنة، فك حجره على كل حال، ولو تصرف في ماله قبل بلوغ خمس وعشرين سنة يصح تصرفه بالبيع والشراء و الإقرار. [١٢]
لنا أن المبذر سفيه غير رشيد بلا خلاف، فوجب إعادة الحجر عليه، لظاهر ما قدمناه من القرآن وأيضا قوله تعالى: { إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } [١٣] ذم الله تعالى المبذرين وذمه يوجب المنع من التبذير، ولا يصح ذلك إلا بالحجر، وقوله: اقبضوا على أيدي سفهائكم، ولا يصح القبض إلا بالحجر، وقوله ( عليه السلام ): إن الله كره لكم ثلاثا، قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، وما يكرهه الله يجب المنع منه، لأنه لا يكون إلا محرما. وإن عاد الفسق دون تبذير المال فـ الاحتياط يقتضي إعادة الحجر أيضا[١٤]، خلافا لأبي حنيفة[١٥]، لأن الفاسق سفيه والسفيه ممنوع في دفع المال إليه.
ويصح طلاق المحجور عليه للسفه[١٦]، وبه قال جميع الفقهاء إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: لا يملك طلاقه. [١٧]
ويصح خلعه ولا تدفع المرأة بذل الخلع، ويصح مطالبته بالقصاص وإقراره بما يوجبه، ولا يصح تصرفه في أعيان أمواله، ولا شراؤه بثمن في الذمة، بلا خلاف من الشافعية. [١٨]

الهوامش

  1. الغنية: 251.
  2. الخلاف: 3 / 286 مسألة 7.
  3. الغنية: 251.
  4. الخلاف: 3 / 281 مسألة 1.
  5. الخلاف: 3 / 282 مسألة 2.
  6. الغنية: 252.
  7. الخلاف: 3 / 283 مسألة 3.
  8. النساء: 5.
  9. النساء: 6.
  10. الغنية: 252.
  11. الغنية: 252.
  12. الخلاف: 3 / 285 مسألة 4.
  13. الإسراء: 27.
  14. الغنية: 252 - 253.
  15. الخلاف: 3 / 283 مسألة 3.
  16. الغنية: 253.
  17. الخلاف: 3 / 289 مسألة 9.
  18. الوجيز: 1 / 176.