الآثار الشرعیة

تطلق الآثار الشرعیة على الأحكام الصادرة من الشارع بلحاظ ترتبها على متعلقاتها و موضوعاتها. و تنقسم بالآثار التکلیفیة والوضعیة.

تعریف الآثار الشرعیة لغةً

أثر جمعُه آثار، وهو بقية الشيء أو ما بقي من رسمه، ويأتي بمعنى الخبر، فيقال: فلان من حَملَة الآثار، أي: الأخبار.

تعریف الآثار الشرعیة اصطلاحاً

لا تختلف مفردة الأثر والآثار في الاصطلاح عن الأثر والآثار في اللغة، إلاّ أنّ المقصود منها يختلف باختلاف مواردها، فتطلق الآثار الشرعية منها ـ بلحاظ ترتبها على موضوعاتها ـ على الأحكام الصادرة من الشارع، سواء أكانت تكليفية لها ارتباط مباشر بأفعال المكلفين ـ كالإباحة والوجوب والحرمة والكراهة والاستحباب المسمّاة أيضا بالآثار التكليفية ـ أو كانت وضعية لها ارتباط غير مباشر بأفعالهم كالصحة والفساد والجزئية والشرطية، المسمّاة بالآثار الوضعية، التي يطلقونها بلحاظ آخر على الآثار التكوينية المترتبة على طبيعة الشيء، كالضرر والعقاب الناجم من ترك الالتزام بالأحكام الشرعية مثلاً. وقد يعبّر عن الآثار الشرعية أيضا بالآثار المجعولة؛ لكون جعلها ورفعها بيد الشارع، في مقابل الآثار غير المجعولة التي لا دخل للشارع في جعلها كالأحكام العرفية والعقلية، المعبّر عنها بالآثار العرفية والعقلية. وكثيرا ما تستعمل الآثار المجعولة في بحث الاستصحاب في سياق تأكيد الأعلام على أ نّها وحدها التي تترتب على المستصحب دون غيرها، فلا تترتب على استصحاب حياة زيد مثلاً إلاّ حرمة تقسيم أمواله بين الورثة، باعتبارها أثراً مجعولاً من قِبَل الشارع، بخلاف نبات لحيته، فإنّها لا تترتب على استصحاب حياته، لكونها من الآثار التكوينية التي لا ربط لها بالشارع بما هو شارع؛ إذ لايستفاد من دليل الاستصحاب إلاّ تنزيل مشكوك البقاء منزلة الباقي، والتنزيل ينصرف دائما إلى توسعة دائرة الآثار المجعولة من قبل المُنزِل دون غيره، ومن الواضح: أنّ نبات اللحية أثر تكويني للحياة، ولا ارتباط له بالشارع بما هو شارع حتى يترتب على تنزيله لحياة زيد؛ لأ نّه أثر عادي للمستصحب وليس شرعياً، وقد عبّر متأخرو أصوليي الإمامية عن الاستصحاب الذي يراد به إثبات حكم شرعي مترتب على أثر عادي أو عقلي بالأصل المثبت، وهو ليس حجّة عندهم. وعلى أيّ حال، لم يكن استعمال الآثار الشرعية والعقلية متداولاً ـ على ما يبدو ـ قبل زمن الشهيد الثاني الذي بادر إلى استعمالها في موارد متعددة من الفقه، بينما تأخّر استعمال الآثار التكوينية والوضعية وكذا التكليفية الى أواخر القرن الثالث عشر في زمن المحقق الخراساني ومن تلاه، وكذا الآثار المجعولة حيث استعملها المراغي والشيخ الأنصاري، إذ بادر باستعمالها في بحث الاستصحاب. ورغم رواج هذه المصطلحات بين علماء الإمامية بقي علماء الجمهور بعيدين عنها مكتفين باستعمال الأحكام الشرعية والعقلية من دون استبدالها بالآثار.

استعمال آخر للآثار

وللأثر استعمال آخر، حيث أطلقه الجمهور على قول الصحابي والتابعي، أو على قول الصحابي فقط؛ ولذا عنون كثير من محدّثيهم تأليفاتهم الجامعة لأحاديث النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والصحابة بعنوان (السنّن والآثار) كما فعل الطحاوي والبيهقي وغيرهما. وكان أول من استعمل مصطلح الأثر في قول الصحابي الخراسانيون، ومن الجمهور من استعمله في قول التابعي، بينما استعمل الخبر في قول الصحابي. أمّا الإمامية فقد استعمل أكثرهم هذا الاصطلاح في المنقول عن المعصومين عليهم‏السلام، ولذا نجد محدّثيهم يعنونون بعض كتبهم الجامعة لأحاديثهم عليهم‏السلام بالأثر، كما في (كفاية الأثر) للخزاز، و(مقتضب الأثر) لأحمد بن محمد بن عيّاش الجوهري. نعم، أطلق بعض الإمامية الأثر على قول الصحابي أو التابعي، أو هما مع قول الإمام المعصوم. وقد ذكر بعضهم أنّ الأثر ليس مختصا بالآثار القولية، بل يعمّ الفعلية منها المعبّر عنها أيضا بالسيرة.