أُسس الميثاق التأسيسي لهيئة قضايا الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب (كتيّب)
أُسس الميثاق التأسيسي لهيئة قضايا الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب مدوّنة وحدوية من وضع الشيخ محمّد مهدي شمس الدين تتضمّن النقاط والأُسس التالية :
الأساس الأوّل :
اتّفاق المسلمين على أمر جامع يوحّدهم في دائرة الإسلام، وعلى هذا الأساس يتشكّل منهم جميعاً كيان الأُمّة، وينتزع من هذا الواقع مفهوم الأُمّة الإسلامية الذي ثبت له في الشرع أحكام شرعية وضعية وتكليفية.
إنّ الثوابت الكبرى في الإسلام التي أجمع المسلمون على الإيمان والالتزام بما هي أساس الإسلام،
حيث إنّ المسلم هو من آمن والتزم بها، وإنّ مَن أنكرها أو أنكر بعضها ليس مسلماً، وهذا موضع وفاق بين المسلمين.
وبهذا يتبيّن أنّ الواقع التنظيمي للأُمّة هو الوحدة، ونحن لا نسعى إلى إيجاد وحدة مفقودة ومعدومة، وإنّما نسعى إلى تأصيل وحدة قائمة وتفعيلها وجعلها حيّة فاعلة في حياة المسلمين العامّة فيما يتعلّق بقضاياهم المحلّية والإقليمية والعالمية.
وهذا الأساس يجب أن يكون كسائر الأُسس الآتي ذكرها موضوع تبصّر من قبل قيادات الأُمّة في جميع المستويات، وخاصّة في مستوى التفقّه ومستوى التثقيف.
الأساس الثاني :
التمذهب ظاهرة طبيعية في كلّ عالم ثقافي حضاري، وهو ممّا يتّفق مع الفطرة.
إنّنا لا نعتبر التمذهب بالمعنى الفقهي تمزّقاً في الإسلام، بل هو منسجم مع طبيعة اختلاف الأفهام والمدارك والرؤى في ضمن الإطار الواحد الجامع.
إنّ الاختلافات المذهبية أمر طبيعي، وهي ناشئة من الاختلاف الاجتهادي في فهم ظواهر الكتاب وفي تقييم السنّة إمّا من حيث الصدور أو من حيث الظهور.
جوهر الخلاف كما آل إليه وكما يجب أن يكون فهمه في عصرنا هو هذا، أي: أنّ الخلاف ناشئ من اعتبارات عقلية ثقافية ترجع إلى الفهم الفقهي، ولا يجوز أن تكون لهذه الاختلافات تعبيرات سياسية وتنظيمية على مستوى علاقات المواطنة وعلى مستوى علاقات المواطنين بالدولة والحكومة وموقعهم في النظام السياسي.
ربّما كان يوجد اعتبار سياسي في خلفيات بعض الخلافات القديمة، ولكن هذا زمن انقضى وانقطعت مقتضيات الخلاف فيه، أمّا الآن فيجب أن يحصر الاختلاف في المسالك والمناهج الفقهية في اختلاف فهم ظواهر الكتاب والاختلاف في السنّة من حيث الصدور ومن حيث الظهور.
هذه المذاهب تتمتّع بالشرعية الكاملة من كلّ مذهب تجاه المذاهب الأُخرى، فأتباع كلّ مذهب يجب أن يكونوا معترفاً بهم باعتبارهم مسلمين كاملي حقوق الانتماء إلى الإسلام على مستوى مجتمعهم الوطني الخاصّ، ويتمتّعون بكلّ ما تتمتّع به المذاهب الأُخرى من دون اعتبار لكونهم أكثرية أو أقلّية، بل لا يجوز اعتبار التنوّع المذهبي أساساً للتصنيف إلى أقلّية وأكثرية، ويجب أن تحترم عقائدهم وأفهامهم الخاصّة، وأن لا ينعكس تنوّعهم المذهبي إذا كانوا أقلّية على إمكانات اندماجهم في المجتمع وعلى تمتّعهم بحقوق عضوية المجتمع وعضوية الأُمّة في المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
لا يجوز أن تؤدّي الاختلافات المذهبية داخل المجتمع الإسلامي الوطني في أيّة دولة إسلامية أو على مساحة العالم الإسلامي كلّه إلى اعتبار أيّ فريق من المسلمين أقلّية لا تتمتّع بحقوق الأكثرية المذهبية في ذلك المجتمع أو على مستوى العالم الإسلامي، بل يجب أن يعتبر الجميع سواء في حقوق المواطنية وواجباتها.
الأساس الثالث :
المرجع في فهم منهج كلّ مذهب ورؤيته العقائدية ومنهجه الفقهي هو أئمّة وعلماء المذهب نفسه والكتب المعتمدة فيه على نطاق واسع ورسمي، وليس على نطاق الآراء الشاذّة منه ولا ما يقوله عنه أو ما قاله عنه في الماضي خصومه ومناوئوه في المذاهب الأُخرى.
ولا يجوز الحكم على المذهب استناداً إلى التفاصيل الشاذّة والغامضة، بل يجب أن يرجع في درسها لإثباتها أو نفيها أو تأويلها إلى المرجعية العقائدية والفكرية والفقهية لأتباع المذهب نفسه، ولا يجوز أن تكون موضوع اجتهادات أو أحكام من قبل مصادر أُخرى في مذاهب أُخرى.
الأساس الرابع :
تحريم التبشير في داخل الإسلام، فلا يجوز للشيعة أن يقوموا بنشاط تبشيري داخل هذا المذهب الإسلامي أو ذاك، ولا يصحّ من أيّ مذهب منفرد أن يقوم بنشاط تبشيري على مستوى عامّ داخل المذاهب الأُخرى، كما لا يجوز ولا يصحّ أن يقوم أهل السنّة باعتبارهم كتلة عقائدية بأنشطة تبشيرية مبرمجة وممنهجة داخل الشيعة.
وأمّا الانتقال من مذهب إلى مذهب على صعيد فردي فهذا شأن من شؤون كلّ شخص بحسب قناعاته التي يكوّنها نتيجة لقراءاته وتفكيره الخاصّ.
وإذا قرّر مسلم من المسلمين من مذهب معيّن الانتقال إلى مذهب آخر فإنّ إرادته ورغبته يجب أن تُحترم وتطبّق عليه باحترام أحكام المذهب الذي اختاره بحرّية ضميره.
الأساس الخامس :
لا يجوز أن تؤدّي الاختلافات المذهبية داخل المجتمع الإسلامي الوطني في أيّة دولة إسلامية أو على مساحة العالم الإسلامي كلّه إلى اعتبار أيّ فريق من المسلمين أقلّية لا تتمتّع بحقوق الأكثرية المذهبية في ذلك المجتمع أو على مستوى العالم الإسلامي، بل يجب أن يعتبر الجميع سواء في حقوق المواطنية وواجباتها.