أحكام السهو في الصلاة
أحكام السهو في الصلاة: السهو في الصلاة هو الإخلال بأحد أجزاء الصلاة زيادةً ونقصاناً سواء کان رکناً أم غير رکنٍ، وهو قد يوجب الإعادة وقد يوجب غير ذلک، وتفصيل الکلام من وجهة نظر فقهاء الإمامية وفقهاء أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية ما يأتي.
أحكام السهو الواقع في الصلاة
السهو فيها على ضروب خمسة:
ما يوجب الإعادة، وما يوجب الاحتياط، وما يوجب التلافي، وما يوجب الجبران بسجدتي السهو، وما لا حكم له. فما يوجب الإعادة فقد مضى ذكره.
وما يوجب الاحتياط فهو أن يشك في الركعتين الأخيرتين من كل رباعية فإنه يبني على الأكثر خلافا لهما كما ذكرنا، ويجبر النقصان بعد التسليم، مثال ذلك: أن يشك بين الثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع، أو بين اثنتين وثلاث وأربع، فإنه يبني في الصورة الأولى على الثلاث، ويتم الصلاة، فإذا سلم صلى ركعة من قيام، أو ركعتين من جلوس يقومان مقام ركعة، فإن كان ما صلاه ثلاثا، كان ما جبر له نافلة، وإن كان اثنتين كان ذلك جبرانا لصلاته.
وكذا يصنع في الصورة الثانية، ويصلي في الصورة الثالثة بعد التسليم ركعتين من قيام وركعتين من جلوس.
والدليل على ما ذكرنا أنه إذا بنى على الأقل لا يأمن من الزيادة.
فإن قيل: وكذا إن بنى على الأكثر لا يأمن أن يكون قد فعل الأقل وما يفعله من الجبران غير نافع له، لأنه منفصل عن الصلاة وبعد الخروج منها.
قلنا: تقديم السلام في غير موضعه لا يجري في إفساد الصلاة مجرى زيادة ركعة أو ركعتين، لأن العلم بالزيادة تفسد الصلاة على كل حال، وليس كذلك العلم بتقديم السلام، فكان الاحتياط فيما ذهبنا إليه.
وأما ما يوجب التلافي فأن يسهو عن قراءة الحمد ويقرأ سورة غيرها فيلزمه قبل الركوع أن يتلافى بترتيب القراءة، وكذا إن سها عن قراءة السورة، وكذا إن سها عن تسبيح الركوع والسجود قبل رفع رأسه منهما، وكذا إن شك في الركوع وهو قائم تلافاه، فإن ذكر وهو راكع أنه كان قد ركع أرسل نفسه إلى السجود ولا يرفع رأسه، وكذلك الحكم إن شك في سجدة أو سجدتين فذكر قبل أن يركع أو ينصرف أو يتكلم بما لا يجوز مثله في الصلاة، وكذا إن شك في التشهد، دليل ذلك إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط.
وأما ما يوجب الجبران فإن سها عن سجدة واحدة ولم يذكرها حتى ركع فإنه يلزمه مع قضائها بعد التسليم سجدتا السهو وكذا الحكم في النهوض للتشهد، ويلزم الجبران بسجدتي السهو لمن قام في موضع جلوس، أو قعد في موضع قيام، ولمن شك بين الأربع والخمس، ولمن سلم في غير موضعه، ولمن تكلم بما لا يجوز مثله في الصلاة ناسيا.
سجدتا السهو بعد التسليم ليس فيها قراءة ولا ركوع، بل يقول في كل واحدة منهما: بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد، ويتشهد تشهدا خفيفا ويسلم. [١] سواء كانتا للنقصان أو للزيادة، وفاقا لأبي حنيفة وأصحابه.
وقال الشافعي: إنهما قبل التسليم على كل حال، وعليه أكثر أصحابه.
وقال مالك: إن كانتا للنقصان فالسجود قبل السلام وإن كانتا عن زيادة أو عن زيادة ونقصان، أو زيادة متوهمة فالسجود بعد السلام.
لنا ما روي من طرقهم من قوله ( صلى الله عليه وآله ): إذا شك أحدكم في الصلاة فليتحر الصواب ثم يسلم
ثم يسجد سجدتين. وفي خبر آخر: من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم. [٢]
وسجدة السهو واجبة وبه قال مالك والكرخي من أصحاب أبي حنيفة.
وقال الشافعي: مسنونة غير واجبة وبه قال أكثر أصحاب أبي حنيفة.
لنا ورد الأمر بها والأمر يقتضي الوجوب وطريقة الاحتياط أيضا تقتضيه. [٣]
ومن نسي سجدتي السهو، ثم ذكر فعليه إعادتها تطاولت المدة أو لم تطل، وهو أحد قولي الشافعي وقال في الجديد: إن تطاولت لم يأت بها وإن لم تطل أتى بها.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد إذا خرج عن المسجد أو تكلم. [٤]
وإذا ترك الإمام سجود السهو عامدا أو ناسيا وجب على المأموم أن يأتي به، وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لا يأتي به.
لنا أن سجود السهو به تتم الصلاة وما لا يتم الصلاة إلا به يكون واجبا وطريقة الاحتياط أيضا تقتضيه. [٥]
كل ما إذا تركه ناسيا لزمه سجدتا السهو إذا تركه متعمدا، فإن كان فرضا بطلت صلاته مثل التشهد الأول وتسبيح الركوع والسجود وسجدة واحدة، وإن كان فضلا ونافلة لا يلزمه سجدتا السهو كالقنوت وما أشبهه. خلافا للشافعي فإنه قال: عليه سجدتا السهو فيما هو سنة وقال أبو حنيفة: لا يسجد للسهو في العمد.
لنا أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب شئ يحتاج إلى دليل ولا دليل. [٦]
لا حكم للسهو في النافلة خلافا للفقهاء، فإنهم قالوا حكم النافلة حكم الفريضة فيما يوجب السهو. [٧]
إذا صلى المغرب أربعا أعاد. وقال جميع الفقهاء يسجد سجدتي السهو وقد مضت صلاته. [٨]
وأما ما لا حكم له فهو أن يشك في فعل وقد انتقل إلى غيره، مثل أن يشك في تكبيرة الإحرام وهو في القراءة، أو في القراءة وهو في الركوع، أو الركوع وهو في السجود، أو في التشهد وهو كذلك أو في تسبيح الركوع أو السجود بعد رفع الرأس منهما.
ولا حكم للسهو الكثير المتواتر، ولا حكم في النافلة. [٩]