آية الاعتصام بحبل الله

من ویکي‌وحدت

آية الاعتصام بحبل الله: من أشهر الآيات التي يستدلّ بها الدعاة إلى وحدة الأمّة الإسلامية وإلى وحدة الكلمة ونبذ التفرّق والتشرذم.

صورة تعبيرية عن الاعتصام

مدخل

حذَّر علماء الدين من خطورة الانقسام والفرقة، التي تعطّل مسيرة الأمّة الإسلامية عن ركب التنمية والحضارة، وتغلق أبواباً كثيرة في وجه الوحدة ولمّ الشمل، مشدّدين على أهمّية الاعتصام بحبل الله تعالى والبعد عن التشرذم والتصارع.

وفي هذا يقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا»، ولا شكّ في أنّ المجتمعات العربية والإسلامية الآن في أمسّ الحاجة إلى هذه القيم التي حثّّ عليها القرآن الكريم في أكثر من موضع، حيث إنّ الخلافات والتنازع من أخطر الأمور التي يرتكبها الناس فيما بينهم، وقد نهانا القرآن الكريم عن التنازع، فقال الله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصابرين».

وأوضح العلماء أنّ الإسلام دين ترابط وتوحّد، ويحثّ المسلم على التماسك والاعتصام؛ حتّى يستطيع أن ينهض بمجتمعه ووطنه، فلا بناء ولا نهضة بلا ترابط وتوحّد بين أفراد المجتمع، مشيرين إلى أنّ النزاعات مناقضة تماماً للإسلام وتعاليمه السامية.

حول دعوة ديننا الحنيف إلى وحدة المسلمين، يقول رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور أحمد عمر هاشم: «لقد دعا الإسلام الحنيف إلى التوحّد والترابط وعدم التنازع، وإلى جمع الكلمة، وتوحيد الصفّ، والاعتصام بحبل الله؛ لأنّ العمل بغير ذلك يؤدّي إلى الهلاك».

ويضيف الدكتور أحمد عمر هاشم: "الأمّة الإسلامية تمرّ الآن بفترة من الانقسام والخلاف الحادّ الذي يهدّد مسيرتها في ركب التنمية والحضارة، ويغلق أبواباً كثيرة في وجه الوحدة ولمّ الشمل لمواجهة الأخطار الخارجية التي تتربّص بهذه الأمّة التي وصفها الله تعالى بقوله: «كنتم خير أمّة أخرجت للناس»، وهو الأمر الذي يطمئن قلوبنا جميعاً بأنّ الله تعالى معنا بقدرته وحلمه وعونه للمّ الشمل ونبذ أيّ خلاف أو انقسام في صفوف الأمّة، وهذا يفرض على علماء الإسلام ورجال العلم أن يتدخّلوا بكلّ ما يملكون من علم وتقوى لعلاج الانقسامات والخلافات التي تهدّدنا جميعاً، وذلك باتّباع سبل الدعوة الحسنة إلى لمّ الشمل ونبذ الخلافات مصداقاً لقوله تعالى: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك»، بالإضافة إلى إتباع سبل الحوار الليّن الرقيق المقام على التراحم ووصل الصفوف ولمّ الشمل".

وعن الاهتداء بسنّة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال الدكتور أحمد عمر هاشم: "علينا أن نقتدي بسيرة سيّدنا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في لمّ الشمل ونبذ الفرقة بين المسلمين من خلال الحكمة والوعي، ولنا في صلح الحديبية مثال رائع على القيادة الحكيمة، حيث حرص (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على التوفيق بين صفّي الأمة من مؤيّدي الصلح ومعارضيه، كاشفاً لهم الخير الذي سينعكس على الأمّة جرّاء هذا الصلح فيما بعد، وهو ما كشفته الأحداث، لتثبت قيادته الحكيمة وقراراته المستمدّة من مراقبة الله تعالى له قبل مراقبة المعارضين والمؤيّدين من صفّي الأمة. ويؤكّد لهم أنّ الإسلام دين ترابط وتوحّد، ويحثّ المسلم على الترابط والاعتصام حتّى يستطيع أن ينهض بمجتمعه ووطنه، فلا بناء ولا نهضة من دون ترابط وتوحّد بين أفراد المجتمع، ولهذا شدّد القرآن الكريم في أكثر من موضع على أهمّية الترابط في حياة المجتمع المسلم، والبعد عن التنازع، فقال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون). كما قال أيضاً جلّ شأنه: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصابرين)، ومن ثمّ فإن النزاعات والخلافات هي بلا شكّ أمور مناقضة تماماً للإسلام وتعاليمه التي تحثّ على التوحّد والترابط".

وبخصوص استغلال طاقات المسلمين، يقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمّد رأفت عثمان: "علينا جميعاً أن يكون هدفنا الأسمى هو تحقيق الريادة الحقيقية للأمّة الإسلامية من خلال التنمية وإطلاق طاقات المسلمين الهائلة القادرة علي العمل والتميّز والتقدّم، ولقد أصبح من الضروري جدّاً خلال هذه المرحلة الراهنة أن يتّخذ كلّ مسلم من قول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً) شعاراً ومنهجاً حتّى نتجنّب الفتن والانقسام والفوضى التي تهدّد أمن واستقرار الأمّة، فقد أصبح نبذ الخلافات ووضع مصلحة الأمّة العليا فوق أيّ اعتبار ضرورة ملحّة لإنقاذ الأمّة من المخاطر التي تتعرّض لها".

ويشير الدكتور محمّد رأفت عثمان إلى أنّ تأليف القلوب كان -ولا يزال- باب الإسلام إلى تحقيق نعمة الوحدة والأخوّة بين المؤمنين، ومن ثمّ إلى تحقيق التكامل، ولقد كان المسلمون الأوائل إخوة متحابّين، وأولياء مجتمعين، لا ينزع أحدهم يده من يد أخيه، أو يعرض عنه، أو ينأى بجانبه ليعيش وحده دون إخوانه، وإن خالفه وعارضه في الرأي والقول، بل كانوا مثالاً للإخاء والمودّة، ولو على حساب راحتهم مستجيبين لهدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ يقول: (إنّ المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدّ بعضه بعضاً).

وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ بجامعة القاهرة المفكّر الإسلامي الدكتور محمّد عمارة أنّ السبيل الوحيد لعلاج الانقسام والخلاف والتناحر هو الالتزام بتعاليم الدين الحنيف التي أصّلت لمبادئ توحيد المسلمين وتجنّب إثارة الفتن التي يحاول أعداء الإسلام النفخ فيها لضرب الأمّة الإسلامية من الداخل وإحداث الانقسام والخلاف بين كلّ عناصرها بحجج وأسباب غير موضوعية، مشيراً إلى أنّ الإسلام يحرّم لقاء الأخوة في الحروب والانقسام بينهم لدواع دنيوية لا مبرّر لها. وفي هذا يقول الله تعالى: «إنّما المسلون أخوة فأصلحوا بين أخويكم».

ويقول الدكتور محمّد عمارة: "لقد كانت قيمة الرحمة التي حثّّ عليها الإسلام الحنيف الطريق النموذجي لتحقيق الوحدة بين المسلمين، والبعد عن التشرذم والانقسام، وكانت في الوقت نفسه نقطة الانطلاق إلى تحقيق الوحدة لمجتمع المدينة عندما هاجر الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليها، حيث تمّ توحيد القبائل العربية في المدينة للدفاع الجماعي عن المدينة ضدّ أعدائها، وأصبح الدفاع بهذا الشكل مسؤولية جماعية وليس مسؤولية كلّ قبيلة على حدة، وقد أدّت المؤاخاة إلى إمكانية الدخول في معاهدة مع المخالفين. وقد تمخض هذا كلّه عن صدور صحيفة المدينة التي اشتملت على اثنين وخمسين بنداً تمّ فيها تحديد العلاقات بين أطراف المجتمع في المدينة، وكانت نقطة الانطلاق إلى تأسيس الدولة في المدينة التي يمكن القول: إنّها تحوّلت بعد الوثيقة إلى مدينة ودولة تقوم على أساس من السلام والوحدة التي ساهمت في تشكيل شبكة من العلاقات القبلية القائمة على أساس من الأخوّة والودّ".

وقفة تاريخية

يتناول علماء مركز الفتوى بالأزهر الشريف اليوم معنى الوِحدة من خلال تفسير الآية الكريمة "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً" {سورة آل عمران: آية 103}.

كان العرب في الجاهليّة وقبل الإسلام أعداءً يضرب بعضهم رقاب بعض، وتقوم بينهم الحروب لأتفه سبب وأقلّه، وهنا يمتنّ الله عليهم بنعمة الألفة ويذكّرهم كيف كانوا، ثمّ كيف آل أمرهم بعد أن جمع الإسلام هذه القلوب المتنافرة، فأصبحوا بنعمةِ الله إخواناً، وينهاهم عن أن يحدثوا ما يكون به التفرّق، ويزول معه الاجتماع والألفة، فيعودُ بهم الحال إلى ما كانوا عليه في الجاهليّة من التدابر والقطيعة.

إن الفرقة تؤدّي إلى الضعف، والضعف يُجرّئ أعداء الأمّة عليها، ولا يستقيمُ حال أمّة من الأمم إلّا بالاتّفاق والائتلاف، ونبذ التخالف والفرقة، لذا حذّر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الفرقةِ فقال: "إِيّاكُمْ وَالفٌرْقَةِ"، وقال (عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم): "يدُ الله معَ الجَمَاعَةِ"، وحتّى عملياً حين أرادَ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يؤسّسَ مجتمعاً قوياً بالمدينة فإنّ أوّل ما صنعه هو أن آخى بين المهاجرين والأنصار، ونحنُ إذ نقرأ التّاريخ تطالعنا تلك السطور المريرة، تحكي مَا حدث لمّا وقع الخلاف بين المسلمين، ودبّت الفرقة في صفوفهم.

نعم، قد تطرأ على الأمّة أسباب الخلاف والفرقة، لكنّ الله أرشدهم إلى ما يحسم مادّة النزاع، وهو الاعتصام بكتاب الله وسنّة نبيه، فهذا الّذي به تتّفق الكلمة، ويتبدّد الشتات.. يقول الله تعالى: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ"{سورة آل عمران:59}. وممّا يحسن إيراده أنّ الآية والأمر بالوحدة ليس فيها دليلٌُ على تحريم الاختلاف في وجهات النظر والرؤية لشئون الحياة والفهم، فإنّ ذلك لا يتعذّر معه الجمع، ومازال الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهمْ مع ذلك متآلفون.. إنّ الأمّة اليوم على مفرق طرقٍ، وهي أحوج ما تكون إلى نبذ الشقاق، وجمع الكلمة، وتوحيد الصفّ، ولا يمكن أن تجتمع القلوب إلّا على أخوّة في الله، تنطفئ بها الأحقاد التاريخيّة، والثارات القديمة، والأطماع الشخصيّة، ورايات العنصريّة: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ){ سورة الأنبياء: آية 92}.

تحليل الآية

قال الله تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه:(وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جَميعاً وَلا تَفَرَّقوا).

هذه الآية الشريفة من الآيات التي يدعو إليها دعاة الوحدة الإسلامية من كلّ المذاهب والفرق، مع هذا نجد المسلمين لا زالوا متفتّتين ومتشتّتين، ولا زال الاختلاف والافتراق قائم على قدم وساق، وكأنّهم عجزوا عن العمل بها، وكأنّ تكليفها ممّـا لا يطاق، والحال: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلّا وُسْعَها).

فالاعتصام بحبل الله جميعاً ممّـا في وسع الإنسان، فإنّه قد كلّفنا الله جلّ جلاله به، وحثّنا الإسلام ورسوله الأكرم على ذلك، فلماذا نجح الاستعمار والاستكبار العالمي في سياسته البغيضة (فرّق تسد)؟! ولماذا تمزّق المسلمون ولا زال التناحر بينهم والاختلاف؟! ومتى نعمل بهذه الآية الكريمة لتعود لنا عزّتنا وكرامتنا، ويسود ديننا ربوع الأرض؟ ذلك الدين القويم الإسلام العظيم الذي به ختمت الأديان السماوية قد أنزل الله سبحانه لسعادة الإنسان وإنقاذ البشرية من حضيض الجهل والشقاء إلى قمّة العزّ والشرف والسعادة، بكلّ أبعادها في الحياة الدنيوية والاُخروية.

فهل في الآية المقدّسة من حكمةٍ وسرٍّ خاصّ ورمزٍ مخصوص؟!

والقرآن الكريم يفسّر بعضه بعضاً، فهل فسّر لنا آية الاعتصام؟ أو ترك الاُمّة سدىً تتصارع بعضها مع بعض، وهيهات لمثل القرآن الكريم أن يفعل ذلك، وهو كتاب هداية وإرشاد وفرقان بين الحقّ والباطل ونور في الظلمات، وهو كتاب الله الذي يريد بعباده خيراً، فهو اللطيف الودود الشفيق، وكتابه المقدّس كتاب صنع الإنسان وكماله.

فلا بدّ من سرّ في الآية قد غفل المسلمون عن مغزاها، فلاكتها ألسنهم متجاهلين معناها، وغرّتهم الدنيا فأعرضوا عن محتواها.

فما هو السرّ؟

يحدو بنا المقام أوّلاً أن نفسّر الآية في الظاهر ونكشف القناع عن مفرداتها ليتسنّى لنا الوصول إلى مرادها.

فقوله تعالى: (وَاعْتَصِموا) فعل أمر يدلّ بظاهره على الوجوب، والخطاب للمؤمنين والمسلمين، ولا يختصّ بمن حضر حين نزول الآية، بل عامّة إلى يوم القيامة للاشتراك في التكليف.

والعصمة لغةً: بمعنى المنع ، ومنه الماء المعتصم الذي لا يتنجّس بمجرّد ملاقاة النجس، بل طاهر في نفسه ومطهّر لغيره، كماء المطر والكرّ، وتأتي بمعنى الامتناع والاستمساك وما يعتصم به من عقد وسبب. وقوله تعالى: (لا عاصِمَ اليَوْمَ )، أي: لا مانع.

والعصمة اصطلاحاً : لطف خفي أودعه الله في خاصّة أوليائه، تمنعهم من الذنوب والمعاصي، وكلّ ما يشين بالمرء من الخطأ والنسيان لا على نحو الإلجاء والقهر.

(بِحَبْلِ اللهِ): الحبل: خيوط مفتولة ومبرمة وآلة معروفة، تستخدم للصعود والخروج والسحب والشدّ وما شابه ذلك، واستعير هنا لمناسبة الصعود المعنوي به إلى الحقّ المتعال، والخروج من آبار الظلم والفساد والمعاصي والآثام، والانجذاب والسحب نحو الفضائل والمكارم، والشدّ على أواصر القرب إلى الله سبحانه، وغير ذلك.

(جَميعاً وَلا تَفَرَّقوا)، أي: كلّ واحد حال كونهم بشكل جماعي لا منفردين، ومن ثمّ لا يتفرّقون بعد جمع شملهم ووحدة كيانهم.

هذا واستعارة الحبل في الآية الشريفة للدلالة على أنّ عدم الاعتصام به يوجب الهوادة والسقوط في وادي الضلال والهلاك، وهذا أمر واضح.

ثمّ (حَبْلُ اللهِ) غير الله، وما سواه فهو مخلوق له سبحانه، وهذا المخلوق لا بدّ أن يكون معصوماً (فإنّ فاقد الشيء لا يعطيه)، وقد أمرنا أن نعتصم بهذا الحبل، فيعطينا العصمة، فكيف يكون ذلك لولا أن يكون معصوماً في نفسه، حتّى يعطي العصمة لمن اعتصم به.

ثمّ من أهمّ وظائف هذا الحبل الإلهي هو الصعود إلى قمّة الكمال وسماء الجمال ولقاء الله سبحانه في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر، وذلك بعد الخروج من الهيولى الظلمانية ومن شوائب المادّة وبئر الظلم والمنكرات، ومن الدنيا الدنيّة وزخرفها وزبرجها، والتسلّق نحو المعالي والكمالات، نحو الكمال المطلق ومطلق الكمال، وإنّك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه، وإلى الله ترجع الاُمور، وإنّ إلى ربّك المنتهى، وإنّا إليه راجعون.

ولا بدّ من الاعتصام بقوّة وحزم في كلّ الآنات، وإلّا فمن يغفل- ولو لحظة- فإنّه يسقط ويهوى باتّباع الهوى والغفلة عن حبل الله.

وكلّما أراد الإنسان المتمسّك بالحبل الصعود فإنّه يزداد حذراً وحزماً وحنكة، فلا يكثر الخطر ويزيد الخطب ويصعب الأمر، فإنّه لا يتحمّله إلّا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان.

والحبل وسيلة وليست غاية، فإنّه يعدّ من آلات السفر من الخلق إلى الحقّ ومن الحقّ إلى الخلق ومن الخلق إلى الخلق ومن الحقّ إلى الحقّ، كلّ ذلك بالحقّ، فالإنسان المؤمن المتمسّك مهاجر من النقص إلى الكمال، ومن السفل إلى العلوّ، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشرّ إلى الخير، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الظلام إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية.

فالحبل طريق الله وصراطه المستقيم ومنهاجه القويم وشريعته السمحاء وكتابه الكريم.. ومن لم يعتصم بحبل الله فهو في هاوية وضلال وسحق وعذاب، فكلّ واحد مكلّف بفطرته السليمة وعقله النيّر وضميره الواعي ووجدانه المتيقّظ ودينه الكامل أن يتمسّكبحبل الله عزّ وجلّ.

والنتيجة: أنّ الاعتصام بحبل الله تعالى هو التمسّك بسبيل اللّه تعالى وصراطه المستقيم، وهو شرط للحفاظ على سلامة المجتمع الإسلامي، وهو المضمون الإسلامي للوحدة الإسلامية المتوخّاة، ووحدة الأُمّة الإسلامية هي المدلول العملي للاعتصام بحبل اللّه، وهذا الاعتصام نداء إلهي وجّهه الباري إلى عباده المؤمنين، فهو نداء خالد موجّه للمسلمين في كلّ زمان ومكان.

المصدر

المقال مقتبس مع تعديلات من المواقع التالية:

www.alittihad.ae/www.gate.ahram.org/www.alawy.net