ابن عقدة: هو الحافظ العلّامة، أحد أعلام الحديث ونادرة الزمان، وصاحب التصانيف. وهو أحد الرواة المشتركين بین الشيعة و أهل السنة.

أحمد بن محمد بن سعيد (249 ــ 333ق)

وهو المعروف بـ ابن عقدة، وكان من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو العباس.[٢]
نسبه: الهَمداني، السبيعي.[٣]
لقبه: الكوفي.[٤]
هو الحافظ العلّامة، أحد أعلام الحديث ونادرة الزمان، وصاحب التصانيف على‏ ضعف فيه، وهو المعروف بالحافظ ابن عقدة.[٥]
و «عقدة» لقب أبيه النحوي البارع محمد بن سعيد، قال ابن النجار عنه: «كان عقدة زيدياً، وكان ورعاً ناسكاً، سمِّي عقدةً لأجل تعقيده في التصريف، وكان ورّاقاً جيّد الخطّ، وكان ابنه أحفظ من كان في عصرنا للحديث».[٦]
وذكر الذهبي: أنّه «قد رُمي ابن عقدة بالتشيّع، ولكن روايته... - لبعض الروايات - يدلّ على‏ عدم غلوّه في تشيّعه».[٧] وقيل: إنّ الدارقطني كذّب من يتّهمه بالوضع، وإنّما بلاؤه من روايته بالوجادات، ومن التشيّع.[٨]
واعتبره البعض كالنجاشي و الشيخ الطوسي زيدياً جارودياً.[٩]، إلّا أنّ التستري قال: «لكنّ الخطيب لم يذكر مذهبه، وإنّما قال: إنّ أباه عقدة كان زيدياً، ثم احتمل أن يكون زيدياً، روى‏ لـ أهل السنة كما روى‏ لـ الإمامية، وعاد فقوّى‏ احتمال كونه إمامياً وليس زيدياً، ثم قال: كما أنّ الجارودي - وهو كما قال الشهرستاني: من كان عقيدته أنّ النبي صلى الله عليه وآله نصّ على‏ علي عليه السلام بالوصف دون التسمية، والإمام بعد النبي صلى الله عليه وآله علي عليه السلام، والناس قصّروا، حيث لم يتعرّضوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف - ينافي ما نقل عنه الفهرست والنجاشي في ذكر كتبه: كتاب الولاية، ومن روى‏ غدير خم».[١٠]
كان ابن عقدة حافظاً للقرآن والحديث، وذكروا أنّه كان يحفظ (100000) حديث.[١١] وكان له مؤلّفات كثيرة يصل عددها إلى (28) مؤلّفاً، منها: كتاب التاريخ، كتاب السنن، كتاب مَن روى‏ عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، كتاب من روى‏ عن الحسن والحسين عليهما السلام، كتاب مَن روى‏ عن علي بن الحسين عليهما السلام، كتاب من روى‏ عن أبي جعفر عليه السلام، كتاب الرجال وهو كتاب من روى‏ عن جعفر بن محمد عليهما السلام، كتاب الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، كتاب أخبار أبي حنيفة ومسنده، كتاب الولاية ومَن روى‏ يوم غدير خم، كتاب فضل الكوفة، كتاب تفسير القرآن.[١٢]
وقد اعترف الجميع بفضله وعلمه، يقول ابن عدي بشأنه: «كان صاحب معرفة وحفظ، ومقدَّم في هذه الصنعة».[١٣] وقال الخطيب: «كان حافظاً عالماً مكثراً، جمع التراجم والأبواب والمشيخة، وأكثر الرواية، وانتشر حديثه، وروى‏ عنه الحفّاظ والأكابر».[١٤] وذكر الدارقطني اتّفاق أهل الكوفة على‏ أنّه لم يوجد أحفظ منه منذ زمان عبداللَّه بن مسعود إلى‏ زمانه، وأنّه يعلم ما عند الناس ولايعلم الناس ما عنده.[١٥]
ونقل الخطيب عن محمد بن عبداللَّه ؛ أبي عبداللَّه النيسابوري قال: قلت لأبي علي الحافظ: إنّ بعض الناس يقولون في أبي العباس، قال: في ماذا؟ قلت: في تفرّده بهذه المقحمات عن هؤلاء المجهولين، فقال: لا تشتغل بمثل هذا، أبو العباس إمام حافظ، محلّه محلّ من يُسأل عن التابعين وأتباعهم.[١٦]
وأطراه الذهبي وقال: «الحافظ العلّامة، أحد أعلام الحديث، ونادرة الزمان، كتب منه ما لايُحدّ ولايوصف عن خلقٍ كثيرٍ بالكوفة وبغداد ومكّة، جمع التراجم والأبواب والمشيخة، وانتشر حديثه، وبَعُدَ صيته، وكتب عمَّن دبَّ ودرج من الكبار والصغار والمجاهيل».[١٧]

موقف الرجاليّين منه

أكثر الرجاليّين الشيعة - بل يكاد الاتّفاق يحصل بينهم - وثّقوا ابن عقدة.[١٨] فقد عرّفه النجاشي والشيخ الطوسي بأ نّه «رجل جليل القدر».[١٩] ووثّقه العلّامة المجلسي والمامقاني.[٢٠] إلّا أنّ العلامة الحلي أورده مع الضعفاء ولم يوثّقه[٢١]، وقد أنكر عليه البعض ذلك ؛ لأنّ ابن عقدة كانت له علاقة وثيقة بالشيعة، وكانوا يثقون به، بل كان من مشايخ الكليني، ويروي عنه التلعكبري.[٢٢]
وأمّا الرجاليون من أهل السنة فقد وثّقه بعضهم، وضعّفه آخرون. فقد ذكر ابن عدي أنّه صاحب معرفةٍ وحفظٍ وتقدّمٍ في الصنعة، وكان مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه، ثمّ قوّى‏ أمره قائلاً: «لولا ذاك - أي أنّي شرطت في أول كتابي هذا أن أذكر فيه كلّ من تُكلِّم فيه ولا أُحابي - لم أذكره، للذي كان فيه من الفضل والمعرفة». ثم لم يسُق ابن عدي له شيئاً منكراً.[٢٣]
وقال الذهبي: «ما علمت ابن عقدة اتُّهم بوضع حديث، أمّا الأسانيد فلا أدري».[٢٤] وعلّق عليه ابن حجر: «وأنا لا أظنّه كان يضع في الإسناد، إلّا الذي حكاه ابن عدي، وهي الوجادات التي أشار إليها الدارقطني».[٢٥] وضعّفه ابن معين والدارقطني، إلّا أنّهما أنكرا نسبة جعل الحديث إليه، وإنّما اعترضوا عليه بسبب الوجادات.[٢٦]

ابن عقدة وأهل البيت عليهم السلام

كان ابن عقدة محبّاً ل أهل البيت عليهم السلام، ويبدو ذلك من الكتب التي ألّفها، مثل: كتاب الولاية ومَن روى‏ يوم غدير خم، وكتاب طرق تفسير قول اللَّه تعالى‏: «إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد» وأ نّها نزلت في أمير المؤمنين علي عليه السلام، وكذلك الكتب التي ألّفها بشأن رواة الإمام الحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق عليهم السلام.[٢٧] وتتّضح أهمية هذه الكتب إذا عرفنا أنّ توثيق أربعة آلاف راوٍ من أصحاب الإمام الصادق في الكتب الروائية للشيعة يستند الى‏ كتاب ابن عقدة حول رواة هذا الإمام.[٢٨]
وممّا يشير أيضاً إلى‏ حبّه ل أهل البيت عليهم السلام وميله إلى‏ علومهم أنّه حفظ مايقارب ثلاثين ألف حديث عنهم.[٢٩]

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ ابن عقدة عن جماعة[٣٠] منهم: محمد بن عبداللَّه المنادي، علي بن داود القنطري، حسن بن مُكْرَم، يحيى‏ بن أبي طالب، أحمد بن أبي خَيْثَمة، أحمد بن عبد الحميد الحارثي، عبداللَّه بن أبي أُسامة الكَلْبي، إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، جعفر ابن عبداللَّه العلوي، جعفر بن مالك بن أبي عبداللَّه الفزاري، علي بن حسن بن فضّال.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: محمد بن أحمد بن داود القمي، محمد بن محمد بن طاهر الموسوي، أبوبكر بن الجِعابي، الدارقطني، محمد بن هارون بن موسى‏ بن عبداللَّه ابن عدي الجرجاني، أبو القاسم الطبراني، أبو حفص بن شاهين، عبداللَّه بن موسى‏ الهاشمي، أبو عبداللَّه المَرزُباني، ابن الصلت الأهوازي، محمد بن يعقوب الكليني.

من رواياته

روى الخطيب البغدادي بسنده عن ابن عقدة الحافظ، عن يعقوب بن يوسف بن زياد، عن نصر بن مزاحم، عن الكلبي، عن أبي صالح،عن ابن عباس في قوله تعالى: «قل بفضل اللَّه وبرحمته» قال: «بفضل اللَّه» النبي صلى الله عليه وآله «وبرحمته» علي.[٣١]
وروي مسنداً عنه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: «سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن ماء البحر، فقال: هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته».[٣٢]
وعنه، عن سعد بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي».[٣٣]

وفاته

توفّي ابن عقدة سنة 332 أو 333 هـ في الكوفة.[٣٤]

المصادر

  1. رجال الطوسي: 441.
  2. سير أعلام النبلاء 15: 341.
  3. الكامل في ضعفاء الرجال 1: 208، تنقيح المقال 7: 325.
  4. تاريخ بغداد 5: 14.
  5. سير أعلام النبلاء 15: 341.
  6. المصدر السابق: 344، تاريخ بغداد 5: 15.
  7. سير أعلام النبلاء 15: 344.
  8. المصدر السابق: 354، ميزان الاعتدال 1: 282.
  9. رجال النجاشي: رقم (233)، رجال الطوسي: 442.
  10. قاموس الرجال 1: 604 - 605.
  11. تاريخ بغداد 5: 17، سير أعلام النبلاء 15: 347.
  12. سير أعلام النبلاء 15: 352، رجال النجاشي: رقم (233)، الفهرست للطوسي: 73 - 74.
  13. الكامل في ضعفاء الرجال 1: 208.
  14. تاريخ بغداد 5: 14.
  15. سير أعلام النبلاء 15: 348، تاريخ بغداد 5: 16.
  16. تاريخ بغداد 5: 19.
  17. سير أعلام النبلاء 15: 341 - 342.
  18. تنقيح المقال 7: 332 - 336.
  19. رجال الطوسي: 441، رجال النجاشي: رقم (233).
  20. رجال المجلسي: 153، تنقيح المقال 7: 340.
  21. خلاصة الأقوال: 321.
  22. تنقيح المقال 7: 334 - 335، طبقات أعلام الشيعة 1: 46 - 47.
  23. الكامل في ضعفاء الرجال 1: 206. وانظر: ميزان الاعتدال 1: 281.
  24. تذكرة الحفّاظ 3: 841.
  25. لسان الميزان 1: 265.
  26. ميزان الاعتدال 1: 282، لسان الميزان 1: 265، والوجادة: هو أن يجد إنسانٌ كتاباً أو حديثاً بخطّ راوية غير معاصرٍ له، أو معاصراً لم يلقه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه هذا الواجد، ولا له منه إجازة ولا نحوها فيرويه عنه (مقباس الهداية 3: 164).
  27. رجال النجاشي: رقم (233)، أعيان الشيعة 3: 115.
  28. مستدرك وسائل الشيعة 3: 570.
  29. تاريخ بغداد 5: 16 - 17، سير أعلام النبلاء 15: 346، رجال الطوسي: 442.
  30. تاريخ بغداد 5: 14، سير أعلام النبلاء 15: 341 - 342.
  31. تاريخ بغداد 5: 15.
  32. مستدرك الحاكم 1: 142.
  33. مسند أحمد 1: 172.
  34. رجال النجاشي: رقم (233)، لسان الميزان 1: 265، سير أعلام النبلاء 15: 355.