مجلّة الأحكام العدلية

مجلّة الأحكام العدلية: تعتبر المجلّة أوّل تقنين مدني وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في إطار بنود قانونية، وقد دوّنت على مذهب إمام الحنفية أبي حنيفة النعمان. وذلك خلال عهد الدولة العثمانية حينما صدرت عن مجلس شورى الدولة العثمانية؛ لتطبّق أحكامها إلزاميّاً في قضاء الدولة في الأقاليم الإسلامية كافّة، حيث احتوت المجلّة بين دفّتيها مواد بلغت 1851 مادّة قانونية، تضمّنت أحكاماً لمختلف المعاملات المدنية مثل البيع والإيجار والكفالة والوكالة وغيرها بشكل محكم نظّم المسائل الفقهية المبدّدة والمتناثرة في إطار قانوني.

المجلّة

النشأة التاريخية

أنشأت مجلّة الأحكام العدلية بعد توقّف حرب القرم الأولى بين المسلمين العثمانيّين والروس، التي بدأت في عام 1853م واستمرّت حوالي ثلاث سنوات، والتي أدّت إلى بقاء جالية إسلامية ضخمة تحت سلطة الروس، فطلبت السلطنة العثمانية من الكنيسة الأرثوذكسية في موسكو تقنيناً واضحاً لكيفية معاملة الرعايا المسلمين، ممّا دفع الروس للردّ بالمثل، فأنشأ السلطان عبد المجيد لجنة من فقهاء الحنفية، منهم الشيخ علاء الدين ابن عابدين ابن صاحب الحاشية، مع مساهمين من المذاهب الثلاث الأخرى مراقبين، لتقنين القضاء والأحكام الفقهية الإسلامية، فصدرت مجلّة الأحكام العدلية في شعبان سنة 1293 هجرية\ 1882 ميلادية.

علل التدوين

تقدّم ذكر السبب الرئيس لوضع المجلّة، ونذكر هنا أموراًأخرى كانت سبباً في تدوين هذه المجلّة:

كان من جملة الأسباب في وضعها أنّ الدولة العثمانية أنشأت محاكم تجارية كان قد وضع لها قانون خاصّ كالقوانين التجارية الأوروبية، وهي تحيل على القوانين المدنية في بلادها، ولا سبيل إلى ذلك في الدولة العثمانية، فالإحالة فيها تكون على ما يقابل القوانين المدنية، وهو الأحكام الشرعية.

كما أنّه أنشئت في الدولة العثمانية محكمة للتمييز، وكان رجال المحاكم التجارية ومحكمة التمييز لا يسهل عليهم معرفة الأحكام الشرعية من مراجعها، فمن أجل التيسير عليهم وضعت هذه المجلّة.

البنيان الموضوعي للمجلّة وفهرسها

المجلّة مكوّنة من ستّة عشر كتاباً، أوّلها كتاب البيوع، وآخرها كتاب القضاء، وكلّ كتاب يتناول موضوعاً خاصّاً، وهو مكوّن من أبواب، وكلّ باب مكوّن من فصول.

وها هو فهرس المجلّة:

الْمُقَدَّمَةُ.

الكتاب الأوّل: البيوع.

الْكِتَابُ الثَّانِي: الْإِجَارَاتِ.

الْكِتَابُ الثَّالِثُ: الْكَفَالَةُ.

الْكِتَابُ الرَّابِعُ: الْحَوَالَةُ

الْكِتَابُ الْخَامِسُ: الرَّهْنِ.

الْكِتَابُ السَّادِسُ: الْأَمَانَاتِ.

الْكِتَابُ السَّابِعُ: الْهِبَة.

الْكِتَابُ الثَّامِنُ: الْغَصْب والإتلاف.

الْكِتَابُ التَّاسِعُ: الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ.

الْكِتَابُ الْعَاشِرُ: الشَّرِكَاتُ.

الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الْوَكَالَةِ.

الْكِتَابُ الثَّانِي عَشَر: الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ.

الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الْإِقْرَارِ.

الْكِتَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: حَقِّ الدَّعْوَى.

الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: حَقِّ الْبَيِّنَاتِ وَالتَّحْلِيفِ.

الْكِتَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: الْقَضَاء.

حقائق مختصرة عن المجلّة

1.قد وضعت المجلّة لجنة علمية مكوّنة من عدّة علماء في الخلافة العثمانية ألّفت بديوان العدلية بالآستانة- إسطنبول- كان رئيسها ناظر هذا الديوان أحمد جودت باشا.

2.يعتقد أنّها الأساس الذي بني عليه القانون المدني في أغلب الدول العربية، مثل العراق ومصر والأردن، وهي سارية المفعول في قطاع غزّة كقانون مدني، ومازال يعمل بها في المحاكم في الكويت.

3.توجد عدّة تراجم للمجلّة باللغة العربية مع الشرح، منها شرح فهمي الحسيني.

4.لم تتناول المجلّة أحكام النكاح والطلاق والنسب والولاية على النفس والمال، ولا أحكام الوصايا والمواريث.

5.صيغت أحكام المجلّة في مواد على غِرار مواد القوانين الوضعية، وقد بلغت ألفاً وثمان مائة وواحد وخمسين مادّة بما فيها مواد المقدّمة، وتقع في ستّة عشر كتاباً.

6.أُلزِمت الجمعية العلمية التي قامت بصياغة المجلّة بالأخذ بالأقوال الراجحة والمفتى بها من مذهب أبي حنيفة، عدا بعض المسائل التي أخذت فيها بما ليس راجحاً في هذا المذهب.

7.بدأ كلّ كتاب من المجلّة بالقواعد والضوابط الملائمة، وأكثرها مأخوذ من كتاب: "الأشباه والنظائر" لابن نُجيم الحنفي. وكلّ ذلك مفصّل بالتقرير الذي رفعه رئيس الجمعية العلمية إلى محمّد أمين غالي باشا الصدر الأعظم في غرّة المحرّم سنة 1286 هجرية.

 
من شروح المجلّة: درر الحكّام

شروح المجلّة

أفردت لمجلّة الأحكام العدلية الشروح الواسعة، وفي مقدّمتها شرح مفتي حمص الشيخ خالد بن محمّد الأتاسي- والد الرئيس السوري السابق هاشم الأتاسي- الذي صنّف شرحاً للمجلّة في ستّة مجلّدات.

وكتب الشيخ مصطفى الزرقا كلاماً واسعاً نافعاً في هذه القواعد.

ووضع الشيخ سعيد مراد الغزّي شرحاً جيّداً للمجلّة.

وللأستاذ سعيد المحاسني شرح متقن مشهور، لكنّ شرح الأتاسي بقي أوسع الشروح وأغناها.

المجلّة والتقريب بين المذاهب الإسلامية

قام الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء النجفي- وهو من أشهر مراجع الدين الشيعة في العصر الحديث ومن ألمع رجالات التقريب والوحدة في العالم الإسلامي- بتهذيب المجلّة والتعليق عليها ونقدها في كتابه المعروف "تحرير المجلّة"، وبذلك أغنى الفقه الإسلامي ببحث مقارن جذّاب.

وقد قام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بإعادة طبع ونشر الكتاب محقّقاً من قبل الأستاذ محمّد الساعدي في خمسة مجلّدات.

المصدر

المقال مقتبس مع تعديلات وإضافات من المواقع التالية: www.al-eman.com\www.ar.jurispedia.org\www.islasyria.com